محتويات
شعراء العصر الحديث
يُطلق مصطلح شعراء العصر الحديث على الشعراء الذين بَرَزوا في القرن العشرين، حيثُ زادت شهرة شعراء العصر الحديث بشكل كبير، وكان ذلك لعدّة أسباب منها ظهور الشعر الحر الذي خرج على البحور التقليدية وصاحبَ ذلك تغيُّر في الألفاظ والتعابير نظرًا لتطوُّر العصر وحاجة الناس إلى تبسيط أكثر في اللغة، ومن أبرز شعراء العصر الحديث: بدر شاكر السياب، محمد الفيتوري، نازك الملائكة، صلاح عبد الصبور، نزار قباني، محمود درويش، وغيرهم، وفي هذا المقال سيدور الحديث عن الشاعر أحمد مطر وعن شعر أحمد مطر وقصائده.
الشاعر أحمد مطر
قبل الحديث عن شعر أحمد مطر لا بدَّ من الإشارة إلى الشاعر أحمد مطر، حيثُ ولدَ الشاعر العراقيّ الثوري أحمد مطر في إحدى قرى البصرة في العراق عام 1954م، بدأ أحمد مطر بكتابة الشعر وهو في الرابعة عشرة من عمره، وعندما بدأ ينتقد في أشعاره السلطات معرِّضًا نفسه للخطر اضطرَّ للسفر للإقامة في الكويت لفترة من الزمن، وفي الكويت شكَّل مع صديقه الحميم ناجي العلي فنان الكاريكاتير ثنائيًا لا يفترق أحدهم عن الآخر على طول إقامتهما هناك وعَمِلا معًا في جريدة القبس، ولكن بسبب موقفهما السياسي وانتقاداتهما اللاذعة للسلطات العربية ممّا أثار الحكومات عليهما، نُفيا من الكويت واستقرّا في مدينة لندن منذ عام 1986م، وفقَدَ أحمد مطر صديقه ناجي بعد أن تعرَّض لعملية اغتيال هناك وعاش وحيدًا يكتبُ أشعاره التي انتشرت في بقاع العالم العربي لما فيها من حسٍّ ثوريٍّ مرتفع وحماس ضد الظلم والاستبداد، وما زال ينشر أشعاره في جريدة الراية القطرية تحت زاوية بعنوان لافتات، والشاعر أحمد مطر متزوج وعنده ابنة وثلاثة أبناء. [١]
شعر أحمد مطر
في الحديث عن شعر أحمد مطر سيدور الحديث عن أسلوبه الشعري الذي انتهجه في كتابة الشعر والمواضيع التي اختارها مع ذكر بعض الشواهد الشعرية، بدأ شعر أحمد مطر في أوَّل أمره يدور حول الغزل والرومانسية، فغالبًا ما يبدأ الشباب أشعارهم بما يدور في نفوسهم من مشاعر حبٍّ وحنين واشتياق، ومن أوائل القصائد الغزلية التي كتبها وأكَّد في ذلك الوقت بعض المختَّصين أنَّها تبشِّرُ بشاعر كبير وكان مطلعها:
مرقت كالسَّهم لا تلوي خطاها ليت شعري ما الذي اليوم دهاها
وفي ذلك الوقت أيضًا كتب العديد من القصائد في مدح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي مدح الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، ومن تلك القصائد القصيدة التي مطلعها:
راحت تحاورني وتسكب همسها نغما رقيقًا يستفيقُ على الفمِ
لكنَّه لم يلبث بعد ذلك أن أحسَّ بأوجاع وطنه وما يعانيه من تسلُّط الحكام ومصادرة الحريات العامة للناس بشكل غير مقبول في القرن العشرين، إضافةً إلى تعذيب الناس والتنكيل بهم من أجل التمسُّك بالسلطة، وهذا ما لم يقبل أحمد مطر السكوت عنه، فألقى بنفسه في تلك الفترة المبكرة من عمره في غمار الصراع السياسي، رافعًا صوته مجاهرًا بانتقاداته للحكومة معبِّرًا عن مشاعر المواطنين في الرغبة في العيش والكرامة وموقفهم من سلطة تصادر أدنى حقوقهم وهو حق الحياة، وكانت قصائده طويلة في تلك الفترة تصل أحيانًا إلى مئة بيت يلقيها على مسامع الناس، وهذا ما ألَّب السلطات عليه فاضطرَّ للهروب من بلده متنقِّلًا من منفى إلى منفى إلى أن استقرَّ في لندن يصارع الحنين والمرض.
وقد تميَّزَ شعر أحمد مطر بالسهولة والبساطة اللغوية وهو ما يسمَّى بالسهل الممتنع، وهي نفس المدرسة الشعرية التي كان عليها نزار قباني وغيره، فالشاعر أحمد مطر يكتب مشاعر قومية وطنية ثورية يوجِّه أشعاره إلى كل طبقات المجتمع فكان شعره بسيطًا يستطيع كل إنسان أن يفهم معنى أشعاره وتعلق بها، ومن الأمثلة على ذلك:
أجَلْ أدري
بأنِّي في حِسابِ الخانعين اليومَ مُنتَحِـرُ
ولكنْ أيُّهُم حيٌّ
وهُمْ في دوُرِهِـمْ قُبِـروا؟
كما تناولَ شعر أحمد مطر مواضيع جادّة، اختارها الشاعر ببراعة وصاغها معتمدًا على إبداعه وما لديه من إمكانيات أدبية وكانت قصائده تتمحور حول غرض واحد، فكل قصيدة لها موضوع واحد منفرد لا يشوبه خلط ودمج وقصائده معظمها عبارة عن مقطوعات قصيرة، ومن الأمثلة على ذلك قصيدته التالية:
ترك اللصُّ لنا ملحوظةً
فوق الحصيرْ
جاء فيها:
لعنَ الله الأمير
لم يدع شيئًا لنا نسرقُه
إلا الشخير
وهذه القصيدة أيضًا فيها شيء من السخرية التي تميَّز بها شعر أحمد مطر في معظم القصائد، لكن السخرية عنده كانت هادفة لإيصال أفكار معينة حملها شعر أحمد مطر، ولم تكن من أجل الضحك والهزل، فرغم السخرية التي في قصائده إلا أنها تحمل قضايا إنسانية في مجملها سياسية واجتماعية واقتصادية تصور ما يعانيه الشعب في ظلِّ الحكومات. ومن أشهر الأمثلة على شعر أحمد مطر الساخر:
بالتَّمادي
يُصبِحُ اللصُّ بأوربَّا
مُديرًا للنوادي
وبأمريكا
زعيمًا للعصاباتِ وأوكارِ الفسادِ
و بإوطاني التي
مِنْ شرعها قَطْـعُ الأيادي
يُصبِحُ اللصُّ
رئيسًا للبلادِ
وكما سبقَ فقد جمعَ شعر أحمد مطر بين الثورة والمشاعر الوطنية والقومية بأسلوب سهل وبسيط يشدُّ معظم القرَّاء وساخر في معظم الأحيان بقالب ينتقدُ فيه المجتمع بطريقة فنيَّة رائعة ويهدفُ إلى الإصلاح والتوعية. [٢]
ديوان شعر لأحمد مطر
يعدُّ ديوان الساعة من أشهر دواوين الشاعر أحمد مطر والذي صدرَ في عام 1989م، وكما في جميع شعر أحمد مطر فقد انعكست السياسة بشكل كبير وواضح على هذا الديوان، وبالإضافة إلى العراك السياسي الذي يخوضه في كلِّ أشعاره، إلا أنَّه في هذا الديوان تناول موضوع يشغل جميع الناس بل ويأخذ حياتهم كلها وهو موضوع الوقت والزمن، فالوقت هو نواة الحياة ومادتها التي يحقق لها وجودها، فجمع أحمد مطر في ديوان الساعة بين السياسة ومواقفه الدفاعية ضدَّ الظلم والاستبداد وبين فلسفة الوقت التي تتعدَّى كونها قضية محدودة بل تعدُّ قضيَّةً إنسانية عامة، واعتمدَ فيه أيضًا أسلوبه الشعري البسيط والذي يحمل شيئًا من السخرية أحيانًا، ففي قصائده التي تحمل أنغام موسيقية تبعثُ على الثقة والتفاؤل إطلالة بهية لتغيير قادمٌ لا محالة يعوقه الوقت فقط، نسمعُ صوت خطواته في أنحاء هذا الديوان، فدقَّات قصائد ديوان الساعة تترقَّبُ حصول معجزة التغيير بثقة وأمل وتفاؤل، وفيما يأتي إحدى قصائد الديوان: [٣]
في ساعةٍ واحدةٍ أَجمعُ خمسينَ سَنَةْ أَزمنةً وأمكنةْ وأَطرحُ الوجوهَ في وجوهها الملوّنةْ مُخلِصةً، وخائنةْ ثائِرةً، ومُذعنةْ مَدينةً، ودائِنةْ وأضربُ الأرقامَ إنْ لم تلبسِ المخالبْ وأَلدغُ العقربَ بالعقاربْ وأُنطِقُ الصمتَ بكُلِّ الألسنةْ وأنتضي جِلْدَ السلاطيِن نِعالاً لحفاةِ السلطنةْ
قصائد أحمد مطر
كتبَ الشاعر أحمد الكثير من الأشعار التي انتشرت بين قرَّاء العربية بشكل كبير نظرًا للمشاعر القومية والوطنية والثورية التي يحملها شعر أحمد مطر، فكان شاعرًا قريبًا جدًّا من الناس بأشعاره رغمَ تواريه عن الأنظار في بلد المنفى، وفيما يأتي بعض من قصائد أحمد مطر: [٤]
- قصيدةُ عفو عام:
أصدر عفو عام عن الذين أعدموا، بشرط أن يقدموا عريضة استرحام مغسولة الأقدام، غرامة استهلاكهم لطاقة النظام، كفالة مقدارها خمسون ألف عام، تعهد بأنهم ليس لهم أرامل ولا لهم ثواكل ولا لهم أيتام شهادة التطعيم ضد الجدري قصيدة صينية للبحتري خريطة واضحة لأثر الكلام هذا ومن لم يلتزم بهذه الأحكام يحكم بالإعدام.
- قصيدة قفوا ضدي:
قِفـوا ضِـدّي دَعُوني أقتفي وَحْدي.. خُطى وَحْدي! أنا مُنذُ اندلاع براعِمِ الكلماتِ في مَهدي قَطَعتُ العُمرَ مُنفردًا أصُـدُّ مناجِلَ الحَصْدِ وَما مِن مَوْردٍ عِندي لأسلحتي سِوى وَرْدي! فَلا ليَ ظَهْرُ أمريكا لِيُسندَ ظَهريَ العاري وَلا ليَ سُلطةٌ تُوري بِقَدْح زنادها ناري وَلا ليَ بَعدَها حِزبُ يُسَدِّدُ زَنْدُهُ زَندي.
- قصيدة القتيل المقتول:
بينَ بيـنْ واقِـفٌ، والموتُ يَعـدو نَحـْوَهُ مِـنْ جِهَتينْ فالمَدافِـعْ سَـوفَ تُرديـهِ إذا ظلَّ يُدافِعْ والمَدافِـعْ سـوفَ تُرديـهِ إذا شـاءَ التّراجُـعْ واقِـفٌ والمَوتُ في طَرْفَـةِ عينْ أيـنَ يمضـي؟ المَـدى أضيَـقُ مِن كِلْمَـةِ أيـنْ ماتَ مكتـوفَ اليديـنْ. مَنحـو جُثّتَـهُ عضـويّةَ الحِـزْبِ فَناحَـت أُمُّـهُ: وا حَـرَّ قلبي قَتَـلَ الحاكِـمُ طِفْلـي مَرّتيـنْ!
المراجع
- ↑ احمد مطر, ، "www.wikiwand.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 7-3-2019، بتصرف
- ↑ أحمد مطر, ، "www.marefa.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 7-3-2019، بتصرف
- ↑ ديوان الساعة, ، "www.abjjad.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 7-3-2019، بتصرف
- ↑ قصائد أحمد مطر, ، "www.aldiwan.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 7-3-2019، بتصرف