شعراء الاعتذار في العصر الجاهلي

كتابة:
شعراء الاعتذار في العصر الجاهلي







شعراء الاعتذار في العصر الجاهلي

لم يكن من شعراء الجاهلية مَن توسّع في كتابة شعر الاعتذار إلى حدٍ بعيد سوى الشاعر النابغة الذبيانيّ، وبشكلٍ عامّ، يستخدم الشعراء أسلوب الاعتذار في شعرهم حتى يُظهروا ندمهم وبراءتهم من أمور قاموا بفعلها.[١]


النابغة الذبياني

هو زياد بن معاوية بن ضباب بن جناب بن يربوع بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان، كنيته أبو أمامة وأبو ثمامة، وهو من أشراف ذبيان، قدّم الذبياني شعرًا للنعمان بن المنذر كاعتذار عن سوء التفاهم الذي وقع بينهما[٢]، وفيما يأتي بعض من هذه الأبيات:

أتاني أبيت اللعن أنك لمتني

وتلك التي أهتم منها وأنصب

فبت كأن العائدات فرشنني

هراسًا به يعلى فراشي ويقشب

حلفت فلم أترك لنفسك ريبة

وليس وراء الله للمرء مذهب

لئن كنت قد بلغت عني خيانة

لمبلغك الواشي أغش وأكذب

ولكنني كنت امرءًا لي جانب

من الأرض فيه مستراد ومذهب

ملوك وإخوان إذا ما أتيتهم

أحكم في أموالهم وأقرب

كفعلك في قوم أراك اصطنعتهم

فلم ترهم في شكر ذلك أذنبوا

وإنك شمس والملوك كواكب

إذا طلعت لم يبد منهن كوكب

فلا تتركني بالوعيد كأنني

إلى الناس مطلي به القار أجرب

ألم تر أن الله أعطاك سورة

ترى كل ملك دونها يتذبذب

ولست بمستبق أخا لا تلمه

على شعث أي الرجال المهذب

فإن أك مظلومًا فعبد ظلمته

وإن تك ذا عتبى فمثلك يعتب[٣]


عدي بن زيد العبادي

عدي بن زيد العبادي شاعر جاهلي نصرانيّ ينتمي إلى قبيلة تميم[٤]، ذو معرفةٍ واسعةٍ واطّلاع كبير، ألّف كتابًا في تاريخ الروم، وقيل إنّ له كتبًا أخرى، وقد وصفه الجاحظ بقوله "صاحبُ كُتًب"[٥]. دخل العبادي السجن على يد النعمان بن المنذر، فقام بكتابة الشعر له مادحًا إياه، ومعتذرًا منه راجيًا بذلك أن يخرجه من السجن[٤]، ومن تلك الأبيات:


سَعَى الأعداءَ لا يَالُونَ شَرّاً

عَلَيَّ وَرَبَّ مكَّةَ والصَّليبِ

أرادُوا أن يُمَهَّلَ عَن كَبيرٍ

فَيُسجَنَ أو يُدَهدى في قَلِيبِ[٦]


ثمّ يقول:

أَلاَ مضن مُبلغُ النُّعمانَ عَنِّي

وقد تُهدَى النَّصيحَةُ بالَمغيبِ

أَحظِّي كانَ سِلسِلَةً وقَيداً

وغُلاٍّ والبَيانُ لَدَى الطَّبيبِ[٦]


وعلة الجرمي

هو وعلة بن الحارث الجرمي، شاعر وفارس جاهليّ يمانيّ الأصل، قيل إنه من جرم قضاعة، وردت عنه بعض الأبيات الفكاهية الاعتذارية[٧]، وهي كما يأتي:

فدى لكما رجلي أمي وخالتي

غداة الكلاب إذ تحز الدوابر

نجوت نجاء لم ير الناس مثله

كأني عقاب عند تيمن كاسر

خدارية سفعاء لبد ريشها

من الطل يوم ذو أهاضيب ماطر

كأنا وقد حالت حذنة دوننا

نعام تلاه فارس متواتر

فمن يك يرجو في تميم هوادة

فليس لجرم في تميم أواصر[٨]

المراجع

  1. علي الجندي، كتاب في تاريخ الأدب الجاهلي، صفحة 405 - 411. بتصرّف.
  2. د علي عطوي، النابغة الذبياني: شاعر المدح والاعتذار، صفحة 30. بتصرّف.
  3. " أتاني أبيت اللعن أنك لمتني"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 18/2/2022. بتصرّف.
  4. ^ أ ب زيد بن عدي، ديوان زيد بن عدي العبادي، صفحة 10 - 11 -12. بتصرّف.
  5. عدي بن زيد، ديوان عدي بن زيد العبادي، صفحة 15 - 16. بتصرّف.
  6. ^ أ ب "أرقت لمكفهر بات فيه"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 6/6/2022.
  7. الزركلي، الأعلام، صفحة 116 - 117. بتصرّف.
  8. "فدى لكُما رجلي أمي وخالتي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 6/6/2022.
6763 مشاهدة
للأعلى للسفل
×