شعر ابن زيدون في وصف الطبيعة

كتابة:
شعر ابن زيدون في وصف الطبيعة


شعر ابن زيدون في وصف الطبيعة

يُعدُّ شعر الطبيعة من الأشعار الأكثر انتشارًا في الأدب الأندلسي نظرًا لما كانت تتمتع به الأندلس من جمال طبيعيّ خلّاب، وفيما يأتي وقفة مع بعض القصائد في وصف الطبيعة من نظم الشاعر المعروف ابن زيدون:


قصيدة ألم يأن أن يبكي الغمام على مثلي

يقول ابن زيدون:[١]


أَلَم يَأنِ أَن يَبكي الغَمامُ عَلى مِثلي

وَيَطلُبَ ثَأري البَرقُ مُنصَلَتَ النَصلِ

وَهَلّا أَقامَت أَنجُمُ اللَيلِ مَأتَماً

لِتَندُبَ في الآفاقِ ما ضاع مِن نَثلي

وَلو أَنصَفَتني وَهيَ أَشكالُ هِمَّتي

لَأَلقَت بِأَيدي الذُلِّ لَمّا رَأَت ذُلّي

وَلا افتَرَقَت سَبعُ الثُرَيّا وَغاضَها

بِمَطلَعِها مافَرَّقَ الدَهرُ مِن شَملي

لَعَمرُ اللَيالي إِن يَكُن طالَ نَزعُها

لَقَد قَرطَسَت بِالنَبلِ في مَوضِعِ النَبلِ

تَحَلَّت بِآدابي وَإِنَّ مَآرِبي

لَسانِحَةٌ في عَرضِ أُمنِيَةٍ عُطلِ


قصيدة إني ذكرتك بالزهراء

يقول ابن زيدون:[٢]


إِنّي ذَكَرتُكِ بِالزَهراءَ مُشتاقاً

وَالأُفقُ طَلقٌ وَمَرأى الأَرضِ قَد راقا

وَلِلنَسيمِ اِعتِلالٌ في أَصائِلِهِ

كَأَنَّهُ رَقَّ لي فَاعتَلَّ إِشفاقا

وَالرَوضُ عَن مائِهِ الفِضِيِّ مُبتَسِمٌ

كَما شَقَقتَ عَنِ اللَبّاتِ أَطواقا

يَومٌ كَأَيّامِ لَذّاتٍ لَنا انصَرَمَت

بِتنا لَها حينَ نامَ الدَهرُ سُرّاقا

نَلهو بِما يَستَميلُ العَينَ مِن زَهَرٍ

جالَ النَدى فيهِ حَتّى مالَ أَعناقا

كَأَنَّ أَعيُنَهُ إِذ عايَنَت أَرَقي

بَكَت لِما بي فَجالَ الدَمعُ رَقراقا

وَردٌ تَأَلَّقَ في ضاحي مَنابِتِهِ

فَازدادَ مِنهُ الضُحى في العَينِ إِشراقا

سَرى يُنافِحُهُ نَيلوفَرٌ عَبِقٌ

وَسنانُ نَبَّهَ مِنهُ الصُبحُ أَحداقا


قصيدة سقى الغيث أطلال الأحبة بالحمى

يقول ابن زيدون:[٣]


سَقى الغَيثُ أَطلالَ الأَحِبَّةِ بِالحِمى

وَحاكَ عَلَيها ثَوبَ وَشيٍ مُنَمنَما

وَأَطلَعَ فيها لِلأَزاهيرِ أَنجُما

فَكَم رَفَلَت فيها الخَرائِدُ كَالدُمى

إِذِ العَيشُ غَضٌّ وَالزَمانُ غُلامُ

أَهيمُ بِجَبّارٍ يَعِزُّ وَأَخضَعُ

شَذا المِسكِ مِن أَردانِهِ يَتَضَوَّعُ

إِذا جِئتُ أَشكوهُ الجَوى لَيسَ يَسمَعُ


قصيدة عذري إن عذلت في خلع عذري

يقول ابن زيدون:[٤]


وَزَمانٌ كَأَنَّما دَبَّ فيهِ

وَسَنٌ أَو هَفا بِهِ فَرطُ سُكرِ

حينَ نَغدو إِلى جَداوِلَ زُرقٍ

يَتَغَلغَلنَ في حَدائِقَ خُضرِ

في هِضابٍ مَجلُوَّةِ الحُسنِ حُمرٍ

وَبَوادٍ مَصقولَةِ النَبتِ عُفرِ

نَتَعاطى الشَمولَ مُذهَبَةَ السِر

بالِ وَالجَوُّ في مَطارِفَ غُبرِ

في فُتُوٍّ تَوَشَحوا بِالمَعالي

وَتَرَدّوا بِكُلِّ مَجدٍ وَفَخرِ

وُضَّحٍ تَنجَلي الغَياهِبُ مِنهُم

عَن وُجوهٍ مِثلِ المَصابيحِ غُرِّ

كُلُّ خِرقٍ يَكادُ يَنهَلُّ ظَرفاً

زانَ مَرأىً بِهِ بِأَكرَمِ خُبرِ

وَسَجايا كَأَنَّهُنَّ كُؤوسٌ

أَو رِياضٌ قَد جادَها صَوبُ قَطرِ



قصيدة ما على ظني باس

يقول ابن زيدون:[٥]


إِن قَسا الدَهرُ فَلِلماءِ

مِنَ الصَخرِ انبِجاسُ

وَلَئِن أَمسَيتُ مَهبوساً

فَلِلغَيثِ اِحتِباسُ

يَلبُدُ الوَردُ السَبَنتى

وَلَهُ بَعدُ اِفتِراسُ

فَتَأَمَّل كَيفَ يَغشى

مُقلَةَ المَجدِ النُعاسُ

وَيُفَتُّ المِسكُ في التُربِ

فَيوطا وَيُداسُ

لا يَكُن عَهدُكَ وَرداً

إِنَّ عَهدي لَكَ آسُ

وَأَدِر ذِكرِيَ كَأساً

ما اِمتَطَت كَفَّكَ كاسُ

وَاِغتَنِم صَفوَ اللَيالي

إِنَّما العَيشُ اِختِلاسُ

وَعَسى أَن يَسمَحَ الدَهرُ

فَقَد طالَ الشِماسُ


قصيدة أضحى التنائي بديلًا من تدانينا

يقول ابن زيدون:[٦]


يا سارِيَ البَرقِ غادِ القَصرَ وَاِسقِ بِهِ

مَن كانَ صِرفَ الهَوى وَالوُدُّ يَسقينا

وَاِسأَل هُنالِكَ هَل عَنّى تَذَكُّرُنا

إِلفاً تَذَكُّرُهُ أَمسى يُعَنّينا

وَيا نَسيمَ الصَبا بَلِّغ تَحِيَّتَنا

مَن لَو عَلى البُعدِ حَيّا كانَ يُحَيّينا

فَهَل أَرى الدَهرَ يَقضينا مُساعَفَةً

مِنهُ وَإِن لَم يَكُن غِبّاً تَقاضينا

رَبيبُ مُلكٍ كَأَنَّ اللَهَ أَنشَأَهُ

مِسكاً وَقَدَّرَ إِنشاءَ الوَرى طينا

أَو صاغَهُ وَرِقاً مَحضاً وَتَوَّجَهُ

مِن ناصِعِ التِبرِ إِبداعاً وَتَحسينا

إِذا تَأَوَّدَ آدَتهُ رَفاهِيَةً

تومُ العُقودِ وَأَدمَتهُ البُرى لينا

كانَت لَهُ الشَمسُ ظِئراً في أَكِلَّتِه

بَل ما تَجَلّى لَها إِلّا أَحايينا

كَأَنَّما أُثبِتَت في صَحنِ وَجنَتِهِ

زُهرُ الكَواكِبِ تَعويذاً وَتَزيينا

ما ضَرَّ أَن لَم نَكُن أَكفاءَهُ شَرَفاً

وَفي المَوَدَّةِ كافٍ مِن تَكافينا

يا رَوضَةً طالَما أَجنَت لَواحِظَنا

وَرداً جَلاهُ الصِبا غَضّاً وَنَسرينا

وَيا حَياةً تَمَلَّينا بِزَهرَتِها

مُنىً ضُروباً وَلَذّاتٍ أَفانينا

وَيا نَعيماً خَطَرنا مِن غَضارَتِهِ

في وَشيِ نُعمى سَحَبنا ذَيلَهُ حينا


قصيدة على الثغب الشهدي مني تحية

يقول ابن زيدون:[٧]


عَلى الثَغَبِ الشَهدِيِّ مِنّي تَحِيَّةٌ

زَكَت وَعَلى وادي العَقيقِ سَلامُ

وَلازالَ نورٌ في الرَصافَةِ ضاحِكٌ

بِأَرجائِها يَبكي عَلَيهِ غَمامُ

مَعاهِدُ لَهوٍ لَم تَزَل في ظِلالِها

تُدارُ عَلَينا لِلمُجونِ مُدامُ

زَمانَ رِياضُ العَيشِ خُضرٌ نَواضِرٌ

تَرِفَّ وَأَمواهُ السُرورِ جِمامُ

فَإِن بانَ مِنّي عَهدُها فَبِلَوعَةٍ

يَشُبُّ لَها بَينَ الضُلوعِ ضِرامُ


المراجع

  1. "ألم يأن أن يبكي الغمام على مثلي"، الديوان.
  2. "إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 5/2/2022.
  3. "سقى الغيث أطلال الأحبة بالحمى"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 5/2/2022.
  4. "عذري إن عذلت في خلع عذري"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 5/2/2022.
  5. "ما على ظني باس"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 5/2/2022.
  6. "أضحى التنائي بديلا من تدانينا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 5/2/2022.
  7. "على الثغب الشهدي مني تحية"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 5/2/2022.
8168 مشاهدة
للأعلى للسفل
×