عبادة جبر الخواطر

كتابة:
عبادة جبر الخواطر

عبادة جبر الخواطر

الجبر من اسم الله الجبار، والجبر؛ أي المواساة، وجبر الخاطر؛ أي تطييب قلب المؤمن، ومواساة الغني للضعيف، والقوي للفقير، وجبر الخاطر قد يكون بكلمة بإدخال السرور على قلب أخيك، ومشاركته أحزانه، فجبر الخاطر لا يقتصر على المال، والكلمة الطيبة هي جبر للخاطر، وجبر الخواطر عبادة لها أجر عظيم عند الله عز وجل؛ لأن من جبر خاطر أحدهم سيجبر الله خاطره ولو بعد حين.[١]

والحاجات تتنوع، فهناك من تكون حاجته إلى مال، ومنهم من تكون حاجته إلى عمل، والبعض قد تكون حاجته بدفع الظلم عنه، وهناك من يحتاج إلى الكلمة الطيبة، ودفع المعونة إلى الآخرين دون علمهم من يعطيهم ذلك جبر للخاطر؛ لأن هناك أنفس عفيفة تأبى أن تطلب، وتخجل أن تأخذ، فهذا جبرٌ لهم ومواساة لخواطرهم.[١]

منهج القرآن في جبر الخواطر

عُنيَ القرآن الكريم بمواساة الضعفاء وتسليتهم، وكل هذا بالمعروف، ومن ذلك ما يأتي:[٢]

  • قال تعالى: ﴿فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ)؛[٣]وهنا الجبر بقول أوحينا إليه، حيث فسرها العلماء بأنها مواساة وجبر لخاطر النبي يوسف عليه السلام عندما أجمع إخوته أن يرموه في البئر، فواساه الله عز وجل؛ لأنه تعرض للظلم من إخوته، فكان بحاجة للتسلية ليربط على قلبه ويصبر على أذاهم.
  • قال تعالى: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ)؛[٤]فقد كُسر خاطر المرأة هنا بسبب طلاقها، فأمر الله عز وجل بتسليتها ومواساتها.
  • قال تعالى: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا﴾؛[٥]وفي هذه الآية جبر لخاطر اليتامى والمساكين الذين يحضرون قسمة الميراث بإعطائهم ولو القليل بالمعروف، وهذا منهج القرآن السمح، الذي يراعي الآخرين وخواطرهم ومواساتهم بالمعروف.

فوائد عبادة جبر الخواطر

لهذه العبادة فوائد عديدة وهي:[٦]

  • فائدة جبر الخواطر لا تكون على من له حاجة فقط، وإنما صاحب جبر الخاطر يكون الله عز وجل بجانبه، ويكون معه في حاجته في الدنيا.
  • في الآخرة ينال صاحبها الأجر العظيم، فقد وعده الله عز وجل بأفضل الجزاء.
  • يبقى صاحب جبر الخاطر هانئاً مطمئن البال؛ لأنه يعلم أنه قد نفس كربة عن أخيه، فمن نفس كربة عن أخيه في الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.

وقد أخبرنا رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم أن من لقي أخاه بما يحب لِيُسرَّه في ذلك؛ سرّه الله عز وجل يوم القيامة، وعندها يلقى الله على الوجه الذي يحب، فيتمنى لو يعود فيعمل أكثر وأكثر، فهنيئاً لمن عمل وجعل خبيئته ممتلئة، وما أجمل هذه العبادة التي تكون ولو بكلمة طيبة! لا يُبذل مجهوداً بها لكنها تجبر الخواطر.[٧]

المراجع

  1. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، نظرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 3460. بتصرّف.
  2. مصطفى العدوي، سلسلة التفسير لمصطفى العدوي، صفحة 20. بتصرّف.
  3. سورة يوسف، آية:15
  4. سورة البقرة، آية:241
  5. سورة النساء ، آية:8
  6. مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 3460. بتصرّف.
  7. أحمد الطيار، حياة السلف بين القول والعمل، صفحة 898. بتصرّف.
6873 مشاهدة
للأعلى للسفل
×