شرح قصيدة العيد للمتنبي

كتابة:
شرح قصيدة العيد للمتنبي

المتنبي

يُعد المتنبي من أشهر شعراء بلاط سيف الدولة الحمداني، وهو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الملقب بأبي الطيب المتنبي، يعود نسبه إلى الكوفة لا لأنه منها بل لأنه وُلد فيها، وهو أحد مفاخر الأدب العربي عبر التاريخ، وما زال شعره مصدر إلهام لكثير من الشعراء حتى يوم الناس هذا، تنوعت موضوعات شعره ما بين الفخر بالعروبة وبذاته ومدح سيف الدولة الحمداني ووصف المعارك، وما يجمع هذه الموضوعات هو اللغة القوية المتينة، والتعبير الإبداعي البليغ، ومع كثرة مديحه إلا أنه لم يكن متصنعًا أو متكلفًا في ما ينظم، إنما ساعده إحساسه المرهف وعاطفته الجياشة في نظم أشعاره، ومن قصائده التي ورد فيها بعض من الحكم التي استنبطها من الحياة التي عاشها قصيدة العيد، وهذا المقال سيعرض شرح قصيدة العيد للمتنبي ومفرداتها.[١]

شرح قصيدة العيد للمتنبي

إن قصيدة العيد التي نظمها المتنبي كانت مناسبتها أن المتنبي قد تهيأ للهرب من مصر، وتزامن هذا الهرب مع ليلة عيد الأضحى المبارك، وقد كان مهمومًا تحفّه الأحزان والآهات، وفيها هجاء لحاكم مصر كافور الإخشيدي، وشرح أبيات قصيدة العيد هو:[٢]


عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ

بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ

يخاطب المتنبي العيد متسائلًا عن الحالة التي عاد فيها، ويستفهم إن كان هذا العيد قد جاء بأمر جديد مختلف عما مضى وسبق أم أنه جاء بالهموم والمتاعب التي اعتاد عليها المتنبي من قبل.

أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ

فَلَيتَ دونَكَ بِيدًا دونَهَا بِيدُ

يتأسف المتنبي على بعد أحبته عنه، ويتمنى لو أن هذا العيد بعيد عنه ضعف المسافة التي بينه وبين أحبته، لأنه غير مسرور بهذا العيد مع بعد أحبته عنه.

لَوْلا العُلى لم تجُبْ بي ما أجوبُ بهَا

وَجْنَاءُ حَرْفٌ وَلا جَرْداءُ قَيْدودُ

يبين المتنبي سبب سفره ويقول إنه لو لم يكن طالبًا للعلى والمكانة وعزة النفس لما ترك ناقة ضامرة ولا فرسًا تمشي به في الصحراء.

وَكَانَ أطيَبَ مِنْ سَيفي مُعانَقَةً

أشْبَاهُ رَوْنَقِهِ الغِيدُ الأمَاليدُ

يتابع تأكيده على طلب المعالي وأنه فضّل معانقة سيفه على معانقة الجواري الشابات اللواتي يشبهن ببياضهن ونعومتهن بياض السيف ونعومة ملمسه.

لم يَترُكِ الدّهْرُ مِنْ قَلبي وَلا كبدي

شَيْئًا تُتَيّمُهُ عَينٌ وَلا جِيدُ

يبين المتنبي أنه انصرف عن اللهو والعشق والهوى والغزل بسبب نوائب الدهر ومصائبه المتتابعة، وانصرف في حياته إلى الجد ومواجهة الصعاب وطلب العلى.

يا سَاقِيَيَّ أخَمْرٌ في كُؤوسكُما

أمْ في كُؤوسِكُمَا هَمٌّ وَتَسهيدُ؟

يعني أنه لا يطرب لشرب الخمر ولا يؤثر فيه إنما تزيده همًا وكدرًا وحزنًا، ولعل ذلك بسبب بعد الأحبة الذين ذكرهم في مطلع القصيدة.

أصَخْرَةٌ أنَا، ما لي لا تُحَرّكُني

هَذِي المُدامُ وَلا هَذي الأغَارِيدُ

يستفهم المتنبي مستنكرًا من نفسه قائلًا، لماذا لا تؤثر هذه الكؤوس من الخمر وهذه الأغاني وكأن الجسد والروح صاروا أصلب من الصخر.

إذا أرَدْتُ كُمَيْتَ اللّوْنِ صَافِيَةً

وَجَدْتُهَا وَحَبيبُ النّفسِ مَفقُودُ

يعود ليتحسر على فقدان الأحبة ويقول إنه لو طلب الخمرة لوجدها حاضرة أمامه ولكن طلبه للأحبة بعيد المنال وغير موجود أمامه.

ماذا لَقيتُ منَ الدّنْيَا وَأعْجَبُهُ

أني بمَا أنَا شاكٍ مِنْهُ مَحْسُودُ

يبدأ المتنبي بالتلميح لحزنه بسبب خدمته في قصر كافور ويبين أنه لم ير في الحياة إلا الهم والحزن، ويتعجب أنه محسود على هذا الأمر؛ أي خدمته لكافور.

أمْسَيْتُ أرْوَحَ مُثْرٍ خَازِنًا وَيَدًا

أنَا الغَنيّ وَأمْوَالي المَوَاعِيدُ

يبين المتنبي أن الغنى الحقيقي هو الغنى المعنوي، وهو الغني لأنه أمسى وهو في راحة وخازنه في راحة وذلك لأنه لا يملك ما يخاف عليه ويريد حفظه من الأموال.

إنّي نَزَلْتُ بكَذّابِينَ، ضَيْفُهُمُ

عَنِ القِرَى وَعَنِ الترْحالِ محْدُودُ

يشكو حزنه على الوضع الذي يعيشه في مصر وأنه نزل عند قوم يكذبون عليه فلا هم يحسنون ضيافته ولا هم يتركونه يرحل عنهم.

جودُ الرّجالِ من الأيدي وَجُودُهُمُ

منَ اللّسانِ، فَلا كانوا وَلا الجُودُ

هؤلاء القوم كانوا كرماء بوعودهم الكاذبة، بينما الكرم الحقيقي للرجل هو بالعطاء، ثم يدعو عليهم بأن يزولوا هم وهذا الكرم الكاذب.

معاني المفردات في قصيدة العيد

من خلال ما تبين من شرح لأبيات قصيدة العيد للمتنبي تتضح القدرة الأدبية في إيصال الفكرة عند المتنبي مستخدمًا الوصف البديع، والتشبيه الذي يوضح الصورة للمتلقي، إضافة إلى ما فيها من التعابير القوية واللغة المتينة والتي تدل على القدرة الأدبية الكبيرة عند المتنبي، وفي هذه القصيدة بعض المفردات الغريبة التي يمكن شرحها:

  • البيداء: الصحراء.
  • وجناء حرف: الناقة الضامرة.
  • جرداء: الفرس قصيرة الشعر.[٣]
  • القيدود: الفرس الطويلة.[٤]
  • الفلاة: الأرض الواسعة المقفرة.
  • الأملود: الغصن الناعم، وتُشبّه به الجارية الشابة.
  • الغيد: الجواري البيض.
  • تسهيد: الأرق
  • المُدام: الخمر
  • القِرى: إكرام الضيف.

المراجع

  1. "أبو الطيب المتنبي"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 07-05-2020. بتصرّف.
  2. "عيد بأية حال عدت يا عيد"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 07-05-2020. بتصرّف.
  3. "جرداء "، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 07-05-2020. بتصرّف.
  4. "قيدود"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 07-05-2020. بتصرّف.
4344 مشاهدة
للأعلى للسفل
×