طريقة تعزية أهل الميت

كتابة:
طريقة تعزية أهل الميت

عبارات تعزية أهل الميت

عبارات التعزية الواردة في السنة النبوية

تهدف التعزية إلى التخفيف عن صاحب المصاب، وإعانته على الصبر والرضا بما قدّره الله له، واحتساب هذا المصاب عند الله -تعالى-، وتذكيره بما أعده الله له من الأجر، ومن هذه التعزية ما ورد في السنة النبوية الشريفة، ونذكر منها ما يأتي:[١]

  • روى أسامة بن زيد -رضي الله عنه- فقال: (كُنْتُ عِنْدَ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذْ جَاءَهُ رَسولُ إحْدَى بَنَاتِهِ، وعِنْدَهُ سَعْدٌ وأُبَيُّ بنُ كَعْبٍ ومُعَاذٌ، أنَّ ابْنَهَا يَجُودُ بنَفْسِهِ، فَبَعَثَ إلَيْهَا: لِلَّهِ ما أخَذَ ولِلَّهِ ما أعْطَى، كُلٌّ بأَجَلٍ، فَلْتَصْبِرْ ولْتَحْتَسِبْ).[٢]
  • كان هناك رجلٌ يعتاد الحضور مع ابنه الصغير لمجالس النبي في المسجد، وفي الحديث: (ففقدَهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ: مالي لا أرى فلانًا؟ قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، بُنَيُّهُ الَّذي رأيتَهُ هلَكَ، فلقيَهُ النَّبيُّ فسألَهُ عن بُنَيِّهِ، فأخبرَهُ أنَّهُ هلَكَ، فعزَّاهُ علَيهِ، ثمَّ قالَ: يا فلانُ، أيُّما كانَ أحبُّ إليكَ أن تُمتَّعَ بِهِ عمُرَكَ، أو لا تأتي غدًا إلى بابٍ من أبوابِ الجنَّةِ إلَّا وجدتَهُ قَد سبقَكَ إليهِ يفتَحُهُ لَكَ، قالَ: يا نبيَّ اللَّهِ، بل يَسبقُني إلى بابِ الجنَّةِ فيَفتحُها لي لَهوَ أحبُّ إليَّ، قالَ: فذاكَ لَكَ).[٣]
  • عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال لامرأة من الأنصار مات ابنها وليس لها غيره فجزعت: (ما منكنَ امرأةٌ يموتُ لَها ثلاثةٌ إلَّا أدخلَها اللَّهُ عزَّ وجلَّ الجنَّةَ فقالَت أجَلُّهنَ امرأةً: يا رسولَ اللَّهِ وصاحبةُ الاثنينِ قالَ: وصاحبةُ الاثنينِ).[٤]
  • دعا رسول الله لأبي سلمة حين مات، فدخل على أم سلمة وقال: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ في المَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ في عَقِبِهِ في الغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يا رَبَّ العَالَمِينَ، وَافْسَحْ له في قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ له فِيهِ).[٥]
  • قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في تعزية عبد الله بن جعفر حين مات والده: (اللَّهمَّ اخلُف جعفرًا في أهلِهِ وبارِك لعبدِ اللَّهِ في صفقةِ يمينِهِ قالها ثلاثَ مرَّاتٍ).[٦]


عبارات التعزية عند الفقهاء

هناك عدّة عبارات دعاء بها الفقهاء للأهل في التعزية، منها ما يأتي:[٧]

  • عزّى الإمام أحمد أحد أصحابه، فقال: أعظم الله أجركم وأحسن عزاءكم.
  • نقل عن بعض العلماء بتعزيتهم مسلماً بمسلم قولهم له: أعظم الله أجرك، وأحسن عزاك، ورحم الله ميّتك.
  • روى جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه أنّه لمّا توفي رسول الله سمعوا رجلاً يقول: إن في الله عزاءً من كل مصيبة، وخلَفاً من كل هالك، ودركاً من كل ما فات، فبالله فثقوا، وإياه فارجوا، فإنّ المُصاب من حرم الثواب.


عبارات التعزية المشتهرة بين الناس

هناك العديد من عبارات التعزية المشتهرة بين الناس، منها:

  • عظم الله أجركم، وأحسن الله عزاءكم، وغفر لميتكم، وأسكنه فسيح جناته.
  • إنّا لله وإنا إليه راجعون.
  • اللهمّ أبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله.
  • اللهمّ افسح له في قبره مُدّ بصره.
  • رحم الله فقيدكم، وأحسن الله عزاءكم.
  • اللهم ارحم ميّتنا رحمة واسعة.
  • عظّم الله أجركم، وغفر لميّتكم، وربط على قلوبكم، وألهمكم الصبر والسلوان.


وقت تعزية أهل الميت

ينشغل أهل الميت بميتهم قبل الدفن، وبناءً على ذلك فقد قال العديد من العلماء إن التعزية تبدأ بعد الدفن، كما أن الحزن يزداد بعد الدفن لشعورهم بفقدهم ومصابهم، وقال بعض أهل العلم: الصحيح أن التعزية تبدأ بمجرد الموت إلى أن تزول المصيبة عن أهلها، بدليل أنّ النبيّ لما جاءه خبر من إحدى بناته بأنّ ابنها يحتضر؛ أرسل إليها يعزيها به، فدلّ ذلك على جواز التعزية قبل الدفن.[٨]


تعزية أهل الميت مفهومها وحكمها

يُراد بالتعزية ما يكون من ترغيب أهل الميت بالصبر على مُصابهم، واحتساب الأجر عند الله، والدعاء للميت وأهله، وهي من الأمور المسنونة في الإسلام، حيث تتضمن تسلية أهل الميت بذكر الآيات والأحاديث التي تعينهم على الصبر، ويجوز تعزية غير المسلمين تعزيتهم بشرط ألا يكونوا ممن يظهرون العداء للإسلام والمسلمين، والدعاء لهم بالهداية وتأليف قلوبهم للإسلام.[٩]


ولا تقتصر التعزية على القيام بها بمكان محدد؛ وإنما تصح بالبيت، والمسجد، والمصلّى، والسوق، والمقبرة، وغيرها، كما ويجوز تخصيص مكانٍ من قبل أهل الميت من أجل أن يأتي الناس إليهم لتعزيتهم فيه.[٩] ويُسنّ لأقرباء أهل الميت أو جيرانهم أن يقوموا بصنع الطعام لأهل الميت بما يشبعهم، وذلك اقتداءً بفعل رسول الله لمّا علم بموت جعفر -رضي الله عنه- حين قُتل.


فقال النبيّ لأهله: (اصنَعوا لآلِ جَعفرٍ طعامًا فقَدْ أتاهم ما يشغَلُهم أو أمرٌ يشغَلُهم)،[١٠] وكذلك نُقل عن الشافعي -رحمه الله- أنه قال: "وأحبّ لجيران الميت أو ذي القرابة أن يعملوا لأهل الميت في يوم يموت وليلته طعاماً يشبعهم، فإن ذلك سنة، وذكر كريم، وهو من فعل أهل الخير قبلنا وبعدنا"، ونُقل مضمون ذلك عن غيره من العلماء والأئمة؛ كابن قدامة، وابن باز، وغيرهم.[١١]


الملخص: شرع الإسلام التعزية للمسلمين من باب التخفيف عن أهل الميت في مصابهم، وحثّهم على الصبر على ما أصابهم، ولغير المسلمين من أجل تأليف قلوبهم وترغيبهم في الإسلام.


وقد وردت العديد من النصوص التي تُقال في التعزية على لسان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وعلى لسان الفقهاء، وبما تعارف عليه الناس فيما بينهم بما يحقق الغاية التي شُرعت التعزية من أجلها، كما لا يخصّص من أجلها مكاناً أو وقتاً محددين، بل تجوز في أيّ وقتٍ ومكانٍ.

المراجع

  1. سعيد القحطاني، العزاء في ضوء السنة المطهرة، صفحة 6-12. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أسامة بن زيد، الصفحة أو الرقم:6602، صحيح.
  3. رواه الألباني، في النسائي، عن قرة بن إياس المزني، الصفحة أو الرقم:2087، صحيح.
  4. رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:838، حسن.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:920، صحيح.
  6. رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:560، صحيح على شرط مسلم.
  7. مجموعة من المؤلفين (1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 2)، الكويت:دار السلاسل، صفحة 289-290، جزء 12. بتصرّف.
  8. عبد الله الطيار، عبد الله المطلق، محمد الموسى (2012)، الفقه الميسّر (الطبعة 2)، الرياض:مدار الوطن للنشر، صفحة 510، جزء 1. بتصرّف.
  9. ^ أ ب محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة 1)، الأردن:بيت الأفكار الدولية، صفحة 784، جزء 2. بتصرّف.
  10. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:1316، حسن.
  11. سعيد القحطاني، العزاء في ضوء السنة المطهرة، صفحة 15-18. بتصرّف.
5482 مشاهدة
للأعلى للسفل
×