شرح معلقة النابغة الذبياني يا دار مية

كتابة:
شرح معلقة النابغة الذبياني يا دار مية


نص معلقة النابغة الذبياني يا دار مية

قال النابغة:[١]

يا دارَ مَيَّةَ بِالعَلياءِ فَالسَنَدِ

أَقوَت وَطالَ عَلَيها سالِفُ الأَبَدِ

وَقَفتُ فيها أُصَيلاناً أُسائِلُها

عَيَّت جَواباً وَما بِالرَبعِ مِن أَحَدِ

إِلّا الأَوارِيَّ لَأياً ما أُبَيِّنُها

وَالنُؤيَ كَالحَوضِ بِالمَظلومَةِ الجَلَدِ

رَدَّت عَلَيهِ أَقاصيهِ وَلَبَّدَهُ

ضَربُ الوَليدَةِ بِالمِسحاةِ في الثَأَدِ

خَلَّت سَبيلَ أَتِيٍّ كانَ يَحبِسُهُ

وَرَفَّعَتهُ إِلى السَجفَينِ فَالنَضَدِ

أَمسَت خَلاءً وَأَمسى أَهلُها اِحتَمَلوا

أَخنى عَلَيها الَّذي أَخنى عَلى لُبَدِ

فَعَدِّ عَمّا تَرى إِذ لا اِرتِجاعَ لَهُ

وَاِنمِ القُتودَ عَلى عَيرانَةٍ أُجُدِ

مَقذوفَةٍ بِدَخيسِ النَحضِ بازِلُها

لَهُ صَريفٌ صَريفُ القَعوِ بِالمَسَدِ

كَأَنَّ رَحلي وَقَد زالَ النَهارُ بِنا

يَومَ الجَليلِ عَلى مُستَأنِسٍ وَحِدِ

مِن وَحشِ وَجرَةَ مَوشِيٍّ أَكارِعُهُ

طاوي المُصَيرِ كَسَيفِ الصَيقَلِ الفَرَدِ

سَرَت عَلَيهِ مِنَ الجَوزاءِ سارِيَةٌ

تُزجي الشَمالُ عَلَيهِ جامِدَ البَرَدِ

فَاِرتاعَ مِن صَوتِ كَلّابٍ فَباتَ لَهُ

طَوعَ الشَوامِتِ مِن خَوفٍ وَمِن صَرَدِ

فَبَثَّهُنَّ عَلَيهِ وَاِستَمَرَّ بِهِ

صُمعُ الكُعوبِ بَريئاتٌ مِنَ الحَرَدِ

وَكانَ ضُمرانُ مِنهُ حَيثُ يوزِعُهُ

طَعنَ المُعارِكِ عِندَ المُحجَرِ النَجُدِ

شَكَّ الفَريصَةَ بِالمِدرى فَأَنقَذَها

طَعنَ المُبَيطِرِ إِذ يَشفي مِنَ العَضَدِ

كَأَنَّهُ خارِجاً مِن جَنبِ صَفحَتِهِ

سَفّودُ شَربٍ نَسوهُ عِندَ مُفتَأَدِ

فَظَلَّ يَعجُمُ أَعلى الرَوقِ مُنقَبِضاً

في حالِكِ اللَونِ صَدقٍ غَيرِ ذي أَوَدِ

لَمّا رَأى واشِقٌ إِقعاصَ صاحِبِهِ

وَلا سَبيلَ إِلى عَقلٍ وَلا قَوَدِ

قالَت لَهُ النَفسُ إِنّي لا أَرى طَمَعاً

وَإِنَّ مَولاكَ لَم يَسلَم وَلَم يَصِدِ

فَتِلكَ تُبلِغُني النُعمانَ إِنَّ لَهُ

فَضلاً عَلى الناسِ في الأَدنى وَفي البَعَدِ

وَلا أَرى فاعِلاً في الناسِ يُشبِهُهُ

وَلا أُحاشي مِنَ الأَقوامِ مِن أَحَدِ

إِلّا سُلَيمانُ إِذ قالَ الإِلَهُ لَهُ

قُم في البَرِيَّةِ فَاِحدُدها عَنِ الفَنَدِ

وَشَيِّسِ الجِنَّ إِنّي قَد أَذِنتُ لَهُم

يَبنونَ تَدمُرَ بِالصُفّاحِ وَالعَمَدِ

فَمَن أَطاعَكَ فَاِنفَعهُ بِطاعَتِهِ

كَما أَطاعَكَ وَاِدلُلهُ عَلى الرَشَدِ

وَمَن عَصاكَ فَعاقِبهُ مُعاقَبَةً

تَنهى الظَلومَ وَلا تَقعُد عَلى ضَمَدِ

إِلّا لِمِثلِكَ أَو مَن أَنتَ سابِقُهُ

سَبقَ الجَوادَ إِذا اِستَولى عَلى الأَمَدِ

أَعطى لِفارِهَةٍ حُلوٍ تَوابِعُها

مِنَ المَواهِبِ لا تُعطى عَلى نَكَدِ

الواهِبُ المِئَةَ المَعكاءَ زَيَّنَها

سَعدانُ توضِحَ في أَوبارِها اللِبَدِ

وَالأُدمَ قَد خُيِّسَت فُتلاً مَرافِقُها

مَشدودَةً بِرِحالِ الحيرَةِ الجُدُدِ

وَالراكِضاتِ ذُيولَ الرَيطِ فانَقَها

بَردُ الهَواجِرِ كَالغِزلانِ بِالجَرَدِ

وَالخَيلَ تَمزَعُ غَرباً في أَعِنَّتِها

كَالطَيرِ تَنجو مِنَ الشُؤبوبِ ذي البَرَدِ

اِحكُم كَحُكمِ فَتاةِ الحَيِّ إِذ نَظَرَت

إِلى حَمامِ شِراعٍ وارِدِ الثَمَدِ

يَحُفُّهُ جانِبا نيقٍ وَتُتبِعُهُ

مِثلَ الزُجاجَةِ لَم تُكحَل مِنَ الرَمَدِ

قالَت أَلا لَيتَما هَذا الحَمامُ لَنا

إِلى حَمامَتِنا وَنِصفُهُ فَقَدِ

فَحَسَّبوهُ فَأَلفَوهُ كَما حَسَبَت

تِسعاً وَتِسعينَ لَم تَنقُص وَلَم تَزِدِ

فَكَمَّلَت مِئَةً فيها حَمامَتُها

وَأَسرَعَت حِسبَةً في ذَلِكَ العَدَدِ

فَلا لَعَمرُ الَّذي مَسَّحتُ كَعبَتَهُ

وَما هُريقَ عَلى الأَنصابِ مِن جَسَدِ

وَالمُؤمِنِ العائِذاتِ الطَيرِ تَمسَحُها

رُكبانُ مَكَّةَ بَينَ الغَيلِ وَالسَعَدِ

ما قُلتُ مِن سَيِّئٍ مِمّا أَتَيتَ بِهِ

إِذاً فَلا رَفَعَت سَوطي إِلَيَّ يَدي

إِلّا مَقالَةَ أَقوامٍ شَقيتُ بِها

كانَت مَقالَتُهُم قَرعاً عَلى الكَبِدِ

إِذاً فَعاقَبَني رَبّي مُعاقَبَةً

قَرَّت بِها عَينُ مَن يَأتيكَ بِالفَنَدِ

أُنبِئتُ أَنَّ أَبا قابوسَ أَوعَدَني

وَلا قَرارَ عَلى زَأرٍ مِنَ الأَسَدِ

مَهلاً فِداءٌ لَكَ الأَقوامُ كُلُّهُمُ

وَما أُثَمَّرُ مِن مالٍ وَمِن وَلَدِ

لا تَقذِفَنّي بِرُكنٍ لا كِفاءَ لَهُ

وَإِن تَأَثَّفَكَ الأَعداءُ بِالرِفَدِ

فَما الفُراتُ إِذا هَبَّ الرِياحُ لَهُ

تَرمي أَواذِيُّهُ العِبرَينِ بِالزَبَدِ


الأفكار الرئيسة في قصيدة يا دار مية بالعلياء

حوت القصيدة مجموعةً من الأفكار الرئيسة، وهي كالآتي:

  • الوقوف على الأطلال وتذكر الأحباب ورؤية الآثار بعد رحيلهم.
  • وصف الديار والدمن والآثار بعد رحيل أهلها عنها.
  • وصف الناقة وقوتها وشدتها وتشبيهها بالثور الوحشي.
  • وصف الصراع الذي يدور ما بين الكلاب والثور.
  • تبرئة الشاعر نفسه ممّا اتهم به ظلمًا وزورًا وبهتانًا.


شرح المفردات في قصيدة يا دار مية بالعلياء

وردت في القصيدة مجموعة من المفردات الغامضة، ومنها ما يأتي:
المفردة
المعنى
الأواري
الرجل الذي يُعاني من العطش الشديد.[٢]
النؤي
المجرى الذي يحفره النّاس عادةً حول الخيمة خوفًا من السيل.[٣]
أخنى
غدر وخان.[٤]
وجرة
مكان مثل الحفرة يُوضع فيه مناجل لعرقلة الدواب.[٥]


الصور الفنية في قصيدة يا دار مية بالعلياء

وردت في القصيدة مجموعة من الصور الفنية ومن أجملها ما يأتي:

  • وَقَفتُ فيها أُصَيلاناً أُسائِلُها

جعل الديار مثل الإنسان الذي يُسأل ويُجيب، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه، وهنا استعارة مكنية.

  • قالَت لَهُ النَفسُ إِنّي لا أَرى طَمَعاً

شبه الشاعر النفس بالإنسان الذي يقول، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه، وهنا استعارة مكنية.

  • مُعاقَبَةً تَنهى الظَلومَ

جعل العقوبة مثل الإنسان الذي يردع، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه، وهنا استعارة مكنية.

  • وَالخَيلَ تَمزَعُ غَرباً في أَعِنَّتِها

:::كَالطَيرِ تَنجو مِنَ الشُؤبوبِ ذي البَرَدِ

شبه الشاعر الخيل بالطيور وهي مسرعة، فذكر المشبه والمشبه به وأداة التشبيه ووجه الشبه، وهنا تشبيه تام.

المراجع

  1. "يا دار مية بالعلياء فالسند"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 8/3/2022.
  2. "تعريف و معنى الأواري في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 8/3/2022. بتصرّف.
  3. "تعريف و معنى النُؤيَ في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 8/3/2022. بتصرّف.
  4. "تعريف و معنى أَخنى في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 8/3/2022. بتصرّف.
  5. "تعريف و معنى وَجرَةَ في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 8/3/2022. بتصرّف.
6504 مشاهدة
للأعلى للسفل
×