شروط العمرة عن الغير

كتابة:
شروط العمرة عن الغير

يُمنع حجزه من قِبل أيّ كاتب.

العمرة لغة واصطلاحًا

تُعرَّف العمرة في اللغة على أنَّها اسم من المصدر اعتمار، وهي الزيارة والقصد، أمَّا في الاصطلاح فالعمرة هي أنْ يزور المسلم بيت الله الحرام في مكة المكرمة لأداء مناسك العمرة المعروفة في الإسلام وهي الإحرام والتلبية والطواف بالمسجد الحرام والسَّعي بين الصفا والمروة، إضافة إلى الحلق والتقصير، والعمرة في الإسلام مشروعة بإجماع أهل العلم، قال تعالى في سورة البقرة: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}،[١]وهذا المقال سيسلِّط الضوء على مسألة العمرة عن الغير، حيث سيتناول الحديث عن حكم وشروط العمرة عن الغير في الإسلام.[٢]

حكم العمرة في الإسلام

قبل التفصيل في شروط العمرة عن الغير، لا بدَّ من الحديث عن حكم العمرة وتسليط الضوء على آراء العلماء في حكم العمرة بين الواجب والسُّنَّة؛ حيث يرى الإمام أحمد بن حنبل والإمام الشافعي أنَّ العمرة واجبة على المسلمين، ودليلهم في هذا الحكم ما جاء عن رجل من بني عامر في الحديث الذي وردَ فيه: "عن أبي رزينٍ رجلٌ من بني عامرٍ أنَّهُ قالَ: يا رسولَ اللَّهِ! إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ لاَ يستطيعُ الحجَّ ولاَ العمرةَ ولاَ الظَّعن، قالَ: احجج عن أبيكَ واعتمر"،[٣]واستندوا أيضًا في حكم وجوبها على قول الله تعالى في محكم التنزيل: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}،[١] أما مذهب مالك بن أنس وأبي حنيفة فيروا أنّها سنة؛ واستندوا في ذلك إلى ما رواه جابر بن عبد الله أن النبي محمد سئل عن العمرة: "أواجبة هي؟ قال: لا وأن تعتمر خير لك". أنَّ العمرة سنَّة في الإسلام، واستندوا في قولهم على حديث ضعيفٍ رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- حين قال: "سَألَ رَجُلٌ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عنِ الصَّلاةِ والزَّكاةِ والحَجِّ، أواجِبٌ هو؟ قال: نَعم، فسألَه عنِ العُمرةِ، أواجِبةٌ هي؟ قال: لا، وأنْ تَعتَمِرَ خَيرٌ لكَ"،[٤]، والله تعالى أعلم.[٥]

حكم العمرة عن الغير

تمهيدًا للحديث عن شروط العمرة عن الغير، لا بدَّ بداية من الإشارة إلى أنَّ الحج في الإسلام مفروض مرَّة واحدة في العمر على المستطيع، ويرى بعض أهل العلم أنَّ العمرة أيضًا واجبة على المسلم مرَّة واحدة في العمر كالحجِّ تمامًا، وليس على الإنسان العاجز في الإسلام حجٌّ وليس عليه عمرة، ودليل ذلكَ قول الله -عزَّ وجلَّ- في سورة آل عمران: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}،[٦]وبناءً على ما سبق فإنَّ على كلِّ مسلم مستطيع سواء كان رجلًا أو امرأة أن يحجَّ مرَّة في العمر ويعتمر مرَّة واحدة في العمر أيضًا، ومتى حجَّ واعتمر عن نفسه فإنَّه يجوز له أن يحج ويعتمر عن غيره من الأموات من الأقارب ومن غير الأقارب، ويحلُّ له أيضًا أن يحجَّ عن الشيخ الكبير لأنَّه كالميت ويحلُّ له الحج عن المرأة العاجزة التي بلغ بها العمر عتيًّا.[٧]

أمَّا دليل مشروعية في حج الفريضة أو في العمرة عن الغير فحديثٌ أوردهُ الألباني في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: "أنَّ النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- سمعَ رجلًا يقولُ: لبَّيْكَ عن شبرمة، قالَ: من شبرمةَ؟ قالَ: أخٌ لي أو قريبٌ لي، قالَ: حججتَ عن نفسِكَ؟ قالَ: لا، قالَ: حجَّ عن نفسِكَ ثمَّ حجَّ عن شبرمةَ"،[٨]والله تعالى أعلم.[٩]

شروط العمرة عن الغير

قبل الحديث عن شروط العمرة عن الغير في الإسلام، إنَّه لما كان الحجُّ والعُمرة نيابة عن الغير جائزين في الإسلام كانتْ هذه الإباحة بشروط، وهي شروط العمرة عن الغير في الإسلام، فلا بدَّ على المسلم الذي أراد الاعتمار أو الحجّ عن الغير أن يكون على دراية تامَّة أنَّ من شروط العمرة عن الغير والحج عن الغير أيضًا أن يكون بالنيابة عن ميّتٍ أو عن عاجز عجزًا صحيًّا وليس ماديًّا أو غير ذلك، كما أنَّ من شروط العمرة عن الغير في الإسلام أنَّ يكون المعتمر عن غيره أو الحاج عن غيره قد حجَّ أو اعتمر عن نفسه أولًا، فلا يجوز أن يحجَّ المسلم أو يعتمر عن غيره وهو لم يؤدِ فريضة الحج أو العمرة عن نفسه من قبل، ولم يحدِّد الإسلام مدى صلة القرابة بين الحاج أو المعتمر وبين الميِّت المحجوج عنه والمُعتَمَرِ عنه، فقد يكون النائب في الحج أو العمرة الولد وقد يكون الحفيد أو غير ذلك.[١٠]

وجاء في كتاب المهذَب للشيرازي قولُهُ في شروط الحج عن الغير: "وتجوزُ النِّيابة في حجِّ الفرضِ في موضعينِ، أحدُهما في حقِّ الميت إذا مات وعليه حجٌّ، والدَّليل عليه حديث بريدة، والثَّاني في حقِّ من لا يقدر على الثبوت على الراحلة إلا بمشقة غير معتادة كالزَّمن والشيخ الكبير"، ودليل ذلك حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- والذي جاء فيه: "أنَّ امرأةً من خَثعمَ استفتَت رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- في حجَّةِ الوداعِ والفَضلُ بنُ عبَّاسٍ رديفُ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- فقالَت: يا رسولَ اللَّهِ! إنَّ فريضةَ اللَّهِ في الحجِّ على عبادِهِ أدرَكَت أبي شيخًا كبيرًا لا يستوي على الرَّاحلةِ، فَهل يقضي عنْهُ أن أحُجَّ عنْهُ، فقالَ لَها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ: نعم، فأخذَ الفضلُ بنُ عبَّاسٍ يلتفتُ إليْها وَكانتِ امرأةً حسناءَ، وأخذَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- الفضلَ فحوَّلَ وجْهَهُ منَ الشِّقِّ الآخرِ".[١١][١٠]

وجاء عن الإمام النووي -رحمه الله- في شروط العُمرة أو الحجِّ عن الغير في الإسلام: "لكن لا يجوز عن المعضوب إلا بإذنِهِ، ويجوز عن الميِّتِ بإذنِهِ وبغير إذنِهِ، ويجوز من الوارث والأجنبي سواء أذنَ له الوارث أم لا بلا خلاف"، ومن الجدير بالذكر أيضًا إنَّ علماء المذهب الحنبلي أجازوا أن يحجَّ المسلم حجَّ التطوّع عن المستطيع ببدنه ومنع غيرهم هذا، وقال النووي في هذه المسألة: "فأمَّا حجُّ التَّطوّع فلا تجوز الاستنابة فيه عن حيّ ليس بمعضوب"، والله تعالى أعلم.[١٠]

حكم العمرة عن الغير بعد العمرة عن النفس مباشرة

في ختام ما جاء من حديث عن شروط العمرة عن الغير في الإسلام، إنَّه لا حرج في أنَّ يؤدي الإنسان العمرة عن نفسه كاملة ثمَّ بعد أن يفرغ من أداء مناسك العمرة عن نفسه كاملة، يقوم بأداء العمرة عن غيره سواء كان يؤدي العمرة عن أبٍ متوفّى أو عاجز، أو أمٍّ متوفية أو عاجزة أو غير الأب أو الأم من الأموات، ودليل ذلك حديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الذي قال فيه: "العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ"،[١٢]فلم يُحدِّد رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- وقتًا معلومًا بين العمرتين، والله تعالى أعلم.[١٣]

المراجع

  1. ^ أ ب سورة البقرة، آية: 196.
  2. "تعريف العمرة وحكمها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-12-2019. بتصرّف.
  3. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن رجل من بني عامر، الصفحة أو الرقم: 1810، حديث صحيح.
  4. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سنن الدارقطني، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2724، حديث ضعيف.
  5. "عمرة"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 13-12-2019. بتصرّف.
  6. سورة آل عمران، آية: 97.
  7. "حكم العمرة عن الغير لمن لم يعتمر عن نفسه"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 13-12-2019. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1811، حديث صحيح.
  9. "الحج والعمرة عن الميت"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 13-12-2019. بتصرّف.
  10. ^ أ ب ت "شروط جواز النيابة في الحج والعمرة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-12-2019. بتصرّف.
  11. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2641، حديث صحيح.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1773، حديث صحيح.
  13. "حكم العمرة عن الغير بعد الانتهاء من العمرة عن النفس مباشرة"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 13-12-2019. بتصرّف.
5470 مشاهدة
للأعلى للسفل
×