إنّ الطهارة شرطٌ لصحّة الصلاة، والأصل أنّ يتطهّر الإنسان في غسله ووضوئه بالماء، إلّا أنّ من الأحوال ما تعرض للإنسان فيفقد الماء أو لا يقدر على استعماله؛ لعذرٍ ما، فشرع الله تعالى له التيمّم، والتيمّم هو استعمال الصعيد الطيّب لمسح الوجه واليدين على وجهٍ وشروطٍ مخصوصةٍ،[١] وقد اختلف الفقهاء في المقصود بالصعيد الطيّب؛ هل هو التراب فقط، أم يجوز التيمّم بالحجارة ونحوها، وفيما يأتي بيان حكم التيمّم بالحجر وكيفيّته عند من يقول بجواز التيمّم به من الفقهاء.
هل يجوز التيمّم بالحجر؟
يقوم التيمّم مكان الوضوء والغسل، وقد اختلف العلماء في تحديد ما يُتيمّم به وما المقصود بالصعيد الطيّب في قوله تعالى: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا)،[٢] على أقوالٍ آتيًا بيانها: [٣][٤]
- قول الحنفيّة: ذهب الحنفيّة إلى أنّ الصعيد هو كل شيءٍ من جنس الأرض، فأجازوا التيمم بالتراب والرمل والحصى والحجر حتى لو كان أملسًا.
- قول المالكيّة: ذهب المالكيّة إلى أنّ المقصود بالصعيد هو كل ما يظهر على وجه الأرض من أجزائها، والتراب عندهم أفضل من الحجر والرمل، والتيمّم به أفضل خروجًا من الخلاف.
- قول الشافعيّة: ذهب الشافعيّة إلى أنّ المقصود بالصعيد؛ التراب الطهور والرمل الذي له غبارٌ.
- قول الحنابلة: ذهب الحنابلة إلى أنّ المقصود بالصعيد الطيّب هو التراب الطهور فقط.
طريقة التيمّم بالحجر
يجوز التيمم بالحجر، ويكون التيمّم به وفق الآتي:[٣]
- نيّة استباحة العبادة من صلاةٍ وقراءة قرآنٍ وغيرها من العبادات؛ فنيّة الاستباحة تعني إباحة فعل العبادة، ولا يعني رفع الحدث؛ فالفرق بين الماء والتراب هو أنّ الماء يرفع الحدث سواءً كان حدثًا أصغر أم أكبر، ويزيل النجس، ويزال به المانع من أداء العبادات، أمّا التيمّم فلا يرفع الحدث ولا يزيل النجس، بل هو فقط يبيح أداء العبادة في وقت التيمم.
- الضرب بالكفين على الحجر الطهور؛ أي الطاهر في نفسه والمطِّهر لغيره، الذي لم تمسّه نجاسةٌ، فإذا مسّته نجاسةٌ لم يصحّ التيمّم به، حتّى ولو زال عين النجاسة وأثرها، وأمّا إن كان الحجر صغيرًا؛ فيجوز تقليبه باليدين كما يقلّب الصابون؛ إذ يُعدّ التقليب بدلًا من الضرب باليد عليه، وبعد التقليب يمسح الوجه ثم الكفين.
- مسح جميع الوجه واستيعاب جميع البشرة بعد الضرب بالكفّين على الحجر، ويجوز مسح الوجه بيدٍ واحدةٍ، المهم استيعاب جميع الوجه بالمسح، ويدخل في الوجه اللحية وإن طالت.
- ضرب الكفين مرَّةً أخرى على الحجر، وهذا شرطٌ عند الحنفيّة والشافعيّة؛ إذ التيمّم عندهم ضربتان: ضربةٌ للوجه وضربةٌ لليدين، أمّا المالكيّة والحنابلة؛ فقالوا إنّ التيمّم ضربةٌ واحدةٌ فقط للوجه واليدين.
- مسح اليدين، واختلف فقهاء المذاهب في القدر الواجب للمسح من اليدين في التيمّم؛ فذهب الحنفيّة والشافعيّة إلى أنّ مسحهما إلى المرفقين هو الواجب في المسح كالوضوء، أما المالكيّة والحنابلة؛ فذهبوا إلى أنّ الواجب مسح اليدين إلى الكوعين، أمّا الزيادة إلى المرفقين فسنَّةٌ.[٥]
أقسام التيمم
ينقسم التيمم حسب حكم العبادة التي يُتيمَّم لها إلى قسمين، هما:[٦]
- التيمم المفروض: وهو التيمّم للعبادات المفروضة، مثل الصلوات الخمس، والتيمم للطواف، ومس المصحف -عند من يشترط الوضوء لمسّه-، وغيرها من العبادات المفروضة.
- التيمم المندوب: وهو التيمّم للعبادات غير المفروضة؛ كصلاة النافلة، فهي مندوبةٌ، والتيمم لها أيضًا مندوبٌ، ولذلك فإنّ حكم التيمّم يتبع حكم العبادة المراد أداؤها بعده، والتيمّم شرطٌ لصحة الصلاة كما هو معلوم فلا بدّ منه، ويُندب التيمم أيضاً لقراءة القرآن وغير ذلك من العبادات المندوبة.
المراجع
- ↑ رائد بن حمدان الحازمي، أحكام التيمم دراسة فقهية مقارنة، صفحة 28-29. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية:6
- ^ أ ب عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 144-147. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد، موقع الإيلام سؤال و جواب، صفحة 674. بتصرّف.
- ↑ "الكيفية الصحيحة للتيمم"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 22/2/2022. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعه، صفحة 138. بتصرّف.