شرح قصيدة حكم ومواعظ لأبي العتاهية

كتابة:
شرح قصيدة حكم ومواعظ لأبي العتاهية

أبو العتاهية

هو إسماعيل بن القاسم بن سويد العنزي، أبو إسحاق، من شعراء العصر العباسي، وُلد في عين تمر بالقرب من كربلاء عام 747م، كان بائعًا للجرار، كان يميل إلى العلم والأدب فنبغ فيه، بعد ذلك انتقل إلى بغداد واتصل بالخلفاء المهدي والهادي وهارون الرشيد، كان سريع الخاطر، ويُلحظ في شعره الإبداع، عاصر بشارًا بن برد وأبا نواس، كان يجيد القول في الزّهد والعظة، عُرف في شبابه بالمجون واللهو، لكنّه كفّ عن اللهو والمجون، ومالَ إلى التنسُّك والزّهد واتخذه مذهبًا، فانصرف عن ملذات الدنيا، وكان شاعرًا مكثرًا في قول الشعر خاصّة في الزهد، ومن قصائده المشهورة قصيدة حكم ومواعظ التي دعا الناس فيها إلى ترك الجشع، والحرص على القناعة، فهي الكنز الذي لا يفنى.[١]




شرح قصيدة حكم ومواعظ لأبي العتاهية

أبو العتاهية في قصيدتِه حكم ومواعظ يُخاطب الإنسان الجشع، ويُقدّم له مجموعة من النصائح، مُحاوِلًا إقناعة موظفًا البرهان في أقواله، وقد أجاد في موعظته، وأصاب في رأيه، وفيما يأتي شرح لأبيات قصيدة حكم ومواعظ.

ما استعبدَ الحرصُ من له أدبُ

للمرءِ من الحرصِ همّةٌ عجَبُ

أبو العتاهية يوضّح هنا أنَّ كلًّا من: الحرص والبخل والجشع يستطيع الإنسان أن يقاومهم بأخلاقه، فمنَ الصعب أن يسيطر الحرص على الإنسان صاحب الأخلاق.

لله عقل الحريصِ كيف له

في كلّ ما ينالُه أرب

يتعجّب أبو العتاهية من حال الإنسان الجشِع، فهو يتطلّع لكسب ماله، وما ليس له بل هو للآخرين.

ما زال حرص الحريص يطعمه

في دركه الشيء دونه العطب

يحثّ الشاعر الإنسان على الإنفاق والبذل، وألّا يتعلق بالدنيا ومتاعها؛ لأن هذا المتاع زائلٌ لا محالة، والحرص لن يحفظ ما يملكه الإنسان من الخراب والزوال.

ما طاب عيشُ الحريصِ قطّ، ولا

فارقه التعس والنصب

الإنسان الحريص لن يطيب عيشه أبدًا، وذلك لأنه لا يقتنع بما كُتب له وما حصل عليه، ولأن التعب والتعاسة تلازماه لما يفعله من أفعال يُفسرها بالحرص.

ليس على المرء في قناعته

إن هي صحت أذى ولا نصب

من يقنع بما كُتب له يعيش بلا تعب ولا نصب ولا أذى بإذن الله تعالى.

من لم يكن بالكفاف مقتنعًا

لم تكفه الأرض كلها ذهب

الحريص الجشع لن يقتنع بما في يده، حتى لو امتلك الأرض بكاملها ذهبًا.

من لزم الحقد لم يزل كمدًا

تغرقه في بحورها الكرب

من سيطر عليه الحقد سيبقى الحزن ملاصقًا له، وسيغرق هذا الحاقد في بحر الأحزان.

يا جامع المال منذ كان غدًا

يأتي على ما جمعته الحرب

يُخاطب الشاعر هنا الإنسان الذي أفنى حياته في جمع المال وادخاره، ويقول له إنّ ما جمعته سيأتي عليه يوم ويزول فما تجنيه لن يدوم.

إياك أن تأمن الزمان فما

زال علينا الزمان ينقلب

يُحذر الشاعر هذا الإنسان الجشع الطماع ويقول له: احذر من تقلبات الزمن وما يتبعها من انقلاب في أحوال البشر.

إياك والظلم إنه ظلمٌ

إياك والظن إنه كذب

يحذر الشاعر الإنسان من ارتكاب الظلم لأنّ الظلم ظلمات، ويوم القيامة سيحاسب كل إنسان على عمله، ويُحذر من الظن لأن بعض الظن إثم ولا دليل عليه.

إني رأيت الشريف معترفًا

مصطبرًا للحقوق إذ تجب

يقول الشاعر إنّ الإنسان الشريف هو الصابر الذي يعترف بالحق إن وجب، ويصبر على كل شيء.

معاني المفردات في قصيدة حكم ومواعظ

لقد وُفّق أبو العتاهية في قصيدة حكم ومواعظ؛ وذلك لأنه أوصل الغاية التي يريدها للمتلقي بأسلوب بسيط يبتعد فيه عن التعقيد اللغوي، ولعله وظف الأسلوب الواضح لأنّ قصيدة حكم ومواعظ يجب أن يفهمها كل من قرأها، والغاية من هذه القصيدة هي العظة وأخذ الحكمة، وقد وُفّق أيضًا فيما ذهب إليه، وهذا شرح بعض المفردات: 
  • الحرص: البخل والجشع.[٢]
  • العطب: الخلل والعطل.[٣]
  • نصب: تعب.[٤]
  • الكمد: القهر الحزن الشديد.[٥]
  • الكرب: الأحزان والغم الذي يأخذ بالنفس.[٦]
  • مصطبر: مَن بالَغَ في الصبر والتحمل.[٧]

المراجع

  1. "أبو العتاهية"، ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-04-09. بتصرّف.
  2. "تعريف و معنى الحرص في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  3. "تعريف و معنى العطب في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  4. "تعريف و معنى ْنَصَب في قاموس القاموس المحيط"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  5. "تعريف و معنى الكمد في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  6. "تعريف و معنى الكرب في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  7. "تعريف و معنى مصطبر في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
10504 مشاهدة
للأعلى للسفل
×