محتويات
تفسير الآيات المتعلقة بقسم الله
- قال -تعالى-: (وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ* وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ* وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ* هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ)،[١] يقسم الله -سبحانه وتعالى- في هذه السورة المباركة بضوء الصبح -وقت الخشوع والسكينة-.
وأقسم بالليالي العشر الأولى المباركة من ذي الحجة -وهي أفضل أيام السّنة-، وبالشفع -الزوج-، والوتر -الفرد- من كل شيءٍ،[٢] وكأنّه -سبحانه وتعالى- قد أقسم هكذا بكل شيءٍ، لأنّ الأشياء كلّها إِمّا زوجٌ وإمّا فردٌ، وباللّيل عندما يمضي.
وعندما يقسم الله فإنّ ذلك يدلّ على عظمة الشيء الذي يريد تقريره، وعلى عظمة الشيء الذي أقسم به، وبعد القسم يسأل -سبحانه وتعالى- بقصد إثبات عظمة ما أقسم به، وصاحب العقل الراجح يصله هذا المعنى.
تفسير الآيات المتعلقة بقصص الأمم السابقة وعقابهم
- قال -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ* إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ* الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ* وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ* وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ* الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ* فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ* فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ* إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ).[٣]
أقسم الله -سبحانه وتعالى- بمخلوقاته السابقة ليبرز لنا شيئاً ولكنّه لم يذكره، بل تحوّل للحديث عن إهلاكه لأقوام سابقين، ومن يتأمل النص القرآني بعد القسم يفهم رسالة مفادها أنّ الله -سبحانه وتعالى- سيعذّب مَن يكفر من المخاطبين من مكة كما عذّب الكفار السابقين.[٤]
ويسأل -سبحانه وتعالى- سؤالاً لنبيّه -صلّى الله عليه وسلّم- وللمخاطبين من أهل مكة، لتقرير ما فعله الله -سبحانه وتعالى- بعاد قوم هود، أهل أرم ذات البناء العالي، القبيلة التي لم يخلق الله -سبحانه وتعالى- مثلهم في قوّتهم، وشدّتهم، وضخامة أجسامهم ويريد بذلك تخويف أهل مكة بما صنع -تعالى- بعاد.[٢]
وكذلك ثمود الذين قطعوا صخر الجبال، ونحتوا فيها بيوتاً، وكذلك يذكّرهم بما فعل بفرعون الطاغية، صاحب الجنود والجيوش التي تشد ملكه، وقد اجتمع هؤلاء الظلمة على الظلم والطغيان.
فأنزل عليهم -سبحانه وتعالى- أشكالاً شديدةً من العذاب، كيف لا والله -سبحانه وتعالى- يرقب عمل الناس، ويحصيه عليهم، وفي ذلك تهديدٌ لكفار قريش.[٢]
تفسير الآيات المتعلقة بذم أفعال الكافر
- قال -تعالى-: (فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ* وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ* كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ* وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ* وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا* وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا).[٥]
تبيّن الآيات الكريمة أنّ الإنسان إذا أعطاه الله -سبحانه وتعالى- المال ووسّع عليه في الرزق يظن أنّ ذلك إكراماً له، وهو في الحقيقة اختبار بالنعمة، وإذا كان الاختبار بنقص الرزق ظنّ أنّ ذلك إهانةً له من الله -سبحانه وتعالى-.
ثم يأتي توضيحٌ لحالات من طبائع الناس وأفعالهم، فهم لا يكرمون اليتيم، ولا يدعون للإحسان على الفقراء والمساكين، ويأكلون الميراث من دون حقّ، ويحبون المال كثيراً.[٦]
تفسير الآيات المتعلقة بأهوال يوم القيامة
- قال -تعالى-: (كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا* وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا* وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى).[٧]
يأتي بعد ذلك ردع وزجر لمن يتّصف بتلك الصفات، ثم هدّدهم بأهوال يوم القيامة، مِن زلزلت الأرض، ومجيء الملائكة صفوفاً متتابعة صفاً بعد صف، في ذلك اليوم المخيف، يتذكّر الإِنسان أعماله، ويندم على تقصيره ومعاصيه، ويحاول أن ويتوب، ولكن هيهات وقد فات أوانها.[٢]
تفسير الآيات المتعلقة بندم الكافر وعقابه
- قال -تعالى-: (يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي* فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ* وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ)،[٨]
بعد وصوله إلى تلك الحالة يندم ويقول متحسراً: يا ليتني قدمت عملاً صالحاً ينفعني في حياتي الحقيقية الباقية، فيكون مصيره في ذلك اليوم أشد العذاب الذي لن يذوقه أحد مثله، وسوف يقيّد بالسلاسل والأغلال أشد تقييد كما لم يقيّد به أحد غيره.[٢]
تفسير الآيات المتعلقة باطمئنان المؤمن وجزاؤه
- قال -تعالى-: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً* فَادْخُلِي فِي عِبَادِي* وَادْخُلِي جَنَّتِي)،[٩]
وأخيرًا يأتي الخطاب للنّفس المطمئنة لوعد الله -سبحانه وتعالى- أن ترجع إِلى رضوان ربّها وجنته، راضيةً بما أعطاها الله -سبحانه وتعالى- من النعيم، مرضيةٌ عنده -سبحانه وتعالى- بما قدّمت من عمل صالح أسلفته في الدنيا، ويأمرها أن تدخل في زمرة عباده الصالحين، وأن تدخل الجنة.[٢]
المراجع
- ↑ سورة الفجر، آية:1-5
- ^ أ ب ت ث ج ح خ الصابوني (1997)، صفوة التفاسير (الطبعة 1)، القاهرة:دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع ، صفحة 529-530، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ سورة الفجر، آية:6-14
- ↑ الطنطاوي (1997)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة 1)، القاهرة:دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 384-385، جزء 15. بتصرّف.
- ↑ سورة الفجر، آية:15-20
- ↑ الصابوني (1981)، مختصر تفسير ابن كثير (الطبعة 7)، بيروت:دار القرآن الكريم، صفحة 638، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة الفجر، آية:21-23
- ↑ سورة الفجر، آية:24-26
- ↑ سورة الفجر، آية:27-30