شعر عن الطموح

كتابة:
شعر عن الطموح

الطموح

الطموح هو الخطة التي نضعها في عقولنا لكي تدفعنا نحو المستقبل لنحقّق كلّ ما نريد، فلا يوجد قيمة لحياة الإنسان دون أن يكون طموحاً يعرف ما يريد من الحياة ليحقّق النجاحات، وفي هذا المقال سنقدم لكم شعراً جميلاً عن الطموح.


شعر عن الطموح لأبي القاسم الشابي

إذا الشعبُ يومًا أراد الحياة


فلا بدّ أن يستجيب القدرْ


ولا بدَّ لليل أن ينجلي


ولا بدّ للقيد أن ينكسرْ


ومن لم يعانقْه شوْقُ الحياة


تبخَّرَ في جوِّها واندثرْ


فويل لمن لم تَشُقهُ الحياة


من صفعة العدَم المنتصرْ


كذلك قالت ليَ الكائناتُ


وحدثني روحُها المستترْ


ودمدمتِ الرِّيحُ بين الفِجاج


وفوق الجبال وتحت الشجرْ


إذا ما طمحتُ إلى غايةٍ


ركبتُ المُنى ونسِيت الحذرْ


ولم أتجنَّب وعورَ الشِّعاب


ولا كُبَّةَ اللّهَب المستعرْ


ومن يتهيب صعود الجبال


يعش أبَدَ الدهر بين الحفرْ


فعجَّتْ بقلبي دماءُ الشباب


وضجَّت بصدري رياحٌ أُخَرْ


وأطرقتُ أصغي لقصف الرعودِ


وعزفِ الرياحِ، ووقعِ المطرْ


وقالت لي الأرضُ لمّا سألت:


أيا أمُّ هل تكرهين البشرْ؟


أُبارك في الناس أهلَ الطموح


ومن يستلذُّ ركوبَ الخطرْ


وألعنُ من لا يماشي الزمانَ


ويقنع بالعيْشِ عيشِ الحجَرْ


هو الكونُ حي، يحبُّ الحياة


ويحتقر المَيتَ، مهما كبُرْ


فلا الأفق يحضن ميتَ الطيورِ


ولا النحلُ يلثم ميْتَ الزهرْ


ولولا أمُومةُ قلبِي الرّؤوم


لَمَا ضمّتِ الميتَ تلك الحُفَرْ


فويلٌ لمن لم تشُقه الحياة


مِن لعنة العدم المنتصِرْ


وفي ليلة من ليالي الخريف


مثقَّلةٍ بالأسى، والضجرْ


سكرتُ بها من ضياء النجوم


وغنَّيْتُ للحُزْن حتى سكرْ


سألتُ الدُّجى: هل تُعيد الحياةُ


لما أذبلته ربيعَ العمرْ؟


فلم تتكلّم شفاه الظلام


ولم تترنَّمْ عذارى السحَرْ


وقال ليَ الغابُ في رقةٍ


مُحَبَّبَةٍ مثل خفق الوترْ


يجئ الشتاءُ، شتاء الضباب


شتاء الثلوج، شتاء المطرْ


فينطفئُ السِّحرُ سحرُ الغصونِ


وسحرُ الزهورِ وسحرُ الثمرْ


وسحرُ السماءِ الشجيُّ الوديعُ


وسحرُ المروجِ الشهيُّ العطِرْ


وتهوِي الغصونُ وأوراقُها


وأزهارُ عهدٍ حبيبٍ نضِرْ


وتلهو بها الريحُ في كل وادٍ


ويدفنُهَا السيلُ، أنَّى عبرْ


ويفنى الجميعُ كحُلمٍ بديعٍ


تألّق في مهجةٍ واندثرْ


وتبقى البذورُ التي حُمِّلَتْ


ذخيرةَ عُمرٍ جميلٍ، غَبَرْ


وذكرى فصولٍ ورؤيا حياةٍ


وأشباحَ دنيا تلاشتْ زُمَرْ


معانقةً وهي تحت الضبابِ


وتحت الثلوجِ وتحت المَدَرْ


لِطَيْفِ الحياةِ الذي لا يُمَلُّ


وقلبِ الربيعِ الشذيِّ الخضِرْ


وحالمةً بأغاني الطيورِ


وعِطْرِ الزهورِ وطَعمِ الثمرْ


ويمشي الزمانُ فتنمو صروفٌ


وتذوِي صروفٌ وتحيا أُخَرْ


وتُصبِحُ أحلامُها يقظَةً


مُوَشَّحةً بغموضِ السَّحَرْ


تُسائل: أين ضبابُ الصباحِ


وسِحْرُ المساء وضوء القمرْ


وأسرابُ ذاك الفَراشِ الأنيق


ونحلٌ يغنِّي، وغيمٌ يمرْ


وأين الأشعَّةُ والكائناتُ


وأين الحياةُ التي أنتظرْ


ظمِئتُ إلى النور فوق الغصونِ


ظمِئتُ إلى الظلِ تحت الشجرْ


ظمِئتُ إلى النَّبْعِ، بين المروجِ


يغنِّي ويرقص فوقَ الزّهَرْ


ظمِئتُ إلى نَغَماتِ الطيورِ


وهَمْسِ النّسيمِ ولحنِ المطرْ


ظمِئتُ إلى الكونِ! أين الوجودُ


وأنَّى أرى العالَمَ المنتظرْ


هو الكونُ خلف سُباتِ الجمودِ


وفي أُفقِ اليقظاتِ الكُبَرْ


وما هو إلّا كخفقِ الجناحِ


حتى نما شوقُها وانتصرْ


فصَدّعت الأرضَ من فوقها


وأبْصرتِ الكونَ عذبَ الصُّوَرْ


وجاء الربيعُ بأنغامِه


وأحلامِه وصِباه العطِرْ


وقبَّلها قُبَلاً في الشفاهِ


تعيدُ الشبابَ الذي قد غَبَرْ


وقال لها: قد مُنِحْتِ الحياةَ


وخُلِّدْتِ في نسلكِ المُدّخَرْ


وباركَكِ النُّورُ، فاستقبلي


شبابَ الحياةِ وخِصْبَ العُمرْ


ومَن تعبدُ النورَ أحلامُه


يُبَارِكُهُ النّورُ أنّى ظهرْ


إليكِ الفضاءَ إليكِ الضياءَ


إليك الثرى الحالمَ المزدهرْ


إليكِ الجمالَ الذي لا يَبيد


إليكِ الوجودَ الرحيبَ النضِرْ


فميدي كما شئتِ فوق الحقولِ


بحلوِ الثمارِ وغضِّ الزّهَرْ


وناجي النسيمَ وناجي الغيومَ


وناجي النجومَ وناجي القمرْ


وناجي الحياةَ وأشواقها


وفتنةَ هذا الوجود الأغرْ


وشفَّ الدجى عن جمالٍ عميقٍ


يشُبُّ الخيالَ ويُذكي الفِكَرْ


ومُدّ على الكون سِحرٌ غريبٌ


يُصَرّفه ساحرٌ مقتدرْ


وضاءت شموعُ النجومِ الوِضاءِ


وضاع البَخُورُ بخورُ الزّهَرْ


ورفرف روحٌ غريبُ الجمال


بأجنحةٍ من ضياء القمرْ


ورنَّ نشيدُ الحياةِ المقدّسُ


في هيكلٍ حالمٍ قد سُحِرْ


وأعْلِنَ في الكون: أنّ الطموحَ


لهيبُ الحياةِ ورُوحُ الظفَرْ


إذا طمحتْ للحياةِ النفوسُ


فلا بدّ أنْ يستجيبَ القدرْ


شعر عن الطموح للمتنبي

عَلى قدرِ أهْلِ العَزم تأتي العَزائِمُ


وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ


وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها


وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ


يُكَلّفُ سيفُ الدّولَةِ الجيشَ هَمّهُ


وَقد عَجِزَتْ عنهُ الجيوشُ الخضارمُ


وَيَطلُبُ عندَ النّاسِ ما عندَ نفسِه


وَذلكَ ما لا تَدّعيهِ الضّرَاغِمُ


يُفَدّي أتَمُّ الطّيرِ عُمْراً سِلاحَهُ


نُسُورُ الفَلا أحداثُها وَالقَشاعِمُ


وَما ضَرّها خَلْقٌ بغَيرِ مَخالِبٍ


وَقدْ خُلِقَتْ أسيافُهُ وَالقَوائِمُ


هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لوْنَها


وَتَعْلَمُ أيُّ السّاقِيَيْنِ الغَمَائِمُ


سقتها الغَمَامُ الغُر قبلَ نُزُولِهِ


فَلَمّا دَنَا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ


بَنَاهَا فأعْلى وَالقَنَا يَقْرَعُ القَنَا


وَمَوْجُ المَنَايَا حَوْلَها مُتَلاطِمُ


وَكانَ بهَا مثْلُ الجُنُونِ فأصْبَحَتْ


وَمِنْ جُثَثِ القتلى عَلَيْها تَمائِمُ


طَريدَةُ دَهْرٍ ساقها فَرَدَدْتَهَا


على الدّينِ بالخَطّيّ وَالدّهْرُ رَاغِمُ


تُفيتُ اللّيالي كُلَّ شيءٍ أخَذْتَهُ


وَهُنّ لِمَا يأخُذْنَ منكَ غَوَارِمُ


إذا كانَ ما تَنوِيهِ فِعْلاً مُضارِعاً


مَضَى قبلَ أن تُلقى علَيهِ الجَوازِمُ


وكيفَ تُرَجّي الرّومُ والرّوسُ هدمَها


وَذا الطّعْنُ آساسٌ لهَا وَدَعائِمُ


وَقد حاكَمُوهَا وَالمَنَايَا حَوَاكِمٌ


فَما ماتَ مَظلُومٌ وَلا عاشَ ظالِمُ


شعر عن الطموح

إذا أردت تقدماً ونجاحاً


فاملأ العمر همةً وكفاحاً


في حياة يشقى بها كلّ حي


وزمان يرى الفساد صلاحاً


وهموم تهب من كل صوب


وماس قد اثخنتنا جراحاً


واركب الصعب كي تفوز بنجاح


إن في نيلك النجاح فلاحاً


واتخذ للنجاح كل سبيل


والبس الجد ياخي وشاحاً


ما يبالي الهمام أين ترقى


أو أتى الصعب غدوه ورواحاً


واضح العزم واثقات خطاه


يجعل الليل للأنام صباحاً


هكذا تدرك النفوس مناها


وترى سبل الحياة سفاحاً


فابذل الجهد واستحت


المطايا إن صنع النجاح مزاحاً


ليس من يغمر البلاد بزيف


مثل من يعمر البلاد نجاحاً
5096 مشاهدة
للأعلى للسفل
×