محتويات
شعر لعنترة بن شداد عن الحب
هلْ غادرَ الشُّعراءُ منْ متردَّم
- أم هلْ عرفتَ الدارَ بعدَ توهمِ
يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي
- وَعَمي صَباحاً دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي
فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّها
- فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ
وَتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَواءِ وَأَهلُنا
- بِالحَزنِ فَالصَمّانِ فَالمُتَثَلَّمِ
حُيِّيتَ مِن طَلَلٍ تَقادَمَ عَهدُهُ
- أَقوى وَأَقفَرَ بَعدَ أُمِّ الهَيثَمِ
حَلَّت بِأَرضِ الزائِرينَ فَأَصبَحَت
- عَسِراً عَلَيَّ طِلابُكِ اِبنَةَ مَخرَمِ
عُلِّقتُها عَرَضاً وَأَقتُلُ قَومَها
- زَعماً لَعَمرُ أَبيكَ لَيسَ بِمَزعَمِ
وَلَقَد نَزَلتِ فَلا تَظُنّي غَيرَهُ
- مِنّي بِمَنزِلَةِ المُحَبِّ المُكرَمِ
كَيفَ المَزارُ وَقَد تَرَبَّعَ أَهلُها
- بِعُنَيزَتَينِ وَأَهلُنا بِالغَيلَمِ
إِن كُنتِ أَزمَعتِ الفِراقَ فَإِنَّما
- زُمَّت رِكابُكُمُ بِلَيلٍ مُظلِمِ
ما راعَني إِلّا حَمولَةُ أَهلِها
- وَسطَ الدِيارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمخِمِ
فيها اِثنَتانِ وَأَربَعونَ حَلوبَةً
- سوداً كَخافِيَةِ الغُرابِ الأَسحَمِ
إذ تستبيكَ بذي غروب واضح
- عذبٍ مقبلهُ لذيذُ المطعم
وكأَنَّ فَارَة َ تاجرٍ بقسيمَة ٍ
- سبقتْ عوارضها اليكَ من الفمْ
أوْ روْضَة ً أُنُفاً تضمَّنَ نبتَها
- غيْثٌ قليلُ الدِّمن ليسَ بمَعْلَمِ
جادَت عَليهِ كُلُّ بِكرٍ حُرَّةٍ
- فَتَرَكنَ كُلَّ قَرارَةٍ كَالدِرهَمِ
سَحّاً وتسْكاباً فَكلَّ عشيَّة ٍ
- يجري عليها الماءُ لم يتصرَّم
وَخَلا الذُبابُ بِها فَلَيسَ بِبارِحٍ
- غَرِداً كَفِعلِ الشارِبِ المُتَرَنِّمِ
هَزِجاً يَحُكُّ ذِراعَهُ بِذِراعِهِ
- قَدحَ المُكِبِّ عَلى الزِنادِ الأَجذَمِ
تمسي وتصبحُ فوق ظهر حشية ٍ
- وأبيتُ فوق سرَاة ِ أدْهم مُلْجَم
وحشيتي سرجٌ على عبل الشَّوى
- نَهْدٍ مَراكِلُهُ نَبيلِ المحزِمِ
هل تبلغنى دارها شدنية
- لُعِنتْ بمَحْرُوم الشَّرابِ مُصرَّم
خَطّارَةٌ غِبَّ السُرى زَيّافَةٌ
- تَطِسُ الإِكامَ بِوَخذِ خُفٍّ ميثَمِ
وكأنما أقصُ الإكام عشية ً
- بقريبِ بينِ المنْسِمين مُصلَّم
تأوي له قلصُ النَّعام كما أوتْ
- حزقٌ يمانية ٌ لأعجمَ طمطمِ
يتبعنَ قلة رأسهِ وكأنهُ
- حِدْجٌ على نعْش لهُنَّ مخيَّمِ
صَعلٍ يَعودُ بِذي العُشَيرَةِ بَيضَهُ
- كَالعَبدِ ذي الفَروِ الطَويلِ الأَصلَمِ
شَربتْ بماءِ الدُّحرُضينِ فأَصْبحتْ
- زوراءَ تنفرُ عن حياض الدَّيلم
هِرٍّ جَنيبٍ كلّما عطفتْ لهُ
- غضبى اتقاها باليدين وبالفم
بَرَكَت عَلى جَنبِ الرِداعِ كَأَنَّما
- بَرَكَت عَلى قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ
وَكأَنَّ رُبّاً أَو كُحَيلاً مُعقَداً
- حَشَّ الوَقودُ بِهِ جَوانِبَ قُمقُمِ
ينْباعُ منْ ذِفْرَى غَضوبٍ جَسرَة ٍ
- زيافة ٍ مثل الفَنيق المُكْدَمِ
إنْ تغدفي دوني القناع فإنني
- طبٌّ بأخذ الفارس المستلــــئم
أثني عليَّ بما علِمْتِ فإنني
- سمحٌ مخالقتي إذا لم أظلم
وإذا ظُلمْتُ فإنَّ ظُلميَ باسلٌ
- مرٌّ مذَاقَتهُ كَطعم العَلْقم
ولقد شربتُ من المدامة بعد ما
- رَكَدَ الهواجرُ بالمشوفِ المُعْلمِ
بزُجاجة ٍ صفْراءَ ذاتِ أسرَّة ٍ
- قرنتْ بأزهر في الشمالِ مفدَّم
فإذا شربتُ فإنني مُسْتَهْلِكٌ
- مالي وعرضي وافرٌ لم يُكلم
وإذا صَحَوْتُ فما أَقصِّرُ عنْ ندى ً
- وكما عَلمتِ شمائلي وَتَكَرُّمي
وحليل غانية ٍ تركتُ مجدلاً
- تَمكو فريصتُهُ كشدْقِ الأَعْلَمِ
سبقتْ يدايَ له بعاجل طعنة ٍ
- ورشاشِ نافذَة ٍ كلوْن العَنْدَمِ
هَلّا سَأَلتِ الخَيلَ يا اِبنَةَ مالِكٍ
- إِن كُنتِ جاهِلَةً بِما لَم تَعلَمي
إذ لا أزالُ على رحالة ِ سابح
- نهْدٍ تعاوَرُهُ الكُماة ُ مُكَلَّمِ
طَوْراً يجَرَّدُ للطعانِ وتارة ً
- يأوي الى حصدِ القسيِّ عرمرمِ
يُخبرْك من شَهدَ الوقيعَة َ أنني
- أغشى الوغى وأعفُّ عند المغنم
ومدَّججٍ كرِهَ الكُماة ُ نِزَالَهُ
- لا مُمْعنٍ هَرَباً ولا مُسْتَسلم
جادتْ له كفي بعاجل طعنة ٍ
- بمثَقَّفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَوَّم
فَشَكَكتُ بِالرُمحِ الأَصَمِّ ثِيابَهُ
- لَيسَ الكَريمُ عَلى القَنا بِمُحَرَّمِ
فتركتهُ جزرَ السباع ينشنهُ
- يقضمنَ حسنَ بنانهِ والمعصم
وَمِشَكِّ سابغة ٍ هَتكتُ فروجَها
- بالسيف عن حامي الحقيقة معلم
زبدٍ يداهُ بالقداح إذا شتا
- هتَّاك غايات التجار ملوَّم
لما رآني قَدْ نَزَلْتُ أُرِيدُهُ
- أبدى نواجذهُ لغير تبسُّم
عهدي به مَدَّ النّهار كأَنما
- خضبَ اللبان ورأسهُ بالعظلم
فطعنتهُ بالرُّمح ثم علوتهُ
- بمهندٍ صافيِ الحديد مخذَم
بَطَلٍ كَأَنَّ ثِيابَهُ في سَرحَةٍ
- يُحذى نِعالَ السِبتِ لَيسَ بِتَوأَمِ
يَا شَاة َ ما قَنَصٍ لِمَنْ حَلَّتْ لَهُ
- حرمتْ عليَّ وليتها لم تحرُم
فَبَعَثْتُ جاريتي فقلْتُ لها اذْهبي
- فَتجسَّسي أخبارَها ليَ واعلمي
قالتْ رأيتُ منْ الأعادي غرَّة ً
- والشاة ُ مُمكِنة ٌ لمنْ هُو مُرْتَمِ
وكأنما التفتتْ بجيدِ جداية ٍ
- رَشَاءٍ من الغِزْلانِ حُرٍّ أرثم
نِبِّئتُ عَمرواً غَيرَ شاكِرِ نِعمَتي
- وَالكُفرُ مَخبَثَةٌ لَنَفسِ المُنعِمِ
ولقد حفظتُ وصاة عمّي بالضحى
- إذ تقلصُ الشفتانِ عنْ وضح الفم
في حومة ِ الحربِ التى لا تشتكي
- غَمَرَاتِها الأَبطالُ غيْرَ تَغَمْغُمِ
إذْ يتقُون بي الأسَّنة لم أخمْ
- عنها ولكني تضايق مُقدَمي
لما رأيتُ القومَ أقبلَ جمعهُم
- يتذَامرونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مذَمّم
يدعون عنترَ والرِّماحُ كأنها
- أشطانُ بئرٍ في لبانِ الأدهم
ما زلتُ أرميهمْ بثغرة ِ نحره
- ولِبانِهِ حتى تَسَرْبلَ بالدّم
فازورّ من وقع القنا بلبانهِ
- وشكا إليّ بعَبْرة ٍ وَتَحَمْحُمِ
لَو كانَ يَدري ما المُحاوَرَةُ اِشتَكى
- وَلَكانَ لَو عَلِمَ الكَلامَ مُكَلِّمي
ولقد شفى نفسي وأبرأ سُقمها
- قيلُ الفوارس ويكَ عنتر أقدم
والخيلُ تقْتَحِمُ الخَبَارَ عوابساً
- ما بين شيْظمة ِ وآخر شيْظم
ذللٌ ركابي حيثُ شئتُ مشايعي
- لُبِّي وأجْفزُهُ بِأَمْرٍ مُبْرَمِ
- ولقد خشيتُ بأنْ اموتَ ولم تدرْ
للحربِ دائرة ٌ على ابْنَي ضَمْضَمِ
الشَّاتِمِيْ عِرْضِي ولم أشْتِمْهُما
- والنَّاذِرَيْنِ إذا لم ألقهما دَمي
إن يفعلاَ فلقد تركتُ أباهما
- جزرَ السباع وكلِّ نسرٍ قعشم
شعر أبو الطيب المتنبي عن الحب
أرَقٌ عَلى أرَقٍ وَمِثْلي يَأرَقُ
- وَجَوًى يَزيدُ وَعَبْرَةٌ تَتَرَقْرَقُ
جُهْدُ الصّبابَةِ أنْ تكونَ كما أُرَى
- عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وقَلْبٌ يَخْفِقُ
مَا لاحَ بَرْقٌ أوْ تَرَنّمَ طائِرٌ
- إلاّ انْثَنَيْتُ وَلي فُؤادٌ شَيّقُ
جَرّبْتُ مِنْ نَارِ الهَوَى ما تَنطَفي
- نَارُ الغَضَا وَتَكِلُّ عَمّا يُحْرِقُ
وَعَذَلْتُ أهْلَ العِشْقِ حتى ذُقْتُهُ
- فعجبتُ كيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ
وَعَذَرْتُهُمْ وعَرَفْتُ ذَنْبي أنّني
- عَيّرْتُهُمْ فَلَقيتُ منهُمْ ما لَقُوا
أبَني أبِينَا نَحْنُ أهْلُ مَنَازِلٍ
- أبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنْعَقُ
نَبْكي على الدّنْيا وَمَا مِنْ مَعْشَرٍ
- جَمَعَتْهُمُ الدّنْيا فَلَمْ يَتَفَرّقُوا
أينَ الأكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلى
- كَنَزُوا الكُنُوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا
من كلّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بجيْشِهِ
- حتى ثَوَى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيّقُ
خُرْسٌ إذا نُودوا كأنْ لم يَعْلَمُوا
- أنّ الكَلامَ لَهُمْ حَلالٌ مُطلَقُ
فَالمَوْتُ آتٍ وَالنُّفُوسُ نَفائِسٌ
- وَالمُسْتَعِزُّ بِمَا لَدَيْهِ الأحْمَقُ
وَالمَرْءُ يأمُلُ وَالحَيَاةُ شَهِيّةٌ
- وَالشّيْبُ أوْقَرُ وَالشّبيبَةُ أنْزَقُ
وَلَقَدْ بَكَيْتُ على الشَّبابِ وَلمّتي
- مُسْوَدّةٌ وَلِمَاءِ وَجْهي رَوْنَقُ
حَذَراً عَلَيْهِ قَبلَ يَوْمِ فِراقِهِ
- حتى لَكِدْتُ بمَاءِ جَفني أشرَقُ
أمّا بَنُو أوْسِ بنِ مَعْنِ بنِ الرّضَى
- فأعزُّ مَنْ تُحْدَى إليهِ الأيْنُقُ
كَبّرْتُ حَوْلَ دِيارِهِمْ لمّا بَدَتْ
- منها الشُّموسُ وَليسَ فيها المَشرِقُ
وعَجِبتُ من أرْضٍ سَحابُ أكفّهمْ
- من فَوْقِها وَصُخورِها لا تُورِقُ
وَتَفُوحُ من طِيبِ الثّنَاءِ رَوَائِحٌ
- لَهُمُ بكُلّ مكانَةٍ تُسْتَنشَقُ
مِسْكِيّةُ النّفَحاتِ إلاّ أنّهَا
- وَحْشِيّةٌ بِسِواهُمُ لا تَعْبَقُ
أمُريدَ مِثْلِ مُحَمّدٍ في عَصْرِنَا
- لا تَبْلُنَا بِطِلابِ ما لا يُلْحَقُ
لم يَخْلُقِ الرّحْمنُ مثلَ مُحَمّدٍ
- أحَداً وَظَنّي أنّهُ لا يَخْلُقُ
يا ذا الذي يَهَبُ الكَثيرَ وَعِنْدَهُ
- أنّي عَلَيْهِ بأخْذِهِ أتَصَدّقُ
أمْطِرْ عَليّ سَحَابَ جُودِكَ ثَرّةً
- وَانظُرْ إليّ برَحْمَةٍ لا أغْرَقُ
كَذَبَ ابنُ فاعِلَةٍ يَقُولُ بجَهْلِهِ
- ماتَ الكِرامُ وَأنْتَ حَيٌّ تُرْزَقُ
شعر بشار بن برد عن الحب
وذَات دَلٍّ كانَّ البدر صورتُها
- باتت تغنِّي عميدَ القلب سكرانا
إِنَّ العيونَ التي في طَرْفِها حَوَرٌ
- قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
فقُلْتُ أحسنْتِ يا سؤْلي ويا أَمَلِي
- فأسمعيني جزاكِ الله إحسانا
يا حبذا جبلُ الرَّيَّان من جبل
- وحبذا ساكن الريان مَنْ كانا
قالت فَهَلاَّ فدَتْكَ النفس أَحْسنَ مِن
- هذا لمن كان صبّ القلبِ حيرانا
يا قومِ أذْنِي لِبْعضِ الحيِّ عاشقة ٌ
- والأُذْنُ تَعْشَقُ قبل العَين أَحْيانا
فقلتُ أحسنتِ أنتِ الشمسُ طالعة ٌ
- أَضرمتِ في القلب والأَحشاءِ نِيرانا
فأسمعيني صوتاً مطرباً هزجاً
- يزيد صبًّا محبّاً فيك أشجانا
يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُفَّاحاً مُفَلَّجَة ً
- أوْ كُنْتُ من قُضُبِ الرَّيحان رَيْحَانا
حتّى إِذا وَجَدَتْ ريحي فأعْجَبَها
- ونحنُ في خَلْوة ٍ مُثِّلْتُ إِنسانا
فحرَّكتْ عُودَها ثم انثنَتْ طَرَباً
- تشدو به ثم لا تخفيه كتمانا
أصْبحْتُ أَطْوَعَ خلق اللَّه كلِّهِمِ لأَكْثَرِ
- الخلق لي في الحُبّ عِصيانا
فَقُلت: أَطربْتِنا يا زيْنَ مجلسنا
- فهاتِ إنك بالإحسان أولانا
لوْ كنتُ أعلَمُ أَن الحُبَّ يقتلني
- أعددتُ لي قبلَ أن ألقاكِ أكفانا
فَغنَّت الشَّرْبَ صَوْتاً مُؤْنِقاً رَمَلاً
- يُذْكِي السرور ويُبكي العَيْنَ أَلْوَانا
لا يقْتُلُ اللَّهُ من دامَتْ مَودَّتُه
- واللَّهُ يقتل أهلَ الغدر أَحيانا
لا تعذلوني فإنّي من تذكرها
- نشوانُ هل يعذل الصاحونَ نشوانا
لم أدر ما وصفها يقظان قد علمت
- وقد لهوتُ بها في النومِ أحيانا
باتت تناولني فاهاً فألثمهُ
- جنيّة زُوجت في النوم إنسانا
شعر نزار قباني عن الحب
- يا سيِّدتي:
- كنتِ أهم امرأةٍ في تاريخي
- قبل رحيل العامْ.
- أنتِ الآنَ.. أهمُّ امرأةٍ
- بعد ولادة هذا العامْ..
- أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالساعاتِ وبالأيَّامْ.
- أنتِ امرأةٌ..
- صُنعَت من فاكهة الشِّعرِ..
- ومن ذهب الأحلامْ..
- أنتِ امرأةٌ.. كانت تسكن جسدي
- قبل ملايين الأعوامْ..
- يا سيِّدتي:
- يالمغزولة من قطنٍ وغمامْ.
- يا أمطاراً من ياقوتٍ..
- يا أنهاراً من نهوندٍ..
- يا غاباتِ رخام..
- يا من تسبح كالأسماكِ بماءِ القلبِ..
- وتسكنُ في العينينِ كسربِ حمامْ.
- لن يتغيرَ شيءٌ في عاطفتي..
- في إحساسي..
- في وجداني.. في إيماني..
- فأنا سوف أَظَلُّ على دين الإسلامْ..
- يا سيِّدتي:
- لا تَهتّمي في إيقاع الوقتِ وأسماء السنواتْ.
- أنتِ امرأةٌ تبقى امرأةً.. في كلَِ الأوقاتْ.
- سوف أحِبُّكِ..
- عند دخول القرن الواحد والعشرينَ..
- وعند دخول القرن الخامس والعشرينَ..
- وعند دخول القرن التاسع والعشرينَ..
- وسوفَ أحبُّكِ..
- حين تجفُّ مياهُ البَحْرِ..
- وتحترقُ الغاباتْ..
- يا سيِّدتي:
- أنتِ خلاصةُ كلِّ الشعرِ..
- ووردةُ كلِّ الحرياتْ.
- يكفي أن أتهجى إسمَكِ..
- حتى أصبحَ مَلكَ الشعرِ..
- وفرعون الكلماتْ..
- يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلكِ..
- حتى أدخُلَ في كتب التاريخِ..
- وتُرفعَ من أجلي الراياتْ..
- يا سيِّدتي
- لا تَضطربي مثلَ الطائرِ في زَمَن الأعيادْ.
- لَن يتغيرَ شيءٌ منّي.
- لن يتوقّفَ نهرُ الحبِّ عن الجريانْ.
- لن يتوقف نَبضُ القلبِ عن الخفقانْ.
- لن يتوقف حَجَلُ الشعرِ عن الطيرانْ.
- حين يكون الحبُ كبيراً..
- والمحبوبة قمراً..
- لن يتحوّل هذا الحُبُّ
- لحزمَة قَشٍّ تأكلها النيرانْ...
- يا سيِّدتي:
- ليس هنالكَ شيءٌ يملأ عَيني
- لا الأضواءُ..
- ولا الزّيناتُ..
- ولا أجراس العيد..
- ولا شَجَرُ الميلادْ.
- لا يعني لي الشارعُ شيئاً.
- لا تعني لي الحانةُ شيئاً.
- لا يعنيني أي كلامٍ
- يكتبُ فوق بطاقاتِ الأعيادْ.
- يا سيِّدتي:
- لا أتذكَّرُ إلا صوتُكِ
- حين تدقُّ نواقيس الآحادْ.
- لا أتذكرُ إلا عطرُكِ
- حين أنام على ورق الأعشابْ.
- لا أتذكر إلا وجهُكِ..
- حين يهرهر فوق ثيابي الثلجُ..
- وأسمعُ طَقْطَقَةَ الأحطابْ..
- ما يُفرِحُني يا سيِّدتي
- أن أتكوَّمَ كالعصفور الخائفِ
- بين بساتينِ الأهدابْ...
- ما يَبهرني يا سيِّدتي
- أن تهديني قلماً من أقلام الحبرِ..
- أعانقُهُ..
- وأنام سعيداً كالأولادْ...
- يا سيِّدتي:
- ما أسعدني في منفاي
- أقطِّرُ ماء الشعرِ..
- وأشرب من خمر الرهبانْ
- ما أقواني..
- حين أكونُ صديقاً
- للحريةِ.. والإنسانْ...
- يا سيِّدتي:
- كم أتمنى لو أحببتُكِ في عصر التَنْويرِ..
- وفي عصر التصويرِ..
- وفي عصرِ الرُوَّادْ
- كم أتمنى لو قابلتُكِ يوماً
- في فلورنسَا.
- أو قرطبةٍ.
- أو في الكوفَةِ
- أو في حَلَبٍ.
- أو في بيتٍ من حاراتِ الشامْ...
- يا سيِّدتي:
- كم أتمنى لو سافرنا
- نحو بلادٍ يحكمها الغيتارْ
- حيث الحبُّ بلا أسوارْ
- والكلمات بلا أسوارْ
- والأحلامُ بلا أسوارْ
- يا سيِّدتي:
- لا تَنشَغِلي بالمستقبلِ، يا سيدتي
- سوف يظلُّ حنيني أقوى مما كانَ..
- وأعنفَ مما كانْ..
- أنتِ امرأةٌ لا تتكرَّرُ.. في تاريخ الوَردِ..
- وفي تاريخِ الشعْرِ..
- وفي ذاكرةَ الزنبق والريحانْ...
- يا سيِّدةَ العالَمِ
- لا يُشغِلُني إلا حُبُّكِ في آتي الأيامْ
- أنتِ امرأتي الأولى.
- أمي الأولى
- رحمي الأولُ
- شَغَفي الأولُ
- شَبَقي الأوَّلُ
- طوق نجاتي في زَمَن الطوفانْ...
- يا سيِّدتي:
- يا سيِّدة الشِعْرِ الأُولى
- هاتي يَدَكِ اليُمْنَى كي أتخبَّأ فيها..
- هاتي يَدَكِ اليُسْرَى..
- كي أستوطنَ فيها..
- قولي أيَّ عبارة حُبٍّ
- حتى تبتدئَ الأعيادْ
شعر محمود درويش عن الحب
- كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة
- وجدنا غريبين يوما
- وكانت سماء الربيع تؤلف نجماً... و نجماً
- وكنت أؤلّف فقرة حب..
- لعينيك.. غنيتها!
- أتعلم عيناك أني انتظرت طويلاً
- كما انتظر الصيف طائر
- ونمت.. كنوم المهاجر
- فعين تنام لتصحو عين.. طويلاً
- وتبكي على أختها
- حبيبان نحن، إلى أن ينام القمر
- ونعلم أن العناق، وأن القبل
- طعام ليالي الغزل
- وأن الصباح ينادي خطاي لكي تستمرّ
- على الدرب يوماً جديداً
- صديقان نحن، فسيري بقربي كفا بكف
- معا نصنع الخبر والأغنيات
لماذا نسائل هذا الطريق .. لأي مصير
- يسير بنا؟
- ومن أين لملم أقدامنا؟
- فحسبي، وحسبك أنّا نسير...
- معاً، للأبد
- لماذا نفتّش عن أغنيات البكاء
- بديوان شعر قديم؟
- ونسأل يا حبنا هل تدوم؟
- أحبك حب القوافل واحة عشب و ماء
- وحب الفقير الرغيف!
- كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة
- وجدنا غريبين يوماً
- و نبقى رفيقين دوماً
شعر الحسين بن مطير الأسدي عن الحب
قَضَى اللّهُ يا أَسْماءُ أَنْ لسْتُ زَائِلاً
- حَتّى يُغْمِضَ العَيْنَ مُغْمِضُ
فَحُبُّكِ بَلْوَى غَيْرَ أَنْ لاَ يسُوؤُنِي
- وإنْ كَانَ بَلْوَى أَنَّنِي لَكِ مُبْغِضُ
فَيَا كَبِداً مِنْ لَوْعَةِ الحُبِّ كُلَّما
- ذكرتُ وَمِنْ رَفْضِ الهَوَى حِينَ يَرْفُضُ
وَمِنْ عَبْرَةٍ تُذْرِي الدُّمُوعَ وَزَفْرَةٍ
- تُقَضْقِضُ أَطْرَافَ الحَشَا حِينَ ننْهَضُ
فَمِنْ حُبِّها أَبْغَضْتُ مَنْ كُنْتُ وَامقاً
- وِمْن حُبِّها أَحْبَبْتُ مَنْ كُنْتُ أُبْغِضُ
إذا أنا رضتُ النَفسَ في حُبِّ غَيْرِها
- إذَا حُبُّها مِنْ دُونِهِ يَتَعَرَّضُ
فَيَا لَيْتَنِي أَقْرَضْتُ جَلْداً صَبَابَتِي
- وأَقْرَضَنِي صَبْراً عَلى الشَّوْقِ مُقْرِضُ
شعر سلام كريح المسك بل هو أطيب عن الحب
سلامٌ كريحِ المسك بل هو أطيبُ
- وأشهى من الماء الزلازلِ وأعذبُ
وأحْلَى من الشهد المشوب بسَلْسَلٍ
- وأعذب من ريقِ الحبيبِ وأطيبُ
يفوقُ على نشر الرياحين نفحُهُ
- ويزرى بريحِ العودِ حين يُقَلَّبُ
يُسَلِّى قلوب الوالهين ملاحةً
- ويذهب بالأحزان أيَّانَ يُعْرِبُ
وإن تُلِيَتْ ألفاظُه في مجالسٍ
- يصيحُ لها طفلٌ وكهلٌ وأشيبُ
فطِرسٌ حكَى كَفَّ الكليم وكاعِبٌ
- يفوقُ ضياء الشمس من قبلِ تَغْرُبُ
تضمَّن ألفاظَ المعاني كأنها
- سُموطٌ من الياقوتِ بل هو أعجبُ
وحسن ثناءِ ما هَمَي المزن هاطلا
- وحَنَّ إلى وادي العتيق مُعَذَّبُ
وذكرى تحيَّاتٍ تجدِّدُ ما مضى
- من الودِّ والإشفاقِ ما لا يغيَّبُ
أخصُّ به الزاكي الكريم محمداً
- فتى المجد والنَّدْبُ الشجاع المجرَّبُ
أخو الفضلِ والإحسانِ والبِشر والرضى
- هو المرتَضَى في كل قلبٍ محبَّبُ
وكان جديراً أن نزور دياركم
- على الرأسِ نَسْعَى لا على الإبْل نركبُ
ونَهْوَى بأن نمشى حُفاةً نزوركم
- ولكنْ فَلاةٌ دون ذاك وسَبْسَبُ
شعر صالح مجدي بك عن الحب
كَم قالَ صَبٌّ إِلى دين الغَرام صَبا
- تَطوّعا وَالكَرى مِن جفنه غَصبا
ما حِيلَتي عيل صَبري وَالجَواد كَبا
- كَيفَ السَبيل إِلى مَرضاة مَن غَضِبا
وَحمّل القَلب مِن فَرط الجَفا وَصَبا
- وَصدّق الكاذب الواشي وَفنّدني
وَكُنت أَزعم أَن الدَهر أَسعَدني
- فَخابَ ظَني وَحَل السقم في بَدَني
وَكُلَّما رُمتُ قرباً مِنهُ أَبعدَني
- مِن غَير ذَنب وَلَم أَعرف لَهُ سَببا
شعر ابن سناء الملك عن الحب
هذا الغرامُ غَرِمْتُ آخرَهُ
- عُدْماً لَهُ ورَبِحتُ أَوَّلَهُ
كم قيل لِي فيمَنْ كَلفتُ بِه
- هَذَا غرامٌ فيه أَوْ وَلَهُ
فأَجبت ما قَدْ مرَّ مِنْ جَسَدِي
- فيه وما أَبْقاه فَهْوَ لَه
لَمْ أَنْس ليلاً كَانَ قَصَّرَهُ
- وَصْلٌ بِمَنْ لو شَاءَ طوّلَه
وافى وكانَ الصَحوُ حرَّمَهُ
- حتى رأَيت السُّكْرَ حلَّله
وشربت من يَدِه مُشَعْشَعَةً
- عَلَّت عليلاً كان علَّلَه
ونَبَذْتُ منديلي بِمَسْحِ فمي
- جعَلْتُ منديلي مُقَبَّلَهُ