ما بعد الموت
يتصوّر كثيرٌ من النّاس الحياة بعد الموت بأنّها حياة يملؤها الظّلام والوحدة والوحشة، كما ينسج النّاس حول هذه الحياة الكثير من القصص المتخيّلة لمحاولة تفسير ما يحدث فيها، ومن أبرز الأسئلة التي يطرحها النّاس حول هذه الحياة فيما إذا كانت هذه الحياة كحال حياة الإنسان في الدّنيا أم تختلف عنها، والحقيقة أنّ هذه الحياة تختلف بلا شكّ عن الحياة الدّنيا والحياة الآخرة في جوانب كثيرة، ويسمّى هذا العالم بعالم البرزخ، فلماذا سمّي هذا العالم بهذا الاسم؟ وكيف ستكون حياة الإنسان فيه؟
معنى كلمة البرزخ
ذكر الله سبحانه وتعالى كلمة البرزخ في القرآن الكريم في قوله تعالى (حتّى إذا جاء أحدهم الموت قال ربّ ارجعون، لعلّي أعمل صالحًا فيما تركت، كلا إنّها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخٌ إلى يوم يبعثون) وفي الآية الكريمة (مرج البحرين يلتقيان، بينهما برزخٌ لا يبغيان) فكلمة البرزخ كما وردت في الآيات الكريمة تأتي بمعنيين، المعنى الأول وهو المكان الذي يكون بين مكانيين أو الحياة التي تكون بين حياتين وهي الحياة الدّنيا والحياة الآخرة، كما تأتي كلمة البرزخ بمعنى الحائل الذي يحول بين الماء المالح والماء الحلو في البحار والمحيطات، وقد أكّد العلم الحديث ذلك الأمر، فعالم البرزخ هو العالم الذي يدخله الإنسان زمانيًّا ومكانيًّا بعد موته وانتقاله من مرحلة الحياة الدّنيا، وهو عالم يأتي قبل بعثة النّاس يوم القيامة.
ماهيّة حياة البرزخ
أمّا عن كيفيّة حياة الإنسان في عالم البرزخ وماهيّتها فلم يرد الكثير من الآثار عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام في وصف هذه الحياة، وتبقى كثير من جوانبها غيباً، فالمسلم في عقيدته يؤمن بأنّ بعد هذه الحياة الدّنيا وبعد الموت حياة تكون في القبر، حيث تخرج روح الإنسان بعد موته وتحملها الملائكة إلى السّماء ثمّ تعود بها إلى جسده في القبر، وفي القبر يأتي الإنسان ملكان يسألانه ثلاثة أسئلة، وهي: من ربّك؟ وما دينك؟ ومن هو النّبي الذي بُعث فيكم؟ أمّا المسلم فيثبّته الله بالقول الثّابت في هذه الحياة فيجيب عن أسئلة الملكين ثمّ يفتح الله له بابًا إلى الجنّة فيجد ريحها، أمّا الكافر فيأتي إليه الملكان فيسألانه الأسئلة نفسها فلا يستطيع أن يجيب فيقولان له: لا دريت ولا عرفت، ثمّ يضربانه بمرزبة من حديد فيسمع صوته كلّ شيءٍ إلاّ الثّقلين، كما ورد في الحديث الشّريف أنّ الإنسان في القبر يسمع صوت النّاس ويسمع دبيب أقدامهم حينما ينفضّوا عنه عند دفنه، كما ورد في الأثر أنّ البهائم تسمع عذاب من في القبور.