شروط تعدد الزوجات وحكمه

كتابة:
شروط تعدد الزوجات وحكمه

شروط تعدد الزوجات وحكمه

شروط تعدد الزوجات

وضع الله -تعالى- شروطاً لتعدّد الزوجات؛ وفيما يأتي بيانها:[١][٢]

  • ألّا يتزوّج الرجل بأكثر من أربع نساءٍ في وقتٍ واحدٍ.
  • أن يكون الزوج قادراً على الإنفاق على جميع زوجاته، فلا يجوز في الشريعة الإسلامية للرجل أن يُقدِم على الزواج إلا إذا كانت لديه القدرة المادّيّة التي تمكّنه من الإنفاق على زوجته وإتمام تكاليف الزواج، مع استمرار الزوج بأداء النفقة الواجبة لزوجته طيلة فترة الزواج، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يا معشَرَ الشَّبابِ، مَنِ استطاع منكم البَاءَةَ فلْيتزوَّجْ).[٣]
  • أن يكون الزوج قادراً على العدل بين زوجاته؛ ويكون العدل بالتسوية بينهم بالإنفاق والمبيت وحسن المعاشرة؛ فإن لم يستطع الرجل العدل؛ اقتصر على زوجةٍ واحدة، لقول الله -تعالى-: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا)،[٤] وليس مقصوداً بالعدل التسوية بالعاطفة والمحبّة والميل القلبي؛ فهذه أمور فطرية قلبية لا يستطيع أيّ شخص التحكّم بها؛ والله -تعالى- لا يكلّف عباده بما لا يطيقونه ولا يقدرون عليه.
لكن مع ذلك حذّر الإسلام من الميل الشديد إلى إحدى الزوجات والذي ربّما يصل إلى درجة الإهمال بالزوجة الأخرى فيتركها كالمعلّقة؛ فلا هي زوجة تتمتّع بحقوقها الزوجية، ولا هي مطلّقة؛ قال الله -تعالى-: (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ۚ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا).[٥]
  • أن يمتلك الزوج القدرة البدنية التي تمكّنه من الجماع وإعفاف زوجاته.[٦]
  • أن يكون الزوج قادراً على حماية نفسه من الانشغال والافتتان بالزّوجات عن أمور الدين، مما يجعله مقصّراً بعيداً عن حقوق الله -تعالى-.[٧]


حكم تعدد الزوجات

أباح الله -تعالى- للرّجل أن يتزوّج بأربع زوجاتٍ فقط، ولا يجوز له أن يتزوّج بأكثر من أربع زوجات، ووردت مشروعية تعدّد الزوجات بالقرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع؛ فقد قال الله -تعالى-: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)،[٨][٩][١٠] وتعدّد الزوجات منهيٌّ عنه بين الأقارب، فلا يجوز الجمع بين الأختين ولا بين المرأة وعمّتها أو خالتها.[١١]


والأصل في تعدّد الزوجات أنه مباح، لكن قد يكون مندوباً، أو مكروهاً، أومحرّماً، بحسب الأحوال والظروف التي تتعلّق بالرّجل الذي يريد تعدّد الزوجات؛ فيكون مندوباً له إذا كان الزوج بحاجةٍ إلى أن يتزوج مرّة أخرى، فقد لا تعفّه عن الوقوع في الحرام زوجة واحدة فقط، أو إذا كانت زوجته مريضة أو عقيماً وهو يرغب بأن يكون له ولد؛ فيُندب له أن يتزوّج زوجةً أخرى بشرط استطاعة العدل بين زوجاته؛ لأن في هذا الزواج مصلحة ومنفعة مشروعة.[١٢]


ويكون حكم تعدّد الزوجات مكروهاً؛ إذا لم يكن الزوج بحاجةٍ إليه؛ وإنما لزيادة التنعّم والترفيه، وفي حال شكّ الزوج في قدرته على العدل بين زوجاته؛ لأن التعدّد في هذه الحالة من غير حاجة، ولأنه قد يسبّب الضرر لزوجاته في حال عدم قدرته على العدل بينهن، ويكون حكم تعدّد الزوجات محرّماً؛ إذا غلب على ظنّ الرجل الذي يريد أن يتزوّج زوجةً أخرى أو تيقّن عدم قدرته على العدل بين زوجاته بسبب الفقر الذي لديه، أو بسبب ضعفه الجسدي، أو خشية منه من عدم قدرته على السيطرة على نفسه فيميل إلى زوجة ويترك زوجته الأخرى معلّقةً؛ لأنه في هذه الحال سيسبّب الضرر بها، قال الله -تعالى-: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ)،[١٣] وإذا تزوّج الرجل في هاتين الحالتين، فيكون عقد الزواج صحيح وتترتّب عليه جميع الآثار من وجوب المهر وحلّ المعاشرة وغيرها؛ لأن الحرمة توجب الإثم على الزوج ولا تجعل العقد باطلاً.[١٢][١٤]


الحكمة من تعدد الزوجات

شرع الإسلام تعدّد الزوجات لحكمٍ عديدة؛ فيما يأتي بيانها:[١٥][١٦]

  • تعدّد الزوجات فيه تكثيرٌ للأمة الإسلامية، فالزواج بأكثر من امرأة سببٌ في زيادة عدد المواليد.
  • تعدّد الزوجات يعتبر من أهم الطرق في كفالة المرأة وصونها، لأن النساء أكثر عدداً من الرجال في كل الأمم؛ فعدد المواليد الإناث يزيد على عدد المواليد الذكور، كما أن عدد الرجال يكون أكثر عرضةً للتناقص أيضاً بسبب الحروب والشدائد، كما أنّه سببٌ للحفاظ على النسب.[١٧]
  • تعدّد الزوجات يُظهر سعة أحكام الشريعة الإسلامية في تنظيم حياة الناس ومراعاة أحوالهم.
  • تعدّد الزوجات سببٌ لتقليل حالات الطلاق التي تكون بسبب إرادة الزوج الزواج بامرأةٍ أخرى، فقد أباح الله -تعالى- له تعدّد الزوجات، فله أن يتزوّج امرأة أخرى دون أن يُطلّق زوجته.
  • تعدّد الزوجات يُعدّ سبباً لإعفاف وصَوْن الرجل والمرأة، فقد يكون عند الرجل حاجةً فطرية شديدة الرغبة بالنساء، وتعدّد الزوجات يضمن له عدم الوقوع في الحرام من خلال إشباع رغباته بتعدّد الزوجات.[١٨]
  • تعدد الزوجات قد يكون ضرورةً مجتمعية وأخلاقية لصيانة النساء وحماية المرأة من الوقوع في علاقةٍ غير مشروعة، فالزواج يضمن لها بيتاً فيه الراحة والطمأنينة والسعادة.
  • تعدد الزوجات يُساهم في نشر الدعوة الإسلامية من خلال رابطة المصاهرة والقرابة، مثل ما حدث مع النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما تزوّج زوجاته بعد زوجته خديجة لكسب الأنصار والمؤيّدين لدين الله -تعالى-.
  • تعدد الزوجات يوفّر الإبقاء على الزوجة العقيم التي لا تستطيع الإنجاب أو المريضة التي لا تستطيع القيام بكل حقوقها الزوجية، أو ربما بسبب كره الزوج لزوجته، فتبقى في بيت الزوجية رحمةً ورأفةً بها؛ لأن الطلاق يكسر قلب المرأة، مع استطاعة الرجل الزواج من امرأة أخرى.


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، كتاب مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 188-189، جزء 25. بتصرّف.
  2. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي (الطبعة الرابعة)، دمشق-سوريا: دار الفكر، صفحة 6669-6670، جزء 9. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 5065، صحيح.
  4. سورة النساء، آية: 3.
  5. سورة النساء، آية: 129.
  6. محمد التويجري (1430 هـ - 2009 م)، كتاب موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، -: بيت الأفكار الدولية، صفحة 17، جزء 4. بتصرّف.
  7. كمال سالم (2003 م)، كتاب صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة- مصر: المكتبة التوفيقية، صفحة 216، جزء 3. بتصرّف.
  8. سورة النساء، آية: 3.
  9. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 232، جزء 12. بتصرّف.
  10. محمد الجوابي (1421 هـ - 2000م)، كتاب المجتمع والأسرة في الإسلام (الطبعة الثالثة)، دار عالم الكتب، صفحة 122-123. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية- الدرر السنية، صفحة 67، جزء 3. بتصرّف.
  12. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين (1413 هـ - 1992 م)، كتاب الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار القلم للطباعة والنشر، صفحة 35-36، جزء 4. بتصرّف.
  13. سورة النساء، آية: 3.
  14. سيد سابق (1397 هـ - 1977 م)، كتاب فقه السنة (الطبعة الثالثة)، بيروت- لبنان: دار الكتاب العربي، صفحة 114، جزء 2. بتصرّف.
  15. محمد الجوابي (1421 هـ - 2000م)، كتاب المجتمع والأسرة في الإسلام (الطبعة الثالثة)، -: دار عالم الكتب، صفحة 123-124. بتصرّف.
  16. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي (الطبعة الرابعة)، سوريا-دمشق: دار الفكر، صفحة 6670-6673، جزء 9. بتصرّف.
  17. منقذ السقار، كتاب تنزيه القرآن الكريم عن دعاوى المبطلين، صفحة 277. بتصرّف.
  18. كمال سالم (2003 م)، كتاب صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة - مصر: المكتبة التوفيقية،، صفحة 217، جزء 3. بتصرّف.
4465 مشاهدة
للأعلى للسفل
×