شرح قصيدة في معان

كتابة:
شرح قصيدة في معان

عبد المنعم الرفاعي

وُلِد عبد المنعم الرِّفاعي في مدينة صور من أعمال لبنان عام 1917م، أبوه فلسطيني المولد والنشاة، وفي العاصمة الأردنية عمان تابع عبد المنعم دراسته الثانوية، وبعد أن أتمها سنة 1931م لحق بالجامعة الأمريكية ببيروت، وحصل على ليسانس الأدب العربي منها سنة 1937، بعدها عاد إلى عمان فأصبح معلمًا للأدب العربي بالمدرسة الثانوية التي تعلم فيها، ثم شغل عبد المنعم الرفاعي مناصب سياسية في الأردن بشكل متدرج؛ فمن سفير إلى وزير إلى أن أصبح رئيس وزراء، ولم يكن دخوله السلك الدبلوماسي عائقًا أمام حبه للشعر والفن،[١] ألّف النشيد الوطني للأردن" السلام الملكي الأردني"[٢] و" ديوان المسافر" الذي صدر أوّل مرة عام 1977م، وبعدها صدر عام 1979م بعد أن اضاف له سبع قصائد جديدة، وفي هذا المقال سيتمّ شرح قصيدة في معان.[١]

شرح قصيدة في معان

تعدّ قصيدة في معان من أجمل القصائد التي تغنت في معان، والتي تناول فيها الشاعر دور معان التاريخي من عهد النبوة إلى عهد الأمير عبد الله، كما تناول دورها في الثورة العربية الكبرى، ثمَّ تحدَّث عما تنعم فيه معان والعرب أجمع ألا و قائدهم وزعيمهم الحسين بن علي، أمّا شرح قصيدة في معان فهو كالآتي:

أمعان يا بلد الجمال

ومقالة العصر الخوالي

أخذ الشاعر في بداية القصيدة يصف مدينة معان بأنها مدينة الجمال والحضارة والتاريخ، فمدينة معان خلاصة التاريخ والحضارات السابقة، وهذا دليل على أصالتها وعراقتها، ويصور الشاعر مدينة معان بأنها مقالة تاريخية.

إنِّي جهلتك بالعيان

وما جهلتك في خيالي

يعبِّر الشاعر عن شدة حبه لمعان وتعلقه بها، بالرغم من أنّه لم يشاهدها وجهله لها، ومع ذلك فهي محفورة في داخله.

أفضى لي التاريخ عنك

وصورتك لي الليالي

هنا يبرز الشاعر مدى أهمية معان التاريخية، فقد كانت ذات تاريخ مشرق ومشرف- فقد كانت محطة للقوافل التجارية والحجاج- وهنا يصوّر الشاعر التاريخ بإنسان يُفضي ويتحدّث عن معان، كما صوّر الليالي بامرأة قد صوّرت له معان.

فطلعت من عهد النبوة

بالفخار والجلال

هنا يتحدث الشاعر عن أهميَّة مدينة معان في عهد النبوة فقد كانت محطة للقوافل التجاريَّة كما كانت محطة لحجاج بلاد الشام، ومحطة أيضًا للفاتحين والغازين، وقد صوّر الشاعر مدينة معان بفتاة جميلة لبست ثوبًا جميلًا، وصوَّر الوقار والجلل بالثياب التي لبستتها الفتاة.

وعلوت كل منارة

حتى بلغت أبا طلال

يستمر الشاعر في وصف مكانة وأهمية مدينة معان، فهي عالية المكانة والأهمية فقد فاقت كل المنارات ومما زادها أهمية زيارة الملك عبدالله الأول لها، وهنا يصوّر الشاعر مدينة معان بالبناء العالي الذي فاق كل ما حوله بأمجاده، كما صوّر الشاعر الملك عبدالله الأول بالهدف الذي تسعى إليه معان.

فرتعت في رحب الحياة

وعشت في كنف المعالي

يصف الشاعر مدينة معان بأنها قد تنعمت ورتعت في في هذه الحياة، وقد عاشت عزيزة كريمة لها مكانتها السامية في ظل الهاشميين، وصوّر الشاعر المعالي بالشجرة ذات ظل وقد استظلت هذه المدينة بها.

في ظل أشرف منبت

وأعز سيف في الرجال

ما زال الشاعر يصف مدينة معان وأهميتها فقد عاشت واكتسبت أمجادها في ظل الهاشميين، الذين يمتازون بالأصل الطيِّب، والقوة والشجاعة.وهنا يشبه الشاعر الهاشميين بالشجرة التي استظلت مدينة معان بها، كما شبههم بالسيوف الماضية القوية.

لحن من الإيمان

غنته الأواخر للأوالي

يتحدث الشاعرعن الإيمان الصادق الذي تمتاز به العائلة الهاشمية وأهل معان، والذي تحدثوا فيه وعنه من جيل إلى جيل، ويصوّر الشاعر ما صنعه القدماء من أمجاد بلحنٍ تناقلته الأجيال فيما بينهم.

دوى به قصف السيوف

ولعلعت فيه العوالي

يشهد التاريخ بالوقائع التي حدثت على أرض معان فقد كانت السيوف والرماح تدوي بصوت عالٍ، يصوّر الشاعر السيوف المتقاتلة بالانفجارت التي تدوي وتقصف.

أهديته كهف الشجاعة

والمهابة والكمال

يتحدث الشاعر عن معان وشعبها الذين يمتازون بالشجاعة والهيبة والكمال، إذ شَبّه الشجاعة بكَهف.

فبدا الحسين وخلفه

شعب تعطش للقتال

يتحدث الشاعر في هذا البيت عن الثورة العربية الكبرى، التي انطلقت من الأردن وتحديدًا من معان، فعندما سار قائد الثورة العربية الكبرى الشريف الحسين بن علي سار خلفه شعب متعطّش للقتال والتحرر من حكم الدولة العثمانية الظالمة. وهنا يشبه الشاعر القتال بماء كان قد تعطش له الشعب الأردني.

يفدي الحسين ويفتدي

شرف الجهاد بكل غال

يتحدث الشاعر عن الشعب الأردني عامة وأهل معان خاصة، بأنهم على استعداد بأن يضحوا بأغلى ما يملكون من أجل الحرية والشريف الحسين بن علي، وكذلك يبين بأنّ الشعب الأردني يجاهد ويكافح بشرف.

يا واحة الصحرا ذكرى

المجد ماجت في خيالي

يصف الشاعر مدينة معان بأنها واحة الصحراء، فهي تحمل له ذكرى المجد وقد هاجت وماجت في خياله، وهذا يعني أنّ مدينة معان في خياله ولن ينساها.وهنا صوّر الشاعر مدينة معان بواحة خضراء وسط الصحراء

اليوم كالأمس العظيم

وفيهما شبه النضال

يصف الشاعر أهل معان بأنهم مازالوا كما هم لم يتغيروا في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني عن عهد الشريف الحسين بن علي، وقد وصفه بالأمس العظيم لما حققه من إنجازات عظيمة ولم تختلف مبادئهم وآرائهم ونضالهم. شبه الشاعر مجد العروبة التي يقودها الهاشميون بانطلاقة الثورة العربية الكبرى.

ليوم يوم العرب

متحدين في الحرب السجال

يقول الشاعر اليوم يوم الدفاع عن شرف أمتنا وحب الجهاد وهو يوم اتحاد العرب في الحرب السجال التي تستمر بين طرفين دون انتصار طرف على آخر.

وأميرنا قطب الزعامة

والمغيث من الضلال

في نهاية القصيدة يصف الشاعر الحسين بن علي بأنّه سيِّد الزّعامة والمنقذ من الهلاك.

خصوصية العنوان عند عبد المنعم الرفاعي

عناوين القصائد عند عبد المنعم الرفاعي لها خصوصية مكانية تتكئ عليها، فالمكان عنده له أهمية ومكانة لا يستطيع تجاوزها حتى في شعره، ففي هذا المقال -مقال شرح قصيدة في معان- يدلّ الشرح على الجانب الوجداني والعاطفي الذي يربط الشاعر بهذا المكان؛ ولذلك يبقى حضور المكان في القصائد التي يكتبها عبد المنعم الرفاعي أمرًا ملازمًا، يكون بمثابة الحضن الآمن في سفره وترحاله، كما يتبيّن للقارئ أنّ الشاعر منغمس مطّلع على جغرافيّة وتاريخ هذا المكان، عارفًا خباياه وخفايا الحوادث التي جرت على أرضه مستخدمًا إيّاها ليطلّ على مستقبلٍ مشرق، وهذا ما يتذوقه القارئ أثناء شرح قصيدة في معان.[٣]

طابع شعر عبد المنعم الرفاعي

لقد كان واضحًا تأثر عبد المنعم الرِّفاعي في شعره بشعراء كثر، كان في طليعتهم: أبو الطيَّب المتنبي الذي أعطاه كبرياء الشِّعر، وأحمد شوقي الذي أعطاه الأفق المديد، والبحتريّ، وأبو نواس، وعلي محمود طه، و إبراهيم ناجي، والأخطل الصغير، كما أنّه لم يخفِ ذلك التأثّر. يتّصف شعره بشكلٍ عام بالأسلوب الواضح البعيد عن الغموض، وبشعريّة التقرير والتعبير بلغة قويمة ناصعة، وبالصّور البيانيّة التي تتواءم وتتفق مع المواقف والأحداث،[٤]

كما يظهر جليًّا الثنائيات ومنها ثنائية الإقامة والرحيل، والتي تعدّ الثنائية الرئيسة الكبرى التي يندرج ضمن فضائها مجموعة من الثنائيات الضديّة الفرعيّة، مثل: الوصل الفصل، الأنا الآخر، الحلم الصحو، الماضي الحاضر، الحركة السكون، الحب الحرب، وفي كل ثنائية جانب إيجابي يمثل الإقامة كالوصل والأنا والحلم والماضي، والحركة، والحب وآخر سلبي يمثل الرّحيل كالفصل والآخر والصحو، والحاضر والسكون والحرب، ولعلّ ثنائية الماضي والحاضر يتمّ لحظها في شرح قصيدة في معان.[٣]

المراجع

  1. ^ أ ب "عبد المنعم الرفاعي "، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2019-08-29. بتصرّف.
  2. "عبدالمنعم الرفاعي"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-08-29. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ياسر ذيب أبو شعيرة (2009)، شعر عبدالمنعم الرفاعي: دراسة فنية (الطبعة الأولى)، عمان: دار جليس الزمان، صفحة 177،176،11. بتصرّف.
  4. يوسف بكار (2015)، مبدعون ومبدعات (الطبعة الأولى)، عمان: الآن ناشرون وموزعون، صفحة 51. بتصرّف.
8277 مشاهدة
للأعلى للسفل
×