محتويات
شعر عن الأم
هناك الكثير من الشّعراء الّذين تغنّوا بأمّهاتهم، وبات من المألوف أيضاً أن ترى الشّاعر يخاطب الوطن باستخدام لفظة الأم؛ فنحن خُلقنا من أرحام أمّهاتنا كما خُلقنا من رحم الأرض، ولأنّ الأمّ تعني الأمومة والعطف والأمن والوئام، وتجسّد العطاء والتّفاني والتّضحية والفداء يتحدّث الشعراء عنها ويترجمون امتنانهم لها وعجزهم في التّعبير عن معروفها عن طريق الكتابة والأشعار لعلّهم يردّون لها ولو جزءاً بسيطاً معروفها طيلة الحياة.
وفيما يلي أجمل القصائد عن الأم:
قصيدة: لكنّها أمّي لفاروق جويدة
يقول الشاعر في الأم:
في الركن يبدو وجه أمي
- لا أراه لأنه سكن الجوانح من سنين
فالعين إن غفلت قليلًا لا تري
- لكن من سكن الجوانح لا يغيب
وإن تواري مثل كل الغائبين
- يبدو أمامي وجه أمي كلما
اشتدت رياح الحزن وارتعد الجبين
- الناس ترحل في العيون وتختفي
وتصير حزنـًا في الضلوع
- ورجفة في القلب تخفق كل حين
لكنها أمي
- يمر العمر أسكنـها.. وتسكنني
وتبدو كالظلال تطوف خافتة
- على القلب الحزين
منذ انشطرنا والمدى حولي يضيق
- وكل شيء بعدها عمر ضنين
صارت مع الأيام طيفًـا
- لا يغيب.. ولا يبين
طيفـًا نسميه الحنين
قصيدة: إلى أمّي لمحمود درويش
يقول الشاعر في الأم:
أحنّ إلى خبز أمّي
وقهوة أمّي
ولمسة أمّي
وتكبر في الطّفولة
يوماً على صدر يوم
وأعشق عمري لأنّي
إذا متّ،
أخجل من دمع أمّي!
خذيني، إذا عدتُ يوماً
وشاحاً لهُدْبِكْ
وغطّي عظامي بعشب
تعمَّد من طهر كعبك
وشُدّي وثاقي..
بخصلة شعر..
بخيطٍ يلوَّح في ذيل ثوبك..
ضعيني، إذا ما رجعتُ
وقوداً بتنور ناركْ...
وحبل غسيل على سطح دارك
لأني فقدتُ الوقوف
بدون صلاة نهارك
هَرِمْتُ، فردّي نجوم الطفولة
حتى أُشارك
صغار العصافير
درب الرجوع ...
لعُشِّ انتظارِك !
قصيدة: خمس رسائل إلى أمّي لنزار قباني
يقول الشاعر في الأم:
صباح الخير يا حلوة..
صباح الخير يا قديستي الحلوة
مضى عامان يا أمي
على الولد الذي أبحر
برحلته الخرافية
وخبأ في حقائبه
صباح بلاده الأخضر
وأنجمها، وأنهرها، وكل شقيقها الأحمر
وخبأ في ملابسه
طرابيناً من النعناع والزعتر
وليلكةً دمشقية..
أنا وحدي..
دخان سجائري يضجر
ومني مقعدي يضجر
وأحزاني عصافيرٌ..
تفتش بعد عن بيدر
عرفت نساء أوروبا..
عرفت عواطف الإسمنت والخشب
عرفت حضارة التعب..
وطفت الهند، طفت السند، طفت العالم الأصفر
ولم أعثر..
على امرأةٍ تمشط شعري الأشقر
وتحمل في حقيبتها..
إلي عرائس السكر
وتكسوني إذا أعرى
وتنشلني إذا أعثر
أيا أمي..
أيا أمي..
أنا الولد الذي أبحر
ولا زالت بخاطره
تعيش عروسة السكر
فكيف.. فكيف يا أمي
غدوت أباً..
ولم أكبر؟
صباح الخير من مدريد
ما أخبارها الفلة؟
بها أوصيك يا أماه..
تلك الطفلة الطفلة
فقد كانت أحب حبيبةٍ لأبي..
يدللها كطفلته
ويدعوها إلى فنجان قهوته
ويسقيها..
ويطعمها..
ويغمرها برحمته..
.. ومات أبي
ولا زالت تعيش بحلم عودته
وتبحث عنه في أرجاء غرفته
وتسأل عن عباءته..
وتسأل عن جريدته..
وتسأل حين يأتي الصيف
عن فيروز عينيه..
لتنثر فوق كفيه..
دنانيراً من الذهب..
سلاماتٌ..
سلاماتٌ..
إلى بيتٍ سقانا الحب والرحمة
إلى أزهارك البيضاء.. فرحة "ساحة النجمة"
إلى تختي..
إلى كتبي..
إلى أطفال حارتنا..
وحيطانٍ ملأناها..
بفوضى من كتابتنا..
إلى قططٍ كسولاتٍ
تنام على مشارقنا
وليلكةٍ معرشةٍ
على شباك جارتنا
مضى عامان.. يا أمي
ووجه دمشق،
عصفورٌ يخربش في جوانحنا
يعض على ستائرنا..
وينقرنا..
برفقٍ من أصابعنا..
مضى عامان يا أمي
وليل دمشق
فل دمشق
دور دمشق
تسكن في خواطرنا
مآذنها.. تضيء على مراكبنا
كأن مآذن الأموي..
قد زرعت بداخلنا..
كأن مشاتل التفاح..
تعبق في ضمائرنا
كأن الضوء، والأحجار
جاءت كلها معنا..
أتى أيلول يا أماه..
وجاء الحزن يحمل لي هداياه
ويترك عند نافذتي
مدامعه وشكواه
أتى أيلول.. أين دمشق؟
أين أبي وعيناه
وأين حرير نظرته؟
وأين عبير قهوته؟
سقى الرحمن مثواه..
وأين رحاب منزلنا الكبير..
وأين نعماه؟
وأين مدارج الشمشير..
تضحك في زواياه
وأين طفولتي فيه؟
أجرجر ذيل قطته
وآكل من عريشته
وأقطف من بنفشاه
دمشق، دمشق..
يا شعراً
على حدقات أعيننا كتبناه
ويا طفلاً جميلاً..
من ضفائره صلبناه
جثونا عند ركبته..
وذبنا في محبته
إلى أن في محبتنا قتلناه...
قصيدة: الأمّ مدرسة لحافظ إبراهيم
يقول الشاعر في الأم:
الأُمُّ مدرَسةٌ إِذا أَعددتَها
أَعددتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ
الأمّ روضٌ إن تعهّده الحيا
بالريّ أورق أيماً إيراق
الأمّ أستاذ الأساتذة الألى
شغلت مآثرهم مدى الآفاق
أنا لا أقول دعوا النّساء سوافراً
بين الرّجال يجلن في الأسواق
يدرجن حيث أرَدن لا من وازع
يحذرن رقبته ولا من واقي
يفعلن أفعال الرّجال لواهياً
عن واجبات نواعس الأحداق
تتشكّل الأزمان في أدوارها
دولاً وهنّ على الجمود بواقي
قصيدة: بوركت يا حرم الأمومة لأبي القاسم الشابي
يقول الشاعر في الأم:
الأُمُّ تلثُمُ طفْلَها وتَضمُّه
حرمٌ سماويُّ الجمال مقدَّسُ
تتألَّه الأَفكارُ وهي جوارهُ
وتَعود طاهرةً هناكَ الأَنفس
حرم الحياة بِطهْرِها وحنانها
هل فوقه حرمٌ أَجلُّ وأَقدسُ
بوركت يا حرم الأُمومَةِ والصِّبا
كم فيكَ تكتمل الحياةُ وتَقدُسُ