لطبيب الاطفال دوراً هاماً اثناء الولادة وبالطبع بعد الولادة.. اكتشفوا ما هي الامور التي عليكم القيام بها لدى طبيب للاطفال الذين ولدوا للتو.
معظم الولادات تسير بشكل سليم وبدون مضاعفات، وقسم قليل منها يمكن أن نسميه الولادة المحفوفة بالمخاطر التي تتطلب وجود طبيب أطفال أثناء الولادة لإنعاش الطفل بعد ولادته مباشرة، فإنعاش الأطفال حديثي الولادة يتطلب طبيب أطفال متمرن ومتمكن من مهنته ومجهز بجميع الأدوات اللازمة للإنعاش.
فعند ولادة الطفل نقوم بفحص جميع أجهزته الحيوية والحياتية وهي التنفس، ضربات القلب، لون الجلد وقوامه، فاللون الأحمر الوردي يُظْهِر أن أنسجة دم الوليد جيدة، وكذلك نفحص عضلاته فحينما يكون قوامها ممتلئاً ومتوتراً نستنتج أن الوليد بوضع جيد.
حرز ابغار "APGAR score"
علمياً يوجد لدينا جدول أو حرز يدعى حرز ابغار "APGAR score" الذي يتضمن كل العلامات الحياتية للطفل (Appearance, Pulse, Grimace, Activity, Respiration - المظهر، النبض، ردة الفعل، النشاط العضلي، التنفس) وكل علامة منها لها رقم يمثلها.
فمثلاً إن كان التنفس سيئاً يكون رقم (0) وإذا كان متوسطاً يصبح (1) وإذا كان جيداً يصبح (2) وبجمع الأرقام لكل العلامات الحياتية نقيّم وضع الطفل الوليد. فعندما يكون المجموع (10) هذا يعني الوضع طبيعي. أما إذا كان أقل من سبعة فهذا يعني أن الطفل يحتاج لبعض الإنعاش.
وأخيراً فإن وجود طبيب الأطفال ضروري وصحي في حالة ولادة طفل خديج أو في الولادات القيصرية.
فحص الطفل الوليد في قسم الوليد:
يتم الفحص الأول خلال الساعات الأولى من حياة الطفل الوليد بواسطة الطبيبة المولدة أو القابلة أو طبيب الأطفال حسب إمكانيات قسم التوليد وحسب وضع الطفل عند الولادة. ويكون هدف الفحص الأول وضع تقويم أولي لحالة الطفل وكشف التشوهات المحتملة عنده، وكذلك تقوم حاجة بعض الأطفال للإنعاش أو القبول في أقسام اختصاصية لحديثي الولادة. أما الفحص الثاني فيتم بعد ثمانية أيام من ولادة الطفل.
الفحص الأول:
تكون المهمة الأولى للطبيب هي هل أتم الطفل فترة الحمل كاملة أم لا ؟ فالطفل الذي يتم فترة حمله يولد بين الأسبوع الثامن والثلاثين والأسبوع الثاني والأربعين. ثم نـزن الطفل الوليد فالوزن الطبيعي يتراوح بين 2600 غ و4000 غ (المتوسط 3500 غ) أما متوسط طوله فيكون 50 سم (الطبيعي من 46 حتى 54 سم).
هناك ملاحظة هامة يجب التنبيه إليها، وهي أن هذه الأرقام يجب ترجمتها وفهمها بما يتناسب مع مدة الحمل، فوزن الخديج الذي ولد بالأسبوع الثاني والثلاثين من الحمل يتراوح بين (1500-1800)غ، وهذا الوزن يعتبر غير طبيعي ومرضي بالنسبة لطفل وليد أتم كامل فترة الحمل.
كل طفل وليد يجب أن يفحص بعناية ودقة بالغة لتقييم وضعه عند الولادة، ولكشف أي اضطراب أو مرض يدفعنا لإجراء فحوص متممة مع بدء العناية والعلاج المناسب.
ويمكننا أن نلاحظ أن وضعية الطفل الوليد الذي أتم فترة حمله هي وضعية الإنعطاف للأطراف الأربعة، ويكون النشاط العضلي مختلف من طفل لآخر وغير متناظر وقد تظهر بعض الإرتعاشات العضلية حين بكاء الطفل، أما جلده فيكون وردي اللون شفاف حيث تظهر في بعض الأحيان بعض الأوعية الدموية الشعرية (الصغيرة) وفي الأيام الأولى قد تكون راحتاه وأخمصا قدميه مصطبغة باللون البنفسجي.
أما زغبه الناعم (شعره الناعم الدقيق) فيتساقط في الأيام الأولى وقد نلاحظ وجود بعض البقع الحمراء الصغيرة (ورم وعائي منبسط سليم) بمؤخرة الرقبة أو عند جذر الأنف أو على الأجفان والتي تختفي غالباً خلال السنتين الأوليتين من عمره.
ومن الأمور السليمة أيضاً أن نجد بعض الإندفاعات الجلدية الصغيرة البيضاء اللون (حبة صغيرة بيضاء) على أنفه أو بعض البقع البنفسجية الزرقاء فوق منطقة المقعد (الإليتين).
ونلاحظ أن رأس الطفل الوليد كبير بالنسبة لجسمه وقد يصل إلى 10% من وزن الطفل بينما يشكل 2%من وزن البالغ بالإضافة إلى أنه غير متجانس ولكن هذا الاختلاف يتناقص مع تقدم عمر الطفل.
وبجس رأس الطفل نلاحظ وجود كتلة لينة هي عبارة عن كدمة رضية تحصل أثناء ولادة الطفل، وقد تكون الكدمة مرئية إذا كانت على الوجه، الأنف والجفن وتختفي هذه الكدمة خلال الأيام الأولى من عمر الطفل، ونجد أيضاً بجس رأس الطفل، فرجة بين عظام رأسه تقع في مقدمة الرأس مباشرة فوق الجبهة نسميها اليافوخ وهي عبارة عن منطقة يكون دماغ الطفل فيها تحت الجلد المشعر للرأس مباشرة ولذلك يجب لمسها بلطف، ونلاحظ أنها تنتفخ عند بكاء الطفل وسعاله بشكل طبيعي، أما إذا كان الانتفاخ مستمراً فيجب مراجعة الطبيب مباشرةً.
أما أجفان الطفل فتكون منتفخة بعد الولادة ولكي نستطيع رؤية عينيه نضعه بوضعية الجلوس بين ذراعينا ونهزه هزاً لطيفاً، وغالباً ما يفتح عينيه عند بدء الرضاعة ويكون لون العينين رمادي أو أزرق عند الولادة ولكنه قابل للتغيير حتى نهاية السنة الأولى من عمر الوليد ونلاحظ أن الحدقتين في البداية لا تتفاعلان مع الضوء (لا تصغر الحدقة بالتعرض للضوء ولا تكبر بالظلمة).
والطفل يرى منذ الولادة ويحني رأسه لتحاشي الضوء من ثماني لعشرة درجات، وقد تكون العينان غير متناظرتين عند الولادة (حول خفيف) ولكن هذا العرض يزول مع تقدم عمر الطفل، وقد نجد بعض النقط الحمراء على ملتحمة العين وهي عبارة عن نـزوف بسيطة تحت الملتحمة ناجمة عن الولادة وتزول تدريجياً خلال عشرة أيام.
والطفل يسمع منذ الولادة أيضاً ويتعرف على صوت أمه منذ البداية ويتوقف عن البكاء عندما تكلمه. وقد نجد أحياناً بعض الإندفاعات البيضاء (الحبوب البيضاء) على حافة لثته أو في قبة الحنك وهي إندفاعات سليمة ولا تثير القلق.
أما بالنسبة لأظافر الطفل فإنها تنمو بسرعة ونقوم بقصها بعد أسبوعين من ولادته ونداوم على قصها دوماً لحماية الطفل من الخدوش التي تحدثها على وجهه.
قد يتعرض الطفل الوليد أثناء الولادة لكسر عظم الترقوة الذي يلتئم تلقائياً خلال أسبوعين من عمر الوليد.
ومن الشائع أيضاً أن يكون ثديا الطفل المذكر أو المؤنث متضخمين عند الولادة بسبب هرمونات الأم، ويختفي هذا التضخم بالتدريج ولا يجوز عصره خشية الالتهاب، وقد نجد أيضاً حلمة أو أكثر إضافية والتي لا تتطلب أي علاج خاص، ونقوم بفحص تنفس الطفل وسرعته وكذلك ضربات القلب وسرعتها ونبحث عن وجود نفخة قلبية لمتابعتها فيما بعد، كذلك نفحص بطن الوليد ونجسه بعناية بالغة على أن نعطي انتباه خاص لمنطقة السرة فوجود فتق سري صغير أمر غير نادر عند الولادة ويختفي بدون علاج قبل مضي ثلاث سنوات من عمر الطفل. أما القسم المتبقي من الحبل السري وهو ما يدعى بالسرة فيجف بالتدريج ويصبح قاسي وأسود اللون ثم ينفصل عن الطفل خلال العشرة أيام الأولى من عمر الوليد ويكفي تطهير السرة ببعض المواد المطهرة اللطيفة وتغطيتها بالشاش المعقم حتى يتم سقوطها، وفي حال حصول نـزف من السرة أو خروج إفرازات صفراء يجب استشارة الطبيب. ويقوم الطبيب أيضاً بالتأكد من أن مريء الطفل غير مسدود عند الولادة حيث أن انسداده يسبب امتناع الوليد عن الرضاعة أو مرور الحليب عبر الجهاز التنفسي مما يؤدي لنوبات سعال شديدة عند الرضاعة.
ويفحص الطبيب الأعضاء التناسلية الخارجية للطفل:
عند الذكر:
حيث تكون القلفة (الجزء الذي نـزيله بالختان) ملتصقة بالحشفة (مقدمة القضيب) وقد تكون إحدى الخصيتين متضخمة وهو عبارة عن انصباب مائي عابر ضمنها (وهو ما نسميه طبياً بالقيلة) وقد لا نجد في البداية إحدى الخصيتين أو كلاهما ضمن كيسهما (كيس الصفن)، وعلينا بالتالي مراقبة هبوطها إلى كيس الصفن فإذا لم يتم هذا الهبوط خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل قد نضطر لإجراء عمل جراحي بعد فشل المعالجة الدوائية.
وعند الأنثى:
يكون الشفران الصغيران متضخمين والبظر منتفخ ومقبب (له جوف)، أما الشفران الكبيران فيكونان أقل تطوراً وحجماً من الحجم الطبيعي ولا يغطيان الفرج بشكل كامل. وقد يحصل بسبب الهرمونات الوالدية نـزف بسيط من الأعضاء التناسلية للطفلة مترافق كما ذكرنا سابقاً مع تضخم الثديين وأحياناً خروج بعض الحليب منهما وهو وضع سليم لا يتطلب أي علاج
ويتأكد الطبيب أيضاً أن فتحة الشرج غير مسدودة عند الطفل الوليد ويطرح الطفل خلال الأربع وعشرين ساعة الأولى التغوط الأول الذي يكون أسود اللون ومخاطي القوام (وهو عبارة عن مفرزات أمعاء الطفل ويسمى العقي) وكذلك يتبول الطفل خلال الأربع وعشرين ساعة الأولى من عمره.
كذلك ينفي الطبيب وجود خلع الورك الولادي الشائع عند الوليد والذي لا يترك أي مضاعفات إذا عولج بشكل مبكر أما علاماته فهو الشعور بعدم توازن واستقرار الوركين عند تحريك الطرفين السفليين للوليد أو الطرف المصاب إذا كان أحادي الجانب، وفي حالة الشك بخلع الورك الولادي قد نجري بعض الصور الشعاعية وخاصة بوجود علامة (النابض) حيث ينخلع الورك عند تقريب الطرف المصاب للخط المتوسط لجسم الوليد ويرتد الخلع بتبعيد الطرف المصاب عن الخط المتوسط إلى خارج جسم الوليد.
المعالجة بسيطة جداً فيجب تحاشي الوضعية الشائعة ببلادنا وهي وضعية الطرفين السفلين المتقاربين (اللفافة) وعلى العكس من ذلك يفضل عليها وضعية الطرفين السفليين المتباعدين بوضع بعض الفوط القماشية السميكة بينهما، لذلك نجد أن خلع الورك الولادي نادر في إفريقيا حيث تحمل الأم وليدها على ظهرها بشكل شبه دائم ويكون طرفيه السفليين بوضعية متباعدة حول جسمها، ونتابع الخلع طبياً وشعاعياً بعد ثلاثة أشهر من عمر الطفل، كذلك نبحث عن تشوهات القدمين المقببتين المنحنيتين للخارج، والتي تعالج بسهولة بالغة ببعض الأجهزة الطبية قبل تقدم عمر الوليد حيث يصعب علاجها فيما بعد، أما القدمين المنحنيتين للداخل فلا تحتاجان لأي علاج خاص.
وبالنهاية نفحص الجهاز العصبي للوليد ومنعكساته الطبيعية ومقوية عضلاته.
الفحص الثاني:
يجرى بعد ثمانية أيام من الفحص الأول حيث نراقب تطور وزن الطفل فوزنه يتناقص بالأيام الثلاثة الأولى ثم يزداد بالتدريج ليدرك وزن الولادة بين اليوم الثامن واليوم الرابع عشر من عمر الطفل.
قد نلاحظ ظهور يرقان عابر غريزي يبدأ باليوم الثاني أو الثالث ويزول بين اليوم الخامس والسابع، وفي حال كون هذا اليرقان شديداً (الصفار) أو استمراره لمدة تتجاوز الحد الطبيعي المذكور بالأعلى، نقوم باستشارة الطبيب فوراً.
وفي هذا الفحص أيضاً نفتش عن أعراض وعلامات مرضية قد تؤدي للتخلف العقلي إذا لم تعالجا بشكل مبكر وهما قصور الدرق وبيلة الفينيل كيتون (phenylketonuria) وفي حالة الشك فيهما نجري الفحوص المخبرية اللازمة ومن الشائع إجراء لقاح السل BCG في هذه الزيارة وهو ليس له أي مخاطر
في نهاية الفحص نعطي بعض النصائح الهامة للأم:
- إتباع طريقة تغذية معتدلة (ريجيم معتدل) للتخلص من زيادة الوزن المكتسبة أثناء الحمل.
- مراقبة وزنها وكذلك مراقبة وزن الطفل.
- مراقبة حرارة الطفل وفي حال ارتفاعها مراجعة الطبيب فوراً بعد البدء بعلاجها عن طريق الكمادات الباردة.
- كذلك مراجعة الطبيب في حال حصول الإسهالات مع قطع الحليب وإعطاء السوائل الطبية الخاصة المعوضة للتجفاف والموجودة بالصيدليات.
- إخراج الهواء المبتلع مع الرضعة بحمل الطفل بوضعية الوقوف وهزه هزات خفيفة للأعلى والأسفل مع التربيت على ظهره.
- عدم وضع الطفل بوضعية الإستلقاء الظهري مباشرةً بعد الرضعة فقد يختنق الطفل إذا تعرض لإقياء بدخول الحليب لجهازه التنفسي، وفي حال نومه يمكن وضعه بوضعية الإستلقاء الجانبي أو على بطنه (الإستلقاء البطني).
- العناية بنظافة الطفل وحمامه (سنذكره في فصله الخامس).
وأخيراً قد تشعر الأم وخاصة بالنسبة للطفل الأول بالإرتباك والحيرة والإكتئاب بعد الولادة مباشرةً (مع الفرحة المرافقة لقدوم المولود الجديد) وهذا يكون بسبب عودة التوازن الهرموني بعد الحمل بالإضافة للخوف من عدم القدرة على تحمل مهام ومسؤولية الطفل الجديد، ولحسن الحظ أنها فترة عابرة ولا تدوم أكثر من عدة أيام.