صحة حديث (من ادّعى لغير أبيه)

كتابة:
صحة حديث (من ادّعى لغير أبيه)


صحة حديث (من ادعى لغير أبيه)

نص الحديث

عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ليس من رجل ادعى لغير أبيه -وهو يعلمه- إلا كفر، ومن ادعى قوما ليس له فيهم نسب، فليتبوأ مقعده من النار)، متفق عليه رواه البخاري ومسلم.[١][٢]


تخريج الحديث وبيان صحة إسناده

الحديث متفق على صحته، أي: رواه البخاري ومسلم كما سبق بيانه، وقد رواه أصحاب السنن والمسانيد وأكثر كتب الحديث المسندة كما في الموسوعة الحديثية تخريج مسند الإمام أحمد،[٣] وإخراج الشيخين البخاري ومسلم للحديث دال على صحته.[٤]


بيان صحة متنه

روى هذا المعنى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بأسانيد صحيحة عدد من الصحابة، ذكرها ابن الأثير في جامع الأصول وخرّجها،[٥] وهذا يدل على أن متن الحديث ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي القرآن الكريم ما يشهد لصحة متن الحديث، وذلك في قول الله -تعالى-:


(مَّا جَعَلَ اللَّـهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّـهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ* ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّـهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَـكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).[٦]


بيان صحة معناه

في الحديث وعيد شديد لمن ادعى أنه ينتسب إلى شخص أو إلى قوم وهو ليس منهم، وعادة ما يلجأ بعض الناس إلى ادعاء الانتساب إلى عشيرة معروفة بالجاه والسلطان أو المال طلباً لمصالح دنيوية، وفي الحديث نهي شديد عن هذا الفعل، والانتساب إلى غير الأب والعشيرة وهو ليس منهم هو معنى التبنّي الذي كان شائعاً في الجاهلية.[٧]


وما زال معمولاً به في بعض المجتمعات، فتتبنى الأسرة طفلاً ليس منها وتلحقه بنسبها ويحمل اسمها، وهو عمل قد أبطله الإسلام، وقد دل على حرمة التبنّي القرآن والسنة والإجماع،[٧] وقد أرشد الإسلام إلى كفالة اليتيم والإحسان إليه دون إلحاقه بنسب العائلة الكافلة.[٨]


بيان المقصود بكفر من ادعى نسباً ليس له

الانتساب إلى غير الأب الحقيقي معصية، وشدة الوعيد تدل على أنها من كبائر الذنوب، ولكنها ليست كفراً أكبر، فلا يخرج المسلم بهذه المعصية من الإسلام كما هو مذهب أهل السنة والجماعة، وتفسير الكفر الوارد في الحديث على وجهين:[٩]

  • الوجه الأول: أنه محمول على من استحل هذه المعصية وأنكر أن تكون حراماً، ومن استحل الحرام المجمع عليه فقد ارتد عن الإسلام.
  • الوجه الثاني: أنه محمول على التغليظ وشدة لتنفير من هذه المعصية التي تشبه معاصي الكفار، فلا يدخل المسلم المتلبس بهذه المعصية الجنة مع الداخلين إلا بعد أن يعاقب عليها في جهنم.
  • قال المناوي: "ومناسبته إطلاق الكفر هنا أنه كذب على الله كأنه يقول خلقني الله من ماء فلان ولم يخلقني من ماء فلان والواقع خلافه".[١٠]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو ذر، الصفحة أو الرقم:3317، صحيح.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو ذر، الصفحة أو الرقم:112، صحيح.
  3. شعيب الأرناؤوط، الموسوعة الحديثية تخريج مسند الإمام أحمد، صفحة 369. بتصرّف.
  4. ابن الصلاح، صيانة صحيح مسلم، صفحة 85. بتصرّف.
  5. ابن الأثير الجزري، جامع الأصول في أحاديث الرسول، صفحة 738. بتصرّف.
  6. سورة الأحزاب، آية:4-5
  7. ^ أ ب المنجد (23/2/2011)، "كيف يصنع من تبناه شخص؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 25/2/2022. بتصرّف.
  8. المنجد (16/5/2011)، "التبني قسمان ممنوع ومشروع"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 25/2/2022. بتصرّف.
  9. النووي، شرح النووي على مسلم، صفحة 52. بتصرّف.
  10. المناوي، فيض القدير، صفحة 7. بتصرّف.
3701 مشاهدة
للأعلى للسفل
×