مصطفى الجزار
مصطفى الجزار، واسمُه الكامل مصطفى أحمد إبراهيم الجزار، وهو شاعرٌ مِصريّ الجنسيّة، وُلد في عام 1973، وشارك في العديد من المسابقات الشعرية، وأشهرها أمير الشعراء في أبو ظبي، عُرِضت مشاركته على شاشات التلفاز ولاقت استحسانًا عند الجمهور، عمل محررًا ومراجعًا في جريدتَيْ الشرق الأوسط والتحريرية، حصد مصطفى الجزار خلال مسيرته الشعرية العديد من الجوائز، وهو يكتب الشعر الفصيح والشعر العامي المصري ما جعله قريبًا من جمهوره ومتابعيه، تتميز لغته بالبساطة والوضوح، ومن أشهر قصائده "عيون عبلة" والمشهورة بعنوان قصيدة "كفكف دموعك يا عنترة"، وقد لاقت قبولًا في الأوساط الشعبية والأدبية، وقام العديد من الخطباء بإلقاء هذه القصيدة ما وسع ساحة انتشارها وشهرتها.[١]
شرح قصيدة كفكف دموعك لمصطفى الجزار
الشّاعر مصطفى الجزار في قصيدة كفكف دموعك يا عنترة يعالج ما تعرّضت له الأمة العربية والإسلامية من تفرقة وشتات وانهزامات، ويتحدث عن الواقع المرير في عدد من الأقطار النازفة بالدماء والألم، وقد شبهها بالجواهر، ولعل الشاعر يعبر عن حال المواطن العربي بعنترة، وعن البلدان العربية بعبلة، فينسج هذه القصيدة الرائعة، وهذا شرح أهم أبيات قصيدة كفكف دموعك ياعنترة:
كَفْكِف دموعَكَ وانسحِبْ يا عنترة
فعـيـونُ عبلــةَ أصبحَتْ مُستعمَرَة
يطلب الشاعر من عنترة -الشاعر والفارس العربيّ الأصيل- أن يمسح دموعه؛ لأن عيون محبوبته عبلة قد اُستعمرت، والشاعر يخاطب عنترة ليخبره بواقع الأمة، وكيف صار الحال في عيون وطننا العربي الإسلامي، وما آلت إليه حالة الشعوب العربية الإسلامية.
لا تـرجُ بسمـةَ ثغرِها يومـًا
فقــدْ سقطَت مـن العِقدِ الثمينِ الجوهرة
لا تتأمل يا عنترة أن تبتسم لك عبلة فقد أصابها الحزن لمصابها، فلا يوجد شيء ثمين تبتسم له فالغالي والنفيس قد سقط وخسرته.
قبِّلْ سيوفَ الغاصبينَ.. ليصفَـحوا
واخفِضْ جَنَاحَ الخِزْيِ وارجُ المعـذرة
أيْ: التمس رضا المستعمرين لعلّهم يسامحونك، ولا تكن عزيزًا بل كن مَخزيًّا مذلولًا، واطلب منهم أن يلتمسوا لك عذرًا لأنك تفتخر بعروبتك وأصلك.
ولتبتلـــع أبيـــاتَ فخـــرِكَ صامتــًا
فالشعـرُ في عـصرِ القنـابلِ ثرثرة
يا عنترة أبيات الفخر التي قلتها سابقًا مفتخرًا بفروسيتك وعروبتك ابتلعها وتذكرها، فلا قيمة للشعر والكلام في هذا العصر عصر القنابل وقوة السلاح، والكلام الذي كنت تقوله مفتخرًا به أصبح اليوم بلا قيمة.
والسيفُ في وجهِ البنـادقِ عاجـزٌ
فقـدَ الهُـــويّـةَ والقُــوى والسـيـطرة
يقول الشاعر: السيف والفروسية والشجاعة لا حاجة لهم في عصر البنادق، ولم يعد للسيف الذي كنت تفتخر بأصله قيمة، فقد أصبح كل شيء بلا هوية ولم يعد مسيطرًا كما سبق.
فاجمـعْ مَفاخِــرَكَ القديمــةَ كلَّهـا.
واجعـلْ لهـا مِن قـــاعِ صدرِكَ مقبـرة
هذه المفاخر التي تفتخر بها في شعرك لا تتحدث بها أمام أحد فلم يعد لها قيمة في هذا العصر -عصر البنادق- واجعل لها في نفسك وقلبك مكان لا يصل أحد إليه.
وابعثْ لعبلـةَ فـي العـراقِ تأسُّفًا!
وابعثْ لها في القدسِ قبلَ الغـرغرة
أرسل لعبلة -والمقصود هنا ليس عبلة بذاتها- اعتذارًا في العراق فما يحصل هناك صعب جدًا، وأرسل لعبلة في القدس الجريحة اعتذارًا قبل موتها.
كتبْ لهــا مـا كنــتَ تكتبُـــه لهــا
تحتَ الظـلالِ، وفي الليالي المقمرة
يكمل الشاعر بقوله: أرسل لعبلة ما كنت ترسله لها من مجد وافتخار بفروسيتك وقوتك في الليالي المضيئة بضوء القمر.
يـا دارَ عبلــةَ بـالعـــراقِ تكلّمــي
هـل أصبحَـتْ جنّــاتُ بابــلَ مقفـــرة؟
يا دار عبلة بالجواء تكلمي
وعمي صباحًا دار عبلة واسلمي.
فالشاعر هنا في قصيدة كفكف دموعك يا عنترة نسج على غرار ذلك البيت -البيت الثاني- ولكن بمعنى مغاير، وهو يخاطب العراق والدُّور فيها -ويقصد السكان وليس الدار- ويسألهم هل جنات بابل المشهورة أصبحت خالية من سكانها، والشاعر يسأل سؤال العارف، فهو يعلم أنَّ بابل هجرها أهلها بسبب الحرب.
يـا فـارسَ البيداءِ صِــرتَ فريسةً
عـبـدًا ذلـيـلًا أسـودًا مـا أحقـرَه
الشاعر في قصيدة "كفكف دموعك" يخاطب عنترة ويقول له يا فارس الصحراء، يا أيها العربي الأصيل بعد أن كنت تصطاد الفرائس في الصحراء أصبحت فريسة.
وأصبحت عبدًا للغرب مذولًا محتقرًا
متــطـرِّفــا.. متخـلِّـفـًا.. ومخــالِفًا!
نسبوا لـكَ الإرهـابَ..صِرتَ مُعسكَـرَه
وصرت شخصًا يُنسب إليه التطرف والتخلف لا تعرف الحضارة، ونسبوا إليك الإرهاب وجعلوا بلادك معسكرًا له بصنع أيديهم.
فدعوا ضمير العُربِ يرقد ساكنًا
في قبره وادعوا له بالمغفرة
فيا عنترة، يا أيها العربي الأصيل أدعوك ألا تنتظر شيئًا من الضمير العربي، فقد مات منذ زمن، اجعله يرقد ميتًا لا يحرك ساكنًا وادعُ الله أن يغفر له.
معاني المفردات في قصيدة كفكف دموعك
الكاتب في قصيدة كفكف دموعك حاول أن يجسد الواقع العربي المرير الذي تمرُّ به الأمة العربية الإسلامية، وجسد ذلك من خلال استحضار شخصية تاريخية مشهورة بعروبتها وأصالتها وشجاعتها "عنترة" وخاطبها متحسرًا بسبب ما وصلت إليه البلدان العربية التي اتهمت بالتخلف والرجعية، معبرًا عن البلدان العربية بالمرأة العربية الأصيلة التي لا ينالها إلا فارس يجوب الصحارى لا يخاف من شيء، وهذا الأسلوب مشهور عند الشعراء بأن يقوموا باستحضار شخصية من التاريخ لها صفات أصيلة، وذلك للتذكير بالأصول، وليعبروا عن الواقع المرير، فاستحضر الشاعر عنترة، وهو أحد شعراء العرب في فترة ما قبل الإسلام، واُشتهر بفروسيته، وفيما يلي شرح لبعض مفردات القصيدة:
- مُستَعْمَرَة: إِقليم يحكمه أَجنبي يتوطَّنه أَو يكتفي باستغلاله اقتصاديًا أَو عسكريًّا.[٢]
- ثَغْرُها: الثّغر: أيْ الفم.[٣]
- الخِزْي: العَار والمَهانة والذلّ.[٤]
- الهويّة: ويقصد بها الْهُوِيَّةُ الوطنِيّة، معالمُها وخصائصُها المميّزة وأصالتهَا.[٥]
- غَرْغَرَة: تردُّد صوت الحَشْرجة في الحلق عند الموت.[٦]
- مُقْفِرَة: خالية.[٧]
- الإرهاب: الإخافة.[٨]
المراجع
- ↑ "مصطفى الجزار"، ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-04-09. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى مستعمرة في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى الثغر في معجم المعاني الجامع "، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13.
- ↑ "تعريف و معنى الخزي في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13.
- ↑ "تعريف و معنى الهوية في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى غرغرة في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى مقفرة في معجم المعاني الجامع "، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى الإرهاب في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.