محتويات
نص القصيدة
تُعدّ قصيدة أرقٌ على أرق من أشهر قصائد المُتنبي، والتي قالها في مدْح محمد بن أوس الأزديّ، والذي لُقّب بأبي شجاع، يقول:[١]
أَرَقٌ عَلى أَرَقٍ وَمِثلِيَ يَأرَقُ
- وَجَوىً يَزيدُ وَعَبرَةٌ تَتَرَقرَقُ
جُهدُ الصَبابَةِ أَن تَكونَ كَما أَرى
- عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وَقَلبٌ يَخفِقُ
ما لاحَ بَرقٌ أَو تَرَنَّمَ طائِرٌ
- إِلّا اِنثَنَيتُ وَلي فُؤادٌ شَيِّقُ
جَرَّبتُ مِن نارِ الهَوى ما تَنطَفي
- نارُ الغَضى وَتَكِلُّ عَمّا تُحرِقُ
وَعَذَلتُ أَهلَ العِشقِ حَتّى ذُقتُهُ
- فَعَجِبتُ كَيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ
وَعَذَرتُهُم وَعَرَفتُ ذَنبِيَ أَنَّني
- عَيَّرتُهُم فَلَقيتُ فيهِ ما لَقوا
أَبَني أَبينا نَحنُ أَهلُ مَنازِلٍ
- أَبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنعَقُ
نَبكي عَلى الدُنيا وَما مِن مَعشَرٍ
- جَمَعَتهُمُ الدُنيا فَلَم يَتَفَرَّقوا
أَينَ الأَكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلى
- كَنَزوا الكُنوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا
مِن كُلِّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بِجَيشِهِ
- حَتّى ثَوى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيِّقُ
خُرسٌ إِذا نودوا كَأَن لَم يَعلَموا
- أَنَّ الكَلامَ لَهُم حَلالٌ مُطلَقُ
وَالمَوتُ آتٍ وَالنُفوسُ نَفائِسٌ
- وَالمُستَغِرُّ بِما لَدَيهِ الأَحمَقُ
وَالمَرءُ يَأمُلُ وَالحَياةُ شَهِيَّةٌ
- وَالشَيبُ أَوقَرُ وَالشَبيبَةُ أَنزَقُ
وَلَقَد بَكَيتُ عَلى الشَبابِ وَلِمَّتي
- مُسوَدَّةٌ وَلِماءِ وَجهِيَ رَونَقُ
حَذَراً عَلَيهِ قَبلَ يَومِ فِراقِهِ
- حَتّى لَكِدتُ بِماءِ جَفنِيَ أَشرَقُ
أَمّا بَنو أَوسِ اِبنِ مَعنِ اِبنِ الرِضا
- فَأَعَزُّ مَن تُحدى إِلَيهِ الأَينُقُ
كَبَّرتُ حَولَ دِيارِهِم لَمّا بَدَت
- مِنها الشُموسُ وَلَيسَ فيها المَشرِقُ
وَعَجِبتُ مِن أَرضٍ سَحابُ أَكُفِّهِم
- مِن فَوقِها وَصُخورُها لا تورِقُ
وَتَفوحُ مِن طيبِ الثَناءِ رَوائِحٌ
- لَهُمُ بِكُلِّ مَكانَةٍ تُستَنشَقُ
مِسكِيَّةُ النَفَحاتِ إِلّا أَنَّها
- وَحشِيَّةٌ بِسِواهُمُ لا تَعبَقُ
أَمُريدَ مِثلِ مُحَمَّدٍ في عَصرِنا
- لا تَبلُنا بِطِلابِ ما لا يُلحَقُ
لَم يَخلُقِ الرَحمَنُ مِثلَ مُحَمَّدٍ
- أَبَداً وَظَنّي أَنَّهُ لا يَخلُقُ
يا ذا الَّذي يَهَبُ الجَزيلَ وَعِندَهُ
- أَنّي عَلَيهِ بِأَخذِهِ أَتَصَدَّقُ
أَمطِر عَلَيَّ سَحابَ جودِكَ ثَرَّةً
- وَاِنظُر إِلَيَّ بِرَحمَةٍ لا أَغرَقُ
كَذَبَ اِبنُ فاعِلَةٍ يَقولُ بِجَهلِهِ
- ماتَ الكِرامُ وَأَنتَ حَيٌّ تُرزَقُ
الأفكار الرئيسية في القصيدة
دارت الأفكار في القصيدة حول ثلاثة محاور جاءت على الشكل الآتي:
- من البيت الأول إلى الخامس
النسيب ووصف أحوال المحبين ومعاناتهم.
- من البيت السادس إلى التاسع
الحكمة وأخذ العبر والمواعظ من الموت.
- من البيت العاشر إلى السابع عشر
مدح محمد بن أوس وقومه.
معاني مفردات القصيدة
جاء في القصيدة بعض المفردات التي لا بدّ من شرحها ومعرفة دلائلها من أجل فهم المعنى العام للقصيدة وهي كالآتي:المفردة | المعنى |
الأرق | امتناع النوم ليلًا.[٢] |
جوى | حرقة العشق، الحزن الذي يحطم دواخل النفس البشرية.[٣] |
الصبابة | الشوق.[٤] |
الغضى | شجرٌ معروف يُستوقد بناره لقوته واستمرار احتراقه لوقتٍ طويل.[٥] |
عذلته | لُمته (من المبالغة والإكثار في اللوم).[٦] |
البيْن | الفراق.[٧] |
الألى | جمع لا مفرد له مشتق منه ويأتي بمعنى الاسم الموصول الذين.[٨] |
تُحدى | تُساق.[٩] |
ثرّة | غزيرة.[١٠] |
الصور الفنية في القصيدة
كثرت التشبيهات والصور الفنية في قصائد المتنبي على وجه العموم وفي قصيدة أرقٌ على أرقٌ على وجه الخصوص، حيث استخدم الشاعر الصور الفنية لإيصال المعنى للمتلقّي، فيما يأتي بعض من الصور الفنية في القصيدة:
- قول الشاعر:
جُهدُ الصَبابَةِ أَن تَكونَ كَما أَرى
- عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وَقَلبٌ يَخفِقُ
صوّر الشاعر نفسه إنسانًا لا يقوى على النوم؛ فعينه ساهرةٌ لا تغلق، كما أنّ قلبه يخفق ويضطرب من شدة الشوق والعشق.
- قول الشاعر:
ما لاحَ بَرقٌ أَو تَرَنَّمَ طائِرٌ
- إِلّا اِنثَنَيتُ وَلي فُؤادٌ شَيِّقُ
صوّر شوقه للأحبة بالشيء الذي يثور ويهيج كلّما لمع البرق ليلًا أو تغنّى طائر بصوته العذب نهارًا، فربّما كان من الجانب الذي فيه الأحبة، ولمعان البرق يحمل معنيين: أحدهما أنه يذكره بثغر المحبوبة المضيء، والثاني أنه يلمع من جانب المحبوبة وناحيتها.
- قول الشاعر:
جَرَّبتُ مِن نارِ الهَوى ما تَنطَفي
- نارُ الغَضى وَتَكِلُّ عَمّا تُحرِقُ
صوّر الشاعر العشق وشدته في قلبه نارًا قوية لا تهدأ، وشدتها وقوتها تفوق نار الغضى وإحراقها، وهذا تشبيه بليغ يُعدّ من الصور الجمالية في القصيدة.
- قول الشاعر:
وَالمَوتُ آتٍ وَالنُفوسُ نَفائِسٌ
- وَالمُستَغِرُّ بِما لَدَيهِ الأَحمَقُ
صوّر الشاعر الموت بكائن يأتي لقبض الروح وأخذها، وصور النفس وشبّهها بالشيء الثمين الذي يحرص عليه صاحبه، أمّا المغرور بماله في الدنيا فشبّهه بالأحمق البعيد عن الصواب، وفي جملة (الموت آتٍ) وجملة (النفوس نفائس) استعارة مكنية.
- قول الشاعر:
كَبَّرتُ حَولَ دِيارِهِم لَمّا بَدَت
- مِنها الشُموسُ وَلَيسَ فيها المَشرِقُ
صور الشاعر بني أوس حين ظهرت ديارهم شموسًا أشرقت عليه ولم تكن من جهة الشرق وذلك يدل على علوّ مكانتهم ومنزلتهم.
- قول الشاعر:
وَعَجِبتُ مِن أَرضٍ سَحابُ أَكُفِّهِم
- مِن فَوقِها وَصُخورُها لا تورِقُ
شبّه الشاعر الهبات والعطايا بالمطر، كما صوّر الصخور أرضًا ليّنة من حقها أن تنبت وتورق لفضل عطاياهم.
- قول الشاعر:
وَتَفوحُ مِن طيبِ الثَناءِ رَوائِحٌ
- لَهُمُ بِكُلِّ مَكانَةٍ تُستَنشَقُ
شبّه الشاعر الثناء على الممدوحين بالعطر ذي الرائحة الطيبة، فوصف الثناء بطيب الرائحة لأنّ طيب أخبار الثناء في الآذان مسموعة كطيب الروائح في الأنوف مشمومة.
- قول الشاعر:
مِسكِيَّةُ النَفَحاتِ إِلّا أَنَّها
- وَحشِيَّةٌ بِسِواهُمُ لا تَعبَقُ
صوّر شيوع الثناء على الممدوحين بروائح مسك تستطاب، كما صوّرها طفلًا ينفر من الجميع ويُقبِلُ على أمه.
- قول الشاعر:
أَمطِر عَلَيَّ سَحابَ جودِكَ ثَرَّةً
- وَاِنظُر إِلَيَّ بِرَحمَةٍ لا أَغرَقُ
صوّر جود الممدوح وكرمه الكثير وقد غمر الشاعربسحاب غزير الماء يخشى أن يُغرقه.
المراجع
- ↑ "أرق على أرق"، ديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/3/2022.
- ↑ "تعريف ومعنى أرق في معجم المعاني الجامع"، المعاني. بتصرّف.
- ↑ "تعريف ومعنى جوى في معجم المعاني الجامع"، المعاني. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى الصبابة في معجم المعاني الجامع"، المعاني. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى الغضى في معجم المعاني الجامع"، المعاني. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى عذل في معجم المعاني الجامع"، المعاني. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى البين في معجم المعاني الجامع"، المعاني. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى الألى في معجم المعاني الجامع"، المعاني. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى تُحدى في معجم المعاني الجامع"، المعاني. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى ثرّة في معجم المعاني الجامع "، المعاني. بتصرّف.