شرح دعاء أصبحنا وأصبح الملك لله

كتابة:
شرح دعاء أصبحنا وأصبح الملك لله


شرح دعاء: أصبحنا وأصبح الملك لله

هذا الدعاء ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، ونصُّه: (أنَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، إذَا أَمْسَى قالَ: أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى المُلْكُ لِلَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له قالَ: أُرَاهُ قالَ فِيهِنَّ: له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ).[١]


(رَبِّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ ما في هذِه اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ ما بَعْدَهَا، وَأَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما في هذِه اللَّيْلَةِ وَشَرِّ ما بَعْدَهَا، رَبِّ أَعُوذُ بكَ مِنَ الكَسَلِ وَسُوءِ الكِبَرِ، رَبِّ أَعُوذُ بكَ مِن عَذَابٍ في النَّارِ وَعَذَابٍ في القَبْرِ، وإذَا أَصْبَحَ قالَ ذلكَ أَيْضًا: أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ المُلْكُ لِلَّهِ)،[١]ويُقال في الصباح وفي المساء، وعند الصباح يُستبدل لفظ أمسينا بأصبحنا، ولفظ ليلة بيوم.[٢]



قول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (أصبحنا وأصبح الملك لله)

أصبحنا أي دخلنا في وقت الصباح، وأصبح الملك لله، أي المُلك في الصباح لله -عز وجل- وكل كائن مالكاً له -جلَّ وعلا-، ومختصاً به، فالمُلك أولاً وآخراً لله -عز وجل-، فهو الذي يملك جميع الأشياء في جميع الأوقات وفي جميع الأحوال، قال الله -عز وجل- (إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ).[٣]


وقال الله -عز وجل-: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)،[٤] وهذا بيان لحال القائل: "أي عرفنا وأقررنا بأنَّ المُلْكَ لله والحمد له وحده فالتجأنا إليه وحده واستعنَّا به وخصَّصناه بالعبادة والذكر والحمد والتوحيد والثناء عليه والشكر له"،[٥]فالكون كله تحت تصرفه -تعالى- وتحت قدرته وإرادته ومشيئته وتحت رعايته، فهو في قبضته.[٦]


قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له)

الحمد لله أي أنَّ الثناء الجميل على جهة التعظيم مقرون بالمحبة لله -عز وجل- وحده، فهو المستحق للحمد، فالله -عز وجل- هو المستحق وحده للثناء والتبجيل العظيم، وهو المحمود على نعمه وآلائه، والحمد أعم من الشكر؛ لأنَّ الحمد يكون مقابل النعمة وغير النعمة، أما الشكر يكون مقابل النعمة.[٧]


لا إله إلا الله هي كلمة التوحيد وتشتمل على رُكنين؛ "لا النافية للجنس" التي نفت جميع المعبودات والمألوهات، و"إلا الإثبات" التي أثبتت الألوهية والعبودية والوحدانية والربوبية والخلق والتدبير وغيرها من صفات الله -عز وجل- وأفعاله.[٨]


فهو المستحق بالعبادة لا سواه، ولفظ "وحده لا شريك له" فيه تأكيد لتوحيد وإفراد الله -عز وجل-، وتأكيد لنفي جميع المعبودات والمألوهات، وهذا التأكيد هو تعظيم التوحيد، وبيان عظمته وفضله.[٨]


قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ)

معنى "له الحمد" أنَّ الله -عز وجل- يملك الحمد ويستحقه ويختص به -جلَّ وعلا-، قال الله -عز وجل-: (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ)،[٩] و"له الملك" أنَّ الله -عز وجل- مالك وملك كل شيء.[١٠]


"وهو على كل شيء قدير" أي كل شيء تحت قدرته وتصرفه ومشيئته وإرادته، فلا شيء يخرج عن قدرته شيء، ولا يعجزه شيء، قال الله -عز وجل-: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً).[١١][١٠]


قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رَبِّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ ما في هذِه اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ ما بَعْدَهَا، وَأَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما في هذِه اللَّيْلَةِ وَشَرِّ ما بَعْدَهَا)

الرب هو المربي والمدبر، أي ربِّ أسألك خير ما أردت وقوعه وإحداثه من الخيرات، والمنافع الدينية والدنيوية في الليل وفي هذا اليوم، وخير ما بعده أي ما أردت وقوعه بعده من الأيام من الخيرات والمنافع الدينية والدنيوية،[١٢] ويقول العبد في الصباح "رَبِّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ ما في هذِه اليوم وَخَيْرَ ما بَعْدَهَ".


قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رَبِّ أَعُوذُ بكَ مِنَ الكَسَلِ وَسُوءِ الكِبَرِ، رَبِّ أَعُوذُ بكَ مِن عَذَابٍ في النَّارِ وَعَذَابٍ في القَبْرِ)

تفسير قول النبي ما يأتي:[٦]

  • أعوذ؛ أي التجأ إليك وأتحصن بك وألوذ بك.
  • الكسل؛ يعني الفتور والخمول في الطاعة والعبادة، والكسل عدم الرغبة في فعل الشيء مع القدرة عليه.
  • سوء الكبر؛ هو الهرم وهو أرذل العمر، وهو الذي يورث ذهاب العقل، بحيث يخلط صاحبه في الكلام.
  • عذاب القبر وعذاب النار؛ أي أستجير بك من ينالني العذاب الذي أعددته للكافرين في الحياة البرزخية، وفي الآخرة بعد البعث.


ما يرشد إليه هذا الدعاء

يرشد هذا الدعاء إلى ما يأتي:

  • إثبات الوحدانية والعبودية لله -عز وجل-.
  • الحمد لله -عز وجل- وحده، فهو المستحق للحمد والثناء الجميل المقرون بالمحبة والتعظيم.
  • الله -عز وجل- ملك ومالك كل شيء، فله الملك وحده.
  • ينبغي للمسلم أن يسأل الله -عز وجل- من فضله في كل يومٍ وليلة.
  • ينبغي للمسلم أن يستجير بالله -عز وجل- من عذاب القبر، وعذاب النار.

المراجع

  1. ^ أ ب رواه مسلم بن الحجاج، في صحيح مسلم ، عن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2723، حديث صحيح.
  2. سعيد بن وهف القحطاني، حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة، صفحة 57. بتصرّف.
  3. سورة التوبة، آية:116
  4. سورة آل عمران، آية:129
  5. عبد الرزاق البدر (1423)، فقه الأدعية والأذكار (الطبعة 2)، صفحة 19، جزء 3. بتصرّف.
  6. ^ أ ب عبد المحسن البدر، شرح سنن أبي داود، صفحة 11، جزء 576. بتصرّف.
  7. محمد الصابوني (1417)، صفوة التفاسير (الطبعة 1)، القاهرة:دار الصابوني، صفحة 18، جزء 1. بتصرّف.
  8. ^ أ ب عبد الرزاق البدر (1423)، https://shamela.ws/book/12048/597#p1 فقه الأدعية والأذكار (الطبعة 2)، صفحة 19 20، جزء 3. بتصرّف.
  9. سورة الروم، آية:18
  10. ^ أ ب عبد الرزاق البدر (1423)، فقه الأدعية والأذكار (الطبعة 2)، صفحة 20، جزء 3. بتصرّف.
  11. سورة فاطر، آية:44
  12. عبد الرزاق البدر (1423)، فقه الأدعية والأذكار (الطبعة 2)، صفحة 20، جزء 3. بتصرّف.
7414 مشاهدة
للأعلى للسفل
×