شروط خطبة الجمعة

كتابة:
شروط خطبة الجمعة

شروط خطبة الجمعة

اشترط الفُقهاء العديد من الشُروط لخُطبة الجُمعة، وهذه الشروط هي:[١][٢]

  • النيّة؛ أي اشتراط نيّة الخطيب لخُطبة الجُمعة، وذهب إلى اشتراطها الشافعيّة والحنابلة، لعموم قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).[٣]
  • أن تكون بعد دُخول وقت الجُمعة، وهذا الشرط مُعتبرٌ عند الأئمة الأربعة، وقال الحنفية والمالكية والشافعيّة إنَّ أوّل وقتها يبدأ بعد زوال الشمس كوقت الظهر، وذهب بعضُ الحنابلة إلى أنّه يبدأ بارتفاع الشمس قدر رمح.
  • أن تكون الخُطبة قبل أداء الصلاة، وهو من الشُروط المُعتَبَرة عند الأئمة الأربعة، فلو أُخِّرت عن الصلاة فإنَّها لا تصحّ.
  • أن يؤدّيها الخطيب في حال القيام، حيث قيل: إنَّ قيام الخطيب حال الخُطبة شرطٌ مع القدرة عليه، وهو القول المُعتمد عند الشافعيّة.
  • أن تكون جهريّة؛ بحيث يُمكن للعدد المُعتَبَر أن يسمعها، وهو قول المالكيّة والشافعية والحنابلة.
  • أن تكون باللغة العربيّة، حيث ذهب بعض الشافعية وبعض الحنابلة إلى اشتراط الخطبة بالعربية إذا كان الخطيب قادراً على ذلك، أمَّا إذا كان الحاضرون جميعهم لا يعرفون العربية فإنَّه يخطب بلغتهم، وذهب المالكيّة إلى اشتراطها بالعربية للقادر عليها ولو كان الحاضرون لا يعرفون العربية، ويرى الحنفية استحباب أن تكون بالعربية.
  • أن لا يكون فيها فاصلٌ أجنبيّ؛ وهو ما يُسمَّى بالموالاة، وهو من الشُروط المُعتبرة في خُطبة الجُمعة عند المالكية وبعض الشافعية، فإن حصل فصلٌ طويل عادة وجب الاستئناف والإعادة، ويرى بعض الشافعية وبعض الحنابلة عدم اشتراطها، فلا يجب الاستئناف عندهم ولو طال الفصل.
  • أن تكون خُطبتين، وأن يُفصل بينهما بجلسةٍ، وأن تُفتتح بحمد الله -تعالى-، والصلاةُ على نبيّ الله -عليه الصلاةُ والسلام-، والشهادة لله -عزّ وجلّ- بالوحدانيّة، والشهادة لنبيّه بالرسالة، والوصيّة بالتقوى، مع قراءة آية قرآنية.[٤]
  • أن تبدأ بحمد الله -تعالى-، وذلك من الشُروط المُعتبرة لصحّة الخُطبة عند الحنابلة والشافعيّة، بدليل أنَّ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- كان يفتتحُ خُطبته بحمد الله -تعالى-.
  • أن تشتمل على الموعظة والعِبرة، بحيث تكون خُطبةً عُرفاً.
  • حُضور العدد الذي تنعقدُ به الجُمعة، حيث قال الشافعية إنَّ العدد الذي تنعقدُ به الجُمعة أربعون ممّن تنعقد بهم الجمعة، ويرى الحنفيّة انعقادها بواحدٍ تنعقد به الجمعة، ويرى المالكيّة أنَّها تنعقد باثنيّ عشر رجلاً ممّن تنعقد بهم الجمعة، وورد في روايةٍ عن الإمامِ أحمد أنها تنعقدُ بثلاثة أشخاص ممّن تنعقد بهم الجمعة.[٥]
  • طهارة الخطيب من الحدث الأكبر والأصغر، وستر عورته، وأن يكون واقفاً أثناء خطبته، فإن لم يستطع فله الجلوس، وهذه الشروط ذكرها الشافعية.[٥]


أركان خطبة الجمعة

تعدَّدت أقوال الفُقهاء في الأركان الواجبة لِخُطبة الجُمعة، وبيان ذلك فيما يأتي:[٦]

  • الشافعيّة: ذهب الشافعيّة إلى أنَّ للخُطبة خمسة أركانٍ، وهيَ: قولُ الحمدُ لله، ثُمّ الصّلاة على النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-، وذكره باسمه أو بصفته، ثُمّ الوصية بالتّقوى، والدُّعاء للمؤمنين في الخُطبة الثانية، ثُمّ قراءة آيةٍ مُفهِمَة، ولا يكتفي بقراءة آيةٍ غيرُ مُفهِمَة، وتُسنّ أن تكون في الخُطبة الأولى، ودليلهم فعلُ النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- لذلك.
  • الحنابلة: وعندهم الخُطبة أربعةُ أركان، وهيَ: حمد الله -تعالى-، ثُمّ الصّلاة على النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- بصيغة الصّلاة، ثُمّ الموعظة؛ وهيَ المقصود من الخطبة، وقراءة آيةٍ كاملة، وزاد بعض الحنابلة رُكنين وهما: الموالاة بين الخُطبتين والصّلاة، فلا يفصل بين الخطبة الأولى أو الثانية أو الصّلاة بفاصل، بالإضافة إلى الجهر بالخُطبة بحيثُ يُسمع العدد المُعتبر لإقامتها.
  • المالكيّة: يرى المالكيّة أن للخُطبةَ رُكنٌ واحِدٌ، وهو أقلّ ما يُسمّى خُطبة في لُغة العرب، ولو كقول: "اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا أَمَرَ، وَانْتَهُوا عَمَّا عَنْهُ نَهَى وَزَجَرَ"، لكن إن سبّح أو هلَّل فقط فلا تُعدّ خُطبة.
  • الحنفيّة: ذهب أبو حنيفة إلى أنّ رُكن الخُطبة ينعقدُ بتحميدةٍ أو تهليلةٍ أو تسبيحةٍ، فالمأمور به مُطلق الذّكر، سواء كان قليلاً أو كثيراً، وذهب الصاحبان من الحنفيّة إلى أنَّه لا بُدَّ من ذكرٍ طويل حتى تُسمّى خُطبة.


وزاد بعضُ الفُقهاء على هذه الأركان، فقال بعضهم: أن يتمَّ رفع الصوت بها، والإرشاد فيها إلى الهَدي الصحيح، والتحذير من البدع والضلالات،[٧] ومَنْ قال بركُنيّة الصلاة على النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- استدلَّ بقولهِ -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)،[٨] وأمّا الوصيّة بالتقوى فجاءت في قولهِ -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).[٩][١٠]


سنن خطبة الجمعة

تُوجد العديد من السُّنن لخُطبة الجمعة، وهي كما يأتي:[١١][١٢]

  • الترتيب بين الأركان؛ أي البدء بالحمد والثناء على الله، ثُمّ الصلاة على النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، ثُمّ الوصيّة بالتقوى، ثُمّ قراءة الآية، ثُمّ الدُعاء للمؤمنين، والدُعاء في الخُطبة الثانيّة لأئمة المُسلمين بالصلاح.
  • وأن تكون الخُطبة على منبرٍ، والصلاة على آل بيت النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، وسلام الخطيب على النّاس عند صُعوده، مع الإقبال عليهم بوجهه.
  • أداء الخطيب للخُطبة قائماً، وأن يعتمد بيساره على عصا أو غير ذلك، وأن يستقبل بخَُطبته جهة وَجهِهِ، فلا يلتفت يميناً أو شِمالاً، وأن يُقصّر الخُطبتين، وأن تكون الأولى أطول من الثانية، وأن يرفع صوته بهما حسب طاقته.
  • الطّهارة وستر العورة عند جُمهور الفُقهاء، في حين يرى الشافعيّة اشتراطُ ذلك، وأن يجلس الإمام على المنبر قبل الخُطبة، وأن يؤذّنَ مؤذنٌ واحدٌ لا جماعة بين يدي الخطيب إذا جلس على المنبر، ويُسنّ عند الشافعيّة ختم الخطبة الثانيّة بقوله: "أستغفر الله لي ولكم"، مع رفع الصوت بها، وإنصات الحاضرين للخُطبة، كما يُسنُّ للداخل أن يصلّي تحية المسجد حتى لو كان الإمامُ يخطُب، لكن لا يُطيل فيهما، ويُسنّ كذلك نُزول الإمام إلى المِحراب مع فراغ المؤذن من الإقامة.[١٣]
  • جُلوس الخطيب حتى فراغ الأذان، وأن يكون جُلوسه على كُرسيٍّ ونحوه.[١٤]


المراجع

  1. عبد العزيز بن محمد بن عبد الله الحجيلان (2002)، خطبة الجمعة وأحكامها الفقهية (الطبعة الأولى)، السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - مركز البحوث والدراسات الإسلامية، صفحة 45، 48-51، 54-58، 71، 74، 91، 95-96، 102-103. بتصرّف.
  2. أحمد بن محمد بن حسن بن إبراهيم الخليل، شرح زاد المستقنع، صفحة 189-195، جزء 2. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1، صحيح.
  4. عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن الراجحي، شرح عمدة الفقه، صفحة 7، جزء 13. بتصرّف.
  5. ^ أ ب عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 357، جزء 1. بتصرّف.
  6. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية - الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 177-178، جزء 19. بتصرّف.
  7. عطية بن محمد سالم، شرح بلوغ المرام، صفحة 1، جزء 97. بتصرّف.
  8. سورة الأحزاب، آية: 56.
  9. سورة آل عمران، آية: 102.
  10. عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار (1425 هـ)، الصلاة وصفٌ مفصلٌ للصلاة بمقدماتها مقرونةً بالدّليل من الكتاب والسنّة، وبيان لأحكامها وآدابها وشروطها وسُننها من التّكبير حتى التّسليم (الطبعة العاشرة)، الرياض: مدار الوطن للنشر، صفحة 249. بتصرّف.
  11. عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 357-359، جزء 1. بتصرّف.
  12. وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 1311-1319، جزء 2. بتصرّف.
  13. عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار (1425 هـ)، الصلاة وصف مفصل للصلاة بمقدماتها مقرونة بالدليل من الكتاب والسنة، وبيان لأحكامها وآدابها وشروطها وسننها من التكبير حتى التسليم (الطبعة العاشرة)، الرياض: مدار الوطن للنشر، صفحة 251-255. بتصرّف.
  14. عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن جبرين، شرح أخصر المختصرات، صفحة 12، جزء 10. بتصرّف.
5098 مشاهدة
للأعلى للسفل
×