محتويات
- ١ قصيدة: سلوتم وبقينا نحن عشاقًا
- ٢ قصيدة: أنى أضيع عهدك
- ٣ قصيدة: ودع الصبر محب ودعك
- ٤ قصيدة: ترقّب إذا جنّ الظلام زيارتي
- ٥ قصيدة: جادك الغيث إذا الغيث همى
- ٦ قصيدة: أزورك أم تزور فإن قلبي
- ٧ قصيدة: أغار عليك من عيني رقيبي
- ٨ قصيدة: يوم تضاحك نوره الوضاء
- ٩ قصيدة: أذوق الهوى مر المطاعم علقما
- ١٠ قصيدة: صب تحكم كيف شاء حبيبه
- ١١ قصيدة: طرقت منقبة تروع تحجبا
- ١٢ قصيدة: في كُلِّ نادٍ مِنكَ رَوضُ ثَناءِ
- ١٣ قصيدة: الجسم في بلد والروح في بلد
- ١٤ قصيدة: أيقتلني دائي وأنت طبيبي
قصيدة: سلوتم وبقينا نحن عشاقًا
إِنّي ذَكَرتُكِ بِالزَهراءَ مُشتاقًا
- وَالأُفقُ طَلقٌ وَمَرأى الأَرضِ قَد راقا
وَلِلنَسيمِ اِعتِلالٌ في أَصائِلِهِ
- كَأَنَّهُ رَقَّ لي فَاعتَلَّ إِشفاقا
وَالرَوضُ عَن مائِهِ الفِضِيِّ مُبتَسِمٌ
- كَما شَقَقتَ عَنِ اللَبّاتِ أَطواقا
يَومٌ كَأَيّامِ لَذّاتٍ لَنا انصَرَمَت
- بِتنا لَها حينَ نامَ الدَهرُ سُرّاقا
نَلهو بِما يَستَميلُ العَينَ مِن زَهَرٍ
- جالَ النَدى فيهِ حَتّى مالَ أَعناقا
كَأَنَّ أَعيُنَهُ إِذ عايَنَت أَرَقي
- بَكَت لِما بي فَجالَ الدَمعُ رَقراقا
وَردٌ تَأَلَّقَ في ضاحي مَنابِتِهِ
- فَازدادَ مِنهُ الضُحى في العَينِ إِشراقا
سَرى يُنافِحُهُ نَيلوفَرٌ عَبِقٌ
- وَسنانُ نَبَّهَ مِنهُ الصُبحُ أَحداقا
كُلٌّ يَهيجُ لَنا ذِكرى تَشَوُّقِنا
- إِلَيكِ لَم يَعدُ عَنها الصَدرُ أَن ضاقا
لا سَكَّنَ اللَهُ قَلباً عَقَّ ذِكرَكُمُ
- فَلَم يَطِر بِجَناحِ الشَوقِ خَفّاقا
لَو شاءَ حَملي نَسيمُ الصُبحِ حينَ سَرى
- وافاكُمُ بِفَتىً أَضناهُ ما لاقى
لَو كانَ وَفّى المُنى في جَمعِنا بِكُم
- لَكانَ مِن أَكرَمِ الأَيّامِ أَخلاقا
يا عَلقِيَ الأَخطَرَ الأَسنى الحَبيبَ إِلى
- نَفسي إِذا ما اِقتَنى الأَحبابُ أَعلاقا
كانَ التَجارِي بِمَحضِ الوُدِّ مُذ زَمَنٍ
- مَيدانَ أُنسٍ جَرَينا فيهِ أَطلاقا
فَالآنَ أَحمَدَ ما كُنّا لِعَهدِكُمُ
- سَلَوتُمُ وَبَقينا نَحنُ عُشّاقا
قصيدة: أنى أضيع عهدك
قال الشاعر ابن زيدون:[٢]
أَنّى أُضَيِّعُ عَهدَك
- أَم كَيفَ أُخلِفُ وَعدَك
وَقَد رَأَتكَ الأَماني
- رِضىً فَلَم تَتَعَدَّك
يا لَيتَ ما لَكَ عِندي
- مِنَ الهَوى لِيَ عِندَك
فَطالَ لَيلُكَ بَعدي
- كَطولِ لَيلِيَ بَعدَك
سَلني حَياتي أَهَبها
- فَلَستُ أَملِكُ رَدَّك
الدَهرُ عَبدِيَ لَمّا
- أَصبَحتُ في الحُبِّ عَبدَك
قصيدة: ودع الصبر محب ودعك
قال الشاعر ابن زيدون:[٣]
ودَّعَ الصَبرَ مُحِبٌّ وَدَّعَك
- ذائِعٌ مِن سِرِّهِ ما اِستَودَعَك
يَقرَعُ السِنَّ عَلى أَن لَم يَكُن
- زادَ في تِلكَ الخُطا إِذ شَيَّعَك
يا أَخا البَدرِ سَناءً وَسَنًا
- حَفِظَ اللَهُ زَمانًا أَطلَعَك
إِن يَطُل بَعدَكَ لَيلي فَلَكَم
- بِتُّ أَشكو قِصَرَ اللَيلِ مَعَك
قصيدة: ترقّب إذا جنّ الظلام زيارتي
قالت الشاعرة ولادة بنت المستكفي:[٤]
ترقّب إذا جنّ الظلام زيارتي
- فإنّي رأيت الليل أكتم للسرِّ
وَبي منك ما لو كانَ بالشمسِ لم تلح
- وبالبدر لم يطلع وَبالنجم لم يسرِ
قصيدة: جادك الغيث إذا الغيث همى
قال الشاعر لسان الدين بن الخطيب:[٥]
جادَكَ الغيْثُ إذا الغيْثُ هَمى
- يا زَمانَ الوصْلِ بالأندَلُسِ
لمْ يكُنْ وصْلُكَ إلاّ حُلُما
- في الكَرَى أو خِلسَةَ المُخْتَلِسِ
إذْ يقودُ الدّهْرُ أشْتاتَ المُنَى
- تنْقُلُ الخَطْوَ علَى ما يُرْسَمُ
زُفَرًا بيْنَ فُرادَى وثُنَى
- مثْلَما يدْعو الوفودَ الموْسِمُ
والحَيا قدْ جلّلَ الرّوضَ سَنا
- فثُغورُ الزّهْرِ فيهِ تبْسِمُ
ورَوَى النّعْمانُ عنْ ماءِ السّما
- كيْفَ يرْوي مالِكٌ عنْ أنسِ
فكَساهُ الحُسْنُ ثوْبًا مُعْلَما
- يزْدَهي منْهُ بأبْهَى ملْبَسِ
في لَيالٍ كتَمَتْ سرَّ الهَوى
- بالدُّجَى لوْلا شُموسُ الغُرَرِ
مالَ نجْمُ الكأسِ فيها وهَوى
- مُسْتَقيمَ السّيْرِ سعْدَ الأثَرِ
وطَرٌ ما فيهِ منْ عيْبٍ سَوَى
- أنّهُ مرّ كلَمْحِ البصَرِ
حينَ لذّ الأنْسُ مَع حُلْوِ اللّمَى
- هجَمَ الصُّبْحُ هُجومَ الحرَسِ
غارَتِ الشُّهْبُ بِنا أو ربّما
- أثّرَتْ فيها عُيونُ النّرْجِسِ
أيُّ شيءٍ لامرِئٍ قدْ خلَصا
- فيكونُ الرّوضُ قد مُكِّنَ فيهْ
تنْهَبُ الأزْهارُ فيهِ الفُرَصا
- أمِنَتْ منْ مَكْرِهِ ما تتّقيهْ
فإذا الماءُ تَناجَى والحَصَى
- وخَلا كُلُّ خَليلٍ بأخيهْ
تبْصِرُ الورْدَ غَيورًا برِما
- يكْتَسي منْ غيْظِهِ ما يكْتَسي
وتَرى الآسَ لَبيبًا فهِما
- يسْرِقُ السّمْعَ بأذْنَيْ فرَسِ
يا أُهَيْلَ الحيّ منْ وادِي الغضا
- وبقلْبي مسْكَنٌ أنْتُمْ بهِ
ضاقَ عْنْ وجْدي بكُمْ رحْبُ الفَضا
- لا أبالِي شرْقُهُ منْ غَرْبِهِ
فأعِيدوا عهْدَ أنْسٍ قدْ مضَى
- تُعْتِقوا عانِيكُمُ منْ كرْبِهِ
واتّقوا اللهَ وأحْيُوا مُغْرَما
- يتَلاشَى نفَسًا في نفَسِ
حُبِسَ القلْبُ عليْكُمْ كرَما
- أفَتَرْضَوْنَ عَفاءَ الحُبُسِ
وبقَلْبي منْكُمُ مقْتَرِبٌ
- بأحاديثِ المُنَى وهوَ بَعيدْ
قمَرٌ أطلَعَ منْهُ المَغْرِبُ
- بشِقوةِ المُغْرَى بهِ وهْوَ سَعيدْ
قد تساوَى مُحسِنٌ أو مُذْنِبُ
- في هَواهُ منْ وعْدٍ ووَعيدْ
ساحِرُ المُقْلَةِ معْسولُ اللّمى
- جالَ في النّفسِ مَجالَ النّفَسِ
قصيدة: أزورك أم تزور فإن قلبي
قالت الشاعرة حفصة بنت الحاج الركونية:[٦]
أَزورُكَ أمْ تزور فَإنَّ قَلْبي
- إلى مَا تَشْتَهِي أَبَدًا يَمِيلُ
فَثَغرِي مَورد عَذبٌ زُلالٌ
- وَفرع ذؤابتي ظلٌّ ظليلُ
وقد أمّلتُ أَنْ تَظما وتضحي
- إذا وَافَى إليْك بي المقيلُ
فعجّل بالجَوَابِ فَمَا جميلُ
- إباؤك عن بثينة يا جميلُ
قصيدة: أغار عليك من عيني رقيبي
قالت الشاعرة حفصة بنت الحاج الركونية:[٦]
أَغَارُ عَليْكَ مِن عَيْنِي رقيبي
- ومنكَ ومِنْ زمانك والمَكَان
وَلو أنّي خَبّأتُك فِي عُيُوني
- إِلَى يَوْم القِيامَة مَا كَفَاني
قصيدة: يوم تضاحك نوره الوضاء
قال الشاعر ابن سهل الأندلسي:[٧]
يَومٌ تَضاحَكَ نورُهُ الوَضّاءُ
- لِلدَهرِ مِنهُ حُلَّةٌ سيَراءُ
والبَحرُ وَالمَيثاءُ وَالحَسَنُ الرِضا
- لِلناظِرينَ ثَلاثَةٌ أَكفاءُ
فَإِذا اِعتَبَرنا جودَهُ وَعُلاهُ لَم
- يَغرِب عَلَينا البَحرُ وَالمَيثاءُ
وَاليَمُّ رَهوٌ إِذ رَآكَ كَأَنَّهُ
- قَد قَيَّدتَهُ دَهشَةٌ وَحَياءُ
لَقِنَ الوَقارُ إِذ اِرتَقى مِن فَوقِهِ
- نَدبٌ أَشَمُّ وَهَضبَةٌ شَمّاءُ
لاقى نَداهُ نَبتَها فَتَرى يَدًا
- بَيضاءَ حَيثُ حَديقَةٌ خَضراءُ
فَذٌّ تَغَرَّبَ في المَكارِمِ أَوحَدا
- فَتَأَنَّسَت في ظِلِّهِ الغَرباءُ
يَدعو الوُفودَ إِلى صَنائِعِهِ الَّتي
- شَرُفَت فَشَأناهُ نَدى وَنِداءُ
أَيّامُهُ مَصقولَةٌ أَظلالُها
- سَدِكَت بِها الأَضواءُ وَالأَنداءُ
أَورَقنَ أَو أَشرَقنَ حَتّى إِنَّهُ
- تَجري الصِلادُ وَتُقبَسُ الظَلماءُ
هَديٌ وَجودٌ وَهوَ مِثلُ النَجمِ عَن
- هُ تَحَدَّثُ الأَنواءُ وَالأَضواءُ
أَعطى وَهَشَّ فَما لِنَشوَةِ جودِهِ
- صَحوٌ وَلا لِسَمائِهِ إِصحاءُ
كَفلَ الوَرى فَلَهُ إِلى خَلّاتِهِم
- نَظَرٌ وَعَن زَلّاتِهِم إِغضاءُ
آمالُهُم شَتّى لَدَيهِ تَخالَفَت
- وَقُلوبُهُم بِالحُبِّ فيهِ سَواءُ
يا مَن أَنا وَمَديحُهُ وَنَوالُهُ
- أَلطَوقُ وَالتَغريدُ وَالوَرقاءُ
بِكرٌ أَتَتكَ عَلى اِحتِشامٍ فَليَجِد
- مِنكَ القَبولَ العُذرُ وَالعَذراءُ
تُجلى بِفَخرِكَ فَالسَماءُ مِنَصَّةٌ
- وَالشُهبُ حَليٌ وَالصَباحُ رِداءُ
فَاسلَم وَكُلُّ الدَهرِ عِندَكَ مَوسِمٌ
- أَبَدًا وَكُلُّ الشِعرِ فيكَ هَناءُ
وَاِخلُد مُعافى الجِسمِ مَمدوحًا إِذا
- حُرِمَ الأَطِبَّةُ يُرزَقُ الشُعَراءُ
قصيدة: أذوق الهوى مر المطاعم علقما
قال الشاعر ابن سهل الأندلسي:[٨]
أَذوقُ الهَوى مُرَّ المَطاعِمِ عَلقَمًا
- وَأَذكُرُ مِن فيهِ اللَمى فَيَطيبُ
تَحِنُّ وَتَصبو كُلُّ عَينٍ لِحُسنِهِ
- كَأَنَّ عُيونَ الناسِ فيهِ قُلوبُ
وَموسى وَلا كُفرانَ لِلَهِ قاتِلي
- وَموسى لِقَلبي كَيفَ كانَ حَبيبُ
قصيدة: صب تحكم كيف شاء حبيبه
قال الشاعر ابن سهل الأندلسي:[٩]
صَبٌّ تَحَكَّمَ كَيفَ شاءَ حَبيبُهُ
- فَغَدا وَطولُ الهَجرِ مِنهُ نَصيبُهُ
مَصفي الهَوى مَهجورُهُ وَحَريصُهُ
- مَمنوعُهُ وَبَريئُهُ مَعتوبُهُ
كَذِبُ المُنى وَقفٌ عَلى صِدقِ الهَوى
- وَبِحَيثُ يَصفو العَيشُ ثَمَّ خُطوبُهُ
يا نَجمَ حُسنٍ في جُفوني نَوءُهُ
- وَبِأَضلُعي خَفَقانُهُ وَلَهيبُهُ
أَوَما تَرِقُّ عَلى رَهينِ بَلابِلٍ
- رَقَّت عَلَيكَ دُموعُهُ وَنَسيبُهُ
وَلِهٌ يَحِنُّ إِلى كَلامِكَ سَمعُهُ
- وَلَو أَنَّهُ عَتبٌ تُشَبُّ حُروبُهُ
وَيَوَدُّ أَن لَو ذابَ مِن فِرطِ الضَنى
- لِيَعودَهُ في العائِدينَ مُذيبُهُ
مَهما رَنا لِيَراكَ حَجَّبَ عَينَهُ
- دَمعٌ تَحَيَّرَ وَسطَها مَسكوبُهُ
وَإِذا تَناوَمَ لِلخَيالِ يَصيدُهُ
- ساقَ السُهادَ سِياقُهُ وَنَحيبُهُ
فَالدَمعُ فيكَ مَعَ النَهارِ خَصيمُهُ
- وَالسُهدُ فيكَ مَعَ الكَلامِ رَقيبُهُ
فَمَتى يَفوزُ وَمِن عِداهُ بَعضُهُ
- وَمَتى يُفيقُ وَمِن ضَناهُ طَبيبُهُ
إن طافَ شَيطانُ السَلوِّ بِخاطِري
- فَشِهابُ شَوقي في المَكانِ يُصيبُهُ
مَن لي بِهِ حُلوًا لَدى عَطَلٍ لَهُ
- وَمَحاسِنُ القَمَرالمُنيرِ عُيوبُهُ
مَنهوبُ ما تَحتَ النِقابِ عَفيفُهُ
- نَهّابُ ما بَينَ الجُفونِ مُريبُهُ
قصيدة: طرقت منقبة تروع تحجبا
قال الشاعر ابن سهل الأندلسي:[١٠]
طَرَقَت مُنَقَّبَةً تَروعُ تَحَجُّبًا
- هَيهاتَ يَأبى البَدرُ أَن يَتَنَقَّبا
وَالصُبحُ في حَلَكِ الدُجى مُتَنَقِّبٌ
- وَحُلى الدَراري موشِكٌ أَن يُنهَبا
وَالفَجرُ يَكتُبُ في صَحيفَةِ أُفقِهِ
- أَلِفًا مَحَت نورَ الهِلالِ المُذهَبا
بَيضاءُ يَخفى البَدرُ مِن إِشراقِها
- قُصرى النُجومِ مَعَ الضُحى أَن تَغرُبا
وَدَّعتُها فَجَنَيتُ مِن مُرِّ النَوى
- حُلوَ الوَداعِ مُنَعَّمًا وَمُعَذَّبا
شَملٌ تَجَمَّعَ حينَ حانَ شَتاتُهُ
- وَيَزيدُ إِشراقُ السَراجِ إِذا خَبا
ذِكرى تُحَرِّكُني عَلى يَأسٍ كَما
- طُرِبَ الكَبيرُ لِذِكرِ أَيّامِ الصِبا
يُستَثقَلُ الخَبَرُ المُعادُ وَقَد أَرى
- خَبَرَ الحَبيبِ عَلى الإِعادَةِ طَيِّبا
يَحلو عَلى تَردادِهِ فَكَأَنَّهُ
- سَجَعُ الحَمامِ إِذا تَرَدَّدَ أَطرَبا
كَالأَوحَدِ اِبنِ الجَدِّ كُرِّرَ ذِكرُهُ
- فَأَتى عَلى تَكرارِهِ مُستَعذَبا
شَيحانُ تَحجُبُهُ المَهابَةُ سافِرًا
- أَبَدًا وَيُدنيهِ السَنا مُتَحَجِّبا
في وَجهِهِ وَبَنانِهِ وَبَيانِهِ
- ما في الكَواكِبِ وَالسَحائِبِ وَالرُبى
أَعطى فَما أَكدى وَهَبَّ فَما وَنى
- وَجَرى فَلَم يُلحَق وَهُزَّ فَما نَبا
عَقَدَت خَناصِرَها الرِجالُ لِذِكرِهِ
- وَبَدا فَحَلّوا مِن مَهابَتِهِ الحُبا
تَلقاهُ مَحبوبًاعَلى سَطَواتِهِ
- وَعَلى نَداهُ وَبِشرِهِ مُتَهَيَّبا
كَالرُمحِ ذا نَصلَينِ أَينَ حَنَيتَهُ
- أَلفَيتَهُ مِن حَومَتَيهِ مُذَرَّبا
كَالمَشرَفيِّ خَلابَةً وَذَلاقَةً
- أَو كَالزَمانِ تَسَهُّلًا وَتَصَعُّبا
حِلمٌ حَكى رَضوى وَلَكِنَّ تَحتَهُ
- بَأسٌ ذُرى رَضوى يَهِدُّ وَكَبكَبا
يَكتَنُّ مِنهُ البَطشُ تَحتَ سَكينَةٍ
- كَالزَندِ يوجَدُ خامِدًا مُتَلَهِّبا
تَأتي التَجارِبُ تَستَشيرُ ذَكاءَهُ
- مَهما اِستَشارَ الأَذكِياءُ مُجَرَّبا
كَرُمَت أَرومَتُهُ وَأَينَعَ فَرعُهُ
- فَحَوى الجَلالَةَ مَنسِبًا أَو مَنصِبا
كَالرَوضِ راقَكَ مَنظَرًا وَخَبَرتَهُ
- فَوَجَدتَ عُنصُرَهُ الغَمامَ الصَيّبا
هَشُّ النَدى جَزِلُ الوَقارِ كَأَنَّهُ
- بَحرٌ وَطَودٌ إِن حَبا وَإِن اِحتَبى
رَمَتِ المَعالي مِنهُ لَحظًا أَدعَجًا
- وَاِفتَرَّ عَنهُ الزَهرُ ثَغرًا أَشنَبا
اِيهٍ أَبا عَمرٍو وَوَصفُكَ قَد غَدا
- عِزّاً تَسَمّى كافِيًا لَكَ مَحسَبا
حَلَّيتَ حِمصًا بِالبَقيعِ مَدائِحًا
- وَحَمَيتَ مِنها بِالعَرينِ مُؤَشَّبا
حَسُنَت فَعادَ اللَيلُ صُبحًا نَيِّرًا
- فيها وَصارَ الصَلدُ رَوضًا مُعشبِا
أَفهَقتَ حَتّى البَحرُ يُدعى جَدوَلًا
- وَأَضَأتَ حَتّى الشَمسُ تُدعى كَوكَبا
وَشَقيُّ قَومٍ لا كَما زَعَمَ اِسمُهُ
- بارى عُلاكَ فَما جَرى حَتّى كَبا
فَرَأى حُسامَكَ فيهِ بَرقًا ساطِعًا
- وَرَأى مُناهُ فيكَ بَرقًا خُلَّبا
أَلبَستَهُ طَوقَ المَنِيَّةِ أَحمَرا
- فَكَسَوتَنا التَأمينَ أَخضَرَ مُخصِبا
ما كانَ إِلّا أَن جَعَلتَ عِتابَهُ
- بِكَلامِ أَلسِنَةِ الغُمُدِ مُعَتِّبا
إِنَّ الغَليظَ مِنَ الرِقابِ إِذا عَتا
- لَم يَنهَهُ إِلّا الرِقاقُ مِنَ الظُبى
دَمَّثتَ طاغينا جَبَرتَ مَهيضَنا
- أَرشَدتَ جاهِلَنا الطَريقَ الأَصوَبا
كَالنَجمِ أَحرَقَ مارِدًا وَسَقى الثَرى
- مِن نَوئِهِ رَيّاً وَنَوَّرَ غَيهَبا
وَكَأَنَّ بابَكَ كَعبَةٌ يَمحو بِها
- زَلّاتِهِ مَن قَد أَتاها مُذنِبا
تَلقى الجَماهِرَ حَولَهُ فَكَأَنَّهُم
- مِن كَثرَةٍ وَتَضاؤُلٍ رِجلُ الدَبا
كَالصَائِمينَ عَشِيَّةَ الإِفطارَ قَد
- مَدّوا العُيونَ إِلى الهِلالِ تَرَقُّبا
أَوَلَيتَ ما لَو كانَ نُطقي مُعجَبًا
- عَن شُكرِهِ لَرَأَيتَ حالي مُعرِبا
وَكَفى بِمَدحِكَ نَيلَ سُؤلٍ إِنَّني
- نَزَّهتُ فيكَ الشِعرَ عَن أَن يَكذِبا
فَإِلَيكَ مِن مَدحي أَغَرَّ مُذَهَّبًا
- أَتحَفتُ مِنكَ بِهِ أَغَرَّ مُهَذَّبا
لَولا بَديعٌ مِن فَعالِكَ مُغرِبٌ
- ما حاكَ مادِحُكَ البَديعَ المُغرِبا
ما عُذرُ أَرضٍ تُربُها مِن عَنبَرٍ
- أَن لا يَطيبَ بِها الشَمالُ وَلا الصَبا
غَنِيَت عَنِ التَشريفِ ذاتُكَ مِثلَما
- تَغنى عَنِ الأَسلاكِ أَجيادُ الظِبا
فَاِطلَع بِأُفقِ الفَخرِ شَمسَ رِياسَةٍ
- وَالشَرقُ يَحسِدُ في سَناكَ المَغرِبا
قصيدة: في كُلِّ نادٍ مِنكَ رَوضُ ثَناءِ
في كُلِّ نادٍ مِنكَ رَوضُ ثَناءِ
- وَبِكُلِّ خَدٍّ فيكَ جَدوَلِ ماءِ
وَلِكُلِّ شَخصٍ هِزَّةُ الغُصنِ النَدي
- غِبَّ البُكاءِ وَرِنَّةُ المُكاءِ
يامَطلَعَ الأَنوارِ إِنَّ بِمُقلَتي
- أَسَفًا عَلَيكَ كَمَنشَإِ الأَنواءِ
وَكَفى أَسىً أَن لاسَفيرٌ بَينَنا
- يَمشي وَأَن لا مَوعِدٌ لِلِقاءِ
فيمَ التَجَمُّلُ في زَمانٍ بَزَّني
- ثَوبَ الشَبابِ وَحيلَةَ النُبَلاءِ
فَعَريتُ إِلّا مِن قِناعِ كَآبَةٍ
- وَعَطِلتُ إِلّا مِن حُلِيِّ بُكاءِ
فَإِذا مَرَرتُ بِمَعهَدٍ لِشَبيبَةٍ
- أَو رَسمِ دارٍ لِلصَديقِ خَلاءِ
جالَت بِطَرفي لِلصَبابَةِ عَبرَةٌ
- كَالغَيمِ رَقَّ فَحالَ دونَ سَماءِ
وَرَفَعتُ كَفّي بَينَ طَرفٍ خاشِعٍ
- تَندى مَآقيهِ وَبَينَ دُعاءِ
وَبَسَطتُ في الغَبراءِ خَدّي ذِلَّةً
- أَستَنزِلُ الرُحمى مِنَ الخَضراءِ
مُتَمَلمِلًا أَلَمًا بِمَصرَعِ سَيِّدٍ
- قَد كانَ سابِقَ حَلبَةِ النُجَباءِ
لا وَالَّذي أَعلَقتُ مِن تَقديسِهِ
- كَفّي بِحَبلَي عِصمَةٍ وَرَجاءِ
وَخَرَرتُ بَينَ يَدَيهِ أَعلَمُ أَنَّهُ
- ذُخري لِيَومِيَ شِدَّةٍ وَرَخاءِ
لا هَزَّني أَمَلٌ وَقَد حَلَّ الرَدى
- بِأَبي مُحَمَّدٍ المَحَلَّ النائي
في حَيثُ يُطفَأُ نورُ ذاكَ المُجتَلى
- وَفِرِندُ تِلكَ الغُرَّةِ الغَرّاءِ
وَكَفى اِكتِئابًا أَن تَعيثَ يَدُ البِلى
- في مَحوِ تِلكَ الصورَةِ الحَسناءِ
فَلَطالَما كُنّا نُريحُ بِظِلِّهِ
- فَنُريحُ مِنهُ بِسَرحَةٍ غَنّاءِ
فَتَقَت عَلى حُكمِ البَشاشَةِ نورَها
- وَتَنَفَّسَت في أَوجُهِ الجُلَساءِ
تَتَفَرَّجُ الغَمّاءُ عَنهُ كَأَنَّهُ
- قَمَرٌ يُمَزِّقُ شَملَةَ الظَلماءِ
قاسَمتُ فيهِ الرُزءَ أَكرَمَ صاحِبٍ
- فَمَضى يَنوءُ بِأَثقَلِ الأَعباءِ
يَهفو كَما هَفَتِ الأَراكَةُ لَوعَةً
- وَيُرِنُّ طَورًا رِنَّةَ الوَرقاءِ
عَجَبًا لَها وَقَدَت بِصَدرٍ جَمرَةً
- وَتَفَجَّرَت في وَجنَةٍ عَن ماءِ
وَلَئِن تَراءى الفَرقَدانِ بِنا مَعًا
- وَكَفاكَ شُهرَةَ سُؤدُدٍ وَعَلاءِ
فَلَطالَما كُنّا نَروقُ المُجتَلي
- حُسنًا وَنَملَأُ ناظِرَ العَلياءِ
يُزهى بِنا صَدرُ النَدِيِّ كَأَنَّنا
- نَسَقًا هُناكَ قِلادَةُ الجَوزاءِ
قصيدة: الجسم في بلد والروح في بلد
قال الشاعر ابن عبد ربه:[١٢]
الجسمُ في بَلَدٍ وَالرُّوحُ في بَلَدِ
- يَا وحشَة الرُّوحِ بَلْ يَا غُربَةَ الجَسَدِ
إِنْ تَبْكِ عَيْنَاكَ لي يَا مَنْ كلِفْتُ بِهِ
- مِنْ رَحمَةٍ فَهُما سَهْمانِ في كَبِدي
قصيدة: أيقتلني دائي وأنت طبيبي
قال الشاعر ابن عبد ربه:[١٣]
أَيَقْتُلُني دائي وَأَنتَ طَبيبي
- قَريبٌ وَهلْ منْ لا يُرى بقَريبِ
لَئِنْ خُنْتَ عَهْدِي إنَّني غَيْرُ خَائنٍ
- وَأَيُّ مُحبٍّ خَانَ عَهْدَ حَبِيبِ
وَسَاحِبَةٍ فَضْلَ الذُّيُولِ كأَنَّهَا
- قَضِيبٌ مِنَ الرَّيْحانِ فَوْقَ كَثيبِ
إِذَا ما بَدَتْ مِنْ خِدْرِهَا قَالَ صَاحِبي
- أَطِعْني وَخُذْ مِنْ وَصلِهَا بِنَصيبِ
فَما كُلُّ ذي لُبٍّ بِمُؤْتِيكَ نُصْحَهُ
- وَمَا كُلُّ مُؤْتٍ نُصْحَهُ بِلَبِيبِ
لقراءة المزيد من الأشعار الأندلسيّة، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: الشعر الأندلسي في الغزل.
المراجع
- ↑ ابن زيدون/شرح يوسف فرحات، ديوان ابن زيدون، صفحة 194-195.
- ↑ "أنى أضيع عهدك"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 25/01/2021م.
- ↑ "ودع الصبر محب ودعك"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/1/2021.
- ↑ "ترقّب إذا جنّ الظلام زيارتي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 25/01/2021م.
- ↑ "جادك الغيث إذا الغيث همى"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 25/01/2021م.
- ^ أ ب بشير يموت، كتاب شاعرات العرب في الجاهلية والإسلام، صفحة 215-216.
- ↑ "يوم تضاحك نوره الوضاء"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/1/2021.
- ↑ "أذوق الهوى مر المطاعم علقما"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/1/2021.
- ↑ "صب تحكم كيف شاء حبيبه"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/1/2021. بتصرّف.
- ↑ "طرقت منقبة تروع تحجبا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/1/2021.
- ↑ "في كل ناد منك روض ثناء"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/1/2021.
- ↑ "الجسم في بلد والروح في بلد"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/1/2021.
- ↑ "أيقتلني دائي وأنت طبيبي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/1/2021.