شرح قصيدة جميل بثينة من الغزل العذري

كتابة:
شرح قصيدة جميل بثينة من الغزل العذري


شرح قصيدة جميل بثينة من الغزل العذري

فيما يأتي شرح موجز لها:


شرح المقطع الأول

أَلا لَيتَ أيامَ الصَّفاءِ جَديدُ

:::وَدَهراً تَوَلّى يا بُثَينَ يَعودُ

فَنَبقى كَما كُنّا نَكونُ وَأَنتُمُ

:::قَريبٌ وَإِذ ما تَبذُلينَ زَهيدُ

وَما أَنسَ مِنَ الأَشياءِ لا أَنسَ قَولَها

:::وَقَد قُرِّبَت نَضوي أَمِصرَ تُريدُ

وَلا قَولَها لَولا العُيونُ الَّتي تَرى

:::لَزُرتُكَ فَاِعذُرني فَدَتكَ جُدودُ

خَليلَيَّ ما أَلقى مِنَ الوَجدِ باطِنٌ

:::وَدَمعي بِما أُخفي الغَداةَ شَهيدُ

أَلا قَد أَرى وَاللَهِ أَن رُبَّ عُبرَةٍ

:::إِذا الدار شَطَّت بَينَنا سَتَزيدُ

إِذا قُلتُ ما بي يا بُثَينَةُ قاتِلي

:::مِنَ الحُبِّ قالَت ثابِتٌ وَيَزيدُ

وَإِن قُلتُ رُدّي بَعضَ عَقلي أَعِش بِهِ

:::تَوَلَّت وَقالَت ذاكَ مِنكَ بَعيدُ

فَلا أَنا مَردودٌ بِما جِئتُ طالِباً

:::وَلا حُبُّها فيما يَبيدُ يَبيدُ[١]


في هذا المقطع نجد أنّ الشاعر يستغيث ويستجدي محبوبته بثينة، فقد أخذت عقله وقلبه، وجعلته هائمًا بحبها، فنراه في البداية يستعمل أسلوب التمني، وذلك لرغبته في عودة الشباب والزمن الذي كان فيه على اتصال ووصال مع بثينة.[٢]


فالشاعر يطلب الأُنس الذي لا يتحقق إلا بوجود بثينة معه وسماع كلامه، ومن ثمّ نراه يطلب من صديقيه المتخيلين أن يسمعا كلامه ومعاناته في الحب، فيخبرهما أنّ دموعه دائمة الجريان عليها لكنّه يخفي دموعه عن الناس، فدموعه تزيد كلما ابتعدت ديار بثينة، وحبه دائم الثبات والزيادة، فهو لم يفكر بترك هذا الحب، وثابت عليه، وهو يزداد كل يوم عشقًا فحبه دائم الزيادة.[٢]


ونرى الشاعر يعلن عن حاجته للعقل في حياته، لكن عقله مسلوب وبيد بثينة التي سلبت فؤاده، فنراه يطلب منها أن ترد له شيئًا من عقله لكنها ترفض، وترفض أن تعطيه بعض التودد والمحبة، فالشاعر يحكي عن معاناته من تمنّع المحبوبة ومن قصور عقله عليها.[٢]


شرح المقطع الثاني

جَزَتْكِ الجَوازي يا بُثَينَ سَلامَةً

:::إِذا ما خَليلٌ بانَ وَهُوَ حَميدُ

وَقُلْتُ لَها بَيني وَبَينَكِ فَاِعلَمي

:::مِنَ اللَهِ ميثاقٌ لَهُ وَعُهودُ

وَقَد كانَ حُبّيكُم طَريفاً وَتالِداً

:::وَما الحُبُّ إِلّا طارِفٌ وَتَليدُ

وَإِنَّ عَروضَ الوَصلِ بَيني وَبَينَها

:::وَإِن سَهَّلَتهُ بِالمُنى لَكَؤودُ

وَأَفنَيتُ عُمري بِاِنتِظارِيَ وَعدَها

:::وَأَبلَيتُ فيها الدَهرَ وَهوَ جَديدُ

فَلَيتَ وُشاةَ الناسِ بَيني وَبَينَها

:::يَدوفُ لَهُم سُمّاً طَماطِمُ سودُ

وَلَيتَهُمُ في كُلِّ ممسىً وَشارِقٍ

:::تُضاعفُ أَكبالٌ لَهُم وَقُيودُ[١]


في هذا المقطع نجد أنّ الشاعر يرسل سلامه ومحبته لبثينة، ويؤكد لها على استمرار عهد المحبة بينهما، وأنه لن يخلف هذا العهد الذي صار عهدًا مقدسًا لقسمه بالله تعالى، فحبه لها دائم ومتجدد على الرغم من كون الوصال بينهما صعب.[٢]


ونرى الشاعر يعبر عن ضيقه بالوشاة والحاسدين، فنراه يتمنى أن يهلكوا بالسم نتيجة تنصتهم الدائم عليهما، ويتمنى لكل واشٍ وحاسدٍ في هذا العالم أن يُقيد بأكبال وقيود، ويصبح سجينًا لا يقدر على الحراك، فالشاعر يظهر حقده على هذه الفئة.[٢]


شرح المقطع الثالث

وَيَحسَبُ نِسوانٌ مِنَ الجَهلِ أَنَّني

:::إِذا جِئتُ إِيّاهُنَّ كُنتُ أُريدُ

فَأَقسِمُ طَرفي بَينَهُنَّ فَيَستَوي

:::وَفي الصَدرِ بَونٌ بَينَهُنَّ بَعيدُ

أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً

:::بِوادي القُرى إِنّي إِذَن لَسَعيدُ

وَهَل أَهبِطَن أَرضاً تَظَلُّ رِياحُها

:::لَها بِالثَنايا القاوِياتِ وَئيدُ

وَهَل أَلقَيَن سُعدى مِنَ الدَهرِ مَرَّةً

:::وَما رَثَّ مِن حَبلِ الصَفاءِ جَديدُ

وَقَد تَلتَقي الأَشتاتُ بَعدَ تَفَرُّقٍ

:::وَقَد تُدرَكُ الحاجاتُ وَهيَ بَعيدُ

وَهَل أَزجُرَن حَرفاً عَلاةً شِمِلَّةً

:::بِخَرقٍ تُباريها سواهِمُ قودُ

عَلى ظَهرِ مَرهوبٍ كَأَنَّ نَشوزَهُ

:::إِذا جازَ هُلّاكُ الطَريقِ رُقودُ

سَبَتني بِعَينَي جُؤذُرٍ وَسطَ رَبرَبٍ

:::وَصَدرٌ كَفاثورِ اللُجَينِ وَجيدُ

تَزيفُ كَما زافَت إِلى سَلِفاتِها

:::مُباهِيَةٌ طَيَّ الوِشاحِ مَيودُ

إِذا جِئتُها يَوماً مِنَ الدَهرِ زائِراً

:::تَعَرَّضَ مَنفوضُ اليَدَينِ صَدودُ

يَصُدّ وَيُغضي عَن هَوايَ وَيَجتَني

:::ذَنوباً عَلَيها إِنَّهُ لَعَنودُ

فَأَصرِمُها خَوفاً كَأَنّي مُجانِبٌ

:::وَيَغفلُ عَنّا مَرَّةً فَنَعودُ[١]


في هذا المقطع نجد أنّ الشاعر يتحدّث عن علاقته بباقي النساء، فهن راغبات به إلا أنّه لا يهتم لهن، وإنما نراه مغرقًا في حبه لبثينة، ونرى الشاعر يتمنى أن يبيت بالوادي الذي تسكنه بثينة وأهلها، لعله يلتقي بها بعد هذا الفراق الطويل.[٢]


ونرى الشاعر يصف طريق رحلته إلى بثينة بأنه طريق صعب يحتاج إلى ناقة قوية سريعة تحمله إليها، لكن نراه يحدثنا عن حال بثينة بعد هذه الرحلة الشاقة وكيف ستصده وتزجره وتمنعه، فهو لن ينال شيئًا من المكسب.[٢]


شرح المقطع الرابع

وَمَن يُعطَ في الدُنيا قَريناً كَمِثلِها

:::فَذَلِكَ في عَيشِ الحَياةِ رَشيدُ

يَموتُ الهَوى مِنّي إِذا ما لَقيتُها

:::وَيَحيا إِذا فارَقتُها فَيَعودُ

يَقولونَ جاهِد يا جَميلُ بِغَزوَةٍ

:::وَأَيَّ جِهادٍ غَيرُهُنَّ أُريدُ

لِكُلِّ حَديثٍ بَينَهُنَّ بَشاشَةٌ

:::وَكُلُّ قَتيلٍ عِندَهُنَّ شَهيدُ

وَأَحسَنُ أَيّامي وَأَبهَجُ عيشَتي

:::إِذا هيجَ بي يَوماً وَهُنَّ قُعودُ

تَذَكَّرتُ لَيلى فَالفُؤادُ عَميدُ

:::وَشَطَّت نَواها فَالمَزارُ بَعيدُ

عَلِقتُ الهَوى مِنها وَليداً فَلَم يَزَل

:::إِلى اليَومِ يَنمي حُبُّها وَيَزيدُ

فَما ذُكِرَ الخلّانُ إِلّا ذَكَرتُها

:::وَلا البُخلُ إِلّا قُلتُ سَوفَ تَجودُ

إِذا فَكَّرَت قالَت قَدِ أدرَكتُ وُدَّهُ

:::وَما ضَرَّني بُخلي فَكَيفَ أَجودُ

فَلَو تُكشَفُ الأَحشاءُ صودِفَ تَحتُها

:::لبَثنَةَ حُبٌّ طارِفٌ وَتَليدُ

أَلَم تَعلَمي يا أُمَّ ذي الوَدعِ أَنَّني

:::أُضاحِكُ ذِكراكُم وَأَنتِ صَلودُ

فَهَل أَلقَيَن فَرداً بُثَينَةَ لَيلَةً

:::تَجودُ لَنا مِن وُدِّها وَنَجودُ

وَمَن كانَ في حُبّي بُثَينَةَ يَمتَري

:::فَبَرقاءُ ذي ضالٍ عَلَيَّ شَهيدُ[١]


في هذا المقطع نجد أنّ الشاعر على الرغم من صد المحبوبة وانعدام الوصل إلا أنّه سعيد بمحبتها، فيرى أن حبها نعمة، وأنّ الجهاد في نظره جهاد العشاق، فالميت من الحب كالميت في الحرب لما يعانيه من ألم وحرمان.[٢]


ونرى الشاعر يتحدث عن بداية حبه لها، فقد كان هذا الحب مصادفةً، لكنه منذ اللحظات الأولى وقع في الهيام، على الرغم من بخل حبيبته، فالأمل في كرمها ما زال حاضرًا عند الشاعر مع أنّه دائم المعاناة، وفي ذات الوقت كلما حلت ذكرى حبيبته على باله نراه يبتسم ويضحك لأن هذه المحبوبة تثير سعادته.[٢]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "ألا ليت ريعان الشباب جديد"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 5/2/2022.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ حسين نصار، ديوان جميل شعر الحب العذري، صفحة 61. بتصرّف.
18196 مشاهدة
للأعلى للسفل
×