المسافر والمقيم
المسافر هو الفعل سافر، والمقصود بالمسافر الذي يرتحل من مكان إلى مكان أخرٍ، ويقال: سافر المسافر: أي أنه ارتحل أو انتقل من بلده، والمسافر اصطلاحاً هو الذي قطع المسافة الشرعية، التي تقدّر بثمانية فراسخ، أي ما يقارب أربعمئة وأربعين ونصف كيلو متر تقريباً، ويقال أيضاً: إتمام المسافر؛ ويُقصد من ذلك أنّ المسافر يتم صلاته، فلا يقصرها أو يُنقص من عدد ركعاتها، أي أنّه يصلّي الصلاة الرباعية كما هي، دون أن يجعلها ركعتين،[١] أمّا المقيم فهو الفاعل للفعل أقام، والمقيم هو الساكن، ويقال: مقيم الصلاة؛ أي القائم بها، ويقال أيضاً: أقام بالمكان إذا لبث وسكن فيه، واتخذه وطناً له، وجعله مقاماً خاصاً به.[٢]
صلاة المسافر خلف المقيم
يشرع للمسافر الصلاة خلف المقيم، دون النظر إلى الاختلاف في النية، أو الاختلاف في هيئة الصلاة، وتكون صلاة المسافر خلف المقيم على أربع حالاتٍ، الأولى منها: إدراك المسافر لصلاة المقيم كاملة، فإن كان ذلك فعلى المسافر إتمام الصلاة كاملةً، والحالة الثانية تتمثّل بأن يدرك المسافر من صلاة الإمام المقيم أقل من ركعة في الصلاة الرباعية، وعندئذٍ على المسافر أن يؤدي الصلاة الرباعية قصراً، أي صلاة ركعتين فقط، أمّا الحالة الثالثة فهي أن يدرك المسافر مع الإمام المقيم ركعة واحدة من الصلاة الرباعية، فإن حصل ذلك فعلى المسافر المأموم إتمام ركعتين فقط، ثمّ السلام منهما، وكذلك إن أدرك ركعتين فقط، فيسلّم منهما دون إتمام أربع ركعاتٍ.[٣]
والحالة الرابعة من الحالات تكون بأن يدرك المسافر ثلاث ركعات من صلاة المقيم، أو أن يبتدأ معه الصلاة، فعليه إتمام الصلاة كاملة، ولكن إن اختلفت هيئة الصلاة؛ مثل أن يصلي المسافر صلاة المغرب خلف المقيم الذي يصلّي صلاة العشاء، فعلى المسافر حينئذٍ الجلوس بعد إتمام الركعة الثالثة، وانتظار الإمام حتى يسلّم معه، مع جواز التسليم من الصلاة للمسافر في الحالة السابقة قبل تسليم الإمام من صلاته، وإن تغيّرت هيئة الصلاة بأن يصلي المسافر صلاة العشاء خلف المقيم الذي يريد أداء صلاة المغرب، فعلى المسافر حينها الجلوس لانتظار الإمام ليسلّم معه بعد إتمام ركعتين، ويجوز للمسافر أن يسلّم قبل الإمام في الحالة السابقة أيضاً، وإن صلّى المسافر خلف المقيم الذي يؤدي صلاة المغرب أو صلاة الفجر فعلى المسافر أن يتابعه في صلاته، ويصلّي مثله، ودليل كل ما سبق قول الرسول صلى الله عليه وسلم، فيما رواه عنه الصحابي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (فرض اللهُ الصلاةَ على لسانِ نبيكم صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في الحضرِ أربعًا ، وفي السفرِ ركعتينِ ، وفي الخوفِ ركعةً).[٤][٣]
أمّا بالنسبة للمقيم إن أدّى الصلاة خلف أمام مسافر، فعليه أن يتمّ صلاته بعد سلام الإمام من الصلاة، وإن كان المسافر إماماً للمقيمين في بلدهم، فعليه أن يقول لهم قبل الصلاة: (أتموا صلاتكم فإنّا قوم سَفْر)، ثمّ يشرع المسافر في الصلاة دون بأس بأداء الصلاة الرباعية ركعتين، وإن كانت صلاة المسافر التي يؤديها صلاة المغرب أو الفجر فعلى المقيم أن يتابع الإمام في صلاته دون أي حرج، ويصلّي كصلاته تماماً، وإنْ أراد الإمام المسافر إتمام الصلاة الرباعية كاملة دون قصرها، بأن قام لأداء الركعة الثالثة بعد الجلوس الأول، فعلى المأمومين التسبيح ليجلس الإمام.[٣]
أحكام صلاة السفر
شرع الإسلام العديد من الأحكام للمسافر فيما يخصّ صلاته، ومن ذلك: قصر الصلاة الرباعية، والجمع بين الصلاتين؛ أي الجمع بين صلاتي الظهر والعصر وأداؤهما في وقت إحداهما، وكذلك بين صلاتي المغرب والعشاء، إلا أنّ القصر والجمع للمسافر مرتبطان بالعديد من الأمور الواجب الانتباه لها، وفيما يأتي بيان البعض منها:[٥]
- يجوز للمسافر قصر الصلوات والجمع بينها إن أراد الإقامة في البلد التي يريد السفر إليها أربعة أيام أو أقل، ويجوز أيضاً القصر والجمع للذي لم تتعيّن له مدة الإقامة في البلد التي يريد السفر إليها، فنوى قضاء حاجة ما ولكنه لا يريد الإقامة، وكانت مدة السفر أكثر من أربعة أيام، أمّا الذي تيقّن بأنّ مدة الإقامة في البلد التي سافر إليها أكثر من أربعة أيام فيجب عليه إتمام الصلاة.
- اختلف العلماء في المسافة التي يجوز فيها قصر الصلاة، وذهبوا في ذلك إلى قولين، وفيما يأتي بيانهما بشكلٍ مفصلٍّ:
- القول الأول: ذهب الجمهور من العلماء إلى القول بأنّ مسافة السفر التي يجوز فيها قصر الصلاة وإفطار نهار رمضان تقدّر بثمانية وأربعين ميلاً؛ أي ما يقارب ثمانين كيلو متراً، وذلك ما ورد عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما، ومالك، والشافعي، والليث بن سعد، وأحمد بن حنبل.
- القول الثاني: ذهب البعض من الفقهاء إلى القول بجواز قصر الصلاة وإفطار نهار رمضان في كلّ سفر يُطلق عليه لفظ السفر في اللغة، واستدلوا بقول الله تعالى: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ)،[٦] واستدلوا أيضاً بما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه أنّه قال: (رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا خرج ، مسيرةَ ثلاثةِ أميالٍ أو ثلاثةَ فراسخَ ، ( شعبة الشاك ) صلَّى ركعتَينِ)،[٧] فالميل يعادل ألفاً وستمئة متراً، والفرسخ يعادل ثلاثة أميال، وقال الإمام ابن القيم في ذلك: (لم يحُدَّ صلى الله عليه وسلم لأمته مسافةً محدودةً للقصر والفطر، بل أطلق لهم ذلك في مطلق السفر والضرب في الأرض).
المراجع
- ↑ "تعريف ومعنى مسافر"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-11-2018. بتصرّف.
- ↑ "تعريف ومعنى مقيم"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-11-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "صفة صلاة المسافر خلف المقيم"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-11-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس ، الصفحة أو الرقم: 687، صحيح.
- ↑ "أحكام صلاة السفر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-11-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 101.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 691، صحيح.