صفات الأوابين

كتابة:
صفات الأوابين

أبرز صفات الأوابين

اختلفت تحديدات العلماء لصفات الأوابين باختلاف تعريفاتهم الاصطلاحية لهم؛ بسبب اختلافهم في سبب الربط بين المعنى اللغوي للأواب وسياق الآيات والأحاديث التي ورد فيها التنويه بفضل الأوابين، وإنْ كان أكثرهم يتحدثون عنهم عند تناولهم لمراتب التوبة والإنابة، والحثّ على مدح الرجَّاع إلى طاعة الله، والتوَّاب إليه، مِن بعد فِعله لِما يكرهه الله منه؛ لأنّ أوَّاب على صيغة فعَّال، التي تفيد التكثير.[١]

ومن هنا استنبط سعيد بن المسيب أبرز صفةٍ للأواب، وهي أنّه الذي "يذنب، ثم يتوب، ثمّ يذنب، ثم يتوب"،[٢] وقريبٌ منه وصف الضحّاك للأوابين بأنّهم الرجَّاعين من الذنب،[٣] ومثلهما القتبي الذي ربط صفة الأواب بالمعنى اللغوي فقال: هو "التائب مرة بعد مرة، مِن قولك: آب، يؤوب"،[٤] بينما يرى عبيد بن عمير أنَّهم هم الذين يتذكرون ذنوبهم في السر، فيستغفرون منها.[٥]

وقيّده بعض المفسرين بالولد الذي قد تبدر منه حِدَّةٌ في حقّ والديه، ثم يندم ويتوب؛[٦] بدليل أنَّ سياق مدح الأوابين في سورة الإسراء قد ابتُدِئ بالحث على بر الوالدين: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)، إلى أن قال: (إنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا).[٧]

لكن بعضهم اعتبر الأوابين هم المحافظين على الصلوات وبخاصَّةٍ صلاة الضحى،[٨] بدليل ما رواه مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم، قال: (خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ قُبَاءَ وَهُمْ يُصَلُّونَ، فَقَالَ: صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ إِذَا رَمِضَتِ الْفِصَالُ)،[٩] ووقت صلاة الضحى يكون حين تحمى الرمضاء -وهي الرمال-؛ فتبرك الفصال -وهي الجِمال- مِن شدَّة حرارة الرمضاء، وإحراقها أخفافها.[١٠]

تعريف الأوابين لغة

الأوبُ هو رجوع الشيء إلى مكانه الذي يستقر فيه، كما يؤوب النحل إلى خلاياه مهما ابتعد عنها؛ ليمتص رحيق الزهور،[١١] وممَّا يدل على هذا المعنى في القرآن الكريم: قوله تعالى: (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ)،[١٢] وقوله: (فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا)،[١٣]وبناءً على هذا فيكون الأوَّاب هو كثير الأوب، أي: الذي يكثر رجوعه إلى المكان الذي كان قد ذهب منه، ويغلب التعبير بالأوب في اللغة على المعنويات، بينما يغلب التعبير بالإياب على الماديات.[١٤]

فضل الأوابين

جاء الحديث عن الأوابين في سياق التنويه بفضلهم في القرآن الكريم في خمسة مواضع، هي:

  • الأول: عند مدح الله تعالى للصالحين البارين لآبائهم؛ لاتصافهم بذلك: (إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا).[١٥]
  • الثاني: عند مدح الله تعالى لسيدنا داود عليه السلام؛ لاتصافه بذلك: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ).[١٦]
  • الثالث: عند مدح الله تعالى لسيدنا سليمان عليه السلام؛ لاتصافه بذلك: (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ).[١٧]
  • الرابع: عند مدح الله تعالى لسيدنا أيوب عليه السلام؛ لاتصافه بذلك: (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ).[١٨]
  • الخامس: عند مدح الله تعالى للذين يستحقّون دخول الجنة؛ لاتصافهم بذلك: (هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ).[١٩]

المراجع

  1. ابن رشد الجد، البيان والتحصيل، صفحة 513. بتصرّف.
  2. ابن قيم الجوزية، الفوائد، صفحة 18.
  3. هناد بن السري، الزهد، صفحة 457.
  4. أبو الليث السمرقندي، بحر العلوم، صفحة 308.
  5. جلال الدين السيوطي، الدر المنثور، صفحة 271. بتصرّف.
  6. أبو القاسم الكرماني، لباب التفاسير، صفحة 1117. بتصرّف.
  7. سورة الإسراء، آية:23-25
  8. ابن جرير الطبري، جامع البيان، صفحة 422. بتصرّف.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن زيد بن ارقم، الصفحة أو الرقم:748.
  10. ابن الجوزي، غريب الحديث، صفحة 414. بتصرّف.
  11. محمد حسن جبل]، المعجم الاشتقاقي المؤصل، صفحة 63. بتصرّف.
  12. سورة الغاشية، آية:25
  13. سورة النبأ، آية:39
  14. عبد الكريم يونس الخطيب، التفسير القرآني للقرآن، صفحة 1060. بتصرّف.
  15. سورة الإسراء، آية:25
  16. سورة ص، آية:17
  17. سورة ص، آية:30
  18. سورة ص، آية:44
  19. سورة ق، آية:32
4586 مشاهدة
للأعلى للسفل
×