شرح نص من المقامة الحلوانية

كتابة:
شرح نص من المقامة الحلوانية


شرح نص من المقامة الحلوانية

المقامة الحلوانية هي واحدة من مقامات بديع الزمان الهمذاني، وفيما يأتي شرحٌ لمقتطفٍ منها:


تعريف بالمقامة الحلوانية

المقامة الحلوانية هي واحدة من المقامات التي كتبها بديع الزمان الهمذاني، وهو أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد الملقب بديع الزمان الهمذاني، ولد سنة 358هـ وتوفي سنة 398هـ،[١] كان أوّل من كتب في فن المقامات، وعلى نهجه سار الحريري من بعده، احتوى كتابه على خمسين مقامة عارضها الحريري من بعده في كتاب كامل.[٢]


نص المقامة الحلوانية

فيما يأتي نص من المقامة الحلوانية ويليه الشرح:


قال بديع الزمان الهمذاني في المقامي الحلوانية: "حَدَّثَنا عِيسَى بْنُ هِشَامِ قَالَ: لَمَّا قَفَلْتُ مِنَ الحَجِّ فِيمَنْ قَفَلَ، وَنَزَلْتُ مَعَ مَنْ نَزلَ، قُلْتُ لِغُلامي: أَجِدُ شَعْرِي طَوِيلًا، وَقَدْ اتَّسَخَ بَدَنِي قَليلاً، فَاخْتَرْ لَنَا حَمَّامَاً نَدْخُلهُ، وَحَجَّامًا نَسْتَعْمِلهُ، وَلِيَكُنْ الحَمَّامُ وَاسِعَ الرُّقْعَةِ، نَظِيفَ البُقْعَةِ، طَيِّبَ الهَوَاءِ، مُعْتَدِلَ المَاءِ، وَلْيِكُنْ الحَجَّامُ خَفِيفَ اليَدِ، حَدِيدَ المُوسَى، نَظيفَ الثِّيابِ، قَليلَ الفُضُولِ".[٣]


"فَخَرَجَ مَلِيًّا وَعَادَ بَطِيًّا، وَقالَ: قَدْ اخْتَرْتُهُ كَمَا رَسَمْتَ، فَأَخَذْنَا إِلَى الحَمَّامَ السَّمْتَ، وَأَتَيْناهُ فَلَمْ نَرَ قَوّامَهُ، لَكِنِّي دَخَلْتُهُ وَدَخَلَ عَلى أَثَرِي رَجُلٌ وَعَمَدَ إِلى قِطْعَةِ طِينٍ فَلطَّخَ بِها جَبِينِي، وَوَضَعَها على رأَسِي، ثُمَّ خَرَجَ وَدَخَل آخَرُ فَجَعَلَ يَدْلِكُنِي دَلْكًا يَكُدُّ العِظامَ، وَيَغْمِزُنِي غَمْزًا يَهُدُّ الأَوْصالَ، ويصفر صفيرًا يرشّ البزاق، ثم عمد إلى رأسي يغسله، وإلى الماء يرسله".[٣]


"وَمَا لَبِثَ أَنْ دَخَلَ الأَوَّلُ فَحَيَّا أَخْدَعَ الثَّانِي بِمَضُمومَةٍ قَعْقَعَتْ أَنْيابَهُ، وَقَالَ: يَا لُكَعُ مَا لَكَ وَلِهَذا الرَّأْسِ وَهُوَ لي؟ ثُمَّ عَطَفَ الثَّاني عَلى الأَوَّلِ بِمَجْمُوعَةٍ هَتَكَتْ حِجَابَهُ، وَقالَ: بَلْ هَذَا الرَّأْسُ حَقِّي وَمِلْكِي وَفِي يَدِي، ثُمَّ تَلاكَمَا حتى عَيِيَا، وَتَحَاكَمَا لِما بَقِيا، فَأَتَيا صَاحِبَ الحَمَّامِ، فَقَالَ الأَوَّلُ: أَنَا صَاحِبُ هَذا الرَّأْسِ؛ لأَنِّي لَطَّخْتُ جَبِينَهُ، وَوَضَعْتُ عَلَيْهِ طِيَنهُ، وَقَالَ الثَّاني: بَلْ أَنَا مَالِكُهُ؛ لأَنني دَلَكْتُ حَامِلَهُ، وَغَمَزْتُ مَفَاصِلَهُ".[٣]


شرح النص

يقول بديع الزمان الهمذاني على لسان راوي المقامات الشهير عيسى بن هشام إنّه بعد عودته من الحج إنّه يجد بدنه قد اتسخ وشعره قد طال، فأمر خادمه أن يبحث عن حمّام ليغتسل فيه وكذلك يبحث له عن حجَّام ليحلق له شعر رأسه؛ فقد كان حلق الرأس في زمانه من اختصاص الحجّامين، وأوصاه أن يكون الحمّام واسعًا ونظيفًا، هواؤه منعش وماؤه نظيف، وقال له إنّ الحجّام يجب أن يكون سريعًا وماهرًا ونظيفًا وتكون شفرته حادّة لئلا يجرحه.


عاد خادمه بعد قليل وهو يزعم أنّه وجد ما أمره به سيّده، فلمَا دخل عيسى بن هشام إلى الحمام دخل بعده فورًا العامل في الحمّام، فجاء بطين ووضعه على جبين عيسى، فخرج ودخل آخر فصار يدلّكه بكيس الحمام كي ينظّفه، فما لبث أن عاد الأوّل فلكم الثاني وقال هذا الرجل لي لأنّني قد وضعت الطين على جبينه، فردّ الثاني لكمته للأوّل وقال بل هو لي لأنّني دلّكته قبلك.


فتشاجرا حتى تعبا، فقررا الاحتكام لصاحب الحمام فقال الأول لصاحب الحمام إنّ هذا الرجل لي لأنّني أنا من وضع الطين على جبينه، وقال الثاني بل هو لي لأنّني قد دلّكته وفركت له جسده لكي أنّظفه.

المراجع

  1. الزركلي، الأعلام، صفحة 115. بتصرّف.
  2. شمس الدين الذهبي، تاريخ الإسلام، صفحة 261. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت بديع الزمان الهمذاني، مقامات بديع الزمان الهمذاني، صفحة 223 - 233.
5259 مشاهدة
للأعلى للسفل
×