شعر ابن عربي عن الحب

كتابة:
شعر ابن عربي عن الحب

قصيدة: مرضي من مريضة الأجفان

مَرَضي مِن مَريضَةِ الأَجفانِ

عَلِّلاني بِذِكرِها عَلِّلاني

هَفَتِ الوُرقُ بِالرِياضِ وَناحَت

شَجوُ هذا الحَمامِ مِمّا شَجاني

بِأَبي طَفلَةٌ لَعوبٌ تَهادى

مِن بَناتِ بَينَ الغَواني

طَلَعَت في العِيانِ شَمسًا فَلَمّا

أَفِلَت أَشرَقَت بِأُفقِ جَناني

يا طُلولًا بِرامَةٍ دارِساتٍ

كَم رَأَت مِن كَواعِبٍ وَحِسانِ

بِأَبي ثُمَّ بي غَزالٌ رَبيبٌ

يَرتَعي بَينَ أَضلُعي في أَمانِ

ما عَلَيهِ مِن نارِها فَهوَ نورٌ

هكَذا النورُ مُخمِدُ النيرانِ

يا خَليلَيَّ عَرَّجا بِعِناني

لَأَرى رَسمَ دارِها بِعَياني

فَإِذا ما بَلَغتُما الدارَ حُطّا

وَبِها صاحِبَيَّ فَلتَبكِياني

وَقِفا بي عَلى الطُلولِ قَليلًا

نَتَباكى بَل أَبكِ مِمّا دَهاني

الهَوى راشِقي بِغَيرِ سِهامٍ

الهَوى قاتِلي بِغَيرِ سِنانِ

عَرَّفاني إِذا بَكَيتُ لَدَيها

تُسعِداني عَلى البُكا تُسعِداني

وَاذكُرا لي حَديثَ هِندٍ وَلُبنى

وَسُلَيمى وَزَينَبٍ وَعِنانِ

ثُمَّ زيدًا مِن حاجِرٍ وَزَرودٍ

خَبرًا عَن مَراتِعِ الغِزلانِ

وَاِندُباني بِشِعرِ قَيسٍ وَلَيلى

وَبِمَيٍّ وَالمُبتَلى غَيلانِ

طالَ شَوقي لِطَفلَةٍ ذاتِ نَثرٍ

وَنِظامٍ وَمِنبَرٍ وَبَيانِ

مِن بَناتِ المُلوكِ مِن دارِ فُرسٍ

مِن أَجَلَّ البِلادِ مِن أَصبَهانِ

هِيَ بِنتُ العِراقِ بِنتُ إِمامي

وَأَنا ضِدُّها سَليلُ يَماني

هَل رَأَيتُم يا سادَتي أَو سَمِعتُم

أَنَّ ضِدَّينِ قَطُّ يَجتَمِعانِ

لَو تَرانا بِرامَةٍ نَتَعاطى

أَكْؤُسًا لِلهَوى بِغَيرِ بَنانِ

وَالهَوى بَينَنا يَسوقُ حَديثًا

طَيِّبًا مُطرِبًا بِغَيرِ لِسانِ

لَرَأَيتُم ما يَذهَبُ العَقلُ فيهِ

يَمَنٌ وَالعِراقُ مُعتَنِقانِ

كَذِبَ الشاعِرُ الَّذي قالَ قَبلي

وَبِأَحجارِ عَقلِهِ قَد رَماني

أَيُّها المُنكِحُ الثُرَيّا سُهَيلًا

عَمّرَكَ اللَهَ كَيفَ يَلتَقِيانِ

هِيَ شامِيَّةٌ إِذا ما اِستَهَلَّت

وَسُهَيلٌ إِذا استَهَلَّ يَماني[١]

قصيدة: إن الحبيب هو الوجود المجمل

إنَّ الحبيبَ هو الوجودُ المجملُ

وشخوصُ أعيانِ الكيانِ تفصلُ

ما منهمُ أحدٌ يحبُّ حبيبه

إلا وللمحبوبِ عينٌ تعقلُ

في عينِ من هو ذاتنا وصفاتنا

ووجودنا وهو الحبيبُ الأكملُ

وقف للهوى بي حيث كان وجودُه

في موقفٍ عنه الطواغيت تسفلُ

طرفُ الذي يهوى سماك رامح

وفؤادُ من يهوى سماك أعزلُ

ما إن يرى من عارف الإله

بين المنازلِ في المجرّه منزلُ

لمقام من يرجى العلو لذاته

ومقام من يرجو المقام الأنزلُ

من كان لا يبني لذلك عندنا

هذا هو العلمُ الذي لا يجهلُ

والله لو ترك العباد نفوسهم

لرأيتهم وهم الرجالُ الكمّلُ

نصر الإله فريضته مكتوبة

فانصر فإنك بعده لا تخذل

نصّ الرسول على الذي قد قلته

وبذاك قد جاء الكتاب المنزلُ

جاء الكتاب مصدِّقًا لمقاله

وعليه أهلُ الله فيه عوَّلوا

ما من كتابٍ قد أضيفَ منزلٌ

لله إلّا والقرآن الأفضلُ

والفضلُ فيه بأنه يجري على

ما ليس يحويه الكتابُ الأولُ

كرِه النبيُّ الفعلَ من عبد أتى

بصحيفةٍ فيها دعاءٌ ينقلُ

من نص توراة وقال له اقتصر

فيما أتيتَ به الغنى والموئلُ

عصمَ الإله كتابنا من كلِّ تح

ريفٍ وما عصمت فمالك يأفلُ

فاستغفر الله العظيم لما أتى

واستغفر الله لهذا المرسل

فنجا من الأمر الذي قد ضرَّه

عما أتاه به النبيُّ الأعدلُ

وكذاك ختم الأولياء كلامه

في الأولياءِ معظم متقبلُ

من ذاقَ طعم كلامه لم يسترب

في قولنا فهو الكلامُ الفيصلُ

من كان يعرف حاله ومقامَه

عن بابه وركابِه لا يعدلُ

من عظَّم الشرعُ المطهر قلبَه

تعظيمه فهو الإمام الجوّلُ

صفة المهيمن ههنا قامت به

والناسُ فيها يشهدون العقلُ[٢]

قصيدة: ألا يا بانة الوادي

أَلا يا بانَةَ الوادي

بِشاطي نَهرِ بَغدادِ

شَجاني فيكِ مَيّادٌ

طَروبٌ فَوقَ مَيّادِ

يُذَكِّرُني تَرَنُّمُهُ

تَرَنُّمَ رَبَّةِ النادي

إِذا اِستَوَت مَثالِثُها

فَلا تَذكُر أَخا الهادي

وَإِن جادَت بِنَغمَتِها

فَمِن أَنجِشَةِ الحادي

بِذي الخَصَماتِ مِن سَلمى

يَميناً ثُمَّ سِندادِ

لَقَد أَصبَحتُ مَشغوفاً

بِمَن سَكَنَت بِأَجيادِ

غَلِطنا إِنَّما سَكَنَت

سُوَيدا خِلبِ أَكبادِ

لَقَد تاهَ الجَمالُ بِها

وَفاحَ المِسكُ وَالحادي[٣]

قصيدة: ألا يا نسيم الريح

أَلا يا نَسيمَ الريحِ بَلِّغ مَها نَجدِ

بِأَنّي عَلى ما تَعلَمونَ مِنَ العَهدِ

وَقُل لِفَتاةِ الحَيِّ مَوعِدُنا الحِمى

غُدَيَّةَ يَومِ السَبتِ عِندَ رُبى نَجدِ

عَلى الرَبُوَّةِ الحَمراءِ مِن جانِبِ الضَوى

وَعَن أَيمَنِ الأَفلاجِ وَالعَلَمِ الفَردِ

فَإِن كانَ حَقًّا ما تَقولُ وَعِندَها

إِلَيَّ مِنَ الشَوقِ المُبَرِّحِ ما عِندي

إِلَيها فَفي حَرِّ الظَهيرَةِ نَلتَقي

بِخَيمَتِها سِرًّا عَلى أَصدَقِ الوَعدِ

فَتُلقي وَنُلقي ما نُلاقي مِنَ الهَوى

وَمِن شِدَّةِ البَلوى وَمِن أَلَمِ الوَجدِ

أَأَضغاثُ أَحلامٍ أَبُشرى مَنامَةٍ

أَنُطقُ زَمانٍ كانَ في نُطقِهِ سَعدي

لَعَلَّ الَّذي ساقَ الأَماني يَسوقُها

عَيانًا فَيُهدي رَوضُها لي جَنى الوَردِ[٤]

قصيدة: خليلي عوجا بالكثيب وعرجا

خَليلَيَّ عوجا بِالكَثيبِ وَعَرِّجا

عَلى لَعلَعٍ وَاِطلَبَ مِياهَ يَلَملَمِ

فَإِنَّ مَن قَد عَلِمتَ وَمَن لَهُم

صِيامي وَحُجَّتي وَاِعتِماري وَمَوسِمي

فَلا أَنسَ يَومًا بِالمَحَصَّبِ مِن مُنىً

وَبِالمَنحَرِ الأَعلى أُمورًا وَزَمزَمِ

مُحَصَّبُهُم قَلبي لِرَميِ جِمارِهِم

وَمَنحَرُهُم نَفسي وَمَشرَبِهِم دَمي

فَيا حادِيَ الأَجمالِ إِن جِئتَ حاجِرًا

فَقِف بِالمَطايا ساعَةً ثُمَّ سَلِّمِ

وَنادِ القِبابَ الحُمرَ مِن جانِبِ الحَمي

تَحِيَّةَ مُشتاقٍ إِلَيكُم مُتَيَّمِ

فَإِن سَلَّموا فَاِهدِ السَلامَ مَعَ الصَبا

وَإِن سَكَتوا فَاِرحَل بِها وَتَقَدَّم

إِلى نَهرِ عيسى حَيثُ حَلَّت رِكابُهُم

وَحَيثُ الخِيامِ البيضِ مِن جانِبِ الفَمِ

وَنادِ بِدَعدٍ وَالرَبابِ وَزَينَبٍ

وَهِندٍ وَسَلمى ثُمَّ لُبنى وَزَمزَمِ

وَسَلهُنَّ هَل بِالحَلبَةِ الغادَةُ الَّتي

تُريكَ سَنا البَيضاءِ عِندَ التَبَسُّمِ[٥]

قصيدة: سلام على سلمى

سَلامٌ عَلى سَلمى وَمَن حَلَّ بِالحِمى

وَحُقَّ لِمِثلي رِقَّةً أَن يُسَلِّما

وَماذا عَلَيها أَن تَرُدُّ تَحِيَّةً

عَلَينا وَلكِن لا اِحتِكامَ عَلى الدُمى

سَروا وَظَلامُ اللَيلِ أَرخى سُدولَهُ

فَقُلتُ لَها صَبًّا غَريبًا مُتَيَّما

أَحاطَت بِهِ الأَشواقُ صَوتاً وَأُرصِدَت

لَهُ راشِقاتُ النَبلِ أَيّانُ يَمَّما

فَأَبدَت ثَناياها وَأَومَضَ بارِقٌ

فَلَم أَدرِ مَن شَقَّ الحَنادِسَ مِنهُما

وَقالَت أَما يَكفيهِ أَنّي بِقَلبِهِ

يُشاهِدُني في كُلِّ وَقتٍ أَما أَما[٦]

قصيدة: وزاحمني عند استلامي أوانس

وَزاحَمَني عِندَ اِستِلامي أَوانِسٌ

أَتَينَ إِلى التَطوافِ مُعتَجِزاتِ

حَسَرنَ عَنِ أَنوارِ الشُموسِ وَقُلنَ لي

تَوَرَّع فَمَوتُ النَفسِ في اللَحظاتِ

وَكَم قَد قَتَلنا بِالمُحَصِّبِ مِن مِنى

نُفوسًا أَبِيّاتٍ لَدى الجَمَراتِ

وَفي سَرحَةِ الوادي وَأَعلامِ رامَةٍ

وَجَمعٍ وَعِندَ النَفرِ مِن عَرَفاتِ

أَلَم تَدرِ الحُسنَ يَسلُبُ مَن لُهُ

عَفافٌ فَيُدعى سالِبَ الحَسَناتِ

فَمَوعِدُنا بَعدَ الطَوافِ بِزَمزَمٍ

لَدى القُبَّةِ الوُسطى لَدى الصَخَراتِ

هُناكَ مَن قَد شَفَّهُ الوَجدُ يَشتَفي

بِما شاءَهُ مِن نِسوَةٍ عَطِراتِ

إِذا خِفنَ أَسدَلنَ الشُعورَ فَهُنَّ مِن

غَدائِرِها في أَلحُفِ الظُلُماتِ[٧]

قصيدة: كان لي قلب

كان لي قلبٌ فلما ارتحل

بقي الجسمُ محلّ العِللِ

كان بدرًا طالعًا إذ أتى

مغرب التوحيد ثم أفلِ

زاده شوقًا إلى ربّه

صاحبُ الصعقة يومَ الجبلِ

لم يزل يشكو الجوى والنوى

ليلةَ الاثنين حتى اتصلِ

فدنا من حضرةٍ لم تزل

تهبُ الأرواحَ سرّ الأزلِ

قرعَ الأبوابَ لمّا دنا

قيل من أنت فقال الحجلِ

قيل أهلًا سعة مرحبًا

فُتح البابُ فلما دخلِ

خرَّ في حضرته ساجدًا

وانمحى رسم البقا وانسجلِ

وشكا العهد فجاء النِدا

يا عبيدي زال وقتُ العملِ

رأسك ارفع هذه حضرتي

وأنا الحقُّ فلا تنتعلِ

رأسك ارفع ما الذي تبتغي

قلت مولاي حلولُ الأجلِ

قال سجني قال مت واعلمن

أنّ في السجنِ بلوغَ الأملِ

يا فؤادي قد وصلت له

قل له قولَ حبيبٍ مُدِلِ

لولا ذاتي لم يصح استوى

وبنوري صح ضربُ المثَلِ[٨]

قصيدة: من لي بمخضوبة البنان

مَن لي بَمَخضوبَةِ البَنانِ

مَن لي بِمَعسولَةِ اللِسانِ

مِن كاعِباتٍ ذَواتِ خِدرٍ

نَواعِمٍ خُرَّدٍ حِسانِ

بُدورُ تَمٍّ عَلى غُصونٍ

هُنَّ مِنَ النَقصِ في أَمانِ

بِرَوضَةٍ مِن دِيارِ جِسمي

حَمامَةٌ فَوقَ غُصنِ بانِ

تَموتُ شَوقًا تَذوبُ عِشقًا

لِما دَهاها الَّذي دَهاني

تَندُبُ إِلفاً تَذُمُّ دَهرًا

رَماها قَصدًا بِما رَماني

فِراقُ جارٍ وَنَأيُ دارٍ

فَيا زَماني عَلى زَماني

مَن لي بِمَن يَرتَضي عَذابي

ما لي بِما يَرتَضي يَدانِ[٩]

قصيدة: بِأَثيلاتِ النَقا سِربُ قَطا

بِأَثيلاتِ النَقا سِربُ قَطا

ضَرَبَ الحُسنُ عَلَيها طُنُبا

وَبِأَجوازِ الفَلا مِن إِضَمٍ

نَعَمٌ تَرعى عَلَيها وَظِبا

يا خَليلَيَّ قِفا وَاِستَنطِقا

رَسمَ دارٍ بَعدَهُم قَد خَرِبا

وَاِندُبا قَلبَ فَتىً فارَقَهُ

يَومَ بانوا وَاِبكِيا وَاِنتَحِبا

عَلَّهُ يُخبِرُ حَيثُ يَمَّموا

أَلِجَرعاءِ الحِمى أَول لِقَبا

رَحَلوا العيسَ وَلَم أَشعُر بِهِم

أَلِسَهوٍ كانَ أَم طَرفٌ نَبا

لَم يَكُن ذاكَ وَلا هذا وَما

كانَ إِلّا وَلَهٌ قَد غَلَبا

يا هُمومًا شَرَدَت وَاِفتَرَقَت

خَلفَهُم تَطلُبُهُم أَيدي سَبا

أَيَّ ريحٍ نَسَمَت ناديتُها

يا شَمالٌ يا جَنوبٌ يا صَبا

هَل لَدَيكُم خَبَرٌ مِمّا نَبا

قَد لَقينا مِن نَواهُم نَصَبا

أَسنَدَت ريحُ الصَبا أَخبارَها

عَن نَباتِ الشيحِ عَن زَهرِ الرُبى

إِنَّ مَن أَمرَضَهُ داءُ الهَوى

فَليُعَلَّل بِأَحاديثِ الصِبا

ثُمَّ قالَت يا شَمالُ خَبِّري

مِثلَ ما خَبَّرتُهُ أَو أَعجَبا

ثُمَّ أَنتِ يا جَنوبُ حَدِّثي

مِثلَ ما حَدَّثتُهُ أَو أَعذَبا

قالَتِ الشَمالُ عِندي فَرَجٌ

شارَكَت فيهِ الشَمالُ الأَزيَبا

كُلُّ سَوءٍ في هَواهُم حَسُنا

وَعَذابي بِرِضاهُم عَذُبا

فَإِلى ما وَعَلى ما وَلَمّا

تَشتَكي البَثَّ وَتَشكو الوَصَبا

وَإِذا ما وَعَدوكُم ما تَرى

بَرقَهُ إِلّا بَريقًا خُلَّبا

رَقَمَ الغيمُ عَلى رَدنِ الغَما

مِن سَنا البَرقِ طِرازًا مُذهَبا

فَجَرَت أَدمُعُها مِنها عَلى

صَحنِ خَدَّيها فَأَذكَت لَهَبا

وَرَدةٌ نابِتَةٌ مِن أَدمُعٍ

نَرجِسٌ تُمطِرُ غَيثًا عَجَبا

وَمَتى رُمتَ جَناها أَرسَلَت

عِطفَ صُدغَيها عَلَيها عَقرَبا

تُشرِقُ الشَمسُ إِذا ما اِبتَسَمَت

رَبَّ ما أَنوَرَ ذاكَ الحَبَبا

يَطلُعُ اللَيلُ إِذا ما أَسدَلَت

فاحِمًا جَثلًا أَثيثًا غَيهَبا

يَتَجارى النَحلُ مَهما تَفلَت

رَبَّ ما أَعذَبَ ذاكَ الشَنَبا

وَإِذا مالَت أَرَتنا فَنَنًا

أَو رَنَت سالَت مِن اللَحظِ ظُبى

كَم تُناغي بِالنَقا مِن حاجِرٍ

يا سَليلَ العَرَبِيِّ العُرُبا

أَنا إلّا عَرَبِيٌّ وَلِذا

أَعشَقُ البيضَ وَأَهوى العَرَبا

لا أُبالي شَرَّقَ الوَجدُ بِنا

حَيثُ ما كانَت بِهِ أَو غَرَّبا

كُلَّما قُلتُ أَلا قالوا أَما

وَإِذا ما قُلتُ هَل قالوا أَبى

وَمَتى ما أَنجَدوا أَو أَنهَموا

أَقطَعُ البيدَ أَحُثَّ الطَلَبا

سامِرِيُّ الوَقتِ قَلبي كُلَّما

أَبصَرَ الآثارَ يَبغي المَذهَبا

وَإِذا هُم شَرَّقوا أَو غَرَّبوا

كانَ ذو القَرنَينِ يَقفو السَبَبا

كَم دَعَونا لِوِصالٍ رَغَبا

كَم دَعَونا مِن فِراقٍ رَهَبا

يا بَني الزَوراءِ هذا قَمَرٌ

عِندَكُم لاحَ وَعِندي غَرَبا

حَرَبي وَالله مِنهُ حَرَبي

كَم أُنادي خَلفَهُ وَاِحرَبا

لَهفَ نَفسي لَهفَ نَفسي لِفَتًى

كُلَّما غَنّى حَمامٌ غَيِّبا[١٠]

قصيدة: بأبي الغصون المائلات

بِأَبي الغُصونَ المائِلاتِ عَواطِفا

العاطِفاتِ عَلى الخُدودِ سَوالِفا

المُرسِلاتِ مِنَ الشُعورِ غَدائِرًا

اللَيِّناتِ مَعاقِدًا وَمَعاطِفا

الساحِباتِ مِنَ الدَلالِ ذَلاذِلًا

اللّابِساتِ مِنَ الجَمالِ مَطارِفا

الباخِلاتِ بِحُسنِهِنَّ صِيانَةً

الواهِباتِ مَتالِدًا وَمَطارِفا

المونِقاتِ مَضاحِكًا وَمَباسِمًا

الطَيِّباتِ مُقَبَّلاً وَمَراشِفا

الناعِماتِ مُجَرَّدًا وَالكاعِباتِ

مُنَهَّدًا وَالمُهدِياتِ ظَرائِفا

الخالِباتِ بِكُلِّ سِحرٍ مُعجِبٍ

عِندَ الحَديثِ مَسامِعًا وَلَطائِفا

الساتِراتِ مِنَ الحَياءِ مَحاسِنًا

تَسبي بِها القَلبَ التَقِيِّ الخائِفا

المُبدِياتِ مِنَ الثُغورِ لِآلِيًا

تَشفي بِريقَتِها ضَعيفًا تالِفا

الرامِياتِ مِنَ العُيونِ رَواشِقًا

قَلباً خَبيرًا بِالحُروبِ مُثاقِفا

المُطلِعاتِ مِنَ الجُيوبِ أَهِلَّةً

لا تُلفَيَنَّ مَعَ التَمامِ كَواسِفا

المُنشِياتِ مِنَ الدُموعِ سَحائِبًا

المُسمِعاتِ مِنَ الزَفيرِ قَواصِفا

يا صاحِبَيَّ بِمُهجَتي خَمصانَةٌ

أَسدَت إِلَيَّ أَيادِيًا وَعَوارِفا

نُظِّمَت نِظامَ الشَملِ فَهِيَ نِظامُنا

عَرَبِيَّةٌ عَجماءُ تُلهي العارِفا

مَهما رَنَت سَلَّت عَلَيكَ صَوارِمًا

وَيُريكَ مَبسِمُها بَريقًا خاطِفا

يا صاحِبَيَّ قِفا بِأَكتافِ الحِمى

مِن حاجِرٍ يا صاحِبَيَّ قِفا قِفا

حَتّى أُسائِلَ أَينَ سارَت عيسُهُم

فَقَدِ اِقتَحَمتُ مَعاطِبًا وَمَتالِفا

وَمَعالِمًا وَمَجاهِلًا بِشِمِلَّةٍ

تَشكو الوَجى وَسَباسِبًا وَتَنايِفا

مَطوِيَّةِ الأَقرابِ أَذهَبَ سَيرُها

بِحَثيثِهٍ مِنها قُوىً وَسَدايِفا

حَتّى وَقَفتُ بِها برَملَةِ حاجِرٍ

فَرَأَيتُ نوقًا بِالأَثيلِ خَوالِفا

يَقتادُها قَمَرٌ عَلَيهِ مَهابَةٌ

فَطَوَيتُ مِن حَذَرٍ عَلَيهِ شَراسِفا

قَمَرٌ تَعَرَّضَ في الطَوافِ فَلَم أَكُن

بِسِواهُ عِندَ طَوافِهِ بي طائِفا

يَمحو بِفاضِلِ بُردِهِ آثارَهُ

فَتَحارُ لَو كُنتَ الدَليلَ القائِفا[١١]

قصيدة: واحرباه من كبدي

وَاِحرَبا مِن كَبِدي وَاِحرَبا

وَاِطرَبا مِن خَلَدي وَاِطرَبا

في كَبِدي نارُ جَوىً مُحرِقَةٌ

في خَلَدي بَدرُ دُجىً قَد غَرَبا

يا مِسكُ يا بَدرُ وَيا غُصنَ نَقًا

ما أَورَقا ما أَنوَرا ما أَطيَبا

يا مَبسِمًا أَحبَبتُ مِنهُ الحَبَبا

وَيا رُضابًا ذُقتُ مِنهُ الضَرَبا

يا قَمَرًا في شَفَقٍ مِن خَفَرٍ

في خَدِّهِ لاحَ لَنا مُنتَقِبا

لَو أَنَّهُ يُسفِرُ عَن بُرقُعِهِ

كانَ عَذابًا فَلِهذا اِحتَجَبا

شَمسُ ضُحىً في فَلَكٍ طالِعَةٌ

غُصنُ نَقًا في رَوضَةٍ قَد نُصِبا

ظَلتُ لَها مِن حَذَرٍ مُرتَعِبا

وَالغُصنُ أَسقيهِ سَماءً صَيِّبا

إِن طَلَعَت كانَت لِعَيني عَجَبا

أَو غَرَبَت كانَت لِحَيني سَبَبا

مُذ عَقَدَ الحُسنُ عَلى مَفرِقِها

تاجًا مِن التَبرِ عَشِقتُ الذَهَبا

لَو أَنَّ إِبليسَ رَأى مِن آدَمٍ

نرَ مُحَيّاها عَلَيهِ ما أَبى

لَو أَنَّ إِدريسَ رَأى ما رَقَم ال

حُسنُ بِخَدَّيها إِذًا ما كَتَبا

لَو أَنَّ بِلقيسَ رَأَت رَفرَفَها

ما خَطَرَ العَرشُ وَلا الصَرحُ بِبا

يا سَرحَةَ الوادي وَيا بانَ الغَضا

أَهدوا لَنا مِن نَشرِكُم مَعَ الصَبا

مُمَسَّكًا يَفوحُ رَيّاهُ لَنا

مِن زَهرِ أَهضامِكَ أَو زَهرِ الرُبى

يا بانَةَ الوادي أَرينا فَنَنًا

في لينِ أَعطافٍ لَها أَو قُضُبا

ريحُ صَبًا يُخبِرُ عَن عَصرِ صِبًا

بِحاجِرٍ أَو بِمِنىً أَو بِقَبا

أَو بِالنَقا فَالمُنحَنى عِندَ الحِمى

أَو لَعلَعٍ حَيثُ مَراتِعُ الظِبا

لا عَجَبٌ لا عَجَبٌ لا عَجَبا

مِن عَرَبِيٍّ يَتَهاوى العَرَبا[١٢]

قصيدة: ألا هل إلى الزهر الحسان سبيل

أَلا هَل إِلى الزُهرِ الحِسانِ سَبيلُ

وَهَل لي عَلى آثارِهِنَّ دَليلُ

وَهَل لي بِخَيماتِ اللِوى مِن مَعَرَّسٍ

وَهَل لِيَ في ظِلِّ الأَراكِ مَقيلُ

فَقالَ لِسانُ الحالِ يُخبِرُ أَنَّها

تَقولُ تَمَنَّ ما إِلَيهِ سَبيلُ

وَدادي صَحيحٌ فيكِ يا غايَةَ المُنى

وَقَلبِيَ مِن ذاكَ الوَدادِ عَليلُ

تَعالَيتَ مِن بَدرٍ عَلى القُطبِ طالِعٍ

وَلَيسَ لَهُ بَعدَ الطُلوعِ أُفولُ

فَديتُكَ يا مَن عَزَّ حُسنًا وَنَخوَةً

فَلَيسَ لَهُ بَينَ الحِسانِ عَديلُ

فَرَوضُكَ مَطلولٌ وَوَردُكَ يانِعٌ

وَحُسنُكَ مَعشوقٌ عَلَيهِ قُبولُ

وَزَهرُكَ بَسّامٌ وَغُصنُكَ ناعِمٌ

تَميلُ لَهُ الأَرواحُ حَيثُ يَميلُ

وَظَرفُكَ فَتّانٌ وَطَرفُكَ صارِمٌ

بِهِ فارِسُ البَلوى عَلَيَّ يَصولُ[١٣]

قصيدة: إذا ما التقينا للوداع

إِذا ما اِلتَقَينا لِلوَداعِ حَسِبتَنا

لَدى الضَمِّ وَالتَعنيقِ حَرفًا مُشَدَّدا

فَنَحنُ وَإِن كُنّا مُثَنّى شَخوصُنا

فَما تَنظُرُ الأَبصارُ إِلّا مُوَحَّدا

وَما ذاكَ إِلّا مِن نُحولي وَنورُهُ

فَلَولا أَنيني ما رَأَت لِيَ مَشهَدا[١٤]

قصيدة: إذا كان عين الحب

إذا كان عين الحب ما ينتج الحب

فما ثَم من يهوى ولا مَن له حُبُّ

فإن التباسَ الأمر في ذاك بين

وقد ينتج البغضاءَ ما ينتج الحبُّ

ولكنه معنى لطيفٌ محققٌ

يقوم بسرِّ العبد يجهله القلبُ

لأنَّ له التقليب في كلِّ حالة

به فتراه حيثُ يحمله الركبُ[١٥]


لقراءة المزيد من الأشعار، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: أشعار ابن عربي.

المراجع

  1. "مكانة ابن عربي في الأدب والتصوف"، هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
  2. "إن الحبيب هو الوجود المجمل"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
  3. "أَلا يا بانة الوادي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
  4. "ألا يا نسيم الريح بلغ مها نجد"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
  5. "خليلي عوجا بالكثيب وعرجا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
  6. "سلام على سلمى ومن حل بالحمى"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
  7. "وزاحمني عند استلامي أوانس"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
  8. "كان لي قلب فلما ارتحل"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
  9. "مَن لي بَمَخضوبَةِ البَنانِ"، ديواني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
  10. "بأثيلات النقا سرب قطا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
  11. "بأبي الغصون المائلات عواطفا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
  12. "واحربا من كبدي واحربا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
  13. "ألا هل إلى الزهر الحسان سبيل"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
  14. "إذا ما التقينا للوداع حسبتنا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
  15. "إذا كان عين الحب ما ينتج الحب"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
4836 مشاهدة
للأعلى للسفل
×