شعر جاهلي عن الصديق الوفي

كتابة:
شعر جاهلي عن الصديق الوفي


قصيدة من العصر الجاهلي عن الصديق

يقول الشاعر زهير بن أبي سلمى في قصيدته "وَيَومَ تَلافَيتُ الصِبا أَن يَفوتَني":

وَيَومَ تَلافَيتُ الصِبا أَن يَفوتَني

بِرَحبِ الفُروجِ ذي مَحالٍ مُوَثَّقِ

سَديسٍ كُبارِيٍّ تَئِطُّ نُسوعُهُ

أَطيطَ رِتاجٍ ذي مَساميرَ مُغلَقِ

غَليظٍ عَلى مَجذى القُرادِ كَأَنَّما

بِجانِبِ صَفوانٍ يَزِلُّ وَيَرتَقي

وَبَيداءَ تيهٍ تَحرَجُ العَينُ وَسطَها

مُخَفِّقَةٍ غَبراءَ صَرماءَ سَملَقِ

بِها مِن فِراخِ الكُدرِ زُغبٌ كَأَنَّها

جَنى حَنظَلٍ في مِحصَنٍ مُتَفَلِّقِ

قَطَعتُ إِذا ما الآلُ آضَ كَأَنَّهُ

سُيوفٌ تَنَحّى نَسفَةً ثُمَّ تَلتَقي

كَأَنّي وَرِدفي وَالفِتانَ وَنُمرُقي

عَلى خاضِبِ الساقَينِ أَزعَرَ نِقنِقِ

تَراخى بِهِ حُبُّ الضَحاءِ وَقَد رَأى

سَماوَةَ قَشراءِ الوَظيفَينِ عَوهَقِ

تَحِنُّ إِلى مِثلِ الحَبابيرِ جُثَّمٍ

لَدى سَكَنٍ مِن قَيضِها المُتَفَلِّقِ

تَحَطَّمَ عَنها قَيضُها عَن خَراطِمٍ

وَعَن حَدَقٍ كَالنَبخِ لَم يَتَفَتَّقِ

أَبيتُ فَلا أَهجو الصَديقَ وَمَن يَبِع

بِعِرضِ أَبيهِ في المَعاشِرِ يُنفِقِ

وَمَن لا يُقَدِّم رِجلَهُ مُطمَئِنَّةً

فَيُثبِتَها في مُستَوى الأَرضِ تَزلِقِ

أَكُفُّ لِساني عَن صَديقي وَإِن أَجَأ

إِلَيهِ فَإِنّي عارِقٌ كُلَّ مَعرَقِ

بِرَجمٍ كَوَقعِ الهُندُوانِيِّ أَخلَصَ ال

صَياقِلُ مِنهُ عَن حَصيرٍ وَرَونَقِ

إِذا ما دَنا مِنَ الضَريبَةِ لَم يَخِم

يُقَطِّعُ أَوصالَ الرِجالِ وَيَنتَقي

تَطيحُ أَكُفُّ القَومِ فيها كَأَنَّما

تَطيحُ بِها في الرَوعِ عيدانُ بَروَقِ

وَفي الحِلمِ إِدهانٌ وَفي العَفوِ دُربَةٌ

وَفي الصِدقِ مَنجاةٌ مِنَ الشَرِّ فَاِصدُقِ

وَمَن يَلتَمِس حُسنَ الثَناءِ بِمالِهِ

يَصُن عِرضَهُ مِن كُلِّ شَنعاءَ موبِقِ

وَمَن لا يَصُن قَبلَ النَوافِذِ عِرضَهُ

فَيُحرِزَهُ يُعرَر بِهِ وَيُخَرَّقِ


قصيدة من العصر الأموي عن الصديق

يقول عمر بن أبي ريعة في قصيدته "أمسى صديقك ":

أَمسى صَديقُكِ مِمّا قُلتِ قَد غَضِبوا

لا بَل أَدَلّوا فَأَهلٌ أَن هُمُ عَتَبوا

لا تَسمَعِنَّ كَلامَ الكاشِحينَ كَما

لَم أَستَمِع بِكِ ما قالوا وَما هَضَبوا

نَثّوا أَحاديثَ لَم أَسمَع تَحاوُرَها

وَزادَ فيها رِجالٌ غَيظَنا قَرِبوا

إِن تَعدُنا رِقبَةٌ إِذ نَأتِ غَيرَكُمُ

فَأَنتِ أَوجَهُ مَن يُنأَى وَيُجتَنَبُ

لِلناسِ فَضلُكِ في حُسنِ الصَفاءِ وَفي

صِدقِ الحَديثِ وَشَرُّ الخُلَّةِ الكَذِبُ

وَأَنتِ هَمِّيَ في أَهلي وَفي سَفَري

وَفي الجُلوسِ وَفي الرُكبانِ إِن رَكِبوا

وَأَنتِ قُرَّةُ عَيني إِن نَوىً نَزَحَت

وَمُنيَتي وَإِلَيكِ الشَوقُ وَالطَرَبُ


قصيدة من العصر العباسي عن الصديق

يقول ابن الرومي في قصيدته "صرَّحتْ عن طَويّة الأصدقاءِ":

صرَّحتْ عن طَويّة الأصدقاءِ

واضحاتُ التجريب والابتلاءِ

وأبى المخْضُ أنْ يُكَشِّفَ إلا

عن صريحٍ مهذَّبٍ أو غُثَاءِ

ليس للمُضْمَرِ الدخيل من الصَّا

حب غير التَّكْشيف والاجتلاءِ

وخَبيءُ الفؤاد يعلمه العا

قلُ قبلَ السماع بالإيماءِ

ولهذا اكتفى البليغُ من الإسـ

ـهاب فيما يريد بالإيحاءِ

وظنونُ الذكيِّ أَنْفذ في الحقـ

ـقِ سهاماً من رؤية الأغبياءِ

وإذا كنت لا تُؤَثِّل إلا

درهماً جائزاً على البُصراءِ

وكذا لستَ تعرفُ الشيء إلا

بعد فحصٍ من أمره وابتلاءِ

وهما يُمْتعان وقتاً من الدهـ

ـر ويُفنيهما وشيكُ المَضاءِ

فالصديق المأمون للزمن الفا

دح والمرتجى لدى البُرَحاءِ

والذي أنت وهْو في جوهر النفْـ

ـس جميعاً مِن تربة وهواءِ

وكماءٍ مزجتَه بمُدامٍ

فاستقرّا تَجَنُّساً في وعاءِ

لم يكن فيهما من الفضل إلا

فاصلاتُ الألقاب والأسماءِ

ثم شيءٌ عرفْتَهُ بالتَّجَاري

ب وأخلصتَه بكشف الغطاءِ

إنما تُبْرز الجوَاهِرُ ما في

ها إذا ما أَمَعْتها بالصِّلاءِ

لا يَغُرَّنَّكَ المُماذِقُ بالظا

هر في حال مدة الالتقاءِ

من كلام يُوشَى بمدح جميلٍ

وحديثٍ كالقهوة الصَّهباءِ

ويمينٍ كَعَطِّكَ البُرْدَ لا تنْـ

ـظر في سُقمها وفي الإبراءِ

عبْدُ عَيْن فإن تغَيَّبْتَ عنه

أَكَل اللحم وارتعى في الدماءِ

وإذا ما أردته لقتيلٍ

لحق الوُدُّ منه بالعَنْقاءِ

ولقد قال سَيِّدٌ من أُولي الفضـ

ـل ومن سِرِّ صفوة الأصفياءِ

ليس أهلُ العراق لي بصحابٍ

إنْ هُمُ جانبوا طريقَ الوفاءِ

إنما صاحبي المُشارك في القُلـ

ـل وذو البذل والندى والحياءِ

لا يلَهِّيهِ عنه خفضٌ ولا ين

ساه عند المُرْبَدَّةِ الشَّوْهَاءِ

مَالُهُ كَنْزُهُ إذا خَفَتَ الغي

ثُ وضاقت خلائق السُّمَحاءِ

وانتفى الشيخ من بنيه ولم تعـ

ـطف على بَكْرِهَا أعفُّ النساءِ

حكمةٌ ما ورثتُها عن حكيمٍ

فيلسوفٍ من عِتْرة الأنبياءِ

ليس شيء يُفيدُه المرء في الدهـ

ـر على حين فقره والثراءِ

هو خيرٌ من صاحبٍ ورفيقٍ

مُسْعِدٍ في الجَليَّةِ البَهْماءِ

ليس بين الصديق والنفس فرقٌ

عند تحصيل قسمة الأشياءِ

يَا سَمِيَّ الوصيِّ يا شِقَّ نفسي

وأخي في الملمَّة النَّكراءِ

يا أخاً حَلَّ في المكارم والسؤْ

دَدِ أعلى مَحَلِّ أهل السَّناءِ

لم يُقَصِّرْ به اعتيادٌ ولم يقـ

ـعد بِه مولدٌ عن استعلاءِ

وَلَهُ بَعْدُ مِنْ مآثره الزُّهْ

رِ خِلالٌ تُرْبي على الحصباءِ

عَجَمَ الدَّهْرُ خلْفَتَيْن وسوَّى

بين حالَيْ رخائه والبلاءِ

كرمُ الخِيْم والنِّجَارِ وتيكُمْ

شيمَةٌ شارفٌ من النبلاءِ

وبيانٌ كأنه خرَزُ النا

ظم في جيد طَفْلةٍ غيداءِ

وطباعٌ أرقُّ من ظُبَةِ السي

ف وأمضى من رِيقة الرقشاءِ

تتراءى له العيون فتلقا

ه نِقاباً بدائها والدواءِ

فيصلٌ للأمور يأتي المعالي

بارتقاء فيها وحُسْن اهتداءِ

وغريمٌ أمضى من الأجل الحتْـ

ـم عصيمٌ بأُربَةٍ بَزْلاءِ

وهو إلفُ الحجا وتِرْبُ المساعي

وعَقيدُ الندى وحِلف البهاءِ

وهو بعلٌ للمكرمات فما ينـ

ـفكُّ بين العَوَان والعذارءِ

حافظٌ للصديق إن زَلَّت النعْـ

ـلُ به أو هوى عن العَلياءِ

وجوادٌ عليه بالمال والنفـ

ـس وبذلِ العَقيلة الوَفْراءِ

لا يُؤاتي على اقْتسَارٍ وَلا ينـ

ـهَضُ إلا بالعزة القعساءِ

غير أنَّ الزمان أقْصدَنِي فيـ

ـه بسهمَيْ تفرُّقٍ وانْتئَاءِ

لا أراه إلا على شَحَطِ الدا

ر وإما عن مدة شَقَّاءِ

فإذا ما رأيْتُهُ فكأني

بين أثناء روضةٍ مَرْجاءِ

يتجلَّى عن نَاظِرَيَّ عَشَا الجَهْـ

ـل بألفاظه العذَابِ الطِّرَاءِ

وأحاديثَ لو دَعَوْتَ بها الأعْ

صَمَ لَبَّى من حسن ذاك الدعاءِ

طِبْتَ خِلّاً فاسلمْ على نَكد الده

ر وعش آمناً من الأَسْواءِ

لا رُزئْنَاكَ عَاتباً طلب العُتـ

ـبَى بِإعْفَا مَعَاتِب الأُدَبَاءِ

بكلام لو أن للدهر سمعاً

مالَ من حسنه إلى الإصغاءِ

ولوَ اَنّ البحارَ يُقذَفُ فيها

منه حرفٌ ما أَجَّ طعم الماءِ

وهْو أمضى من السيوف إذا هُز

زَتْ وأَوحَى من مُبْرَمَاتِ القَضاءِ

وهْو يَشفي الصدور من جنَف الحق

د ويُغْضي من مقلة زرقاءِ

يكْتَسِي مُنشدوه منه رداءً

ذا جمال أكرِمْ به من رداءِ

لا تَعَايَى به الرواةُ ولم يُسْـ

ـلِمْهُ مَسْمُوعُه إلى استثناءِ

ليس بالمُعْمِل الهَجين ولا الوَحْـ

ـشِيِّ ذي العُنْجُهيَّةِ العَثْوَاءِ

بل هو الباردُ الزُّلالُ إذا وا

فق من صائم حلول عَشاءِ

تَخْلُقُ الأرضُ وهو غضٌّ جديدٌ

فَلكيٌّ من عنصر الجوزاءِ

عَتْبُ إلْفٍ أرقُّ من كَلِم الأم

مِ وإن كان من ذرى خَلْقاءِ

إن يَكُنْ عَنَّ مِنْ أخيك فَعَالٌ

جارَ فيه عن مذهب الأوفياءِ

جَلَّ في مثله العتابُ وعَالَى

أن يُوَازَى بزَلَّةِ العلماءِ

فَبِحقٍّ أقول عَمَّرَكَ اللَّـ

ـه طويلاً في رِفْعَةٍ وعلاءِ

ولَكَ القولُ لا لنا ولك التَّسْـ

ـليمُ منَّا لمذهب الحكماءِ

إن خيراً من التَّقَصِّي على الخِلـ

ـلِ سَماحٌ في الأخذ والإعطاءِ

واغتِفارٌ لهفوةٍ إنْ ألمَّت

واطِّرَاحُ التفسير والانتفاءِ

ليس في كل زلَّةٍ يسع العذْ

رُ وفي ضِيقهِ انتكَاسُ الإخاءِ

ما رأيتُ المِراء يوجِبُ إلا

فُرقةً ما اعتمدتَ طول المراءِ

وعَرُوسٍ قد جُهِّزتْ بطلاقٍ

عاتبتْ في وَليدَةٍ شَنْآءِ

إن طول العتاب يَزْدرِعُ البغـ

ـضاءَ في قلب كَاره البَغْضاءِ

لم أقل ذا لأَنْ عَتبْتُ ولكن

شجرُ العَتْبِ مُثْمرٌ للجفاءِ

ليس كلُّ الإخوان يجمع ما يُرْ

ضيكَ من كل خلَّةٍ حسناءِ

فيه ما في الرجال من خَلَّةٍ تُحْـ

ـمدُ يوماً وخَلَّةٍ سَوآءِ

أيُّ خلٍّ تراه كالذهب الأح

مر أو كالوذِيلة الزهراءِ

أين من يحفظ الصديقَ بظَهْرِ الـ

ـغيب من سوء قِرفة الأعداءِ

فات هذا فلن تراه يد الدَه

ر فَأنْعِمْ في إثْره بالبكاءِ

مثلاً ما ضَرْبتُه لك فاسمع

وتَثَبَّتْ جُزيتَ خيرَ الجزاءِ

كلُّ شيء بالحس يُعرف أو بالـ

ـسَمع أو بالأدلَّة الفُصحاءِ

فله موضعٌ وفيه طَباخٌ

لبلاغٍ ذي مدة وانقضاءِ

ولكل من الأخلاء حالٌ

هوَ فيها كفءٌ من الأكفاءِ

أي شيء أجلُّ قدراً من السيـ

ـفِ ليوم الكريهة العزَّاء

فأبِنْ لي هل يصلح السيفُ في العز

زَاءِ إلا للضربةِ الرَّعلاءِ

والوَشيجُ الخَطِّيُّ وهو رِشاءُ الـ

ـموتِ يومَ الزلزال والبأساءِ

هل تراه يُراد في حومة المأ

قِطِ إلا للطعنة النجلاءِ

فكذاك الصديقُ يصلح للسا

عة دون الإصباح والإمساءِ

فتمسَّكْ به ولا تَدَعنْهُ

فتراه خَصماً من الخُصماءِ

وهما يُذْخران للحال لا الإحْـ

ـوال بين الفؤاد والأحشاءِ

وصغار الأمور رِدْفٌ لذي الرُّت

بة منها والفخرِ والكبرياءِ

وملوكُ الأنام قد أحوج اللَّـ

ـهُ عُرا ملكها إلى الدَّهماءِ

ولوَ اَنَّ الملوكَ أفردها اللَّـ

ـه من التابعين والوُزَعاءِ

لَبدتْ خَلَّةٌ وثُلَّثْ عُروشـ

ـواسْتوت بالأخِسَّة الوُضعاءِ

ولَمَا كان بين أكمل خلق الـ

ـلاهِ فرقٌ وبين أهل الغباءِ

حَلقُ الدرعِ ليس يُمسكُ منها

سَرْدها غيرُ شكَّة الحِرباءِ

ولهذا الإنسانِ قد سخَّر الرح

منُ ما بين أرضه والسماءِ

وبحَسْب النعماءِ يُطَّلَبُ الشكـ

ـرُ كِفاءً لواهب النعماءِ

ثم لم يُخْلِهِ من النقص والحا

جة والعجز قِسمةً بالسَّواءِ

ليكونَ الإنسانُ في غاية التعْـ

ديلِ بين السراء والضراءِ

فاصْطبرْ للصديق إن زلَّ أو جا

رَ برجلٍ عن الهُدى نَكْباءِ

فهو كالماء هل رأيتَ مَعين الـ

ـماء يُعْفَى من نُطفةٍ كَدْراءِ

وتَمتَّع به ففيه مَتاعٌـ

ـوادّخارٌ لساعةٍ سَوْعاءِ

أيُّ جسم يَبقى على غِيَر الدهـ

ـر خَلِيَّاً من قاتل الأدواءِ

أيّما روضةٍ رأيتَ يدَ الأيـ

ـيام في عبقريةٍ خضراءِ

أوَ ما أبصرتْ لك الخيرُ عينا

ك رُباها مُصفَرَّةَ الأرجاءِ

إنما هذه الحياةُ غرورٌ

وشقاءٌ للمَعْشر الأشقياءِ

نحن فيها رَكبٌ نؤمُّ بلاداً

فكأْن قد أُلْنا إلى الإنتهاءِ

ما عسى نَرتجي ونحن مع الأم

وات يُحْدَى بنا أَحَثَّ الحُداءِ

فإذا أعرض الصديقُ وولَّى

لِقِفار لا تُهْتَدى فَيْفَاءِ

ورمى بالإخاء من رأس عَلْيا

ءَ إلى مُدْلَهِمَّة ظَلْماءِ

لم يُراقب إلّاً ولم يَرجُ أن يأ

تيَ يوماً يمشي على استحياءِ

فاتركَنْهُ لا يهتدى لمبيتٍ

بنُباحٍ ولا بطولِ عُواءِ

إنما تُرْتجى البقيّةُ ممن

فيه بُقيا وموضعٌ للبقاءِ

واشدُدَنْ راحتيكَ بالصاحب المُسـ

ـعِدِ يومَ البَليسة الغمّاءِ

والذي إن دُعي أجاب وإن كا

ن قِراعَ الفوارِس الشجعاءِ

كأبي القاسم الذي كلُّ ما يم

لكُ للمعتفينَ والخُلطاءِ

والذي إن أردتَه لمَقامٍ

جاء سَبْقاً كاللِّقوةِ الشَّغواءِ

وإذا ما أردتَهُ لجِدالٍ

جاء كالمُصْمَئلَّة الدَّهياءِ

فإذا دَلَّ جاء بالحُجّةِ الغَر

رَاء ذاتِ المعالم الغراءِ

مُنْجحُ القيل ما علمتُ وحاشا

لخليلي من تَرْحةِ الإكداءِ

أرْيَحيٌّ بمثلهِ يُبْتنى المجـ

ـدُ وتسمو به فروعُ البناءِ

باسطُ الوجهِ ضاحكُ السن بسَّا

مٌ على حين كُرْهِهِ والرّضاءِ

وثَبيتُ المَقام في الموقف الدَّحـ

ـض إذا ما أضاق رحبُ الفضاءِ

وله فكرةٌ يعيد بها الأمـ

ـوات في مثل صورة الأحياءِ

فتراها تَفْري الفَرِيَّ وكانت

قَبله لا تُحيرُ رجعَ النداءِ

ليس يرضى لها التحرُّك أو يُبـ

ـرِزُها في زلازلِ الهيجاءِ

فترى بينها مُقارعة الأب

طالِ راحت من غارةٍ شعواءِ

بتدابيرَ تَفلِقُ الحجرَ الصلْـ

ـد وتَشفي من كل داء عياءِ

يَهزم الجيشَ ذكرهُ فتراهم

جَزَرَ الهام عُرْضةَ الأصداءِ

يتلقّاهُمُ بسيفٍ من الفكـ

ـرِ ورمح من صَنعة الآراءِ

وسيوفُ العقول أمضى من الصَّمـ

ـصام في كفِّ فارسِ الغبراءِ

فترى القوم في قليبٍ من المو

ت أسارى لدَلوه والرِّشاءِ

وله حَرْشَفٌ يُديرُ قُداما

هُ زحافاً كالفَيلَق الشهباءِ

والمغاويرُ بالياتٌ كما عا

يَنْتَ مَوْرَ الكتيبة الجأواءِ

وهي خُرْسُ البيان من جهة النُّطـ

ـق فصاحُ الآثار والأنباءِ

أيُّ شيءٍ يكونُ أحسنَ منه

فارساً ماشياً على العَفْراءِ

في حروبٍ لا تُصطَلى لتراتٍ

وقتال بغير ما شَحْناءِ

وقتيلٍ بغير جُرمٍ جناه

وجريحٍ مُسَلَّمِ الأعضاءِ

وصريعٍ تحت السنابك ينجو

برِماقٍ ولات حين نجاءِ

وهْو في ذاك ناعمُ البال لا يفـ

ـصل بين القتيل والأُسَراءِ

وتراهُ يحثُّ كأسَ طِلاءٍ

باقتراحٍ لقُبْلةٍ أو غناءِ

لا يُدانيه في الشجاعة بِسطا

مُ بن قيس وفارسُ الضحياءِ

حلَّ من خُلَّتي محلَّ زُلالِ الـ

ـماء من ذات غُلَّةٍ صَدْياءِ

بودادٍ كأنه النرجسُ الغضـ

ـضُ عليلاً بمِسكةٍ ذَفْراءِ

راسياً ثابتاً وإن خَلَت الدا

رُ جنابا وامتدَّ عهدُ اللقاءِ

لستُ أخشى منه الغيابَ ولا تخـ

ـشاه في حال قربنا والعَداءِ

حبذا أنتُما خليلا صفاءٍ

لا يُدانيكما خليلا صفاءِ

لكما طوعُ خُلَّتي وقِيادي

ما تغنت خَطباءُ في شَجْراءِ

ذاك جُهدي إذا وَدِدتُ وإن أقـ

ـدر أكافِئْكُما بخيرِ كِفاءِ

وحباءُ الوداد بالمنطق الغضـ

ـضِ يُجازَى به أَجلُّ حِباء
5478 مشاهدة
للأعلى للسفل
×