شروط الشهادة في المحكمة

كتابة:
شروط الشهادة في المحكمة

الشهادة

تعدّ الشهادة الطريق العادي للإثبات في المسائل الجزائية، ويحتل دليل الشهادة مكانة مهمة في أدلّة الإثبات، وتعدّ الشهادة من الأدلة المباشرة؛ لأنّها تنصب على الوقائع بصورة مباشرة، كما أنها تعد دليلًا شفويًا، لأن الشاهد يؤدي شهادته بصورة شفوية أمام الجهات القضائية المختصة، ونظرًا لأن الشهادة تعدّ من الأدلة المهمة في الإثبات، ولأنه من الممكن أن تكون الدليل الوحيد للإثبات في الدعوى الجزائية ليتمكن القاضي من تكوين عقيدته، سيتم بيان مفهوم الشهادة، وشروط الشهادة في المحكمة، وأنواع الشهادة، وموضوع الشهادة.

مفهوم الشهادة

تعدّ الشهادة طريقًا عاديًّا من طرق الإثبات، وقد عرّف الفقهاء الفرنسيون الشهادة بأنّها: "إعلان أو تصريح يقدمه شخص حول وقائع معينة عرفها بنفسه شخصيًا"، أمّا فقهاء العرب عرفوا الشهادة بأسلوبٍ أدق بأنها: "عبارة عن إخبار الإنسان في مجلس القاضي بحق لشخص على آخر"، والشهادة عبارة عن خبر والخبر قد يحتمل الصدق أو الكذب، لذلك من شروط الشهادة في المحكمة أن يُحلف الشاهد يمينًا قبل أدائه لشهادته، وكانت الشهادة في العصور القديمة تعدّ من أهم أدلة الإثبات قبل تعلم الإنسان الكتابة، لكن في الوقت الحالي وبعد ظهور الكتابة، أصبحت الكتابة طريقًا للإثبات في المسائل المدنية، أما في المسائل الجزائية بقيت الشهادة أهم طرق اللإثبات فيها.[١]

شروط الشهادة في المحكمة

لا بُدّ من الإنسان الذي يتم دعوته لأداء الشهادة أن يكون أهلًا لها، حتى يتمكن القاضي من الإستناد عليها كدليل في الدعوى، وقد وضعت الدول عدة ضوابط للشهادة أمام المحكمة، فعبرت الشريعة الإسلامية عن الشاهد بأنه الواعي والمميز، وفي الآتي بيان شروط الشهادة في المحكمة:[٢]

  • التمييز: يعدّ شرط التمييز من أول شروط الشهادة في المحكمة، حيث ترتبط الشهادة بإدراك الإنسان؛ لأنها عبارة عن سلسة من العمليات الذهنية المتعددة، لذلك يجب أن تتوفّر الإمكانيات العقلية التي تؤهل الشاهد لآداء الشهادة، ولا تقبل شهادة المجنون ولا المعتوه ولا المصاب بمرض عقلي أو بضعف عقلي ناتج عن مرض الشيخوخة، ولا يمكن قبول شهادة السكران الذي أفقده السكر تمييزه، إلا إذا كان وقت أداء الشهادة مدركًا ومميزًا.
  • حرية الاختيار: يجب أن يتمتّع الشاهد في آدائه لشهادته بكامل الحرية؛ لأنّ أقوال الشاهد التي يستند إليها القاضي كدليل في الإثبات يشترط أن تكون صادرة اختياريًا عنه دون إيقاعه تحت الضغط أو الإكراه أو التهديد.
  • حلف اليمين: حيث إنّ حلف اليمين من أهم شروط الشهادة في المحكمة، وذلك قبل أن يُدلي الشاهد بشهادته يجب أن تحلفه المحكمة يمينًا بأن يقول الحق دون زيادة أو نقصان، وأن يتم تدوين ذلك في محضر المحكمة، وبالتالي لا تصحّ الشهادة إلا إذا كانت مسبوقة بيمين، وإن أُدت دون اليمين فيعدّ الإجراء باطلًا، ولا يجوز للقاضي أن يستند إليها؛ لأنّ الشهادة الغير مقرونة بيمين لا تعد دليلًا من أدلة الإثبات.
  • عدم التعارض: يجب أن يكون الشاهد محايدًا، بمعنى ألّا تكون له أي مصلحة شخصية متعارضة مع الشهادة التي سيؤديها؛ لأنّ الأصل أن تكون شهادة الشاهد موضوعية بعيدة عن أدنى الشبهات، لكن إذا عرف القاضي أن الشاهد قد يدلي بشهادة لمصلحة شخصٍ ما طمعًا بمصلحة قد تتحقق له إثر هذه الشهادة يجب أن يرد الشاهد ولا يأخذ بالشهادة دليلًا في الدعوى.

أنواع الشهادة

بعد بيان شروط الشهادة في المحكمة لا بُدّ من معرفة أنواع الشهادة، فالشهادة إما أن تكون مباشرة وغير مباشرة، وتعد الشهادة المباشرة هي التي تصلح وحدها بأن تكون دليلًا في الإثبات، وتعرف الشهادة المباشرة على أنها: "تلك الشهادة التي تنجم عن الإتصال المباشر لحواس الشاهد بالواقعة المشهود عنها، سواء أكان اتصاله بها عن طريق البصر، أو عن طريق حاسة الشم كأن يشم الشاهد رائحة المواد المخدِّرة، أو عن طريق حاسة الشم كأن يشم الشاهد رائحة المواد المخدرة، أو عن طريق الحواس الأخرى كاللمس والذوق"، وبالتالي فإنه من الممكن سماعة شهادة الإنسان الأبكم والأصم؛ لأنه من الممكن الاستعانة بمترجم إذا كان لا يستطيع الكتابة، وإن كان يستطيع الكتابة فيجيب عن الأسئلة الموجهة له كتابةً.[٣]

أما الشهادة غير المباشرة والتي تسمّى أيضًا الشهادة السماعيّة أو بشهادة النقل، وتُعرف الشهادة غير المباشرة على أنّها: "الشهادة التي ينقل فيها الشاهد الواقعة بالتواتر عما سمعه من غيره"، حيث إنّ هذه الشهادة لا ترقى بأن تكون دليلًا قويًا في الإثبات، ولا تستطيع المحكمة الاعتماد عليه كدليل، بل يمكن أن يأخذ بها قاضي الموضوع كاستدلال؛ لأنّ المعلومات التي قد تتناقل بين الناس قد يشوبها الكثير من الشك والتحريف، لذلك لا تحظى بثقة القاضي، بالتالي فإن الشهادة غير المباشرة أقلّ قيمة من الشهادة المباشرة، إلا أن البعض يرى أنه من الممكن أن يستمدّ القاضي حكمه منها.[٤]

موضوع الشهادة

يجب أن ينصب موضوع الشهادة على واقعة لها أهمية قانونية في الدعوى، ويجب أن تكون هذه الشهادة متمثلة بما سمعه الشاهد أو رآه أو أدركه بإحدى حواسه من وقائع، ولا يجوز الشاهد أن يدلي بشهادته بناءً على آرائه الشخصية أو معتقاداته الخاصة به، ولا يجوز أن يتدخل بمدى مسؤولية المتهم عن وقوع الجريمة، لأن مثل هذه الأمور تخرج عن موضوع الشهادة، لأن الأصل أن يبدي القاضي وحده رأيه في الوقائع المعروضة أمامه.[٥]

ولا يجوز لقاضي الموضوع أن يستعين بآراء الغير، إلّا في المسائل الفنيّة التي يصعب عليه معرفتها وحده، فلا بُدّ حينئذٍ من الاستعانة بخبراء مختصّين في ذلك، ويجب أن يكون للشهادة أهمية كبيرة في موضوع الدعوى؛ لأنّ أيّ واقعة ليس لها أهمية قانونية ولا تتعلق بوقوع الجريمة لا تكون منتجة في الدعوى.[٥]

المراجع

  1. عباس الصراف، جورج حزبون (2014)، المدخل إلى علم القانون (الطبعة الخامسة عشرة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 245-246. بتصرّف.
  2. محمد سعيد نمور (2016)، أصول الإجراءات الجزائية (الطبعة الرابعة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 250-254. بتصرّف.
  3. حسن جوخدار (1993)، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني (الطبعة الأولى)، عمان-الأردن: دار الثقافة، صفحة 317. بتصرّف.
  4. محمود نجيب حسني (1988)، شرح قانون الإجراءات الجنائية (الطبعة الثانية)، القاهرة: دار النهضة العربية، صفحة 441. بتصرّف.
  5. ^ أ ب محمد سعيد نمور (2016)، أصول الإجراءات الجزائية (الطبعة الرابعة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 249-250.
3695 مشاهدة
للأعلى للسفل
×