مفهوم التكبير
في الحديث حول صيغة التكبير في صلاة العيد، يجب بيان أهميّة التكبير فقد قال الله -تبارك وتعالى- :{لِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}[١]، فالتكبير يعدّ من أكبر مظهر من مظاهر شعائر الله سبحانه وتعالى التي قال الله سبحانه فيها: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِْ}[٢] لذلك نقول بأنّ إظهار التكبير ورفع الصوت به، يعدّ من مظاهر الفرح بين المسلمين، فالمسلمون يكبرون الله -جل جلاله- في كلّ وقت بشكل عام مطلق بدون تقييد بصيغة معيّنة، أمّا عند دخول العيد فيظهر المسلمون فرحهم بإظهارهم هذه الشعيرة العظيمة، التي تدلّ على عظمة هذا الدين وكماله، والتكبير كبَرَ يَكبُر، كَبْرًا ، فهو كابر، والمفعول مَكْبور، وشرعًا: هو الاعتقاد أنّ الله -سبحانه وتعالى- أكبر من كل شيء موجود، وأعظم وأعز وأجلّ وأعلى من كل ما يخطر بالبال أو يتصوره الخيال، وهذه الكلمة اسم علم ذات الله -عز وجلّ- العليّة كما هو معروف بالفطرة، فعلى المسلمين الإكثار من قولها وتدبّرها.[٣]
صيغة التكبير في صلاة العيد
في الحديث عن صيغة التكبير في صلاة العيد، نبيّن هذه الصيغة المأثورة عن السلف الصالح على قولين في الآتي بيانهما: [٤]
- فالقول الأول: أنّ صيغة التكبيرِ في صلاة العيدِ لا تَلزَمُ صيغةٌ معيَّنةٌ؛ فالأمرُ فيه واسعٌ، وهذا مذهبُ مالكٍ وروايةٌ عن أحمدَ وهو قول ابن تيمية، والعثيمين، واستدلوا:أولاً: بقوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}[٥]، وقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}[٦]،.وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّه أَطلَقَ الأمرَ بذِكرِ اللهِ تعالى، ولم يُقيِّدْه بصيغةٍ معيَّنةٍ؛ فكيفما كبَّر فقَدِ امتثلَ الأمرَ، وثانيًا قالوا أيضاً أنَّ المسألةَ ليس فيها نصٌّ صريح يَفصِلُ بين الأقوال من أهل العِلم، وإذا كان كذلك فالأمرُ فيه سَعةٌ وثالثاً استدلوا أيضًا بأنَّ تعدُّدَ صِيَغِ التَّكبيرِ الواردةِ عن السَّلَفِ يَدلُّ على التوسعةِ في صيغة التكبير.
- القول الثاني: أنّ أفضلُ صِيَغِ التَّكبيرِ أن يكبّر بقوله: اللهُ أكبر اللهُ أكبر، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبر اللهُ أكبر، ولله الحَمْد، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة والحَنابِلَة ، وبه قال جماعة من السَّلَف، واستدلوا من الآثار الواردة:
- عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ: "أنَّه كان يُكبِّرُ أيَّامَ التَّشريقِ: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبر اللهُ أكبر، ولله الحَمد".
- عن شَريكٍ: "قال: قلتُ لأبي إسحاقَ: كيف كان يُكبِّر عليٌّ وعبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ؟ قال: كانا يقولان: اللهُ أكبر اللهُ أكبر، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبر اللهُ أكبر، ولله الحَمْد. ثانيًا: أنَّ الصيغة هي المشهورُة والمتواترة في الأمَّة. ثالثًا: لأنها تشمل على التكبير، مه التحكيد والتهليل فكانت أولى".
وبعد بيان أقوال العلماء في صيغة التكبير في صلاة العيد، وأنّ الأمر في ذلك واسع ولا حرج بأن يكبّر المسلم على أيّ صيغة كانت، فيسنّ الجهر بالتكبير للرجال وهو مذهب جمهور العلماء، وبه تتّسق الأدلة وهو أقرب لعموم الأدلة التي يبيّن الله -سبحانه وتعالى- فيها فرحة المسلمين بإظهار شعيرة الله -عزّوجل- يوم العيد، وعن أمِّ عَطيَّةَ -رَضِيَ اللهُ عنها- قالت: "كنَّا نُؤمَر أنْ نَخرُجَ يومَ العيدِ حتى نُخرِجَ البكرَ مِن خِدْرِها، وحتَّى نُخرِجَ الحُيَّضَ فيكنَّ خلْفَ الناسِ فيُكبِّرْنَ بتكبيرِهم ويَدْعون بدُعائِهم يرجونَ بَركةَ ذلِك اليومِ وطُهرتَه"[٧].
صلاة العيد
بعد الانتهاء من بيان صيغة التكبير في صلاة العيد، سيتم بيان أصل كلمة العيد، وهي جمع: أعياد، وهي مشتق من عاد يعود؛ لأنه يعود كل عام، وقيل: سمي عيدًا لأنهم قد اعتادوه، وحرف الياء في كلمة العيد أصلها الواو، لكنها قُلبت ياء لكسرة العين، وقد شرع في السنة الثانية من هجرة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.[٨]
آداب يوم العيد
إنَّ ليوم العيد فضلًا كبيرًا وشأنًا عاليًا عند المسلمين لما فيه من إظهارٍ للبهجة والفرح والسرور لهم، ومن أهم الآداب الواردة في النصوص يوم العيد:[٩]
- الغسل يوم العيد: ثبت من فعل الصحابة - رضي الله عنهم -، فعن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- " كانَ يَغتَسِلُ يَومَ الفِطرِ، قَبلَ أنْ يَغدوَ إلى المُصَلَّى"[١٠]، وقال العلامة محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله-: "وأحسن ما يستدلّ به على استحباب الاغتسال للعيدين، ما روى البيهقي من طريق الشافعي عن زاذان، قال: سأل رجل عليَّاً عن الغسل؟ قال: اغتسل كل يوم إن شئت فقال: لا، الغسل الذي هو الغسل؟ قال: يوم الجمعة، ويوم عرفة، ويوم النحر، ويوم الفطر"، وعن سعيد بن المسيب -رحمه الله- أنه قال: "سنة الفطر ثلاث: المشي إلى المصلى، والأكل قبل الخروج، والاغتسال".
- يستحب التزيّن يوم العيد في اللباس: فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "أخذ عمر جبةً من إستبرق تباع في السوق، فأخذها، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ! ابتع هذه، تجمل بها للعيد والوفود. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّما هذه لباس من لا خلاق له"[١١]، قال ابن قدامة -رحمه الله-: "وهذا يدلّ على أنّ التجمّل عندهم في هذه المواضع – يعني العيد، واستقبال الوفود – كان مشهوراً".
- الأكل قبل الخروج إلى المصلى في عيد الفطر خاصةً: لما جاء عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- أنّه قَالَ : "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا"[١٢]، قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في الفتح : "الْحِكْمَةُ فِي الْأَكْلِ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَنْ لَا يَظُنَّ ظَانٌّ لُزُومَ الصَّوْمِ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِيدَ ، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ سَدَّ هَذِهِ الذَّرِيعَةِ".
- الذهاب إلى الصلاة من طريق والعودة من طريق آخر.
- يستحب أن يذهب إلى مصلى العيد ماشيًا لا راكبًا فإن ذهب راكبًا فلا حرج.
المراجع
- ↑ سورة الحج، آية: 37.
- ↑ سورة الحج، آية: 32.
- ↑ "تعريف و معنى التكبير في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، 12-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "ألفاظ التكبير وصفته"، www.dorar.net، 12-4-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة الحج، آية: 28.
- ↑ سورة البقرة، آية: 203.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أم عطية نسيبة بنت كعب، الصفحة أو الرقم: 971 ، حديث صحيح.
- ↑ "تمهيد في تعريف العيد والحكمة من تشريعه في الإسلام"، al-maktaba.org، 12-4-2020. بتصرّف.
- ↑ " آداب صلاة العيد"، al-maktaba.org، 12-4-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن نافع مولى ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 27/278، حديث إسناده صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 948، حديث صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 953 ، حديث صحيح.