محتويات
شعراء الحكمة في العصر العباسي
- المتنبي.
- أبو تمام.
- المعري.
- أبو فراس الحمداني.
- ابن الرومي.
المتنبي
ماذا قال أهل الأدب عن شعر المتنبي؟
أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي الكندي الكوفي، والملقب بالمتنبي (303هـ - 354هـ) هو من سلالة عربية من قبيلة جعفى بن سعد، وهو من مواليد الكوفة، فيها نشأ وأولع بتعلم اللغة العربية من صباه، وكان أبوه سقّاء فخرج به إلى أرض الشام، وبعد أن شبّ المتنبي رأى أنه حتى يكمل علمه باللغة والشعر لا بد أن ينتقل إلى البوادي، فخرج إلى بادية بني كلب، وأقام بينهم مدة.[١]
كان ينشدهم الشعر ويأخذ عنهم اللغة فعظم شأنه بينهم، وبعد خروجه من السجن بسبب التهمة التي أُلحقت به عن ادعائه النبوة، صار يتكسب بالشعر، انتهى المطاف بالشاعر المتنبي في بلاط سيف الدولة الحمداني وصار يمدحه مدحًا يخلّد اسمه أبد الدهر، وتعلم منه الفروسية وخاض معه الكثير من المعارك، ومن المعروف عن شعره بين أهل الأدب أنه لم ينبغ بعد المتنبي من بلغ شأنه ومكانته، حتى أنّ المعري يعترف بتقدّم المتنبي عليه[١]، ومن أشعار الحكمة التي قالها المتنبي:[٢]
إِذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ
- وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا
وَوَضعُ النَدى في مَوضِعِ السَيفِ بِالعُلا
- مُضِرٌّ كَوَضعِ السَيفِ في مَوضِعِ النَدى
وَلَكِن تَفوقُ الناسَ رَأيًا وَحِكمَةً
- كَما فُقتَهُم حالًا وَنَفسًا وَمَحتِدا
يَدِقُّ عَلى الأَفكارِ ما أَنتَ فاعِلٌ
- فَيُترَكُ ما يَخفى وَيُؤخَذُ ما بَدا
أبو تمام
ما هي الموضوعات الشعرية التي سبق أبو تمام شعراء عصره إليها؟
هو حبيب بن أوس الطائي (190هـ - 231هـ) أحد الشعراء الثلاثة الذين سارت بهم الركبان في العصر العباسي، وخلد شعرهم الزمان وهم: أبو تمام والبحتري والمتنبي، ولد في قرية جاسم في دمشق، ومن ثم نُقل إلى مصر ونشأ بها فقيرًا، وتعلم العربية وحفظ ما لا يُعد ولا يحصى من الشعر ونبغ قوله، حتى خرج إلى محل الخلافة ومدح المعتصم ونال عنده مكانة عظيمة، ويُعد في شعره في رأس الطبقة الثالثة من المحدثين، فقد وصلت إليه معاني المتقدمين والمتأخرين، وهو الذي مهّد طريق الحكم والأمثال للمتنبي والمعري[٣]، ومن أشعار أبي تمام في الحكمة:[٤]
إِذا جارَيتَ في خُلُقٍ دَنيئًا
- فَأَنتَ وَمَن تُجاريهِ سَواءُ
رَأَيتُ الحُرَّ يَجتَنِبُ المَخازي
- وَيَحميهِ عَنِ الغَدرِ الوَفاءُ
وَما مِن شِدَّةٍ إِلّا سَيَأتي
- لَها مِن بَعدِ شِدَّتِها رَخاءُ
لَقَد جَرَّبتُ هَذا الدَهرَ حَتّى
- أَفادَتني التَجارِبُ وَالعَناءُ
إِذا ما رَأسُ أَهلِ البَيتِ وَلّى
- بَدا لَهُمُ مِنَ الناسِ الجَفاءُ
يَعيشُ المَرءُ ما اِستَحيا بِخَيرٍ
- وَيَبقى العودُ ما بَقِيَ اللِحاءُ
فَلا وَاللَهِ ما في العَيشِ خَيرٌ
- وَلا الدُنيا إِذا ذَهَبَ الحَياءُ
إِذا لَم تَخشَ عاقِبَةَ اللَيالي
- وَلَم تَستَحيِ فَاِفعَل ما تَشاءُ
لَئيمُ الفِعلِ مِن قَومٍ كِرامٍ
- لَهُ مِن بَينِهِم أَبَدًا عُواءُ
المعري
ما موضوعات الشعر التي تفوق فيها المعري على المتنبي؟
أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري التنوخي (398هـ - 449هـ) وهو الشاعر الفيلسوف المتفنن، ولد في معرة النعمان، وأصيب بالجدري في الثالثة من عمره فكُف بصره، تعلم عن أبيه وغيره من أئمة زمانه، وكان يتمكن من حفظ ما يسمعه من أول مرة، وبدأ نظم الشعر في عمر الحادية عشر، عاش حياته في عزلة في منزله، وكان فقيرًا يتكسب بعض المال الذي يكفيه، وله أشعار متناقضة حول حقيقة العالم والشرائع، والمعري أحكم الشعراء بعد المتنبي، ويتفوق على المتنبي في الطبيعيات والاجتماعيات والفلسفة والشرائع[٥]، وممّا قاله في الحكمة:[٦]
لا تَفرَحَنَّ بِفَألٍ إِن سَمِعتَ بِهِ
- وَلا تَطَيَّر إِذا ما ناعِبٌ نَعَبا
فَالخَطبُ أَفظَعُ مِن سَرّاءَ تَأمُلُها
- وَالأَمرُ أَيسَرُ مِن أَن تُضمِرَ
الرُعُبا إِذا تَفَكَّرتَ فِكرًا لا يُمازِجُهُ
- فَسادُ عَقلٍ صَحيحٍ هانَ ما صَعُبا
فَاللُبُّ إِن صَحَّ أَعطى النَفسَ فَترَتَها
- حَتّى تَموتَ وَسَمّى جِدَّها لَعِبا
لقراءة المزيد، انظر هنا: شعرية الفلسفة عند المعري.
أبو فراس الحمداني
كيف أثرت حياة أبي فراس الحمداني في شعره؟
الحارث بن سعيد بن حمدان بن حمدون التغلبي (320هـ -357هـ) شاعر وأمير وأسير، وهو ابن عم سيف الدولة الحمداني، وكان أميرًا في ولاية منبج، واشتهر بخوضه للمعارك والحروب وكان فارسًا شجاعًا، وشعره في أغلبه يعكس طبيعة الحياة التي عاشها في بلاط سيف الدولة الحمداني، وقد حفل شعره بالقيم الدالة على ذاته وعلى محيطه، وكانت هذه القيم تظهر في شعره عفو الخاطر ولم تكن متكلفة أو متصنعة، أمّا في شعره فكان بليغًا قوي اللغة، قادرًا على إيصال الكثير من المعاني[٧]، ومن أشعاره في الحكمة:[٨]
اِحذَر مُقارَبَةَ اللِئامِ فَإِنَّهُ
- يُنبيكَ عَنهُم في الأُمورِ مُجَرِّبُ
قَومٌ إِذا أَيسَرتَ كانوا إِخوَةً
- وَإِذا تَرِبتَ تَفَرَّقوا وَتَجَنَّبوا
اِصبِر عَلى ريبِ الزَمانِ فَإِنَّهُ
- بِالصَبرِ تُدرِكُ كُلَّ ما تَتَطَلَّبُ
ابن الرومي
كيف تفوق ابن الرومي على البحتري في معانيه؟
أبو الحسن علي بن العباس بن جُريج الرومي (221هـ -283هـ) وُلد في بغداد ونشأ بها وأقام بها كل حياته، وهو شاعر مكثر مطبوع، وقد شهد في حياته الكثير من المصاعب والمآسي، وانعكست هذه التفاصيل في شعره، وفي الوقت نفسه مال في طباعه إلى البؤس والتشاؤم، وصار منغلقًا على نفسه بسبب المصائب التي تحيط به، ومما يُعرف عنه أنه نظم شعرًا في كل الأغراض من وصف ومدح ورثاء وحكمة وهجاء، وقد نبغ في الشعر نبوغًا جعله يصل إلى درجة البحتري، وفاقه في بعض المواضع في اختراع المعاني أو توليدها من معانٍ سابقة، ووضعها في قالب حسن مميز وخاص به[٩]، ومما قاله ابن الرومي في الحكمة:[١٠]
عدوُّكَ من صديقك مستفادٌ
- فلا تستكثرنَّ من الصِّحابَ
فإن الداءَ أكثرَ ما تراهُ
- يحولُ من الطعام أو الشرابِ
إذا انقلبَ الصديقُ غدا عدوًا
- مُبينًا والأمورُ إلى انقلابِ
ولو كان الكثيرُ يَطيبُ كانتْ
- مُصاحبةُ الكثير من الصوابِ
ولكن قلَّ ما استكثرتَ إلّا
- سقطتَ على ذئابٍ في ثيابِ
فدعْ عنك الكثير فكم كثيرٍ
- يُعافُ وكم قليلٍ مُستطابِ
وما اللُّجَجُ المِلاحُ بمُروياتٍ
- وتلقى الرِّيّ في النُّطَفِ العِذابِ
لقراءة المزيد، انظر هنا: نبذة عن ابن الرومي.
المراجع
- ^ أ ب أحمد الهاشمي (1987)، جواهر الأدب (الطبعة 27)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 452. بتصرّف.
- ↑ "لكل امرئ من دهره ما تعودا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 18/03/2021م.
- ↑ أبو تمام، ديوان ابي تمام، صفحة 17. بتصرّف.
- ↑ "إذا جاريت في خلق دنئيئًا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 18/03/2021م.
- ↑ أحمد الهاشمي (1987)، جواهر الأدب (الطبعة 27)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 456. بتصرّف.
- ↑ "لا تفرحن بفأل إن سمعت به"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 18/03/2021م.
- ↑ عبداللطيف عمران (2003)، أبحاث في الشعر العربي في العصر العباسي، دمشق:مطبعة المحبة، صفحة 459. بتصرّف.
- ↑ "احذر مقاربة اللئام فإنه"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 18/03/2021م.
- ↑ ابن الرومي، ديوان ابن الرومي، صفحة 7. بتصرّف.
- ↑ "عدوك من صديقك مستفاد"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 18/03/2021م.