المتوكل طه
هو شاعر فلسطيني، وُلد عام 1958م في مدينة قلقيلية، حصل على شهادة الدكتوراة في تخصص الفنون والآداب بجامعة الدول العربية في القاهرة، وحصل على الماجستير في الأدب والنقد من جامعة اليرموك في الأردن، له الكثير من الأعمال الشعرية ومنها قصيدة ونحن سواء، إضافة إلى مواسم الموت والحياة وزمن الصعود ونقوش على جدارية، وله الكثير من الأعمال النثرية كالرواية والقصة، ومما صدر له من روايات: رواية رامبير حفلة تنكرية ورمل الأفعى وعباءة الورد ونصوص الجسد ونصف قرن من الدم والحبر وغيرها من الأعمال التي لاقت النجاح وترجمت إلى العديد من اللغات وتم نشرها في الداخل والخارج، أما في حياته فقد شغل العديد من الوظائف، منها: وكيل وزارة الإعلام الفلسطينية، وانتخب رئيسًا لاتحاد الكتاب الفلسطينيين، وانتخب رئيسًا للهيئة العامة لمجلس التعليم العالي الفلسطيني، كذلك وقد تم تكريمه من قبل مؤسسات ثقافية وإعلامية وفكرية أكثر من مئة وستين مرة إضافة إلى الجوائز التي حاز عليها ومنها: جائزة الحرية والقدس والإبداع المقاوم.[١]
معاني المفردات في قصيدة ونحن سواء
كتب الشاعر الفلسطيني المتوكل طه قصيدته "ونحن سواء" للتعبير عن مشاعره تجاه الاحتلال الصهيوني، فكانت مناسبة القصيدة هي مشاعر العصيان والرفض والمقاومة، وكانت القصيدة بمثابة دعم من سجن "أنصار 3" إلى المناضلات في السجن النسائي في معتقل "نفي ترتسا"، وانطلقت القصيدة بأفكار رئيسة تدعو إلى بث الأمل في أرواح المناضلات، والتأكيد على رفعتهن وسموهن والمحاولة في بث الصبر في نفوسهن من خلال أبيات القصيدة التي تفيض معاني ومدلولات ثورية[٢]، فحملت الكثير من المفردات والعبارات التي تدعو إلى الأمل، وفيما يأتي سيتم توضيح معاني المفردات في قصيدة "ونحن سواء"، والتي منها:
- أخت روحي: يقصد بهن الأسيرات في سجون الاحتلال.[٣]
- نرجس: ورد من الفصيلة النرجسية، وهو نبات من الرياحين طيب الرائحة.[٤]
- آية: العلامة والأمّارة.[٥]
- مهرة: وهي أنثى الخيل، ويقال مهرة لأول ما يُنتج من الخيل.[٦]
- قيدوها: عقلوها وربطوها برباط.[٧]
- أحق: أغلب وأثبت وأولى.[٨]
- يورق: يزهر، فيقال ورّق الشجر، أي أخرج ورقه وجاء الربيع.[٩]
- رسغ: المفصل ما بين الساعد والكف.[١٠]
- قلاع: جمع قلعة، وهي الحصن الممتنع بالجبل.[١١]
- تضج: من الفعل ضجَّ وهي بمعنى إحداث الجلبة والصياح بسبب الجزع والمشقة.[١٢]
- سرج: رَحْل الدابة.[١٣]
- نطرزه: نحيكه ونزخرفه.[١٤]
- العراء: الفضاء وهو مكان مكشوف وخال لا يُستتر فيه بشيء.[١٥]
- شوق: نزوع النفس إلى الشيء وتعلقها وحنينها إليه.[١٦]
- هزار: هو طائر صغير يوصف بأنه حسن الصوت وسريع الحركة وجميل اللون.[١٧]
شرح قصيدة ونحن سواء للمتوكل طه
تفيض قصيدة ونحن سواء للشاعر المتوكل طه الكثير من المشاعر التي تستنهض الهمم والعزائم، والتي بالوقت ذاته تشرح معاناة الأسرى وحال الأسيرات في سجون الاحتلال فكانت القصيدة تنقسم إلى العديد من المقاطع، حمل كل مقطع مجموعة من السمات الفنية في الأسلوب الأدبي واللغة، فكانت اللغة معبرة وقوية تستخدم الأساليب البلاغية المختلفة، مما زاد من قوة بلاغة القصيدة وتأثيرها في المتلقي، ومن هذه الأساليب التي تعد بمثابة السمات البلاغية والفنية هي: النداء والشرط والتوكيد والترجي والنفي والاستدراك والاستفهام، إضافة إلى التشبيه والصور الجمالية والمحسنات اللفظية والتي سيتم توضيحها في الشرح الآتي للقصيدة والتي مطلعها:[١٨]
لعلك يا أخت روحي بخير
لعل جميع اللواتي عشقن الحياة بخير
أكتب من نرجس القلب
آية حبي الكبير لكِ
وأهدي إليك السلام
يبدأ الشاعر قصيدته بالفعل "لعل" الذي يفيد الترجي فهو يستخدم أسلوب التمني والرجاء من الله تعالى أن تكون جميع الأسيرات بخير، ويصفهن بحبهن للحياة والعيش بحرية، ومن الصور الفنية في المقطع الأول أنه شبه الحياة بمحبوب يعشق في قوله "عشقن الحياة"، كما شبه قلبه بالنرجس وشبه النرجس بقلم يكتب به كل معاني الحب والسلام، في قوله "أكتب من نرجس القلب".
وأسأل عن مهرة قيدوها
وعن غيم عينيكِ أسأل
عن دمعة المساء
ومن عندنا في لهيب الصحارى
سبعة آلاف واحة عشق
تقدُّ إليك نشيد النخيل
وتهدي إليك رحيق الحُداء
وترسل عبر رداء الطيور
جراحات ناي المحبين
عطر الصهيل ووجه السماء
يتساءل الشاعر هنا عن المهرة التي قيدوها والمقصود بها أخته وباقي الأسيرات ويقول "وعن غيم عينيك أسأل" وهو هنا يشبّه عيني الأسيرة بالغيوم التي تهطل بالدموع في السماء، وهو بذلك يظهر ملامح الألم والمعاناة التي يواجهها كل أسير، وأنه هو وزملائه في السجن يهدونها رحيق الحداء، والحداء هو الغناء للإبل فشبهه بالرحيق الذي يهدى ويرسل عبر رداء الطيور، واستعان الشاعر هنا بالطير لنقل الرسالة كما فعل الكثير من الشعراء القدماء، كما استعان الشاعر بأشياء طبيعية من أجل وصول الرسالة إلى آية محبوبة قلبه.[١٩]
وأسأل: كيف تنام عصافير حزنك؟ في الليل
كيف يغرد فيك الهزار، نهارًا
وكيف تشقين ثوب العتابا على كربلاء
وقلبي أحق بهذا السؤال
فنحن نواجه رمل العسكر "بالآوف"
نكسر وحش الصحارى
بعرس انتفاضتنا
لا نكف عن الدبكات
ونغمر هذا المدى بالغناء
يستمر الشاعر بالتساؤل عن حال الأسيرات في الليل والنهار ويعبر عن الإرادة القوية فيشرح عن حالهم وكيف يواجهون رمل العسكر فشبه الرمل هنا بجيش يواجه فيقول أنهم يتصدون للاحتلال بالأغاني والأناشيد والألحان ويشبه الشاعر الاحتلال بوحش الصحراء الذي يغتصب حقوق أصحاب الأرض بلا شفقة فهو يشبه الانتفاضة بالعرس ويقول "نغمر هذا المدى بالغناء" فشبه المدى بالكأس وشبه الغناء بالماء وهنا إشارة إلى التمسك بالتراث الفلسطيني وإحيائه.
يا أخت روحي التي ما نسيت
أراك بسجنك أحلى وأبهى
وكنت أراك ابتسامًا
ليورق "أنصار" عشقًا وماء
ونحن بدون العوالم ندفن من مات منا
نُشيّع من راح للسجن
أو للوقوف شموخًا على النطع
أو من تدلى بأنشوطة الرعب
بزغرودة الانتماء
يتحدث الشاعر هنا عن الأمل الذي يتمتع به الأسرى في سجونهم، وعن التحدي في مواجهة الأساليب القمعية جميعها، فيقول أننا دون العوالم نختلف عنهم بأن الأسرى يموتون بشموخ حين يقفون للنطع أي للقتل، ويستشهدون ومن خلفهم زغاريت انتماء وفرح، وذلك يشير إلى عدم استسلام الأسرى واستسلام أهاليهم أيضًا، وإلى صمودهم في وجه الاحتلال الغاصب بمختلف أساليب الفرح بالشهادة والسعادة بالسجن وذلك لأن إيمانهم بما هو عند الله خير وأبقى فيجسد الشاعر اختلاف السجن بنظر الفلسطيني فهو يستقبل الموت بفرح وشرف بل هو يطمح لنيل الشهادة.
يا أخت روحي
أأسأل جوعك كيف يشقق فيك الجبال
وكيف البلابل في شفتيك تنادي البحار
وكيف الزنازين تصحو على الصرخات
ونحن سواء
أأسأل والسجن غاز يفجر قلب الهواء
ونحن سواء
أأسأل والقيد يبدأ من رسغ كفي في كتسعيوت
ويمتد حتى يعانق كفيك في سجن النساء
يكشف الشاعر في هذه الأبيات عن وجه السجن البشع، والمليئ بالجوع والصراخ والتعذيب، وكيف أن الزنازين تضج بصوت الصراخ بسبب التعذيب والألم، فيبوح الشاعر بما يعانيه الأسرى، ويشبّه الشاعر السجن بغاز يسيطر على قلبه فيكاد يفجره، ويكرر جملة "ونحن سواء" فتكرار هذه الجملة يدل على التشابه بين الأسرى في الشعور والألم والتعذيب وبعد ذلك يصف قساوة القيود التي تمتد من سجن "كتسيعوت" إلى سجن النساء، وبذلك القيد شكًل الشاعر حلقة وصل بينهم، تزيدهم جلدًا وعزيمة، ويحاول أن يهوّن من هذا القيد فيقول "يعانق كفيك" إذ شبه القيد هنا بإنسان يُعانِق، وشبه الكفين بإنسان يُعانَق.
لا بأس
فالسجن سهم يصيب المخابئ في القلب
يكشف سر الزمان الثقيل
ويجعل ذكرى الطفولة والعشق أشهى العذاب
ويكتبنا صورة للإباء
والسجن قبر بكل العصور
وفي عصرنا روضة للصغار الذين
أتوا في زوايا الإناء...
إن الشاعر في هذه الأبيات يحاول أن يُهون مشهد السجن للأسرى، فيفصح عن السجن ودلالاته، ويشبّه السجن بالسهم الذي يصيب أعمق نقطة في القلب فالسجن يُعيد الحياة في الذكريات التي تصبح في الزنازين هي الملاذ الوحيد الذي يستلذ به الأسرى، وهو الشيء الذي يُهون عليهم السجن ويجعلهم صامدون في صورة للإباء أي في صورة تشير إليهم على المدى البعيد وتشرح عن كرامتهم وعزة أنفسهم ورفضهم للذل والهوان، ويقول الشاعر أن السجن كان بمثابة القبر عبر العصور بيد أنه هنا بمثابة الروضة، وهو بذلك يقلل من شأن السجن، وهي إشارة تدل على مدى صبر وشجاعة الأسرى، وتعد القصيدة مشابهة لمؤلفات أدب السجون، والتي تتحدث عن معاناة السجن.
فنحن بدون السماوات والأرض نكبر بالموت
نولد في كل حرب وسجن
ونُطلق أطفالنا في براري النداء
والسجن من عهد جان سليمان
حتى النبي الذي راودته زليخة
حتى "نفى ترتسيا" أوجدوه
لحرق البساتين في الصدر
أو لاحتواء العواصف والأنبياء
يستمر الشاعر بالتأكيد أنه ثمة اختلاف بين الأسرى في شدة تحملهم، فالفلسطينيون وحدهم دون غيرهم لا يغلبهم الموت بل هم يطمحون إليه لأنهم يكبرون به، والمقصود هنا هو نيل أعلى مرتبة وهي الشهادة، ويؤكد الشاعر أن السجن وُجد من عهد سليمان وباقي الأنبياء ولكنه كان دائمًا يرمز إلى أنه السبيل لإعلاء كلمة الحق، ويتأكد المعنى بأن السجن يحرق الصدر بالضيق والمعاناة ولكنه منذ أول العصور احتوى الأنبياء فيستحضر الشاعر النبي يوسف عليه السلام حين دافع عن أخلاقه ومبادئه فرفض الخضوع لزليخة وإغرائها له، فشبه الشاعر حال الشعب الفلسطيني بحال يوسف عليه السلام وهو أن السجن أحب لكلاهما من الوقوع في الخطيئة والظلم.
ولكننا قد جلعنا السجون قلاعًا
تضج شموسًا
وسرجًا نطرزه للعراء
شقيقة روحي
إذا ما سألت فإني ما زلت حيًا
وكلي شوق لعيني هزار
وكلي وفاء
وفي ختام القصيدة يشير الشاعر إلى الأمل الذي نُشر في السجون بفضل عزيمة الأسرى، فشبه السجون بالقلاع كما شبه السجن بالسرج الذي يطرز فالأسرى والأسيرات جعلن من السجن قلاعًا تنتشر شمس الحرية في فضائها، أما الشاعر فما يزال حيًا يملاؤه الحنين والشوق لكي ينال حريته، وسيظل وفيًا ومخلصًا لبلاده وأرضه.[٢٠]
المراجع
- ↑ "المتوكل طه"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-25. بتصرّف.
- ↑ "ثيمة المقاومة في قصيدة (ونحن سواء)"، www.maannews.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-25. بتصرّف.
- ↑ "ثيمة المقاومة في قصيدة (ونحن سواء)"، www.maannews.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-25. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى نرجس في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-25. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى آية في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-25. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى مهرة في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-25. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى قيدوا في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-25. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى أحق في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-25. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى يورق في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-25. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى رسغ اليد في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-25. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى قلاع في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-25. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى تضج في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-25. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى سرج في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-25. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى نطرز في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-25. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى العراء في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-25. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى شوق في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-25. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى هزار في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-25. بتصرّف.
- ↑ "ثيمة المقاومة في قصيدة (ونحن سواء)"، www.maannews.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-25. بتصرّف.
- ↑ "القبض على الجمر تجربة السجن في الشعر المعاصر"، books.google.jo، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-25. بتصرّف.
- ↑ المتوكل طه، كتاب رمل الأفعى سيرة كتسيعوت معتقل أنصار3، صفحة 88-89. بتصرّف.