شرح قصيدة الطريق لسميح القاسم

كتابة:
شرح قصيدة الطريق لسميح القاسم

سميح القاسم

يُعد الشاعر سميح القاسم من أبرز الشعراء العرب الفلسطينين الذين ارتبط اسمهم أشد الارتباط بشعر الثورة والمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال، وهو من مواليد محافظة الزرقاء، درس في مدارس الرامة الجليلية والناصرة، وهو عضو سابق في الحزب الشيوعي، وبعد أن علّم فترة في بعض المدارس، انصرف إلى نشاطه السياسي في الحزب الشيوعي، وبعدها انصرف للعمل الأدبي، ومما يجدر ذكره أن سميح القاسم كان قد حصل على جوائز عديدة من خلال ما أنتجه من أعمال أدبية، وقد أُجريت عن أعماله الأدبية العديد من الأبحاث والدراسات النقدية المهمة في جميع أنحاء الوطن العربي، ولم يكن نتاجه مقتصرًا على نظم الشعر فقط، بل له ما يزيد عن ستين كتابًا في القصة والمسرح والرواية والشعر، وقد تُرجمت الكثير من أعماله إلى الفرنسية والإنجليزية والتركية والروسية والألمانية، وإحدى قصائده التي ستُشرح في هذا المقال هي قصيدة الطريق.[١]

شرح قصيدة الطريق لسميح القاسم

نظم الشاعر سميح القاسم قصيدة الطريق ليحث على النضال والكفاح والمقاومة، وفي هذه القصيدة رسم ملامح طريق النضال، وأن هذا الطريق هو الذي يوصل إلى فجر جديد مشرق، وذلك عندما يتحد النضال في كل أنحاء العالم، محاولًا أن يشجع على الخوض في هذا النضال لما فيه من شرف وعزة وكرامة لحاملي لوائه، وشرح القصيدة هو:[٢]

أبدًا على هذا الطريق

راياتنا بصرُ الضرير، وصوتنا أمل الغريق

أبدًا جحيم عدونا، أبدًا، نعيم للصديق

بضلوع موتانا نثير الخصب في الأرض اليباب

بدمائنا نسقي جنينًا في التراب

ونرد حقلًا شاخ فيه الجذع، في شرخ الشباب

ونصب في نبض المصانع

للمربي، والحقائب، والثياب

نبض القلوب المؤمنات..

بكل أقداس الحياة

إننا على هذا الطريق؛ طريق الكفاح والنضال من أجل الحرية والإنسانية، نحمل أعلامنا التي تعيد الأمل للحياة، وكأنها نور يبصر به الأعمى، وبشائر فرح لمن أوشك أن يغرق في وحول الظلمات، وإننا بضلوع شهدائنا سنعيد الحياة لهذه الأرض التي يبست وعطشت من كثرة الظلم والقهر، ودماؤنا الطاهرة هي التي ستعيد الأراضي إلى شبابها وعطائها ونضارتها، وبإيماننا ويقيننا بقدسية الحياة وأهميتها سنعيد هذه الحياة لكل الناس، وإن استخدام الشاعر في هذا المقطع للصور الفنية ساعد في رسم ملامح طريق النضال، فقد شبه الجذع بإنسان يشيخ على سبيل الاستعارة المكنية، وكذلك شبه المصانع بكائن له قلب ينبض.

أبدًا على هذا الطريق

نذوي فدى أشواق سنبلة على وعد العطاء

و نصيح من فرح غزير الدمع في عرس الفداء

أبدًا على هذا الطريق!

شرف السواقي أنها تفنى فدى النهر العميق!

والنهر يجري دافقًا.. يجري ويكتسح السدود

وانظرْ إلى الأفق البعيد..انظر إلى الأفق البعيد

فهناك..كانت ثورة كبرى.. وكانت بورسعيد

وهناك شيخ ميت..وهناك ميلاد جديد

وهناك ناس أصدقاء

صنعوا الحياة..ونسّقوا خضر الجنائن في الجليد

وهناك منجم أنبياء

جلدوا القياصرة الطغاة الأغبياء

وترمدوا لتعيش فوق رمادهم شعلُ الضياء

إننا ماضون في هذا الطريق ولن نيأس أو نتخاذل، بل إننا على استعداد لأن نفنى وتفنى أجسادنا من أجل الأمل بمستقبل معطاء مثمر يانع، وهذا هو فخرنا وشرفنا أن نموت فداء للمستقبل الأفضل، فكم من ثورات بدأت ونجحت وغيرت الواقع نحو الأفضل، فهاهي بورسعيد رمز الثورة الكبرى وأكبر شاهد على انتهاء عهد قديم من الاحتلال الإسرائيلي والخلاص من الظلم وبداية ميلاد جديد من الحرية والاستقلال، وكم من أصدقاء لنا جاهدوا وناضلوا حتى تكون الحياة أفضل وأجمل، حتى الأنبياء والمرسلين حاربوا وكافحوا من أجل الأفضل ومن أجل القضاء على الظلم والقهر والخوف، في هذا المقطع أبدع الشاعر في تصوير الطريق والتشجيع على الاستمرار فيه، فقد استعمل الاستعارة التصريحية إذ شبه النضال والكفاح بالنهر المتدفق، وشبه كفاحهم وجهادهم وتعبهم بتعب السواقي التي تكد وتجتهد لترفد النهر بالمياه.[٣]

وانظرْ إلى الأفق البعيد..انظر إلى الأفق البعيد

فهناك.. في أعماق إفريقيا الجواري والعبيد

فجرٌ.. يمر بكفه فوق الجباه الشاحبات

ويصب فيها النور والدم.. والحياة

وهناك في أعماق أمريكا.. الجريمة والتمزق والضياع

طبلٌ يدق بلا انقطاع

لمدينة تُشرى.. وزنجي يباع

إن الأمثلة في التاريخ على انتصار الثورات كثيرة فها هي إفريقيا انتشرت فيها ظاهرة الجواري والاستعباد والظلم، ولكن بعد أن أطلت الثورة ضد هذا الظلم أنيرت أراضي إفريقيا وعادت لها الحياة وفرحة النصر، وفي أمريكا ما زالت ظاهرة الاستعباد والظلم والقهر والجرائم موجودة وذلك لأن بيع الجواري وشرائها ما زال موجودًا ولا بد من النضال للتخلص من هذه الظاهرة وهذا الاستعباد.

وهناك في الأفق القريب.. هناك في الأفق البعيد

ليست تُتِمُّ الأرض دورتها بلا نصر جديد

فاحمل لواءك وامضِ في هذا الطريق

أبدًا على هذا الطريق

شرف السواقي أنها تفنى فدى النهر العميق!

علينا أن ننظر إلى التاريخ القديم ومنه سنعرف أن النصر قد بات قريبًا باستمرارنا على هذا الطريق؛ طريق النضال والكفاح، ولذلك علينا أن ننتفض ونثور من أجل الحصول على أهدافنا بالحرية والعزة والكرامة، باستمرارنا سننال الشرف والعزة والمجد في دعم الثورة واستمرارها.

معاني المفردات في قصيدة الطريق

غلب على قصيدة الطريق للشاعر سميح القاسم المعجم اللغوي للطبيعة وذلك ليربط الشاعر المناضلين والثوار بالأرض وبطبيعتها ويذكرهم بجمالها وعظمتها، وقد لجأ في قصيدته إلى المفردات السهلة والواضحة، ولم يكثر من الألفاظ الغريبة أو التي تحتاج لبحث في المعاجم وذلك كي تكون دعوته واضحة للجميع ومفهومة في مضمونها، وفي ما يأتي شرح لبعض المفردات التي قد تكون غامضة على بعض القراء:

  • اليباب: الخراب.[٤]
  • نذوي: مشتق من الفعل ذوى وهو بمعنى الضعف والذبول.[٥]
  • الطغاة: جمع ومفرده طاغٍ، وتعني الظالمين والمفسدين.[٦]
  • الشاحبات: متغيرة اللون وذابلة النضارة.[٧]

المراجع

  1. "سميح القاسم"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-28. بتصرّف.
  2. "قصيدة الطريق للشاعر سميح القاسم"، www.youtube.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-28. بتصرّف.
  3. "بورسعيد"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-28. بتصرّف.
  4. "معنى اليباب في قاموس معاجم اللغة"، www.maajim.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-28. بتصرّف.
  5. "تعريف و معنى ذوي في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-28. بتصرّف.
  6. "تعريف و معنى الطغاة في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-28. بتصرّف.
  7. "تعريف و معنى الشاحبات في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-28. بتصرّف.
4971 مشاهدة
للأعلى للسفل
×