شعر ايام زمان

كتابة:
شعر ايام زمان

قصيدة أيام زمان

تُنسب هذه القصيدة للسيد عبد الوهاب هاشم نجدي، وهي مكتوبة باللهجة الحجازية، ويتحدث فيها الشاعر عن ذكريات الطفولة، وما علق بها من لحظاتٍ ومواقف، ويقول في أبياتها:


فينك يا أيــــام زمان ليه رحتـــي وسبــتينا
ليت اللي جرى ما كان ليت حلاوتك تعود لينا
وفينك يا أيام زمان
بيت الحجر قاعة وديوان وفتحــــــــة جلا تهوينا
طيرما ورف في جدران وسقف بالــــجريد يغطينا
من البير نجبد دلـو مليان نملى زيـــر يكفينا
والا زفة ســــقا حفيان من الكبــاس يجيب لينا
باب الزقاق بضبه والشيش بزرفان وفي الروشان شراب مرصوصة تروينا
فين مكوة فحم ومكنسة درجان وبليفة نخل ستي في طشت تحمينا
فين السماور أبو الفحم والدخان ومن بكرج الحليب أمي تسقينا
فين سيدي شاهن النص في شعبان ولعبت كبوش في الشارع تسلينا
حبا ويرس يفرح الكسبان وألعاب كثيره نسويها بأيدينا
أيام البربر والليري بعيدان نصقع عود بعود بعيد تودينا
ومن الكاكولا نجمع الغطيان نسوي كفر لعربية تنسينا
رسلة أبويا وأمي للدكان وياما بالخيزران علقة تعشينا
أيه والله أيام زمان
والله اشتهيت حيسة التمر والله اشتهيت عصيدة حليا
فين الفول أبو جمر فين الملوخية بالليا
فين راس المندي في الحفر فين هريسة صبح مهريا
فين سهرة سطوح في القمر والفرشة فيها منديا
فين قيلة قبا بعمر وسباحة برك في عصريا
كانت مفته بدل سفر فين عجينة عيش مغطيا
كان إحرام بدل غتر فين توب بفتا وسديريا
وفينك يا أيام زمان
كيف كانت موية الشربا وكيف كنا من الزير نمليها
بتنك سقا حنفية تتعبا وبأباريق الوضو كنا نفضيها
فين تلبيبة ضحى دقه مع لبا فين فوانيس بنفخة نطفيها
فين شوارع ما تسمع فيها ولا سبا فين بيوت كل الهنا فيها
لو يغلط الواد لابد يتربا وأمه لو تزعل كنا كمان نربيها
كدا كنا زمان آه يا زمان


شعر عن أيام زمان

أَرْجِعْ زَمَانَ الأَمْسِ مِنْ صَفَحَاتِي  
مَا أَجْمَلَ الأَيَّامَ بَعْدَ فَوَاتِ
ذِكْرَى يَعُودُ إِلَى الفُؤَادِ حَنِينُهَا  
دَوْمًا إِذَا ذَاقَ الفُؤَادُ أَسَاتِي
دَعْنِي أُمَتِّعُ بِالتَّذَكُّرِ خَطْرَتِي  
وَعَلَى الطُّلُولِ أُمَتِّعُ النَّظَرَاتِ
مَا زِلْتُ أَذْكُرُ هَاهُنَا خَطَوَاتُنَا  
وَعَلَى الرِّمَالِ وَنَقْذِفُ الحَصَوَاتِ
زَمَنٌ تَوَلَّى مِنْ رَبِيعِ حَيَاتِنَا  
فِي ظِلِّهِ مَا أَجْمَلَ الأَوْقَاتِ
نَلْهُو وَنَمْرَحُ وَالسَّعَادَةُ عِنْدَنَا  
مَا أَصْدَقَ البَسَمَاتِ وَالضَّحَكَاتِ
إِنِّي لأَذْكُرُ تِلْكَ أَحلَى لَحْظَةٍ  
زَمَنَ الطُّفُولَةِ ذَاكَ زَهْرُ حَيَاتِي
أَتَذَكَّرُ الأَصْحَابَ حِينَ يَضُمُّنَا 
 لَعِبٌ عَلَى سَاحٍ مِنَ السَّاحَاتِ
نَجْرِي وَنَجْرِي لَيْسَ نَدْرِي أَنَّهَا 
 تَجْرِي بِنَا الأَعْمَارُ فِي السَّاعَاتِ
وَنُلاَعِبَ المَطَرَ الخَفَيفَ إِذَا أَتَى 
 وَعَلَى اليَدَينِ تَسَاقُطُ القَطَرَاتِ
وَنُرَدِّدُ الإِنْشَادَ صَوْتًا وَاحِدًا
 وَنُسَمِّعُ الصَّيْحَاتِ وَالصَّرْخَاتِ
نَبْكِي وَنَضْحَكُ تِلْكَ حَالُ طُفُولَةٍ 
 وَنُصَدِّقَ الأَفْعَالَ وَالكَلِمَاتِ
(مَامَا)وَ(بَابَا) فِي الصَّبَاحِ نَشِيدُنَا 
 تَتَفَتَّحُ الأَفْوَاهُ كَالْوَرْدَاتِ
أُمِّي الحَبِيبَةُ لَسْتُ أَنْسَى عَطْفَهَا 
 نَبْعُ الحَنَانِ كَدِجْلَةٍ وَفُرَاتِ
أَسْعَى إِلَيْهَاْ لَهْفَةً فَتَضُمُّنِي
 وَبِصَدْرِهَا أَتَلَمَّسُ الخَيْرَاتِ
وَكَذَا أَبِي أَمْضِي إِلَيْهِ إِذَا أَتَى
 يُصْغِي إِلَيَّ لِمَطْلَبِي وَشَكَاتِي
(ابنتي الحبيبةُ) أَبِي الحَنُونُ يَقُولُهَا
 فَتَرِنُّ فِي أُذْنَيَّ كَالنَّغَمَاتِ
يا رب فاجْعَلْنِي أَنَالَ رِضَاهُمَا
 وَرِضَاكَ فِي الدُّنْيَا وَبَعْدَ مَمَاتِ
تِلْكَ السَّعَادَةُ لَسْتُ أَطْلُبُ غَيْرَهَا
 إِلاَّ خُلُوداً فِي رُبَا الجَنَّاتِ
تِلْكَ الطُّفُولَةِ ذَاكَ نَبْعٌ رَائِقٌ
 لا َتَعْرِفُ الأَحْزَانَ وَالكَدْرَاتِ
وَسَرَحْتُ فِي حُلْمِ تَبَاعَدَ نَيْلُهُ
 حَتَّى كَأَنِّي فِي عَمِيقِ سُبَاتِ
وَمَضَى الزَّمَانُ وَنَحْنُ نَجْهَلُ سَيْرَهُ
 حَتَّى قَضَى لِجَمَاعِنَا بِشَتَاتِ
وَأَفَقْتُ يَوْمًا عَنْ رِفَاقِيَ بَاحِثًا
 أَيْنَ الذِينَ بِوَجْهِهِمْ بَسَمَاتِي؟
أَيْنَ الصِّحَابُ؟ وَأَيْنَ جَمْعُ أَحِبَّتِي؟
 وَمَشَيْتُ فِي تِيهٍ مِنَ الخَطَوَاتِ
وَمَشَيْتُ فِي دَرْبِي أُرَدِّدُ قِصَّتِي 
وَأُحِسُّ فِي التِّذْكَارِ بِالنَّسَمَاتِ
مَا أَجْمَلَ الأَيَّامَ تَمْضِي غَفْلَةً
 زَمَنُ الصَّفَاءِ يَمُرُّ فِي عَجَلاَتِ
وَكَبُرْتُ لَكِنِّي صَغُرْتُ لأَنَّنِي
 ما زال قَلْبِي صَادِقَ النَّبَضَاتِ
وَيَدُومُ قَلْبِي لِلْوَفَاءِ وَنَبْضُهُ
 وَلَسَوْفَ تَشْهَدُ بِالْوَفَا أَبْيَاتِي



للهِ مَا أَحْلى الطُّفولَةَ
إنَّها حلمُ الحياةْ
عهدٌ كَمَعْسولِ الرُّؤَى
مَا بينَ أجنحَةِ السُّبَاتْ
ترنو إلى الدُّنيا
ومَا فيها بعينٍ باسِمَهْ
وتَسيرُ في عَدَواتِ وَادِيها
بنَفْسٍ حالمة
إنَّ الطّفولةَ تهتَزُّ
في قَلْبِ الرَّبيعْ
ريَّانةٌ مِنْ رَيِّقِ الأَنْداءِ
في الفَجْرِ الوَديعْ
غنَّت لها الدُّنيا
أَغاني حبِّها وحُبُورِهَا
فَتَأَوَّدَتْ نَشوى بأَحلامِ
الحَياةِ وَنُورِهَا
إنَّ الطُّفولَةَ حِقْبَةً
شعريَّةٌ بشُعُورِها
وَدُمُوعِها وسُرُورِها
وَطُمُوحِهَا وغُرُورِها
لمْ تمشِ في دنيا الكآبَةِ
والتَّعاسَةِ والعَذابْ
فترى على أضوائِها مَا في
الحَقيقَةِ مِنْ كِذَابْ



صديقي.. أحدِّثُك اليوم عن أجملِ الذكريات
بحثتُ عليهِنّ في كلّ دغلٍ وكلِّ فلاة
وفي مُدلهِمّ الدياجيرِ والظلُمات
وفي طرقٍ بعُدت عن ضياءِ الشعور
وبين القُبور
نبشتُ دهاليز مردومةً بغبار الزمانِ
فلم ألقهُنّ بأيّ مكانِ
وحين النعاسُ غزاني
أتين مع الحُلمِ دون توانِ
يُظلِّلُهُنّ كثيفُ الدُّخانِ
ويسبقُهُنّ العبير
جلسن أمامي على بُسُطٍ من زهور
فحيّين بالعبرات
تساقطن حزناً على الوَجنات
فأينع وردٌ وتوتُ
وضوّع مِسكٌ فتيتُ
وران السكوتُ
كأنّا لُجِمنا بسحرِ اللقاء
فمثل اشتياقي إليهنّ كُنّ إليّ ظِماء
ورحتُ أقصّ عليهنّ ما قد لقيتُ
وما قد عرانيَ بعد الفراقِ من الحسرات
فقبّلنني بالتّأوِّهِ والزفرات
قصصن عليّ الذي ما نسيتُ
وأقسمن ألاّ يُفارقنني ما حييتُ
نعم يا صديقُ هي الذكرياتُ الجميلة
وإن رقدت خلف صمتِ الأحاسيسِ ليست تموتُ:
سنينُ الدّراسةِ، والعُمُرُ الأخضرُ
ربيعُ الحياةِ، وبستانُها المزهرُ
هي اليوم واحةُ عمري الظليلة
وكم كنتُ أنعتُها النّكد المُدلهِمّ ألا تذكُرُ؟
فلم تكُ عندي سوى زمهريرِ العناء
وقيظِ الشّقاء
تعُبُّ وتأكُلُ من مقلتيّ الحُروفُ، ورأسي
تجولُ بهِ راجماتُ الصداعِ صباح مساء
تدقّ به ألفُ مِطرقةٍ ألفُ فأسِ
مضى كلّ ذلك دون انتِباه
كأن لم يكن من فُصولِ الحياة
ومرّ قطارُ الزمانِ وخلّف أثلامهُ في الجِباه
ولكن بِوُدٍّ وطيبه
أعاد لنا كلّ ما قد محاه
من أعمارنا ذكرياتٍ حبيبه
صديقي ودِدتُ
لو أني لم أعد يوماً كبير
لو أني بقيتُ صغير
وما زال كلُّ الذين عرفتُ
يُنادونني يا صغير
كأمي
تنادي صغيري ولا تلفِظُ اسمي
وهمّي
جِراءٌ.. طيور
ودرّاجةٌ كلّ يومي
أظلّ عليها أدور
نعم ذاك بالأمسِ في زمنٍ كان جدّ قصير
ولم تدرِ أوقاتُهُ أنّ جيش الكآبةِ سوف يزور
ليُغرِق فجر السّرور
بِديجورِهِ المُدلهِمِّ
صديقيَ، عما قريبٍ بُعيد كِتابةِ هذي السُّطور
سأطلقُ نفسيَ من سجنِ وهمي إلى عاطراتِ الرّحابِ
سأرمي ورائيَ ما بي
من الحُزنِ، من حسرةٍ واكتِئابِ
سأنضحُ دربي المُمِلّ سروراً سأملؤه بالزهر
سأدخُلُ عبر حياةٍ جديدة
بنفسٍ سعيدة
وروحٍ إلى الحبّ توّاقةٍ جائعة
سأهدمُ قبوَ الهُمومِ، وأقفلُ باب الضّجر
لسوف أطيرُ أطير
بجنح السرور
أجول بدنيا المُنى الرائعة
بأفقِ المحبّة أطوي امتداداته الشاسعة
أضمّ قلوباً به وادِعه
سيُصبِحُ ظِلّي خفيف
ولكِنّني لستُ أدري لِماذا أُسجِّلُ هذي الحُروف
وعيني لها دامعة..؟
يقولون: سجِّل كلام الصّدور
فإنّ اليَراع الحكيم
سيَشربُ مِنك الهُموم
ويَسكُبُها في السُّطور
صديقي..
إلى المُلتقى يا صديقي..
أنا بانتِظارِ رسالةِ حُبٍّ صغيرة
تعيدُ لقلبي شعوره
وتطفئُ بعض حريقي
فلا تبخلنّ عليّ ببضعٍ من الكلماتِ
تطمئنُ ذاتي
تنيرُ طريقي..
وداعاً صديقي..
4461 مشاهدة
للأعلى للسفل
×