شعر عن فراق الأخ الميت

كتابة:
شعر عن فراق الأخ الميت

شعر فصيح عن الشوق للأخ للميت

حازَ شعر الرثاء والموت مساحة واسعة منذ العصر الجاهليّ، ربَّما بسبب كثرة الحروب وما نتج عنها من ضحايا، ومن ذلك شعر الشعراء.


يذكرني طلوع الشمس صخرًا

تقول الشاعرة الخنساء في رثاء أخيها صخر:[١]

يُؤَرِّقُني التَذَكُّرُ حينَ أُمسي

فَأُصبِحُ قَد بُليتُ بِفَرطِ نُكسِ

عَلى صَخرٍ وَأَيُّ فَتىً كَصَخرٍ

لِيَومِ كَريهَةٍ وَطِعانِ حِلسِ

وَلِلخَصمِ الأَلَدُّ إِذا تَعَدّى

لِيَأخُذَ حَقَّ مَظلومٍ بِقِنسِ

فَلَم أَرَ مِثلَهُ رُزءًا لِجِنٍّ

وَلَم أَرَ مِثلَهُ رُزءًا لِإِنسِ

أَشَدَّ عَلى صُروفِ الدَهرِ أَيدًا

وَأَفصَلَ في الخُطوبِ بِغَيرِ لَبسِ

وَضَيفٍ طارِقٍ أَو مُستَجيرٍ

يُرَوَّعُ قَلبُهُ مِن كُلِّ جَرسِ

فَأَكرَمَهُ وَآمَنَهُ فَأَمسى

خَلِيّاً بالُهُ مِن كُلِّ بُؤسِ

يُذَكِّرُني طُلوعُ الشَمسِ صَخرًا

وَأَذكُرُهُ لِكُلِّ غُروبِ شَمسِ

وَلَولا كَثرَةُ الباكينَ حَولي

عَلى إِخوانِهِم لَقَتَلتُ نَفسي

وَلَكِن لا أَزالُ أَرى عَجولًا

وَباكِيَةً تَنوحُ لِيَومِ نَحسِ

أَراها والِهًا تَبكي أَخاها

عَشِيَّةَ رُزئِهِ أَو غِبَّ أَمسِ

وَما يَبكونَ مِثلَ أَخي وَلَكِن

أُعَزّي النَفسَ عَنهُ بِالتَأَسّي

فَلا وَالله لا أَنساكَ حَتّى

أُفارِقَ مُهجَتي وَيُشَقُّ رَمسي

فَقَد وَدَّعتُ يَومَ فِراقِ صَخرٍ

أَبي حَسّانَ لَذّاتي وَأُنسي

فَيا لَهفي عَلَيهِ وَلَهفَ أُمّي

أَيُصبِحُ في الضَريحِ وَفيهِ يُمسي


لقراءة المزيد من شعر الخنساء، ننصحك بقراءة هذا المقال: شعر الخنساء في الإسلام.


ذكرت أخي بعد نوم الخليّ

تقول الشاعرة الخنساء ترثي أخاها:[٢]

ذَكَرتُ أَخي بَعدَ نَومِ الخَلِيِّ

فَانحَدَرَ الدَمعُ مِنّي اِنحِدارا

وَخَيلٍ لَبِستَ لِأَبطالِها

شَليلًا وَدَمَّرتَ قَومًا دَمارا

تَصَيَّدُ بِالرُمحِ رَيعانَها

وَتَهتَصِرُ الكَبشَ مِنها اِهتِصارا

فَأَلحَمتَها القَومَ تَحتَ الوَغى

وَأَرسَلتَ مُهرَكَ فيها فَغارا

يَقينَ وَتَحسَبُهُ قافِلًا

إِذا طابَقَت وَغَشينَ الحِرارا

فَذَلِكَ في الجَدِّ مَكروهُهُ

وَفي السِلمِ تَلهو وَتُرخي الإِزارا

وَهاجِرَةٍ حَرُّها صاخِدٌ

جَعَلتَ رِداءَكَ فيها خِمارا

لِتُدرِكَ شَأوًا عَلى قُربِهِ

وَتَكسَبَ حَمدًا وَتَحمي الذِمارا

وَتُروي السِنانَ وَتُردي الكَمِيِّ

كَمِرجَلِ طَبّاخَةٍ حينَ فارا

وَتُغشي الخُيولَ حِياضَ النَجيعِ

وَتُعطي الجَزيلَ وَتُردي العِشارا

كَأَنَّ القُتودَ إِذا شَدَّها

عَلى ذي وُسومٍ تُباري صِوارا

تَمَكَّنَ في دِفءِ أَرطاتِهِ

أَهاجَ العَشِيُّ عَلَيهِ فَثارا

فَدارَ فَلَمّا رَأى سِربَها

أَحَسَّ قَنيصًا قَريبًا فَطارا

يُشَقَّقُ سِربالَهُ هاجِرًا

مِنَ الشَدِّ لَمّا أَجَدَّ الفِرارا

فَباتَ يُقَنِّصُ أَبطالَها

وَيَنعَصِرُ الماءُ مِنهُ اِنعِصارا

عزيز؟ من؟ أهلًا أخي

يقول الشاعر أحمد شوقي في رثاء أخيه:[٣]

عزيز من أهلًا أخِي

منذُ شهورٍ لم أرَكْ

رشادُ أنتَ ههنا

من ذا الذي كان معَكْ

انظرْ إلى ثيابهِ

ولونِها كيفَ اتَّحدْ

انظر إلى حذائهِ

من النَّظافةِ اتَّقد

والبنطلونُ مستوٍ

لم ينكسِر لم ينعقدْ

أعِرنيَ السَّمعَ أعِرْ

عندِي لكُم شئٌ يسُرّْ

هذا جمالٌ وحيدُ جَدّهْ

بخيلة يا عزيز جِلدهْ

وعمرها يا رشادُ

يربو على الثمانينِ


لقراءة المزيد من شعر شوقي، ننصحك بقراءة هذا المقال: أجمل ما قال أحمد شوقي.


أبعدك يعرف الصبرَ الحزين

يقول الشاعر إيليا أبو ماضي:[٤]

أَبَعدَكَ يَعرِفُ الصَبرَ الحَزينُ

وَقَد طاحَت بِمُهجَتِهِ المُنونُ

رَمَتكَ يَدُ الزَمانِ بِشَرِّ سَهمٍ

فَلَمّا أَن قَضَيتَ بَكى الخَأونُ

رَماكَ وَأَنتَ حَبَّةُ كُلِّ قَلبٍ

شَريفٍ فَالقُلوبُ لَهُ رَنينُ

وَلَم يَكُ لِلزَمانِ عَلَيكَ ثارُ

وَلَم يَكُ في خِلاِكَ ما يَشينُ

وَلَكِن كُنتَ ذا خُلُقٍ رَضِيٍّ

عَلى خُلُقٍ لِغَيرِكَ لا يَكونُ

وَكُنتَ تُحيطُ عِلمًا بِالخَفايا

وَتَمنَعُ أَن تُحيطَ بِكَ الظُنونُ

كَأَنَّكَ قَد قَتَلتَ الدَهرَ بَحثًا

فَعِندَكَ سِرُّهُ الخافي مُبينُ

حَكَيتَ البَدرَ في عُمرٍ وَلَكِن

ذَكاؤكَ لا تُكَوِّنُهُ قُرونُ

عَجيبٌ أَن تَعيشَ بِنا الأَماني

وَأَنّا لِلأَماني نَستَكينُ

وَما أَرواحُنا إِلّا أَسارى

وَما أَجسادُنا إِلّا سُجونُ

وَما في الكَونِ مِثلُ الكَونِ فانٍ

كَما تَفنى الدِيارُ كَذا القَطينُ

لَقَد عَلِقَتكَ أَسبابُ المَنايا

وَفِيًّا لا يُخانُ وَلا يَخونُ

أَيَدري النَعشُ أَيَّ فَتىً يُاري

وَهَذا القَبرُ أَيَّ فَتىً يَصونُ

فَتىً جُمِعَت ضُروبُ الحُسنِ فيهِ

وَكانَت فيهِ لِلحُسنى فُنونُ

فَبَعضُ صِفاتِهِ لَيثٌ وَبَدرٌ

وَبَعضُ خِلالِهِ شَمَمٌ وَلينُ

أَماراتُ الشَبابِ عَلَيهِ تَبدو

وَفي أَثوابِهِ كَهلٌ رَزينُ

أَلا لا يَشمُتِ الأَعداءُ مِنّا

فَكُلُّ فَتىً بِمَصرَعِهِ رَهينُ

أَيا نورَ العُيونِ بَعُدَت عَنّا

وَلَمّا تَمَتَلِئ مِنكَ العُيونُ

وَعاجَلَكَ الحَمامُ فَلَم تُوَدِّعُ

وَبِنتَ وَلَم يُوَدِّعكَ القَرينُ

وَما عِفتَ الوَداعَ قِلىً وَلَكِن

أَرَدتَ وَلَم يُرِد دَهرٌ ضَنينُ

فَيا لَهَفي لِأُمِّكَ حينَ يَدوي

نَعِيُّكَ بَعدَ ما طالَ السُكونُ

وَلَهفَ شَقيقِكَ النائي بَعيدًا

إِذا ما جائَهُ الخَبَرُ اليَقينُ

سَتَبكيكَ الكَواكِبُ في الدَياجي

كَما تَبكيكَ في الرَوضِ الغُضونُ

وَيَبكي أُخوَةٌ قَد غِبتَ عَنهُم

وَأُمٌّ تَأكُلُ وَأَبٌ حَزينُ

فَما تَندى لَنا أَبَدًا ضُلوعٌ

عَلَيكَ وَما تَجِفَّ لَنا شُؤونُ

قَدِ اِزدانَت بِكَ الفِتيانُ طِفلًا

كَما يَزدانُ بِالتاجِ الجَبينُ

ذَهَبتَ بِزينَةِ الدُنيا جَميعًا

فَما في الدَهرِ بَعدَكَ ما يَزينُ

وَكُنتَ لَنا الرَجاءَ رَجاءٌ

وَكُنتَ لَنا المُعينَ فَلا مُعينُ

أَبَعدَكَ يا أَخي أَبغي عَزاءً

إِذا شُلَّت يَسارِيَ وَاليَمينُ

يَهونُ الرِزءُ إِلّا عِندَ مِثلي

بِمِثلِكَ فَهوَ رِزءٌ لا يَهونُ

عَلَيكَ تُقَطِّعُ الحَسَراتُ نَفسي

وَفيكَ أَطاعَني الدَمعُ الحَرونُ

فَمِلءُ جَوانِحي حُزنٌ مُذيبٌ

وَمِلءُ مَحاجِري دَمعٌ سَخينُ

وَما أَبقى المُصابُ عَلى فُؤادي

فَأَزعَمُ أَنَّهُ دامٍ طَعينُ

يَذودُ الدَمعُ عَينَ عَيني كَراها

وَتَأبى أَن تُفارِقَهُ الجُفونُ

لَقَد طالَ السُهادُ وَطالَ لَيلي

فَلا أَدري الرُقادَ مَتى يَكونُ

كَأَنَّ الصُبحَ قَد لَبِسَ الدَياجي

عَلَيكَ أَسىً لِذَلِكَ ما يَبينُ

جَزاكَ اللَهُ عَنّا كُلَّ خَيرٍ

وَجادَ ضَريحَكَ الغَيثُ الهَتونُ


لقراءة المزيد من شعر أبو ماضي، ننصحك بقراءة هذا المقال: قصائد إيليا أبو ماضي.


هذا القضاء بحكم الموت رباني

يقول الشاعر لطفي منصور في رثاء أخيه:[٥]

هذا القضاء بحكم الموتِ رباني

صبرٌ جميلٌ وذكرُ الله قوّاني

أخي فقدتك في أمواجِ تحناني

والصدعُ أوهى من الآلام بُنياني

أخي ذكرتك في نبضٍ يُحرِّكني

حين الفراقِ فمالَت كلُّ أركاني

الروحُ تصعدُ من أسرار مرقدهِ

والجسمُ يذوي ووهجُ الوجهِ نوراني

أسبوعُ موتٍ وما كادت تفارقُهُ

روحٌ تجلَّتْ وأمرُ الروحِ ربَّاني

صمتٌ مهيبٌ وما قولٌ يطاوعني

والقلبُ حمَّ كما يُحمى بنيرانِ

قالَ الطبيبُ سُويعاتٌ ويخطفُهُ

حكمُ المماتِ فأشقاني وأبكاني

هذا التَلَيُّفُ قد أبلى لهُ كبدًا

والوعيُ غابَ ومِن بلواهُ أبلاني

كادتْ عيوني تهاوى من محاجرها

لولا اعتصامِي كما دومًا بإيماني

تقطّعَ القلبُ في لحظاتِ غيبتِهِ

قد لُفَ شرعًا بأنوارٍ وأكفانِ

اغفر إلهي إذا ما زلَّ منطِقُنا

أنتَ الرَّحيمُ فَهَبْ لي حُسْنَ غُفرانِ

ارفقْ بقلبي أيا ربَّاهُ إذ نزَلتْ

فيَّ المصائبُ إذْ لازمتُ أحزاني

قد ضاعَ منَّا وما نقوى على عملٍ

رُحماكَ ربِّي فقد ضيَّعتُ عنواني

أماهُ صبرًا حبيبُ القلبِ فارقَنا

ضُمي بنيكِ بحضنٍ دافئٍ حانِ

ماتَ الحبيبُ وأمرُ الله نقبلُهُ

إذ رسَّخَ الصبرَ في قلبي ووجداني

فهمي رحلتَ وهذا الحقُ لاحقُنا

نرجو لقاءً على أبوابِ رضوانِ

الحمدُ للهِ يا أماهُ سلوتُنا

قد أنعَمَ الله يا أمِّي بسلوانِ

قذى بعينك أم بالعين عوار

تقول الشاعرة الخنساء ترثي أخاها:[٦]

قذًى بعينكِ أمْ بالعينِ عوَّارُ

أمْ ذرَّفتْ إذْ خلتْ منْ أهلهَا الدَّارُ

كأنّ عيني لذكراهُ إذا خَطَرَتْ

فيضٌ يسيلُ علَى الخدَّينِ مدرارُ

تبكي لصخرٍ هي العبرَى وَقدْ ولهتْ

وَدونهُ منْ جديدِ التُّربِ أستارُ

تبكي خناسٌ فما تنفكُّ مَا عمرتْ

لها علَيْهِ رَنينٌ وهيَ مِفْتارُ

تبكي خناسٌ علَى صخرٍ وحقَّ لهَا

إذْ رابهَا الدَّهرُ إنَّ الدَّهرَ ضرَّارُ

لاَ بدَّ منْ ميتةٍ في صرفهَا عبرٌ

وَالدَّهرُ في صرفهِ حولٌ وَأطوارُ

قدْ كانَ فيكمْ أبو عمرٍو يسودكمُ

نِعْمَ المُعَمَّمُ للدّاعينَ نَصّارُ

صلبُ النَّحيزةِ وَهَّابٌ إذَا منعُوا

وفي الحروبِ جريءُ الصّدْرِ مِهصَارُ

يا صَخْرُ وَرّادَ ماءٍ قد تَناذرَهُ

أهلُ الموارِدِ ما في وِرْدِهِ عارُ

مشَى السّبَنْتى إلى هيجاءَ مُعْضِلَة

لهُ سلاحانِ: أنيابٌ وأظفارُ

وما عَجُولٌ على بَوٍّ تُطيفُ بِهِ

لها حَنينانِ: إعْلانٌ وإسْرارُ

تَرْتَعُ ما رَتَعَتْ، حتى إذا ادّكرَتْ

فإنَّما هيَ إقبالٌ وَإدبارُ

لاَ تسمنُ الدَّهرَ في أرضٍ وَإنْ رتعتْ

فإنَّما هيَ تحنانٌ وَتسجارُ

يوْمًا بأوْجَدَ منّي يوْمَ فارَقني

صخرٌ وَللدَّهرِ إحلاءٌ وَإمرارُ

وإنّ صَخرًا لَوالِينا وسيّدُنا

وإنّ صَخْرًا إذا نَشْتو لَنَحّارُ

وإنّ صَخْرًا لمِقْدامٌ إذا رَكِبوا

وإنّ صَخْرًا إذا جاعوا لَعَقّارُ

وإنّ صَخرًا لَتَأتَمّ الهُداةُ بِهِ

كَأنّهُ عَلَمٌ في رأسِهِ نارُ

جلدٌ جميلُ المحيَّا كاملٌ ورعٌ

وَللحروبِ غداة الرَّوعِ مسعارُ

حَمّالُ ألوِيَةٍ هَبّاطُ أودِيَةٍ

شَهّادُ أنْدِيَة للجَيشِ جَرّارُ

نَحّارُ راغِيَةٍ مِلجاءُ طاغِيَةٍ

فَكّاكُ عانِيَةٍ لِلعَظمِ جَبّارُ

فقلتُ لما رأيتُ الدّهرَ ليسَ لَهُ

معاتبٌ وحدهُ يسدي وَنيَّارُ

لقدْ نعى ابنُ نهيكٍ لي أخًا ثقة

كانتْ ترجَّمُ عنهُ قبلُ أخبارُ

فبتُّ ساهرة للنَّجمِ أرقبهُ

حتى أتى دونَ غَورِ النّجمِ أستارُ

لم تَرَهُ جارَةٌ يَمشي بساحَتِها

لريبة حينَ يخلِي بيتهُ الجارُ

ولا تراهُ وما في البيتِ يأكلهُ

لكنَّهُ بارزٌ بالصَّحنِ مهمارُ

ومُطْعِمُ القَوْمِ شَحمًا عندَ مَسغبهم

وفي الجُدوبِ كريمُ الجَدّ ميسارُ

قدْ كانَ خالصتي منْ كلِّ ذي نسبٍ

فقدْ أصيبَ فما للعيشِ أوطارُ

مثلَ الرُّدينيِّ لمْ تنفدْ شبيبتهُ

كَأنّهُ تحتَ طَيّ البُرْدِ أُسْوَارُ

جَهْمُ المُحَيّا تُضِيءُ اللّيلَ صورَتُهُ

آباؤهُ من طِوالِ السَّمْكِ أحرارُ

مُوَرَّثُ المَجْدِ مَيْمُونٌ نَقيبَتُهُ

ضَخْمُ الدّسيعَة في العَزّاءِ مِغوَارُ

فرعٌ لفرعٍ كريمٍ غيرِ مؤتشبٍ

جلدُ المريرة عندَ الجمعِ فخَّارُ

في جوْفِ لحْدٍ مُقيمٌ قد تَضَمّنَهُ

في رمسهِ مقمطرَّاتٌ وَأحجارُ

طَلْقُ اليَدينِ لفِعْلِ الخَيرِ ذو فَجَرٍ

ضَخْمُ الدّسيعَة بالخَيراتِ أمّارُ

ليَبْكِهِ مُقْتِرٌ أفْنى حريبَتَهُ

دَهْرٌ وحالَفَهُ بؤسٌ وإقْتارُ

ورفقة حارَ حاديهمْ بمهلكة

كأنّ ظُلْمَتَها في الطِّخْيَة ِ القارُ

لا يَمْنَعُ القَوْمَ إنْ سالُوهُ خُلْعَتَهُ

وَلاَ يجاوزهُ باللَّيلِ مرَّارُ


أعاذلتي كل امرئ وابن أمه

يقول الشاعر دريد بن البصمة يرثي أخاه عبد الله:[٧]

أَعاذِلَتي كُلُّ اِمرِئٍ وَاِبنُ أُمِّهِ

مَتاعٌ كَزادِ الراكِبِ المُتَزَوِّدِ

أَعاذِلَ إِنَّ الرُزءَ في مِثلِ خالِدٍ

وَلا رُزءَ فيما أَهلَكَ المَرءُ عَن يَدِ

وَقُلتُ لِعارِضٍ وَأَصحابِ عارِضٍ

وَرَهطِ بَني السَوداءِ وَالقَومُ شُهَّدي

عَلانِيَةً ظُنّوا بِأَلفَي مُدَجَّجٍ

سَراتُهُمُ في الفارِسيِّ المُسَرَّدِ

وَقُلتُ لَهُم إِنَّ الأَحاليفَ أَصبَحَت

مُطَنِّبَةً بَينَ السِتارِ فَثَهمَدِ

فَما فَتِئوا حَتّى رَأَوها مُغيرَةً

كَرِجلِ الدِبى في كُلِّ رَبعٍ وَفَدفَدِ

وَلَمّا رَأَيتُ الخَيلَ قُبلًا كَأَنَّها

جَرادٌ يُباري وِجهَةَ الريحِ مُغتَدي

أَمَرتُهُمُ أَمري بِمُنعَرَجِ اللِوى

فَلَم يَستَبينوا النُصحَ إِلّا ضُحى الغَدِ

فَلَمّا عَسوني كُنتُ مِنهُم وَقَد أَرى

غِوايَتَهُم وَأَنَّني غَيرُ مُهتَدي

وَهَل أَنا إِلّا مِن غَزِيَّةَ إِن غَوَت

غَوَيتُ وَإِن تَرشُد غَزيَّةُ أَرشَدِ

دَعاني أَخي وَالخَيلُ بَيني وَبَينَهُ

فَلَمّا دَعاني لَم يَجِدني بِقُعدَدِ

أَخي أَرضَعَتني أُمُّهُ بِلِبانِها

بِثَديِ صَفاءٍ بَينَنا لَم يُجَدَّدِ

فَجِئتُ إِلَيهِ وَالرِماحُ تَنوشُهُ

كَوَقعِ الصَياصي في النَسيجِ المُمَدَّدِ

وَكُنتُ كَذاتِ البَوِّ ريعَت فَأَقبَلَت

إِلى جَلَدٍ مِن مَسكِ سَقبِ مُقَدَّدِ

ألا ذهب المحافظ والمحامي

يقول الشاعر لبيد بن ربيعة العامري يرثي أخاه لأمه أربد بن قيس:[٨]

ألاَ ذَهَبَ المُحافِظُ والمُحامِي

وَمَانعُ ضَيْمِنَا يَوْمَ الخِصَامِ

وأيقنتُ التفرُّقَ يومَ قالوا

تُقُسِّمَ مَالُ أرْبَدَ بالسِّهامِ

وأرْبَدُ فارسُ الهَيْجَا إذا ما

تَقَعَّرَتِ المَشاجِرُ بِالْخِيَامِ

تَطِيرُ عَدَائِدُ الأشْرَاكِ شَفْعًا

وَوِتْرًا والزَّعَامَةُ لِلْغُلامِ

كأنَّ هِجانَهَا مُتَأبِّضَاتٍ

وفي الأقرانِ أصورَة الرُّعامِ

وقدْ كان المُعصَّبُ يعتفيهَا

وَتُحْبَسُ عِنْدَ غاياتِ الذِّمامِ

على فَقْدِ الحَرِيبِ إذا اعْتَرَاها

وعند الفضْلِ في القحمِ العظامِ

خُبَاسَاتُ الفوارسِ كلَّ يومٍ

إذا لم يُرْجَ رِسْلٌ في السَّوَامِ

إذا ما تَعْزُبُ الأنعامُ راحَتْ

عَلى الأيْتَام والكَلِّ العِيَام

فيحمدُ قدرَ أربدَ مَنْ عَرَاهَا

إذا ما ذُمَّ أربَابُ اللِّحامِ

وجارتُهُ إذا حلَّتْ إليْهِ

لها نَفَلٌ وَحَظٌّ في السَّنَامِ

فإنْ تَقَعُدْ فَمُكْرَمَة حَصَانٌ

وإن تظعنْ فمحسنة الكلامِ

وإنْ تشرَبْ فنعم أخُو النَّدامى

كريمٌ ماجدٌ حُلْوُ النِّدامِ

وفتيانٍ يَرَوْنَ المجدَ غُنْمًا

صَبَرْتَ لحقِّهِم لَيْلَ التَّمامِ

شعر عن فراق الأخ الشهيد

تناول الشعراء موضوع فراق الشهيد بكثيرٍ من أشعارهم، ومن ذلك قولُ الشعراء:


شهيد الأغنية

يقول الشاعر محمود درويش يرثي الشهيد:[٩]

نصبوا الصليبَ على الجدارْ
فكُّوا السلاسلَ عن يدي
والسوطُ مروحةٌ، ودقَّات النعالْ
لحنٌ يصفرُ: سيِّدي
ويقول للموتى: حذارْ
يا أنتَ
قال نباحُ وحشِ:
أعطيكَ دربَك لو سجدتَ
أمامَ عرشيَ سجدتينْ!
ولثمتَ كفي في حياءٍ مرتينْ
أو تعتلي خشبَ الصليب
شهيدَ أغنيةٍ وشمسِ
ما كنتُ أوَّل حامل إكليلَ شوكِ
لأقولَ للسمراء: ابكِ
يا من أحبُّك، مثل إيماني،
ولاسمكِ في فمي المغموسِ
بالعطش المعفَّر بالغبارْ
طعمَ النبيذِ إذا تعتَّق في الجرارْ
ما كنتُ أوَّل حاملٍ إكليلَ شوكِ
لأقول: ابكِ
فعسى صليبي صهوةً،
والشوكُ فوق جبيني المنقوشِ
بالدمِ والنَّدى
إكليل غارٍ
وعساي آخرُ من يقول:
أنا تشهَّيتُ الردى


لقراءة المزيد من شعر درويش، ننصحك بقراءة هذا المقال: أجمل ما كتب محمود درويش.


شهداء الحرية

يقول الشاعر بدر شاكر السياب يرثي شهداء الحرية في العراق:[١٠]

شهيد العلا لن يسمعَ اللومَ نادبُهْ

وليس يرى باكيه من قد يُعاتبُهْ

طواهُ الردى فالكونُ للمجدِ مأتمٌ

مشارقُه مسودَّةٌ ومغاربُهْ

فتى قادَ أبناءَ الجهاد إلى العلا

وقد حطَّمت بأسَ العدو كتائبهْ

فتى همُّه أن يبلغَ العزَّ موطنٌ

غدا كلُّ باغٍ دون خوف يواثبهْ

فتى يعرفُ الأعداءُ فتكةَ سيفه

قد فتحت فتحًا مبينًا مضاربهْ

فتى ما جنَى ذنبًا سوى أنَّه انتضى

حسامًا بوجهِ الظلم ما لانَ جانبهْ

إذا ذكروا في جحفلِ الحربِ يونسًا

مشى الموتُ للأعداء حمرًا سبائبهْ

لقد باعَ للعرب النفوسَ ثلاثة

فقروا ودمعِي لا تقر غواربهْ

فآة على من ودَّع الصحبَ واغتدى

على يونس فليطلق الدمعَ حاجبهْ

وآهٍ على نسرٍ أهيض جناحه

وكم ملأت أفق العراقِ عصائبهْ

لئن غيَّبوا جثمانَ محمود في الثَّرى

فما غيَّبوا المجدَ الذي هو كاسبهْ

يا شهيدًا أنت حيّ

يقول الشاعر جمال مرسي:[١١]

يا شهيـدًا أنـت حـيٌّ

ما مضى دهرٌ وكانـا

ذِكْرُكَ الفـوّاحُ يبقـى

ما حيينـا فـي دِمانـا

أنـت بـدرٌ سـاطـعٌ ما

غابَ يومًا عن سمانا

قد بذلتَ النفسَ، تشري

بالـذي بِعـتَ الجنانـا

هانَتِ الدُّنيا، و كانـتْ

دُرَّةً، كانـت جُمـانـا

فارتضيتَ اليومَ عدنـًا

خالـدًا فيهـا مُصانـا

رَدِّدِي يا قـدسُ لحنـًا

عن شهيدٍ فـي رُبانـا

واْكتُبي تاريـخَ شَهْـمٍ

راحَ كي يحمي حمانـا

يا فلسطينُ اْذكري مَـنْ

جَرَّعَ الباغـي الهوانـا

اليوم يوم مصارع الشهداء

يقول الشاعر جبران خليل جبران:[١٢]

اليوم يومُ مصارعِ الشهداءِ

هل في جوانبِه رشاش دماءِ

للهِ غيَّاب حضورٌ في النُّهى

ماتوا فباتوا أخلدَ الأحياءِ

أبطالُ تفدية لقوا جهدَ الأذى

في الله وامتنعوا من الإيذاءِ

بعداءُ صيتٍ ما توخَّوا شهرةً

لكن قضوا في ذلَّة وعناءِ

لبثوا على إيمانِهم ويدُ الردَى

تهوي بتلكَ الأرؤس الشمَّاءِ

سلمَت مشيئتهم وما فيهِم سوى

متقطِّعي الأوصالِ والأعضاءِ

صبروا على جبروتِ عاتٍ قاهرٍ

ساءَ النُّهى والدِّين كلَّ مساءِ

ما كان دقلتيان إلا طاغيًا

ملكَ الرقاب بغلظةٍ وجفاءِ

لانَت له الصمُّ الصلاد ولم تلِن

شيئًا قلوبُ الصفوةِ الفضلاءِ

حاشا الحقيقة، كم مثالٍ لا ترى

إلا البقايا منهُ عينُ الرائي

ظلَّت حناياه وإن حطَمت على

ما كان فيها من تقىً ورجاءِ

إنَّ العقيدةَ نعمةٌ علويةٌ

تصفو على النقماتِ والأرزاءِ

تجني فخارًا من إهاناتِ العدى

وتصيب إعزازًا من الإزراءِ

باسمك اللهم زلزل حقدهم زلزال قاهر

يقول الشاعر عيسى النتشة:[١٣]

قالت: أحبُّكَ يا جميـ

ـلُ وليسَ لي في الحبِّ عاذرْ

قالت: أحبُّكَ إنَّ حبْـ

ـبِي للرجال ذَوي البصائرْ

فاصدَع بما تؤمرْ وأعـ

ـ::رض عن طواغيتٍ كَوافِرْ

وارفَع نداءَ الله أكـ

ـبر فوق هالاتِ المَنابرْ

واجعل مِن التوحيد شلـ

ـلالًا قويَّ الدَّفْقِ هادِرْ

باسمكَ اللهم زلـ

ـزل حقدَهم زِلزال قاهرْ

واسجدْ لربِّكَ ضارعًا

فهو القويُّ ولا تُحاذِرْ

سبِّح لربك ناهِلًا

مِن حَوضِه عذبَ المَفاخِر

وافرشْ لهم صدرَ الكرا

مة معقلًا للطهرِ سافر

هذا مقامُ الأنبيا

ءِ، فصلِّ فيهِ ولا تُحاوِرْ

وأنا الجنانُ سأَزدهي

بين البيارقِ والمَباخِرْ

وأنا الملائكُ رفرفتْ

رفَّ الأوائلِ والأواخرْ

يا فارسًا عرش العلا تتربّع

يقول الشاعر عادل البعيني:[١٤]

يا فارسًا عرشَ العُلا تـتربَعُ

صُمُّ الجبالِ أمامَ عزمِكَ تَركعُ

وطنَ العروبةِ إِذْ سمِعْتَ نِداءَهُ

فهتفـتَ إنِّي يا بلادي الأسْمعُ

أذللْتَ حُـبًّا للحياةِ ونزعةً

وَهَببْتَ طـوعًا عـَنْ دِيارك تَدْفعُ

ظَـمِئَتْ جراحك للعُلا فسَقَيْتَها

نبلًا ومَجْدًا بــالشَّهادَةِ يتْرَعُ

وَسَعَيْتَ للأَمجادِ تَطْـرُقُ بابَها

بابُ الشَّهادةِ خير بابٍ يقرَعُ

وإذا الكرامةُ والنبالةُ والفِدا

إكليلُ غارٍ فوقَ هامكَ يُوضَعُ

مَنْ كالشَّهيدِ وقدْ سَمت أخلاقُهُ

هـذا نداؤهُ للعُـلا فلْـتَسْمَعوا

المراجع

  1. "يؤرقني التذكر حين أمسي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-09.
  2. "ذكرت أخي بعد نوم الخلي"، ديواني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-09.
  3. "عزيز من أهلا أخي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-09.
  4. "أبعدك يعرف الصبر الحزين"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-09.
  5. "شعر عن الأخ : أبيات مختارة من أروع ما جاد به الشعر العربي"، أنا البحر، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-09.
  6. "قذى بعينك أم بالعين عوار"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-11.
  7. "أرث جديد الحبل من أم معبد"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-11.
  8. "ألا ذهب المحافظ والمحامي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-11.
  9. "شهيد الأغنية"، ديوان العرب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-09.
  10. "قصيدة شهداء الحرية"، ديوان الشعر، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-09.
  11. "الشهيد"، بوابة الشعراء، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-09.
  12. "اليوم يوم مصارع الشهداء"، ويكي مصدر، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-09.
  13. "إلى أخي الشهيد قصيدة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-09.
  14. "الشهداء"، بوابة الشعراء، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-09.
6106 مشاهدة
للأعلى للسفل
×