شروط صحة الصيام عند المالكية

كتابة:
شروط صحة الصيام عند المالكية

شروط صحة الصيام في المذهب المالكي

يُقسّم المالكية شروط الصيام إلى ثلاثة أنواع؛ شروط وجوب، وشروط صحة، وشروط وجوب وصحة معاً، وبناء على ذلك فشروط الصحة مرتبطة بالقسمين الأخيرين، وتلخيصهما على النحو التالي:[١]

  • شروط صحة فقط: شرطان لصحة الصوم عند المالكية:
    • الإسلام: لا يصح الصوم من غير المسلم، رغم أنه واجب عليه، والكافر يعاقب على كفره وعلى تركه الواجبات.
    • الزمان القابل للصوم: أي الصوم في زمن يجوز فيه الصوم، فلا يصح الصوم في يوم العيد.
  • شروط وجوب وصحة معاً: وهي ثلاثة شروط:
    • الطهارة من دم الحيض والنفاس: وهو شرط خاص بالنساء، فلا يجب صوم الحائض ولا النفساء، ولا يصح صومهما حتى زوال المانع، ويجب عليهما المباشرة بالأداء بعد الطهارة.
    • العقل: فهو مناط التكليف، فلا يجب على المجنون والمغمى عليه، ولا يصح منهما. وإذا أفاق المجنون والمغمى عليه فعليهما القضاء ما لم يكن الإغماء زمنه يسيرا، أما النائم فلا يجب عليه القضاء ما دام مبيتا للنية من أول الشهر.
    • النية: اختلف فقهاء المالكية في النية، فمنهم من يرى أنها ركن، ورجح آخرون أنّ النية شرط لوجوب وصحة الصوم وهو الأظهر،[٢] وتكفي نية واحدة لكل صيام يجب فيه التتابع كشهر رمضان أو الكفارات ما لم ينقطع التتابع، لكن يندب تجديدها كل ليلة.

الشرط والركن والفرق بينهما

في الغالب غير المختص بأحكام الشريعة الإسلامية لا يميز بين الشرط والركن، وربما أدى ذلك للتهاون أو التقصير فيما عدّه الفقهاء شروطاً للعبادة، ظنّا منهم ألا أهمية للشرط، بالتالي يَحسُن توضيح ذلك على النحو التالي:

تعريف الشرط

الشرط لغةً: إِلزامُ الشَّيْءِ والتِزامُه فِي البيعِ وَنَحْوِهِ، والجمع شروط وأشراط، والاشتراط أن يجعل الناس بينهم علامة يلتزمون بها، وأشراط الساعة: علاماتها، والشرطة سمّوا كذلك لأنهم يلتزمون لباسا يتميزون به عن غيرهم،[٣] فالشرط علامة مميزة لازمة في الشيء.

والشرط اصطلاحاً: "هو ما يتوقف وجود الحكم على وجوده، ويلزم من عدمه عدم الحكم"،[٤] وعرفه آخرون بأنه: "ما يلزم من عدمه عدم المشروط ولا يلزم من وجوده عدم ولا وجود لذاته"،[٥][٥]

الإسلام مثلاً شرط لصحة الصيام، فإذا انعدم الإسلام انعدمت صحة الصوم، ولا يلزم من وجود الإسلام -أي كون الإنسان مسلما- صحة الصوم أو عدم صحته، فربما يكون الصوم باطلاً؛ لانتفاء شروط أخرى كانعدام العقل مثلا.

تعريف الركن

الركن لغةً: الجانب الأقوى، والناحية القوية وما يتقوى به، ورُكْنُ الإنسان: "قُوَّتُهُ وَشِدَّتُهُ، ورُكْنُ الْجَبَلِ وَالْقَصْرِ: جَانِبُهُ"، وأركان كل شيء: جوانبه التي يستند إليها ويقوم بها.[٦] فالركن هو الجانب الأقوى الذي يستند إليه الشيء ويقوم به.

والركن اصطلاحا: "هو الداخل في حقيقة الشيء المحقق لماهيته، وقيل: هو ما يتم به الشيء، وهو داخل فيه"،[٧] والماهية هي حقيقة الشيء، فالفقهاء اتفقوا على أنّ الإمساك عن المفطرات ركن في الصيام، فماهية الصيام الإمساك عن المفطرات التي هي حقيقة الصوم ولا يقوم الصوم إلا به، وربما يتضح الأمر بضرب مثل في الصلاة، فمن أركانها الركوع وهو جزء من الصلاة لا تقوم الصلاة إلا به.

الفرق بين الشرط والركن

يتضح من خلال تعريف كل من الشرط والركن، أنّ الفرق بينهما في الماهية؛ فالشرط خارج ماهية الفعل، أي ليس جزء من حقيقة الشيء، بينما الركن هو جزء من الماهية أي حقيقة الشيء، وكل منهما يتوقف عليه صحة الفعل أو عدمه.[٨]

ومثال ذلك: في الصوم الإسلام شرط من شروطه وليس جزء من حقيقة الصوم، بينما الإمساك عن المفطرات ركن، وهو ما تقوم به حقيقة الصوم، ومثال الصلاة أوضح: الطهارة شرط في الصلاة، لكنها خارج ماهية الصلاة، بينما الركوع أحد أركانها هو جزء من حقيقة الصلاة وأفعالها.

إذاً فالشروط يجب على المكلف أن يأتي بها وفقاً لما شرع الشارع حتى يحكم بصحتها، وإلا فيحكم الشارع بعدم صحتها، ولذلك لا تترتب عليها آثارها، ومثال ذلك موضوع الصيام يحكم الشارع ببطلانه لخلل فيه، سواءً كان الخلل في ركن من أركانه أو شرط من شروطه، ولا يرتب عليه آثاره، ولا يسقط الواجب ولا تبرأ به الذمة، وعليه القضاء.[٩]

أقسام الصيام

الصيام ركنٌ من أركان ديننا العظيم، وهو عبادة أجرها عظيم وفضلها كبير، وقد قسّم الفقهاء الصوم إلى أقسام عدّة، وهي كما يأتي:[١٠]

  • الصوم المفروض

وهو محصور في شهر رمضان فقط، ويدخلون فيه من أراد الصيام في الكفارات؛ مثل كفارة اليمين، وغيرها، وفرضية الصيام في الكفارات عملاً لا اعتقاداً.

  • الصوم الواجب

مثل من نذر الصيام في غير رمضان، وعند بعض الفقهاء صيام التطوع بعد الشروع فيه.

  • الصوم المسنون

مثل صيام عاشوراء ويوم قبله أو بعده.

  • الصوم المندوب

مثل صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصيام ستة أيام من شوال، وغيرها من المندوبات.

  • الصوم النَّفْل

وهو ما سواه؛ ما لم تثبت كراهيته.

  • الصوم المكروه: وهو على قسمين:
    • مكروه تحريما: كصيام أيام العيدين، وصيام أيام التشريق.
    • مكروه تنزيها: إفراد عاشوراء عند بعض الفقهاء، وأيام أعياد غير المسلمين، والله أعلم.

المراجع

  1. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، دمشق:دار الفكر، صفحة 679-681، جزء 3. بتصرّف.
  2. محمد الدسوقي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، صفحة 520، جزء 1. بتصرّف.
  3. محمد ابن منظور، لسان العرب (الطبعة 3)، بيروت:دار صادر، صفحة 329-330، جزء 7. بتصرّف.
  4. عبد الوهاب خلاف، علم أصول الفقه، صفحة 118.
  5. ^ أ ب قسم الفتوى (28/10/1999)، "تعريف الشرط والركن والواجب"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 11/2/2022.
  6. محمد ابن منظور، لسان العرب (الطبعة 3)، بيروت:دار صادر، صفحة 185-186، جزء 13. بتصرّف.
  7. عبد الكريم النملة (1999)، الْمُهَذَّبُ في علم أصول الفقه المقارن (الطبعة 1)، الرياض:مكتبة الرشد ، صفحة 1963، جزء 5.
  8. قسم الفتوى (28/10/1999)، "تعريف الشرط والركن والواجب"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 11/2/2022. بتصرّف.
  9. عبد الوهاب خلاف، علم أصول الفقه، صفحة 126. بتصرّف.
  10. خالد الجريسي (21/8/1999)، "أقسام الصيام وشروطه وأسبابه"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 11/2/2022. بتصرّف.
5357 مشاهدة
للأعلى للسفل
×