شرح معلقة زهير بن أبي سلمى أمن أم أوفى دمنة

كتابة:
شرح معلقة زهير بن أبي سلمى أمن أم أوفى دمنة


التعريف بمعلقة زهير بن أبي سلمى

تُعدُّ معلقة زهير بن أبي سلمى من القصائد الجاهلية الشهيرة وقد قيلت هذه القصيدة في مدح هرم بن سنان والحارث بن عوف وذلك لإصلاحهما بين قبيلتي عبس وذيبان وحقْن الدماء بعد حرب داحس والغبراء، حيث دفعا ديات القتلى وقيل: إنّها بلغت ثلاثة آلاف بعير، وختم زهير معلقته الشهيرة بالحكمة.[١]

شرح معلقة زهير بن أبي سلمى

يقول الشاعر زهير بن أبي سلمى في معلقته الشهيرة:[٢]

شرح فصل الغزل

أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَةٌ لَمْ تَكَلَّــــــــمِ

بِحَوْمَانِةِ الدَّرَّاجِ فَالْـمُتَثَلَّـــــــــــم

ودَار لَها بِالرَّقْمتَيْنِ كَأنَّهــــــــا

مَراجيِعُ وَشْمٍ في نَواشِرِ مِعْصَــمِ

بِها العِيِنُ والآرامُ يَمْشيِنَ خِلْفَةً

وأَطْلاؤُها يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَــمِ


يبدأ زهير بن أبي سلمى معلقته كباقي شعراء الجاهلية بالوقوف على أطلال محبوبته وزوجته أم أوفى وهنا يُصوّر الشاعر ديارها من بعد ما تركتها وأصبحت خراباً لا حياة فيها حيث إنه لم يعد يستطيع تمييزها من شدة تغيرها إلا بعد أن يُطيل النظر إليها.


ويُتابع الشاعر في وصف هذه الديار ويقول أنّه شاهد الظباء والحمر الوحشية تمشي في ديار المحبوبة وتظهر أبناءها من مرابضها حتى ترضعها أمهاتها، وهذا يدل على أنّ أم أوفى وأهلها غادروا الديار منذ مدة زمنية طويلة.

وَقَفْتُ بِها مِنْ بَعْدِ عِشْرينَ حِجَّةً

:::فَلَأْيًا عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّــــــمِ

أَثَافِيَّ سُفْعًا في مُعَرَّسِ مِرْجَـــلٍ

:::ونُؤْيًا كَجِذْمِ الحَوْضِ لَمْ يَتَثَلَّـــــمِ

فَلَمَّا عَرَفْتُ الدّارَ قُلْتُ لِرَبْعِهـــا 

:::أَلَا انْعَمْ صَباحًا أيُّها الرَّبْعُ واسْلَمِ[٢]


وهنا يقول الشاعر: وقفت على ديار أم أوفى بعد مرور عشرين عاماً ولم أستطع التعرف عليها إلا بعد جهدٍ ومشقة، ويقول أنّه عرف حجارةً سوداء كانت تُنصب عليها القدور على نهيرٍ صغير كان حول بيت المحبوبة وبعد ذلك وقف بدار المحبوبة وحياها ودعا لها.

  • تَبَصَّرْ خَلِيلِي هَلْ تَرَى مِنْ ظَعائِنٍ

:::تَحَمَّلْنَ بِالْعَلْياءِ مِنْ فَوْقِ جُرْثُمِ

عَلَوْنَ بأَنْماطٍ عِتَاقٍ وَكِلَّةٍ

:::ورَادٍ حَوَاشِيهَا مُشَاكهةَ الدم[٢]

وهنا يُخاطب الشاعر صديقه ويقول له: انظر هل ترى على هذه الأرض النساء المرتحلات على هوادج على الإبل، وقد رفعنا أصنافاً من الثياب والستائر الرقيقة ذات الأطواف الحمراء الذي يشبه لونها لون العندم وهو نبات يصبغ به.


ويُتابع الشاعر في وصف المرتحلات ويقول: في هؤلاء المرتحلات لهو للشخص المتأنق حسن المنظر ومناظر جميلة لعين الناظر الذي يتتبع جمالهن ومحاسنهن.

بَكَرْنَ بُكُورًا واسْتَحَرْنَ بِسُحْــــرَةٍ

:::فَهُنَّ وَوادِي الرَّسِّ كَالْيَدِ لِلْفَــمِ

جَعَلْنَ القَنَانَ عَنْ يَمِينٍ وحَزْنَـــــهُ

:::وكَمْ بِالقَنَانِ مِنْ مُحِلٍّ ومُحْرِمِ[٢]


وهنا يصف الشاعر ساعة رحيل الظعائن في وقت السحر قبْل شروق الشمس وهنّ قاصدات لوادي الرس لا يخطئن به كاليد القاصدة للفم دون خطأ، وتلك المرتحلات جعلن الجبل عن يمينهم أثناء الترحال ويقول الشاعر: كم من عدوٍ على هذا الجبل يبيح دمنا وكم من آخرين عليه يرعوا ويحموا حرمتنا.

ظَهَرنَ مِنَ السوبانِ ثُمَّ جَزَعنَهُ

عَلى كُلِّ قَينِيٍّ قَشيبٍ مُفَأَّمِ

كَأنَّ فُتاتَ العِهْنِ في كُلِّ مَنْـــــزِلٍ

:::نَزلْنَ بِه حَبُّ الفَنَا لَمْ يُحَطَّــــمِ

فَلَمَّا وَرَدْنَ الماءَ زُرْقًا جِمامُــهُ

:::وَضَعْنَ عِصِيَّ الحَاضِرِ الـمُتَخَيِّمِ[٢]


يكمل الشاعر في وصف الراحلة ويقول: خرجت هؤلاء النسوة من وادي السوبان وهنّ على متاعٍ جديدٍ وواسع كأن قطع الصوف المصبوغة التي زينت بها الهوادج في كل منزلٍ نزلت به هؤلاء النسوة حب أحمر لا يتكسر.

شرح فصل المديح

سَعى ساعِيا غَيظِ بنِ مُرَّةَ بَعدَما

تَبَزَّلَ ما بَينَ العَشيرَةِ بِالدَمِ

فَأَقْسَمْتُ بِالْبَيْتِ الَّذِي طَافَ حَوْلَهُ

:::رِجالٌ بَنَوْهُ مِنْ قُريشٍ وجُرْهُـمِ[٢]


وهنا يبدأ الشاعر بالحديث عن الموضوع الأساسي بالقصيدة وهو الثناء على الذين تبنوا الصلح بين قبيلتين ذيبان وعبس ويقول عمل هذان الرجلان وهم الحارث بن عوف وهرم بن سنان عملاً صالحاً بعد أن قاما بحل الخلاف بي قبيلتين عبس وذيبان الذي تسبب بسفك دماء الكثير من الأشخاص.


وهنا يقسم الشاعر أنّ هرم بن سنان والحارث بن عوف قد وجد بهما صفات الشرف العليا وذلك لما تحمّلاه من دفع ديات القتلى والصلح بين القبيلتين.

تَدارَكتُما عَبساً وَذُبيانَ بَعدَما

تَفانوا وَدَقّوا بَينَهُم عِطرَ مَنشِمِ

وَقَد قُلتُما إِن نُدرِكِ السِلمَ واسِعاً

بِمالٍ وَمَعروفٍ مِنَ الأَمرِ نَسلَمِ

فَأَصبَحتُما مِنها عَلى خَيرِ مَوطِنٍ

بَعيدَينِ فيها مِن عُقوقٍ وَمَأثَمِ

عَظيمَينِ في عُليا مَعَدٍّ وَغَيرِها

وَمَن يَستَبِح كَنزاً مِنَ المَجدِ يَعظُمِ[٢]


وهنا يُخاطب الشاعر الحارث بن عوف وهرم بن سنان: أدركتما قبيلتين عبس وذيبان بعد أن تشاركوا في فناء وهلاك بعضهم البعض بالسيف وقد قلتما أن ننهي الحرب بتحمل دفع ديات القتلى ونسلم من تلك الحرب، ويخبرهم أنهم أصبحوا على خير مشهدٍ بين أبناء القبيلتين بعد ما فعلوه وابتعدتما بذلك عن قطيعة الأرحام والآثام.


ويكمل الشاعر مدحهما ويقول: لقد أصبحتم عظيمين في الرفعة والسمو لسعيكما في ذلك الصلح فمن وجد كنزاً من المجد وظفر به يعلو شأنه ويعظم أمره بين الناس.


فَأَصبَحَ يَجري فيهُمُ مِن تِلادِكُم

مَغانِمُ شَتّى مِن إِفالِ المُزَنَّمِ

تُعَفّى الكُلومُ بِالمِئينَ فَأَصبَحَت

يُنَجِّمُها مَن لَيسَ فيها بِمُجرِمِ

يُنَجِّمُها قَومٌ لِقَومٍ غَرامَةً

وَلَم يُهَريقوا بَينَهُم مِلءَ مِحجَمِ[٢]


ويكمل الشاعر قوله: فقد أصبحت نفائس أموالكم تجري في أولياء دم المقتولين وحيت مسحت تلك الثارات بالمئات من الإبل وقد أخذ يدفع هذه الديات على من هو بريء وبعيد عن هذه الحرب الطاحنة،حيث يدف الديات للأهل جماعة لم يسفكوا في هذه الحرب الطاحنة ملء محجمٍ من الدماء.

فَمِن مُبلِغُ الأَحلافِ عَنّي رِسالَةً

وَذُبيانَ هَل أَقسَمتُمُ كُلَّ مُقسَمِ

فَلا تَكتُمُنَّ اللَهَ ما في نُفوسِكُم

لِيَخفى وَمَهما يُكتَمِ اللَهُ يَعلَمِ

يُؤَخَّر فَيوضَع في كِتابٍ فَيُدَّخَر

لِيَومِ الحِسابِ أَو يُعَجَّل فَيُنقَمِ[٢]


يقول الشاعر: هل حلف ذيبان وعبس والمتحاربين جميعهم على إبرام الصلح وتجنب الحرب؟ فلا تخفوا نواياكم في نقض الصلح والعهد لإإن كانت نيتكم بفعل ذلك فالله يعلم ما تخفوه فلا يخفى عليه شيء فيؤخر الله ذلك إلى يوم الحساب فيحاسبكم عليه أو يعجله لكم في الدنيا فينتقم منكم.


وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ

وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ

مَتى تَبعَثوها تَبعَثوها ذَميمَةً

وَتَضرَ إِذا ضَرَّيتُموها فَتَضرَمِ

فَتَعرُكُّمُ عَركَ الرَحى بِثِفالِها

وَتَلقَح كِشافاً ثُمَّ تَحمِل فَتُتئِمِ

فَتُنتَج لَكُم غِلمانَ أَشأَمَ كُلُّهُم

كَأَحمَرِ عادٍ ثُمَّ تُرضِع فَتَفطِمِ

فَتُغلِل لَكُم ما لا تُغِلُّ لِأَهلِها

قُرىً بِالعِراقِ مِن قَفيزٍ وَدِرهَمِ[٢]


يقول الشاعر:فما الحرب إلا ما جربتم وعرفتم كراهتها وكلامي عنها ليس بمحض ظنون إنما هي حقيقية تدركونها وفي كلامه هذا تحريض على الصلح، ومن ثم يحذرهم ويخوفهم ويخبرهم أنه في أي وقت يثيرون الحرب يعابون على ذلك وتصبح الحرب أشد إذا أشعلوها.


فتطحنكم الحرب كطحن الطاحونة للحب فتتوالد الشرور من ذلك فيولد لكم أبناء في أثناء الحرب فترضعهم هذه الحروب فتفطمهم فيصبحون شؤم على آبائهم، فيتهكم الشاعر على الحرب فيقول: أن مضارها أكثرمما تعطيه قرى العراق بالغلات لأهلها من الخيرات.

لَعَمري لَنِعمَ الحَيُّ جَرَّ عَلَيهِمُ

بِما لا يُواتيهِم حُصَينُ بنُ ضَمضَمِ

وَكانَ طَوى كَشحاً عَلى مُستَكِنَّةٍ

فَلا هُوَ أَبداها وَلَم يَتَجَمجَمِ

وَقالَ سَأَقضي حاجَتي ثُمَّ أَتَّقي

عَدُوّي بِأَلفٍ مِن وَرائِيَ مُلجَمِ

فَشَدَّ وَلَم تَفزَع بُيوتٌ كَثيرَةٌ

لَدى حَيثُ أَلقَت رَحلَها أُمُّ قَشعَمِ[٢]


وهنا يقسم الشاعر في حياته ويقول: لنعمت القبيلة جنى عليهم حصين بن ضمضم إن لم يوافقوا على إضمار العهد والغدر، حيث كان حصين بن ضمضم فقد أخي نيته بالانتقام لأخيه ولم يخبر أحد عن ذلك حتى أمكنته الفرصة من الأخذ بالثأر.


وقال حصين في نفسه: سوق أنتقم لأخي وأتحصن وأحمي نفسي بألف فارسٍ ملجم، فأخذ ثأر أخيه ولم يعلم أناساً كثيراً بخرجه فلم يعلم أحد بالمقتول ولم يغثه أحد.

لَدى أَسَدٍ شاكي السِلاحِ مُقَذَّفٍ

لَهُ لِبَدٌ أَظفارُهُ لَم تُقَلَّمِ

جَريءٍ مَتى يُظلَم يُعاقِب بِظُلمِهِ

سَريعاً وَإِلّا يُبدَ بِالظُلمِ يَظلِمِ

رَعَوا ما رَعَوا مِن ظِمئِهِم ثُمَّ أَورَدوا

غِماراً تَسيلُ بِالرِماحِ وَبِالدَمِ

فَقَضَّوا مَنايا بَينَهُم ثُمَّ أَصدَروا

إِلى كَلَأٍ مُستَوبِلٍ مُتَوَخَّمِ[٢]


إنّ حصيناً قد أخذ ثأره في مكان قريب من جيش كامل السلاح قوي ليس به ضعفٍ ولا ينقصه شيء، فهذا الجيش شجاع إذا تعرض للظلم أخذ حقه بسرعةٍ من ظالمه وإذ لم ُظلم ظلم هو الناس حتى يظهر قوته.


فقد كفوا عن القتال مدةٍ زمنيةٍ معلومة كما ترعى الإبل أبنائها مدةٍ معلومةٍ فيشبه الشاعر هنا الحروب بالماء ولكنها لا تنشق عنهم إلا بسفك الدماء والرماح، ويقوب: قد أحكموا القتل فيما بينم وبعد أن انتهوا م هذه الحرب أصبحوا يستعدوا للبدء لها من جديد وذلك كرعي الإبل وورودها للماء وصدورها عنه.


لَعَمرُكَ ما جَرَّت عَلَيهِم رِماحُهُم

دَمَ اِبنِ نَهيكٍ أَو قَتيلِ المُثَلَّمِ

وَلا شارَكوا في القَومِ في دَمِ نَوفَلٍ

وَلا وَهَبٍ مِنهُم وَلا اِبنِ المُحَزَّمِ

فَكُلّاً أَراهُم أَصبَحوا يَعقِلونَهُم

عُلالَةَ أَلفٍ بَعدَ أَلفٍ مُصَتَّمِ

تُساقُ إِلى قَومٍ لِقَومٍ غَرامَةً

صَحيحاتِ مالٍ طالِعاتٍ بِمَخرِمِ[٢]


يقول الشاعر:أقسم بحياتك أنّ رماح هرم بن سنان والحارث بن عوف لم تسفك دماء القتلى ولم تشارك بالحرب ولم تشارك في دماء هؤلاء القتلى المذكورين وأنهم يعطون دية إبل لكل واحدٍ من القتلى، وهذه الإبل تعلوا أعلى الجبال عند أخذها إلى أهل المقتولين.

لِحَيٍّ حِلالٍ يَعصِمُ الناسَ أَمرُهُم

إِذا طَلَعَت إِحدى اللَيالي بِمُعظَمِ

كِرامٍ فَلا ذو الوِترِ يُدرِكُ وِترَهُ

لَدَيهِم وَلا الجاني عَلَيهِم بِمُسلَمِ[٢]

يؤدون ديات القتلى لأجل حي نازلين متقاربين ويحفظ أمرهم ويصونهم جيرانهم إذا حدث لهم خطب أو أمرٍ فظيع، وهم يؤدون الديات لقومٍ كرام لا يدركوا الثأر والحقد الشديد ولا يقدر من ظلموه على الإنتقام منهم ومن ارتكب ذنب وأجرم ولجأ إليهم فهو غير مخذول.

شرح فصل الحكمة

سَئِمتُ تَكاليفَ الحَياةِ وَمَن يَعِش

ثَمانينَ حَولاً لا أَبا لَكَ يَسأَمِ

رَأَيتُ المَنايا خَبطَ عَشواءَ مَن تُصِب

تُمِتهُ وَمَن تُخطِئ يُعَمَّر فَيَهرَمِ

وأَعلَمُ عِلمَ اليَومِ وَالأَمسِ قَبلَهُ

وَلَكِنَّني عَن عِلمِ ما في غَدٍ عَمي

وَمَن لا يُصانِع في أُمورٍ كَثيرَةٍ

يُضَرَّس بِأَنيابٍ وَيوطَأ بِمَنسِمِ[٢]


وهنا يتحدث الشاعر عن تجاربه بالحياة ويقول: مللت شدائد ومشاق الحياة ومن عاش ثمانين سنة مل الحياة والكبر، ويوقل أنه علم ما حدث بالأمس وما حدث باليوم ولكن عمي قلبه عن ما سيحدث بالمستقبل.


ويكمل الشاعر قوله: من لم يداري الناس ويجاملهم قهروه وأذلوه كمن يعض بالأسنان ويداس بحافر الإبل.

وَمَن يَكُ ذا فَضلٍ فَيَبخَل بِفَضلِهِ

عَلى قَومِهِ يُستَغنَ عَنهُ وَيُذمَمِ

وَمَن يَجعَلِ المَعروفَ مِن دونِ عِرضِهِ

يَفِرهُ وَمَن لا يَتَّقِ الشَتمَ يُشتَمِ

وَمَن لا يَذُد عَن حَوضِهِ بِسِلاحِهِ

يُهَدَّم وَمَن لا يَظلِمِ الناسَ يُظلَمِ

وَمَن هابَ أَسبابَ المَنِيَّةِ يَلقَها

وَلَو رامَ أَسبابَ السَماءِ بِسُلَّمِ [٢]

ومن كان صاحب فضلٍ ومال وجاه فيبخل به على أهله وناسه يتم الاستغناء عنه ويذمم، ومن يبذل ويظهر الإحسان يصون عرضه ومن يبخل بإحسانه يعرض عرضه للذم والذل، ومن لا يبعد أعداءه عن حوضه يهدم ومن يكف عن ظلم الناس يُظلم.


ومن يخاف من الموت حل به ونزل وإن صعد إلى السماء هارباً منه.

وَمَن يَعصِ أَطرافَ الزُجاجِ فَإِنَّهُ

يُطيعُ العَوالي رُكِّبَت كُلَّ لَهذَمِ

وَمَن يوفِ لا يُذمَم وَمَن يُفضِ قَلبُهُ

إِلى مُطمَئِنِّ البِرِّ لا يَتَجَمجَمِ

وَمَن يَغتَرِب يَحسِب عَدُوّاً صَديقَهُ

وَمَن لا يُكَرِّم نَفسَهُ لا يُكَرَّمِ

وَمَهما تَكُن عِندَ اِمرِئٍ مِن خَليقَةٍ

وَإِن خالَها تَخفى عَلى الناسِ تُعلَمِ

وَمَن لا يَزَل يَستَحمِلُ الناسَ نَفسَهُ

وَلا يُغنِها يَوماً مِنَ الدَهرِ يُسأَمِ[٢]


ويُكمل الشاعر في الحديث عن التجارب التي عاشها ويقول:ومن كره الصلح ونشرالفساد ذلت الحر وذمته، ومن يوفي ويلتزم بعهده يُكرم ولا يهان ومن سلم قلبه إلى خالصة لا يتردد في عمل الخير ونشر السلام ومن يسافر ويتغرب يحسب الأعداء أصدقاءه ومن لا يكرم نفسه ويبتعد عن كل ما يقلل من شأنه لا يكرمه الناس ولا يحترموه.


ومهاما كان عند الإنسان خلق فخال أنه يخفيه عن الناس فقد عُلم ولم يخفى، ومن يحمل الناس أمور نفسه فيجعل نفسه كالراحلة للناس فسوف يذمونه ويستهينوا به.

المراجع

  1. مصطفى قصاص والدكتور أبو الوفا ، المعلقات السبع مع الحواشي المفيدة للزوزني، صفحة 71.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ "أمن أم أوفى دمتة لم تكلم"، الديوان.
5868 مشاهدة
للأعلى للسفل
×