شعر أندلسي عن الحب

كتابة:
شعر أندلسي عن الحب

قصيدة: سلوتم وبقينا نحن عشاقًا

قال الشاعر ابن زيدون:[١]

إِنّي ذَكَرتُكِ بِالزَهراءَ مُشتاقًا

وَالأُفقُ طَلقٌ وَمَرأى الأَرضِ قَد راقا

وَلِلنَسيمِ اِعتِلالٌ في أَصائِلِهِ

كَأَنَّهُ رَقَّ لي فَاعتَلَّ إِشفاقا

وَالرَوضُ عَن مائِهِ الفِضِيِّ مُبتَسِمٌ

كَما شَقَقتَ عَنِ اللَبّاتِ أَطواقا

يَومٌ كَأَيّامِ لَذّاتٍ لَنا انصَرَمَت

بِتنا لَها حينَ نامَ الدَهرُ سُرّاقا

نَلهو بِما يَستَميلُ العَينَ مِن زَهَرٍ

جالَ النَدى فيهِ حَتّى مالَ أَعناقا

كَأَنَّ أَعيُنَهُ إِذ عايَنَت أَرَقي

بَكَت لِما بي فَجالَ الدَمعُ رَقراقا

وَردٌ تَأَلَّقَ في ضاحي مَنابِتِهِ

فَازدادَ مِنهُ الضُحى في العَينِ إِشراقا

سَرى يُنافِحُهُ نَيلوفَرٌ عَبِقٌ

وَسنانُ نَبَّهَ مِنهُ الصُبحُ أَحداقا

كُلٌّ يَهيجُ لَنا ذِكرى تَشَوُّقِنا

إِلَيكِ لَم يَعدُ عَنها الصَدرُ أَن ضاقا

لا سَكَّنَ اللَهُ قَلباً عَقَّ ذِكرَكُمُ

فَلَم يَطِر بِجَناحِ الشَوقِ خَفّاقا

لَو شاءَ حَملي نَسيمُ الصُبحِ حينَ سَرى

وافاكُمُ بِفَتىً أَضناهُ ما لاقى

لَو كانَ وَفّى المُنى في جَمعِنا بِكُم

لَكانَ مِن أَكرَمِ الأَيّامِ أَخلاقا

يا عَلقِيَ الأَخطَرَ الأَسنى الحَبيبَ إِلى

نَفسي إِذا ما اِقتَنى الأَحبابُ أَعلاقا

كانَ التَجارِي بِمَحضِ الوُدِّ مُذ زَمَنٍ

مَيدانَ أُنسٍ جَرَينا فيهِ أَطلاقا

فَالآنَ أَحمَدَ ما كُنّا لِعَهدِكُمُ

سَلَوتُمُ وَبَقينا نَحنُ عُشّاقا

قصيدة: أنى أضيع عهدك

قال الشاعر ابن زيدون:[٢]

أَنّى أُضَيِّعُ عَهدَك

أَم كَيفَ أُخلِفُ وَعدَك

وَقَد رَأَتكَ الأَماني

رِضىً فَلَم تَتَعَدَّك

يا لَيتَ ما لَكَ عِندي

مِنَ الهَوى لِيَ عِندَك

فَطالَ لَيلُكَ بَعدي

كَطولِ لَيلِيَ بَعدَك

سَلني حَياتي أَهَبها

فَلَستُ أَملِكُ رَدَّك

الدَهرُ عَبدِيَ لَمّا

أَصبَحتُ في الحُبِّ عَبدَك

قصيدة: ودع الصبر محب ودعك

قال الشاعر ابن زيدون:[٣]

ودَّعَ الصَبرَ مُحِبٌّ وَدَّعَك

ذائِعٌ مِن سِرِّهِ ما اِستَودَعَك

يَقرَعُ السِنَّ عَلى أَن لَم يَكُن

زادَ في تِلكَ الخُطا إِذ شَيَّعَك

يا أَخا البَدرِ سَناءً وَسَنًا

حَفِظَ اللَهُ زَمانًا أَطلَعَك

إِن يَطُل بَعدَكَ لَيلي فَلَكَم

بِتُّ أَشكو قِصَرَ اللَيلِ مَعَك

قصيدة: ترقّب إذا جنّ الظلام زيارتي

قالت الشاعرة ولادة بنت المستكفي:[٤]

ترقّب إذا جنّ الظلام زيارتي

فإنّي رأيت الليل أكتم للسرِّ

وَبي منك ما لو كانَ بالشمسِ لم تلح

وبالبدر لم يطلع وَبالنجم لم يسرِ

قصيدة: جادك الغيث إذا الغيث همى

قال الشاعر لسان الدين بن الخطيب:[٥]

جادَكَ الغيْثُ إذا الغيْثُ هَمى

يا زَمانَ الوصْلِ بالأندَلُسِ

لمْ يكُنْ وصْلُكَ إلاّ حُلُما

في الكَرَى أو خِلسَةَ المُخْتَلِسِ

إذْ يقودُ الدّهْرُ أشْتاتَ المُنَى

تنْقُلُ الخَطْوَ علَى ما يُرْسَمُ

زُفَرًا بيْنَ فُرادَى وثُنَى

مثْلَما يدْعو الوفودَ الموْسِمُ

والحَيا قدْ جلّلَ الرّوضَ سَنا

فثُغورُ الزّهْرِ فيهِ تبْسِمُ

ورَوَى النّعْمانُ عنْ ماءِ السّما

كيْفَ يرْوي مالِكٌ عنْ أنسِ

فكَساهُ الحُسْنُ ثوْبًا مُعْلَما

يزْدَهي منْهُ بأبْهَى ملْبَسِ

في لَيالٍ كتَمَتْ سرَّ الهَوى

بالدُّجَى لوْلا شُموسُ الغُرَرِ

مالَ نجْمُ الكأسِ فيها وهَوى

مُسْتَقيمَ السّيْرِ سعْدَ الأثَرِ

وطَرٌ ما فيهِ منْ عيْبٍ سَوَى

أنّهُ مرّ كلَمْحِ البصَرِ

حينَ لذّ الأنْسُ مَع حُلْوِ اللّمَى

هجَمَ الصُّبْحُ هُجومَ الحرَسِ

غارَتِ الشُّهْبُ بِنا أو ربّما

أثّرَتْ فيها عُيونُ النّرْجِسِ

أيُّ شيءٍ لامرِئٍ قدْ خلَصا

فيكونُ الرّوضُ قد مُكِّنَ فيهْ

تنْهَبُ الأزْهارُ فيهِ الفُرَصا

أمِنَتْ منْ مَكْرِهِ ما تتّقيهْ

فإذا الماءُ تَناجَى والحَصَى

وخَلا كُلُّ خَليلٍ بأخيهْ

تبْصِرُ الورْدَ غَيورًا برِما

يكْتَسي منْ غيْظِهِ ما يكْتَسي

وتَرى الآسَ لَبيبًا فهِما

يسْرِقُ السّمْعَ بأذْنَيْ فرَسِ

يا أُهَيْلَ الحيّ منْ وادِي الغضا

وبقلْبي مسْكَنٌ أنْتُمْ بهِ

ضاقَ عْنْ وجْدي بكُمْ رحْبُ الفَضا

لا أبالِي شرْقُهُ منْ غَرْبِهِ

فأعِيدوا عهْدَ أنْسٍ قدْ مضَى

تُعْتِقوا عانِيكُمُ منْ كرْبِهِ

واتّقوا اللهَ وأحْيُوا مُغْرَما

يتَلاشَى نفَسًا في نفَسِ

حُبِسَ القلْبُ عليْكُمْ كرَما

أفَتَرْضَوْنَ عَفاءَ الحُبُسِ

وبقَلْبي منْكُمُ مقْتَرِبٌ

بأحاديثِ المُنَى وهوَ بَعيدْ

قمَرٌ أطلَعَ منْهُ المَغْرِبُ

بشِقوةِ المُغْرَى بهِ وهْوَ سَعيدْ

قد تساوَى مُحسِنٌ أو مُذْنِبُ

في هَواهُ منْ وعْدٍ ووَعيدْ

ساحِرُ المُقْلَةِ معْسولُ اللّمى

جالَ في النّفسِ مَجالَ النّفَسِ

قصيدة: أزورك أم تزور فإن قلبي

قالت الشاعرة حفصة بنت الحاج الركونية:[٦]

أَزورُكَ أمْ تزور فَإنَّ قَلْبي

إلى مَا تَشْتَهِي أَبَدًا يَمِيلُ

فَثَغرِي مَورد عَذبٌ زُلالٌ

وَفرع ذؤابتي ظلٌّ ظليلُ

وقد أمّلتُ أَنْ تَظما وتضحي

إذا وَافَى إليْك بي المقيلُ

فعجّل بالجَوَابِ فَمَا جميلُ

إباؤك عن بثينة يا جميلُ

قصيدة: أغار عليك من عيني رقيبي

قالت الشاعرة حفصة بنت الحاج الركونية:[٦]

أَغَارُ عَليْكَ مِن عَيْنِي رقيبي

ومنكَ ومِنْ زمانك والمَكَان

وَلو أنّي خَبّأتُك فِي عُيُوني

إِلَى يَوْم القِيامَة مَا كَفَاني

قصيدة: يوم تضاحك نوره الوضاء

قال الشاعر ابن سهل الأندلسي:[٧]

يَومٌ تَضاحَكَ نورُهُ الوَضّاءُ

لِلدَهرِ مِنهُ حُلَّةٌ سيَراءُ

والبَحرُ وَالمَيثاءُ وَالحَسَنُ الرِضا

لِلناظِرينَ ثَلاثَةٌ أَكفاءُ

فَإِذا اِعتَبَرنا جودَهُ وَعُلاهُ لَم

يَغرِب عَلَينا البَحرُ وَالمَيثاءُ

وَاليَمُّ رَهوٌ إِذ رَآكَ كَأَنَّهُ

قَد قَيَّدتَهُ دَهشَةٌ وَحَياءُ

لَقِنَ الوَقارُ إِذ اِرتَقى مِن فَوقِهِ

نَدبٌ أَشَمُّ وَهَضبَةٌ شَمّاءُ

لاقى نَداهُ نَبتَها فَتَرى يَدًا

بَيضاءَ حَيثُ حَديقَةٌ خَضراءُ

فَذٌّ تَغَرَّبَ في المَكارِمِ أَوحَدا

فَتَأَنَّسَت في ظِلِّهِ الغَرباءُ

يَدعو الوُفودَ إِلى صَنائِعِهِ الَّتي

شَرُفَت فَشَأناهُ نَدى وَنِداءُ

أَيّامُهُ مَصقولَةٌ أَظلالُها

سَدِكَت بِها الأَضواءُ وَالأَنداءُ

أَورَقنَ أَو أَشرَقنَ حَتّى إِنَّهُ

تَجري الصِلادُ وَتُقبَسُ الظَلماءُ

هَديٌ وَجودٌ وَهوَ مِثلُ النَجمِ عَن

هُ تَحَدَّثُ الأَنواءُ وَالأَضواءُ

أَعطى وَهَشَّ فَما لِنَشوَةِ جودِهِ

صَحوٌ وَلا لِسَمائِهِ إِصحاءُ

كَفلَ الوَرى فَلَهُ إِلى خَلّاتِهِم

نَظَرٌ وَعَن زَلّاتِهِم إِغضاءُ

آمالُهُم شَتّى لَدَيهِ تَخالَفَت

وَقُلوبُهُم بِالحُبِّ فيهِ سَواءُ

يا مَن أَنا وَمَديحُهُ وَنَوالُهُ

أَلطَوقُ وَالتَغريدُ وَالوَرقاءُ

بِكرٌ أَتَتكَ عَلى اِحتِشامٍ فَليَجِد

مِنكَ القَبولَ العُذرُ وَالعَذراءُ

تُجلى بِفَخرِكَ فَالسَماءُ مِنَصَّةٌ

وَالشُهبُ حَليٌ وَالصَباحُ رِداءُ

فَاسلَم وَكُلُّ الدَهرِ عِندَكَ مَوسِمٌ

أَبَدًا وَكُلُّ الشِعرِ فيكَ هَناءُ

وَاِخلُد مُعافى الجِسمِ مَمدوحًا إِذا

حُرِمَ الأَطِبَّةُ يُرزَقُ الشُعَراءُ

قصيدة: أذوق الهوى مر المطاعم علقما

قال الشاعر ابن سهل الأندلسي:[٨]

أَذوقُ الهَوى مُرَّ المَطاعِمِ عَلقَمًا

وَأَذكُرُ مِن فيهِ اللَمى فَيَطيبُ

تَحِنُّ وَتَصبو كُلُّ عَينٍ لِحُسنِهِ

كَأَنَّ عُيونَ الناسِ فيهِ قُلوبُ

وَموسى وَلا كُفرانَ لِلَهِ قاتِلي

وَموسى لِقَلبي كَيفَ كانَ حَبيبُ

قصيدة: صب تحكم كيف شاء حبيبه

قال الشاعر ابن سهل الأندلسي:[٩]

صَبٌّ تَحَكَّمَ كَيفَ شاءَ حَبيبُهُ

فَغَدا وَطولُ الهَجرِ مِنهُ نَصيبُهُ

مَصفي الهَوى مَهجورُهُ وَحَريصُهُ

مَمنوعُهُ وَبَريئُهُ مَعتوبُهُ

كَذِبُ المُنى وَقفٌ عَلى صِدقِ الهَوى

وَبِحَيثُ يَصفو العَيشُ ثَمَّ خُطوبُهُ

يا نَجمَ حُسنٍ في جُفوني نَوءُهُ

وَبِأَضلُعي خَفَقانُهُ وَلَهيبُهُ

أَوَما تَرِقُّ عَلى رَهينِ بَلابِلٍ

رَقَّت عَلَيكَ دُموعُهُ وَنَسيبُهُ

وَلِهٌ يَحِنُّ إِلى كَلامِكَ سَمعُهُ

وَلَو أَنَّهُ عَتبٌ تُشَبُّ حُروبُهُ

وَيَوَدُّ أَن لَو ذابَ مِن فِرطِ الضَنى

لِيَعودَهُ في العائِدينَ مُذيبُهُ

مَهما رَنا لِيَراكَ حَجَّبَ عَينَهُ

دَمعٌ تَحَيَّرَ وَسطَها مَسكوبُهُ

وَإِذا تَناوَمَ لِلخَيالِ يَصيدُهُ

ساقَ السُهادَ سِياقُهُ وَنَحيبُهُ

فَالدَمعُ فيكَ مَعَ النَهارِ خَصيمُهُ

وَالسُهدُ فيكَ مَعَ الكَلامِ رَقيبُهُ

فَمَتى يَفوزُ وَمِن عِداهُ بَعضُهُ

وَمَتى يُفيقُ وَمِن ضَناهُ طَبيبُهُ

إن طافَ شَيطانُ السَلوِّ بِخاطِري

فَشِهابُ شَوقي في المَكانِ يُصيبُهُ

مَن لي بِهِ حُلوًا لَدى عَطَلٍ لَهُ

وَمَحاسِنُ القَمَرالمُنيرِ عُيوبُهُ

مَنهوبُ ما تَحتَ النِقابِ عَفيفُهُ

نَهّابُ ما بَينَ الجُفونِ مُريبُهُ

قصيدة: طرقت منقبة تروع تحجبا

قال الشاعر ابن سهل الأندلسي:[١٠]

طَرَقَت مُنَقَّبَةً تَروعُ تَحَجُّبًا

هَيهاتَ يَأبى البَدرُ أَن يَتَنَقَّبا

وَالصُبحُ في حَلَكِ الدُجى مُتَنَقِّبٌ

وَحُلى الدَراري موشِكٌ أَن يُنهَبا

وَالفَجرُ يَكتُبُ في صَحيفَةِ أُفقِهِ

أَلِفًا مَحَت نورَ الهِلالِ المُذهَبا

بَيضاءُ يَخفى البَدرُ مِن إِشراقِها

قُصرى النُجومِ مَعَ الضُحى أَن تَغرُبا

وَدَّعتُها فَجَنَيتُ مِن مُرِّ النَوى

حُلوَ الوَداعِ مُنَعَّمًا وَمُعَذَّبا

شَملٌ تَجَمَّعَ حينَ حانَ شَتاتُهُ

وَيَزيدُ إِشراقُ السَراجِ إِذا خَبا

ذِكرى تُحَرِّكُني عَلى يَأسٍ كَما

طُرِبَ الكَبيرُ لِذِكرِ أَيّامِ الصِبا

يُستَثقَلُ الخَبَرُ المُعادُ وَقَد أَرى

خَبَرَ الحَبيبِ عَلى الإِعادَةِ طَيِّبا

يَحلو عَلى تَردادِهِ فَكَأَنَّهُ

سَجَعُ الحَمامِ إِذا تَرَدَّدَ أَطرَبا

كَالأَوحَدِ اِبنِ الجَدِّ كُرِّرَ ذِكرُهُ

فَأَتى عَلى تَكرارِهِ مُستَعذَبا

شَيحانُ تَحجُبُهُ المَهابَةُ سافِرًا

أَبَدًا وَيُدنيهِ السَنا مُتَحَجِّبا

في وَجهِهِ وَبَنانِهِ وَبَيانِهِ

ما في الكَواكِبِ وَالسَحائِبِ وَالرُبى

أَعطى فَما أَكدى وَهَبَّ فَما وَنى

وَجَرى فَلَم يُلحَق وَهُزَّ فَما نَبا

عَقَدَت خَناصِرَها الرِجالُ لِذِكرِهِ

وَبَدا فَحَلّوا مِن مَهابَتِهِ الحُبا

تَلقاهُ مَحبوبًاعَلى سَطَواتِهِ

وَعَلى نَداهُ وَبِشرِهِ مُتَهَيَّبا

كَالرُمحِ ذا نَصلَينِ أَينَ حَنَيتَهُ

أَلفَيتَهُ مِن حَومَتَيهِ مُذَرَّبا

كَالمَشرَفيِّ خَلابَةً وَذَلاقَةً

أَو كَالزَمانِ تَسَهُّلًا وَتَصَعُّبا

حِلمٌ حَكى رَضوى وَلَكِنَّ تَحتَهُ

بَأسٌ ذُرى رَضوى يَهِدُّ وَكَبكَبا

يَكتَنُّ مِنهُ البَطشُ تَحتَ سَكينَةٍ

كَالزَندِ يوجَدُ خامِدًا مُتَلَهِّبا

تَأتي التَجارِبُ تَستَشيرُ ذَكاءَهُ

مَهما اِستَشارَ الأَذكِياءُ مُجَرَّبا

كَرُمَت أَرومَتُهُ وَأَينَعَ فَرعُهُ

فَحَوى الجَلالَةَ مَنسِبًا أَو مَنصِبا

كَالرَوضِ راقَكَ مَنظَرًا وَخَبَرتَهُ

فَوَجَدتَ عُنصُرَهُ الغَمامَ الصَيّبا

هَشُّ النَدى جَزِلُ الوَقارِ كَأَنَّهُ

بَحرٌ وَطَودٌ إِن حَبا وَإِن اِحتَبى

رَمَتِ المَعالي مِنهُ لَحظًا أَدعَجًا

وَاِفتَرَّ عَنهُ الزَهرُ ثَغرًا أَشنَبا

اِيهٍ أَبا عَمرٍو وَوَصفُكَ قَد غَدا

عِزّاً تَسَمّى كافِيًا لَكَ مَحسَبا

حَلَّيتَ حِمصًا بِالبَقيعِ مَدائِحًا

وَحَمَيتَ مِنها بِالعَرينِ مُؤَشَّبا

حَسُنَت فَعادَ اللَيلُ صُبحًا نَيِّرًا

فيها وَصارَ الصَلدُ رَوضًا مُعشبِا

أَفهَقتَ حَتّى البَحرُ يُدعى جَدوَلًا

وَأَضَأتَ حَتّى الشَمسُ تُدعى كَوكَبا

وَشَقيُّ قَومٍ لا كَما زَعَمَ اِسمُهُ

بارى عُلاكَ فَما جَرى حَتّى كَبا

فَرَأى حُسامَكَ فيهِ بَرقًا ساطِعًا

وَرَأى مُناهُ فيكَ بَرقًا خُلَّبا

أَلبَستَهُ طَوقَ المَنِيَّةِ أَحمَرا

فَكَسَوتَنا التَأمينَ أَخضَرَ مُخصِبا

ما كانَ إِلّا أَن جَعَلتَ عِتابَهُ

بِكَلامِ أَلسِنَةِ الغُمُدِ مُعَتِّبا

إِنَّ الغَليظَ مِنَ الرِقابِ إِذا عَتا

لَم يَنهَهُ إِلّا الرِقاقُ مِنَ الظُبى

دَمَّثتَ طاغينا جَبَرتَ مَهيضَنا

أَرشَدتَ جاهِلَنا الطَريقَ الأَصوَبا

كَالنَجمِ أَحرَقَ مارِدًا وَسَقى الثَرى

مِن نَوئِهِ رَيّاً وَنَوَّرَ غَيهَبا

وَكَأَنَّ بابَكَ كَعبَةٌ يَمحو بِها

زَلّاتِهِ مَن قَد أَتاها مُذنِبا

تَلقى الجَماهِرَ حَولَهُ فَكَأَنَّهُم

مِن كَثرَةٍ وَتَضاؤُلٍ رِجلُ الدَبا

كَالصَائِمينَ عَشِيَّةَ الإِفطارَ قَد

مَدّوا العُيونَ إِلى الهِلالِ تَرَقُّبا

أَوَلَيتَ ما لَو كانَ نُطقي مُعجَبًا

عَن شُكرِهِ لَرَأَيتَ حالي مُعرِبا

وَكَفى بِمَدحِكَ نَيلَ سُؤلٍ إِنَّني

نَزَّهتُ فيكَ الشِعرَ عَن أَن يَكذِبا

فَإِلَيكَ مِن مَدحي أَغَرَّ مُذَهَّبًا

أَتحَفتُ مِنكَ بِهِ أَغَرَّ مُهَذَّبا

لَولا بَديعٌ مِن فَعالِكَ مُغرِبٌ

ما حاكَ مادِحُكَ البَديعَ المُغرِبا

ما عُذرُ أَرضٍ تُربُها مِن عَنبَرٍ

أَن لا يَطيبَ بِها الشَمالُ وَلا الصَبا

غَنِيَت عَنِ التَشريفِ ذاتُكَ مِثلَما

تَغنى عَنِ الأَسلاكِ أَجيادُ الظِبا

فَاِطلَع بِأُفقِ الفَخرِ شَمسَ رِياسَةٍ

وَالشَرقُ يَحسِدُ في سَناكَ المَغرِبا

قصيدة: في كُلِّ نادٍ مِنكَ رَوضُ ثَناءِ

قال الشاعر ابن خفاجه:[١١]

في كُلِّ نادٍ مِنكَ رَوضُ ثَناءِ

وَبِكُلِّ خَدٍّ فيكَ جَدوَلِ ماءِ

وَلِكُلِّ شَخصٍ هِزَّةُ الغُصنِ النَدي

غِبَّ البُكاءِ وَرِنَّةُ المُكاءِ

يامَطلَعَ الأَنوارِ إِنَّ بِمُقلَتي

أَسَفًا عَلَيكَ كَمَنشَإِ الأَنواءِ

وَكَفى أَسىً أَن لاسَفيرٌ بَينَنا

يَمشي وَأَن لا مَوعِدٌ لِلِقاءِ

فيمَ التَجَمُّلُ في زَمانٍ بَزَّني

ثَوبَ الشَبابِ وَحيلَةَ النُبَلاءِ

فَعَريتُ إِلّا مِن قِناعِ كَآبَةٍ

وَعَطِلتُ إِلّا مِن حُلِيِّ بُكاءِ

فَإِذا مَرَرتُ بِمَعهَدٍ لِشَبيبَةٍ

أَو رَسمِ دارٍ لِلصَديقِ خَلاءِ

جالَت بِطَرفي لِلصَبابَةِ عَبرَةٌ

كَالغَيمِ رَقَّ فَحالَ دونَ سَماءِ

وَرَفَعتُ كَفّي بَينَ طَرفٍ خاشِعٍ

تَندى مَآقيهِ وَبَينَ دُعاءِ

وَبَسَطتُ في الغَبراءِ خَدّي ذِلَّةً

أَستَنزِلُ الرُحمى مِنَ الخَضراءِ

مُتَمَلمِلًا أَلَمًا بِمَصرَعِ سَيِّدٍ

قَد كانَ سابِقَ حَلبَةِ النُجَباءِ

لا وَالَّذي أَعلَقتُ مِن تَقديسِهِ

كَفّي بِحَبلَي عِصمَةٍ وَرَجاءِ

وَخَرَرتُ بَينَ يَدَيهِ أَعلَمُ أَنَّهُ

ذُخري لِيَومِيَ شِدَّةٍ وَرَخاءِ

لا هَزَّني أَمَلٌ وَقَد حَلَّ الرَدى

بِأَبي مُحَمَّدٍ المَحَلَّ النائي

في حَيثُ يُطفَأُ نورُ ذاكَ المُجتَلى

وَفِرِندُ تِلكَ الغُرَّةِ الغَرّاءِ

وَكَفى اِكتِئابًا أَن تَعيثَ يَدُ البِلى

في مَحوِ تِلكَ الصورَةِ الحَسناءِ

فَلَطالَما كُنّا نُريحُ بِظِلِّهِ

فَنُريحُ مِنهُ بِسَرحَةٍ غَنّاءِ

فَتَقَت عَلى حُكمِ البَشاشَةِ نورَها

وَتَنَفَّسَت في أَوجُهِ الجُلَساءِ

تَتَفَرَّجُ الغَمّاءُ عَنهُ كَأَنَّهُ

قَمَرٌ يُمَزِّقُ شَملَةَ الظَلماءِ

قاسَمتُ فيهِ الرُزءَ أَكرَمَ صاحِبٍ

فَمَضى يَنوءُ بِأَثقَلِ الأَعباءِ

يَهفو كَما هَفَتِ الأَراكَةُ لَوعَةً

وَيُرِنُّ طَورًا رِنَّةَ الوَرقاءِ

عَجَبًا لَها وَقَدَت بِصَدرٍ جَمرَةً

وَتَفَجَّرَت في وَجنَةٍ عَن ماءِ

وَلَئِن تَراءى الفَرقَدانِ بِنا مَعًا

وَكَفاكَ شُهرَةَ سُؤدُدٍ وَعَلاءِ

فَلَطالَما كُنّا نَروقُ المُجتَلي

حُسنًا وَنَملَأُ ناظِرَ العَلياءِ

يُزهى بِنا صَدرُ النَدِيِّ كَأَنَّنا

نَسَقًا هُناكَ قِلادَةُ الجَوزاءِ

قصيدة: الجسم في بلد والروح في بلد

قال الشاعر ابن عبد ربه:[١٢]

الجسمُ في بَلَدٍ وَالرُّوحُ في بَلَدِ

يَا وحشَة الرُّوحِ بَلْ يَا غُربَةَ الجَسَدِ

إِنْ تَبْكِ عَيْنَاكَ لي يَا مَنْ كلِفْتُ بِهِ

مِنْ رَحمَةٍ فَهُما سَهْمانِ في كَبِدي

قصيدة: أيقتلني دائي وأنت طبيبي

قال الشاعر ابن عبد ربه:[١٣]

أَيَقْتُلُني دائي وَأَنتَ طَبيبي

قَريبٌ وَهلْ منْ لا يُرى بقَريبِ

لَئِنْ خُنْتَ عَهْدِي إنَّني غَيْرُ خَائنٍ

وَأَيُّ مُحبٍّ خَانَ عَهْدَ حَبِيبِ

وَسَاحِبَةٍ فَضْلَ الذُّيُولِ كأَنَّهَا

قَضِيبٌ مِنَ الرَّيْحانِ فَوْقَ كَثيبِ

إِذَا ما بَدَتْ مِنْ خِدْرِهَا قَالَ صَاحِبي

أَطِعْني وَخُذْ مِنْ وَصلِهَا بِنَصيبِ

فَما كُلُّ ذي لُبٍّ بِمُؤْتِيكَ نُصْحَهُ

وَمَا كُلُّ مُؤْتٍ نُصْحَهُ بِلَبِيبِ



لقراءة المزيد من الأشعار الأندلسيّة، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: الشعر الأندلسي في الغزل.

المراجع

  1. ابن زيدون/شرح يوسف فرحات، ديوان ابن زيدون، صفحة 194-195.
  2. "أنى أضيع عهدك"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 25/01/2021م.
  3. "ودع الصبر محب ودعك"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/1/2021.
  4. "ترقّب إذا جنّ الظلام زيارتي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 25/01/2021م.
  5. "جادك الغيث إذا الغيث همى"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 25/01/2021م.
  6. ^ أ ب بشير يموت، كتاب شاعرات العرب في الجاهلية والإسلام، صفحة 215-216.
  7. "يوم تضاحك نوره الوضاء"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/1/2021.
  8. "أذوق الهوى مر المطاعم علقما"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/1/2021.
  9. "صب تحكم كيف شاء حبيبه"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/1/2021. بتصرّف.
  10. "طرقت منقبة تروع تحجبا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/1/2021.
  11. "في كل ناد منك روض ثناء"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/1/2021.
  12. "الجسم في بلد والروح في بلد"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/1/2021.
  13. "أيقتلني دائي وأنت طبيبي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/1/2021.
7248 مشاهدة
للأعلى للسفل
×