شروط زكاة المال

كتابة:
شروط زكاة المال

شروط زكاة المال

يُشترط في المال حتى تجب فيه الزّكاة أن يكون من الأصناف التي تجب فيها الزّكاة، وأن يبلغ المال القدر الذي أقرّه الشارع الحكيم لِتجبْ فيه الزّكاة؛ وهو النّصاب،[١] وأن يَمرّ على وجود هذا المال مع مالكه عاماً هجرياً كاملاً، وهو ما يسمّى بحوَلان الحَول، ويختصّ هذا الشرط بزكاة الذّهب والفضة والماشية، ولا ينطبق على زكاة الزّروع والثّمار، فإن الحَول بالنسبة للزّروع والثّمار هو اكتمال نُضجها.[٢]


الأصناف التي تجب فيها الزكاة

وتُقسّم الأموال التي تجب فيها الزّكاة إلى أربعة أصناف، وهي فيما يأتي:[٣]

  • الأثمان: وهي الذّهب والفضة والأوراق المالية، فتجب الزّكاة بمقدار ربع العشر في الذّهب، إذا بلغ عشرين مثقالاً، وفي الفضة إذا بلغت مئتي درهم، أمّا الأوراق النّقديّة فيتمّ زكاتها بناءً على القيمة؛ أي إذا بلغت قيمتها قيمة الذّهب أو الفضة، ويُخرِج منها المزكي أيضاً ربع العشر إذا حال عليها الحَول.
  • بهيمة الأنعام: وهي الإبل والبقر والغنم إن كانت تَرعى الحول كاملاً أو أكثره في الصحراء أو الأراضي العامة، فهذه البهيمة إن بلغت النّصاب وحال عليها الحول فيُخرج صاحبها المقدار الواجب منها شرعاً، مع التّنبيه أن هذه الأنعام إن لم تكن للتجارة فلا زكاة فيها.
  • الخارج من الأرض: فتجب الزّكاة في كلّ ثمرٍ من الأرض يُكال ويُدخّر، ونصاب الزّروع والثّمار هو بلوغه ثلاثمئة صاعٍ، أي ما يعادل ستّمئة وأربع وعشرون كيلو غراماً، وتُضمّ جميع الثّمار مع اختلاف أنواعها حتى تُكمِل النّصاب، ويُخرج منها العُشر إن سُقيت بماء المطر، ونصف العشر إن سُقيت بغير ماء المطر، وإن كان ماء السّقيا مختلَطاً بين ماء الأمطار وغيرها، فيُخرج منه ثلاثة أرباع العشر، أمّا ما يخرج من البحر؛ كاللؤلؤ، والمرجان، والأسماك، فيُخرج منه ربع العشر إن كان للتجارة فقط، وما يخرج من الأرض وهو الرّكاز* فزكاته الخُمس.
  • عروض التجارة: وهي كل ما أُعدّ للتّجارة؛ من طعامٍ، وشرابٍ، وحيوانٍ، وعقارٍ، وآلاتٍ، وغيرها، ويُخرِج منها المزكّي ربع العشر، لكن إن كان القصد منها الاقتناء فقط وليس التجارة فلا زكاة فيها.


الشروط الأخرى لزكاة المال

يُشترط في المال الذي تجب فيه الزّكاة على وجه التّفصيل ما يأتي:

  • كوْنه واقعاً تحت مُلك الشخّص نفسه: لأنّ الزّكاة تمليك، ولا يمكن تمليك المال للغير إلا أن يكون الشخص مالكاً له، وبناءً على ذلك فقد ذهب الحنفية إلى القول بعدم وجوب الزّكاة في الوَقف والخَيل المسبّلة.[٤] والملكيّة التّامة المطلقة للمال؛ أي أنه يحقّ لمالك المال التّصرف فيه تصرفاً تامّاً، وكذلك الانتفاع به.[٥]
  • النّماء: وذلك أنّ إحدى الغايات من مشروعية الزّكاة هي تقديم المساعدة للفقراء، بحيث لا يصير الغنيّ فقيراً مثلهم، فإن كان المال غير نامياً وأخرج المزكّي منه، فإنّه ينفد على مدى السّنوات وتكرار الإخراج.[٦]
  • الزيادة على الحاجات الأصلية: وهو شرطٌ عند الحنفية، فلا زكاة في كلّ ما يُملَك من الحاجات الأساسيّة حتى لو بلغت قيمته النّصاب، ومنه أيضاً أنّه لا تجب الزّكاة في كتب العلم.[٧]
  • حولان الحَول: بمعنى أن يبقى المال بملكِ صاحبه سَنَةً قمريّةً كاملةً، فإن لم يُتمّها فلا زكاة فيه، ويستند هذا الشرط إلى قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا زكاةً في مالٍ حتى يحولَ عليه الحولُ).[٨][٧]
  • بلوغ المال النّصاب: والنّصاب هو مقدارٌ حدّده الشّرع يجب أن تصل قيمة المال إليه حتى تجب فيه الزكاة، فيقوم بحساب الزكاة بناءاً عليه، فإن كان أقلّ فلا زكاة فيه، ويختلف النّصاب باختلاف كلِّ قسمٍ من أقسام الأموال التي تجب فيها الزّكاة.[٩]
  • الخُلوّ من الدَّين: فإن كان دَين المزكّي يَفوق ما بيده من المال أو مساوياً له، فليس فيه زكاة، لكن إن ارتبط الدَين بالذّمّة بعد وجوب الزّكاة على الشّخص فتبقى الزّكاة واجبةً وعلى صاحبها إخراجها.[١٠]


شروط صاحب المال الذي تجب فيه الزكاة

تجب الزكاة على كلّ ممّا يأتي:

  • المسلم: فلا تجب على غير المسلم بالإجماع، وقال الشافعية بوجوب الزّكاة على المرتدّ إن حال عليها الحَول قبل ردّته، وإن حال حولها أثناء ردتّه فلا زكاة فيها، فإن عاد إلى الإسلام وبقي المال وجبت زكاتها،[١١] ودليل عدم وجوب الزكاة على غير المسلم قول الله -تعالى-: (وَما مَنَعَهُم أَن تُقبَلَ مِنهُم نَفَقاتُهُم إِلّا أَنَّهُم كَفَروا بِاللَّـهِ وَبِرَسولِهِ وَلا يَأتونَ الصَّلاةَ إِلّا وَهُم كُسالى وَلا يُنفِقونَ إِلّا وَهُم كارِهونَ).[١٢][١٣]
  • الحرّ: فلا تجب الزكاة على العبد.[١١][١٣]
  • البالغ العاقل: حيث يُشترط ذلك عند الحنفية، أمّا الجمهور فقالوا بأنّ البلوغ والعقل لا يُشترطان، فالمجنون والصّبي يُخرج وليّهما زكاة أموالهما.[١١]


حكم الزكاة

تأتي الزّكاة في المرتبة الثالثة بعد الشهادتين والصلاة من أركان الإسلام الخمسة، قال -تعالى-: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم وَاللَّـهُ سَميعٌ عَليمٌ)،[١٤][١٥] وقد شرعها الله على عباده من أجل تطهير نفوسهم من البخل والشّحّ، وحتى يُقدّم أغنياء المسلمين المساعدة لفقرائهم، فلا تنحصر الأموال داخل المجتمع الإسلامي بأيدي طائفةٍ معيّنةٍ دون الأخرى، وبالتالي فإن الزّكاة تُحقّق المصالح لجميع أفراد المجتمع على اختلاف مستوياتهم المادّية، والزّكاة فرضٌ على كل مسلم ٍتحقّقت فيه شروطها؛ سواء كان كبيراً أم صغيراً، ذكراً أم أنثى، ولأهميّتها فقد قرنها الله بالصلاة في الكثير من مواضع القرآن الكريم.[١٦]


وقد ورد دليل فرضيّتها في الكتاب والسّنّة والإجماع، ففي القرآن قوله -تعالى-: (وَآتَوُا الزَّكاةَ)،[١٧] أمّا من السّّنة النبويّة؛ فقد قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ)،[١٨] وأمّا الإجماع فقد أجمعت الأمّةُ على أنّها ركنٌ من أركان الإسلام.[١٩]


______________________________________

الهامش

* الركاز: أي الكنز المدفون في الأرض وليس له مالك، سواء كان نقداً أو معدناً.[٢٠]


المراجع

  1. كمال السيد سالم (2003)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوفيقية، صفحة 13، جزء 2. بتصرّف.
  2. كمال السيد سالم (2003)، صحيح فقه السّنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوقيفية، صفحة 15، جزء 2. بتصرّف.
  3. صالح السدلان (1425)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 60-63. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين (1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 236، جزء 23. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين (1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 236-237، جزء 23. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين (1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 241، جزء 23. بتصرّف.
  7. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين (1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 242، جزء 23. بتصرّف.
  8. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 9867، حسن.
  9. مجموعة من المؤلفين (1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 244، جزء 23. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين (1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 245-246، جزء 23. بتصرّف.
  11. ^ أ ب ت سعيد حوّى (1994)، الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار السلام، صفحة 2376، جزء 5. بتصرّف.
  12. سورة التوبة، آية: 54.
  13. ^ أ ب محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: بيت الأفكار الدولية، صفحة 17، جزء 3. بتصرّف.
  14. سورة التوبة، آية: 103.
  15. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 231، جزء 1. بتصرّف.
  16. صالح السدلان (1425)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 59-60. بتصرّف.
  17. سورة التوبة، آية: 5.
  18. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح .
  19. عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 536، جزء 1. بتصرّف.
  20. "تعريف ومعنى الركاز في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-1-2021. بتصرّف.
5745 مشاهدة
للأعلى للسفل
×