محتويات
ما هو النائب عن المفعول المطلق
ما الفرق بين المفعول المطلق ونائبه؟
إنّ المفعول المُطلق واحدٌ من المفاعيل الخمسة وهي: المفعول معه وفيه وبه وله والمُطلق[١]، وحتّى يكون أقرب للفهم فإنّ المفعول المطلق يدلّ على الفعل نفسِه لا على غيرِه، فهو فِعلُ الفاعل نفسه ويأتي مؤكدًا له، وكذلك نائب المفعول المطلق، ولكن الفرق بين المفعول والمطلق ونائبه، أنّ المفعول المُطلق يأتي منصوبًا إمّا لتأكيد الفعل أو لبيان نوعه أو عدد مرات فعله.[٢]
يُسمّى مُطلقًا لأنّه غير مقيّد كباقي المفاعيل، فباقي المفاعيل تأتي لتعبّر عن شيءٍ غير الفعل، لأنّ المفاعيل تتعلّق إمّا بمن وقع عليه الفعل أو ما حدث معه أو خلاله أو لأجله، أمّا المفعول المطلق فهو عينُ الفعل[٣]، وكذلك يُنصبُ ما ينوب عنه، لكنّ نائب المفعول المطلق لا يأتي دالًا على الفعل نفسه لفظيًا، بل على جنس الفعل أو جزءٍ منه، بحيث يوافقه معنويًا.[٤]
يجري نائب المفعول المطلق مجرى المفعول المطلق في الإعراب نصبًا، ويُحذف المفعول المطلق ويبقى نائبه، فيدلّ عليه بشكل جزئي، أو يرادفه بحيث ينوب عنه ويُغني عن ذكره من غير لبس، ويأتي بإحدى الصور التي سيأتي ذكرها.[٥]
لقراءة المزيد حول المفعول المطلق، إليك هذا المقال: ما هو المفعول المطلق.
ما ينوب عن المفعول المطلق
ما الكلمات التي تعرب نائبًا عن المفعول المطلق؟
كما تقدّم عن الفرق بين المفعول المطلق ونائبه، فإنّ نائب المفعول المُطلق يأتي على عدّة صور، فقد يأتي مُشابهًا في المعنى دون اللفظ، فالمفعول المطلق يأتي مصدرًا للفعل لفظيًا مثل: انتصر ينتصر انتصارًا، أو: ضربتُ ضربًا، وسرت سيرًا وهكذا، أمّا نائب المفعول فيأتي دالًّا على المفعول المطلق أو كما يُسمّى المصدر، كأن يُقال: جلستُ قعودًا، أو أنفقت كلّ الإنفاق، أو أنفقت بعض الإنفاق، وحتى يتم التفريق بين المفعول ونائبه مثلًا: اغتسلتُ اغتسالاً، فاغتسالًا هنا مفعول مطلق، لموافقتِها لفظيًا للفعل اغتسلتُ، أمّا: اغتسلتُ غسلًا، فغسلًا هنا نائب عن المفعول المطلق لأنّها وافقته معنويًا ورَادفَته، بشرط أن يكون مصدرًا لا فعلًا.[٦] فيما يأتي الصورُ التي يأتي عليها نائب المفعول المطلق:
- اسم المصدر: وهو ما يُشابه المفعول المطلق في الدّلالة ويختلف في الاشتقاق، فيأتي اسم المصدر مُرادفًا معنويًّا للمفعول المطلق، كما تقدّم سابقًا في القول: اغتسلتُ غسلًا، أو جلستُ قعودًا، أو أبغضتُ الرجلَ كُرهًا، فالكُره يُشابِه البُغض في الدلالة ويختلف في الصياغة.[٧]
- آلة الفعل: قد يُحذف المفعول المطلق ويأتي عوَضه آلةٌ تدلّ عليه، مثل: ضربتُه سوطًا، فالأصل: ضربته ضربَ سوطٍ، هنا تمّ حذف المفعول المطلق "ضرْبَ" وبقي ما يدلّ عليه، فسوطًا هنا نائب مفعول مطلق، وفي: سقيتُ العطشان كوبًا، بمعنى: سقيت العطشان سقيَ كوبٍ، حيث (كوبًا) نائب مفعول مطلق منصوب.[٨]
- عدد مرّات المفعول المطلق: قد يُحذف المفعول المطلق ويأتي عوضَه عددٌ يبيِّنه، نحو: سجدتُ أربعًا، بمعنى سجدتُ سجودًا أربعًا، هنا تم حذف المصدر، وأربعًا نائب مفعول مطلق، أو يدور عقرب الساعات الخاص بالثواني ستين دورة في الدقيقة، "ستّين" هنا نائب عن المفعول المطلق، وتعرب نائب مفعول مطلق منصوب بالياء لأنّه ملحق بجمع المذكر السالم.[٨]
- ما دلّ على كلِّ أو بعضِ الفعل: ولكن بشرط أن تكون مضافة، نحو: أتقن المهندس كلّ الإتقان، حيث كلمة "كلّ" هنا نائب عن مفعول مطلق، وهو مضاف، والإتقان مضاف إليه، وكذلك: درستُ بعضَ الدرسِ، وتندرج تحته كل الكلمات التي تحمل معنى البعضيّة أو الكليّة مثل: (جميع، نصف، عامة، شطر،، مثل، أتم، أحسن) وما يتبعها منأسماء التفضيل كأن نقول: استقبلتُه أحسن استقبالٍ.[٩]
- اسم الإشارة: تأتيأسماء الإشارة دالّةً على المفعول المطلق وينوب عنه مثل: قاوم الشعب تلك المقاومة العظيمة، اسم الإشارة "تلك" هنا نائب مفعول مطلق، حيث حذف المفعول المطلق "مقاومة" وجاء اسم الإشارة مكان المفعول المطلق وناب عنه.[١٠]
- الضمير العائد على المصدر المحذوف: نحو: أكرمتُه الذي يستحقُّه، بمعنى: أكرمتُه الإكرام الذي يستحقه، فجاء الضمير المتصل"الهاء" في أكرمته، ضميرًا متصلًا في محل نصب نائب مفعول مطلق.[١١]
- صفة المفعول المطلق المحذوف: نحو: وقفتُ سريعًا، بمعنى: وقفتُ وقوفًا سريعًا، حيث جاءت الصفة في الوقوف"سريعًا" نائبًا عن المفعول المطلق المحذوف.[١٢]
- نوع من أنواع المفعول المطلق: حيث يُدلّل على المفعول المطلق بنوعٍ واحدٍ من أنواع فعله، مثل: نام الرجل ملء جفونه، والمعنى: نام الرجل نومًا ملء جفونه، قعد الطفل القُرفصاء، بمعنى: قعد الطّفل قعود القرفصاء، حيث دلّل نوع القعدة على نوع المفعول المطلق، فكلِمتا "ملءَ، القرفصاء" تنوبان عن المفعول المطلق.[١٣]
- وقت المفعول المطلق المحذوف: نحو: لم تعش ساعةَ الجريح، بمعنى: لم تعش عيشة ساعةِ الجريح، كلمة "ساعةَ" هنا نائبُ مفعول مطلق.[١٤]
- اللفظ الدّال على هيئة المفعول المطلق المحذوف: نحو: مشى الرجل مشيةَ الأسد، حيث "مشيةَ" تدلّ علىمصدر الهيئة للمشي، حيث "المشيَ" هو المفعول المطلق المحذوف، وبالتالي تنوب عنه.[١٤]
- "ما" الاستفهامية: نحو: ما تزرع حقلك؟، بمعنى: أيّ زرع تزرع حقلك؟، وبالتّالي تنوب عن المفعول المطلق المحذوف.[١٤]
- "ما" الشرطية: نحو: ما شئت فاجلس، بمعنى: أيّ جلوس تشاؤه فاجلس، فهي تنوب عن المفعول المطلق المحذوف.[١٤]
يقوم نائب المفعول المطلق بتوضيح الفعل ولا ينفكّ عنه، فقد يأتي لتبيان جزء من الفعل أو أحد مرادفاته أو ما يدلّ عليه من عدده أو وقته، وقد يأتي على شكل أسماء الإشارة أو ضمير متصل، ولكنّه في الخلاصة لا ينفصل عن تبيان الفعل لا غيره.[١٥]
مفاعيل الخلق نائبًا المفعول المطلق
في كل الجمل التي تحتوي على فعل الخلق فإنّ المفعول في الجملة يكون نائبًا عن المفعول المطلق، حيثُ بالخُلاصة ممّا تقدّم فإنّ المفعول به هو ما يقع عليه الفعل، أمّا المفعول المطلق هو ما يدلّ على الفعل نفسه لا غيره، وكثيرًا ما يقع الخلط بين المفعول به والمفعول المطلق في الجمل التي تحتوي على فعل الخلق.[١٦]
لو قيل مثلًا: خلق الله العالَم، أو خلق الله الإنسان، فإن العالَم والإنسان وغيرها مفعولات تدلّ على الخلق نفسه، حيث يمكن القول: خلق الله الخَلقَ، حيث تشمل كلمةُ الخلق العالمَ والإنسانَ وغيرها، بمعنى: خلق الله خلقًا الإنسان، وتمّ حذف المفعول المطلق لوجود ما ينوب عنه ويدلّ عليه وهو المخلوق، فالإنسان وُجد بعد أن لم يكُن موجودًا، وبالتّالي لا يُمكن أن يقع عليه فعل الخلق، فلا يكون مفعولًا به وإنّما هو الخلقُ نفسه، فيكون نائبًا عن المفعول المُطلق.[١٦]
إعراب ما ينوب عن المفعول المطلق
ما الأمثلة على نائب المفعول المطلق؟
بعد التفصيل في الشرح حول النائب عن المفعول المطلق، لا بدّ من ذكر بعض الأمثلة للتوضيح، وفيما يلي أمثلةٌ وكلمات تعرب نائب عن المفعول المطلق مع الإعراب:
- قوله سبحانه: {وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا}.[١٧]
كلمة "نباتًا" هنا اسمُ مصدر يُشبه المفعول المطلق "إنباتًا" في الدّلالة، وبالتالي تُعرب: نائب مفعول مطلق منصوب بتنوين الفتح الظاهر على آخره.[١٨]
- قوله سبحانه: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا}.[١٩]
كلمة "كثيرًا "هنا صفةُ المفعول المطلق المحذوف: ذكرًا كثيرًا، وبالتالي تُعرب: نائب مفعول مطلق منصوب بتنوين الفتح الظاهر على آخره.[١١]
- قوله سبحانه:{َفاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَة}.[٢٠]
كلمة" ثمانين" هنا تدل على عدد المفعول المطلق المحذوف: جلدًا ثمانين، وبالتالي تُعرب: نائب مفعول مطلق منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.[٢١]
- أخلصتُه لمن أودُّه.
الضمير المتصل "الهاء" في أخلصته ينوب عن الفعل المُطلق المحذوف: أخلصت الإخلاص، وبالتالي يعرب: ضمير متصل في محل نصب نائب مفعول مطلق.[٢٢]
- قوله سبحانه: {ْفَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ}.[٢٣]
كلمة "كل" في الآية تدلّ على بعض أو كلّ المفعول المطلق: ميلًا كلّ الميل، وبالتالي تُعرب: نائب مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة على آخره.[٢٤]
- قول المتنبي: "أَنامُ مِلءَ جُفوني عَن شَوارِدِها".[٢٥]
كلمة "ملء" في البيت تدلّ على نوع المفعول المُطلق المحذوف: أنام نومًا ملء الحفون، وبالتّالي تُعرب: نائب مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة على آخره.[٢٦]
- قول أحمد شوقي: "وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا".[٢٧]
كلمة "غلابًا" في البيت تدلّ على نوع المفعول المُطلق المحذوف: أخْذَ غلاب، وبالتالي تُعرب: نائب مفعول مطلق منصوب بتنوين الفتح الظاهر على آخره.[٢٦]
- قوله سبحانه: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}.[٢٨]
كلمتا "ظنًا وشيئًا" في الآية تنوبان عن المفعول المطلق، بمعنى: وما يتّبع أكثرهم إلا اتّباع الظن، لا يغني من الحق إغناءَ شيءٍ قليلًا أو كثيرًا، وبالتالي تُعربان: نائب مفعول مطلق منصوب بتنوين الفتح الظاهر على آخره.[٢٩]
- قول سبحانه: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ}.[٣٠]
حرف الكاف في كلمة "كطيّ" بمعنى: مثل طيّ السماء للكتب، تنوب عن المفعول المطلق، وتُعرب: اسم بمنزلة مثل، مبني في محل نصب نائب مفعول مطلق وهو مضاف، وطيّ مضاف إليه مجرور.[٣١]
يُفهم ممّا سبق أن صور نائب المفعول المطلق كلّها مُستخدمة، حيث يتشابه معنويًا مع الفعل في الدلالة ويختلف عنه في الاشتقاق، ولكن مهما تعدّدت أشكال المفعول، فهي تنوب عن المفعول المُطلق إذا دلّت على ارتباطها بالفعل لا بغيره.
المراجع
- ↑ [عبد الله الفوزان]، كتاب تعجيل الندى بشرح قطر الندى، صفحة 167. بتصرّف.
- ↑ [عبد الله الفوزان]، كتاب تعجيل الندى بشرح قطر الندى، صفحة 185-186. بتصرّف.
- ↑ [عبد الله الفوزان]، كتاب تعجيل الندى بشرح قطر الندى، صفحة 185. بتصرّف.
- ↑ أبو عبد الله الصنهاجي، متن الآجرومية، صفحة 18. بتصرّف.
- ↑ [عباس حسن]، كتاب النحو الوافي، صفحة 218. بتصرّف.
- ↑ [عباس حسن]، كتاب النحو الوافي، صفحة 214. بتصرّف.
- ↑ [عباس حسن]، كتاب النحو الوافي، صفحة 214. بتصرّف.
- ^ أ ب [عباس حسن]، كتاب النحو الوافي، صفحة 217. بتصرّف.
- ↑ [عبد الله الفوزان]، كتاب تعجيل الندى بشرح قطر الندى، صفحة 186-187. بتصرّف.
- ↑ [عباس حسن]، كتاب النحو الوافي، صفحة 216. بتصرّف.
- ^ أ ب [عباس حسن]، كتاب النحو الوافي، صفحة 216.
- ↑ عباس حسن]، كتاب النحو الوافي، صفحة 217. بتصرّف.
- ↑ [عباس حسن]، كتاب النحو الوافي، صفحة 217. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث [عباس حسن]، كتاب النحو الوافي، صفحة 218. بتصرّف.
- ↑ [عباس حسن]، كتاب النحو الوافي، صفحة 214-218. بتصرّف.
- ^ أ ب فخر الدين الرازي، نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز، صفحة 77. بتصرّف.
- ↑ سورة نوح، آية:17
- ↑ [عباس حسن]، كتاب النحو الوافي، صفحة 215. بتصرّف.
- ↑ سورة الجمعة، آية: 10.
- ↑ سورة النور، آية:4
- ↑ [عبد الله الفوزان]، كتاب تعجيل الندى بشرح قطر الندى، صفحة 186. بتصرّف.
- ↑ [عباس حسن]، كتاب النحو الوافي، صفحة 215. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية:129
- ↑ [عبد الله الفوزان]، كتاب تعجيل الندى بشرح قطر الندى، صفحة 187. بتصرّف.
- ↑ "واحر قلباه ممن قلبه شبم"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-02.
- ^ أ ب [عباس حسن]، كتاب النحو الوافي، صفحة 217. بتصرّف.
- ↑ "وما نيل المطالب بالتمني"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-02.
- ↑ سورة يونس، آية:36
- ↑ [أحمد الخراط]، كتاب المجتبى من مشكل إعراب القرآن، صفحة 434. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء، آية:104
- ↑ [أحمد الخراط]، كتاب المجتبى من مشكل إعراب القرآن، صفحة 737. بتصرّف.