محتويات
عدد الآيات المحكمات في القرآن الكريم
القول الراجح من أقوال الأصوليين، والمفسرين، وعلماء القرآن الكريم أنّ الآيات المحكمات أكثر بكثير من الآيات المتشابهات، وأن الآيات المتشابهات قليلة معدودة، ويدل على ذلك قول الله تعالى في كتابه: (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ)،[١] وأم الكتاب أي مرجعه وأغلبه، ويقال أم الرأس أي الجلدة التي تغطي أجزاءه.[٢]
وكذلك لو كان المتشابه في القرآن كثيراً، لكَثُر الالتباس عند الناس ممن يتلون ويتعلمون من القرآن، والداخلون في الإسلام، وعندها لا يطلق على القرآن أنه كتاب هداية، والمتأمل في آيات كتاب الله تعالى يجد في أغلبها الوضوح لا الغموض، وقد نزل القرآن ليمنع الاختلاف بين الناس لا لزيادته، قال تعالى: (هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ)،[٣] وقال تعالى: (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ).[٤][٥]
تعريف الآيات المحكمات في القرآن الكريم
قال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ)،[١] ولمعرف الحكمة من كثرة الآيات المحكمات في القرآن الكريم فلا بدّ من الإشارة إلى مفهومها، وقد فسّر علماء القرآن والتفسير الآيات المحكمات عدّة تفسيرات، ومنها:
- الآيات البينات الواضحات التي لا تحتاج في بيان معناها إلى غيرها من الآيات أو الأحاديث، وما كانت دلالتها واضحة.[٢]
- الآيات التي تحتوي على الناسخ، والحلال والحرام، والحدود، والفرائض، وما يؤمن به المسلم ويعمل به.[٦]
- يقول ابن عباس -رضي الله عنه-: أنها الحروف المقطعة في بدايات السور.[٧]
- عند جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن كل ما تمكّن المفسرون من تفسيره فهو محكم، ما عدا آيات الغيب؛ كوقت نزول عيسى عليه السلام، وظهور الدابة وما شابهها.[٦]
- كل آيات الله ما عدا أسماء الله وصفاته الواردة في كتابه التي لا يقدر أحد على تأويلها، مثل كيفية استواء الله تعالى، وسمعه، وبصره.[٨]
- الآيات واضحات الدلالة والمعنى، ولا يجد القارئ شبهة في ألفاظها أو معانيها تمنع التالي للقرآن من الفهم الخاطئ لمعانيها، ولا تحتمل إلا معنى واضحاً مفهوماً، ولا تحريف لها عن وضعها اللغوي، وبسبب هذه الميزات والسمات لها، فقد تحققت بها حجة الله على عباده.[٩]
- الآيات المحكمات نرجع إليها في فهم الآيات المتشابهات، لأنها أم تلك الآيات المتشابهات وأصلها.[٩]
شبهة الآيات المتشابهات في القرآن الكريم
وجود آيات متشابهات قليلة في القرآن الكريم تُؤكد على بلاغة القرآن الكريم ورفعته وإعجازه، وليس ضعفاً في فصاحته، وبلاغته، ووضوحه كما يدّعي بعض أعداء الإسلام والمثيرين للشبهات حوله، فالمتشابه فصيح بليغ، وقد اتفق العرب في زمان نزول القرآن على فصاحته، وبلاغته، والمحكم منه، والمتشابه.[١٠]
وقد جاء الوليد بن المغيرة إلى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقال: اقرَأْ عليَّ القرآنَ فقرأ عليه: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى)، [النحل: 90] الآيةَ، فقال له: أعِدْ فأعاد، فقال: واللهِ إنَّ له لحلاوةً، وإنَّ عليه لطلاوةً، وإنَّ أسفلَه لمُورِقٌ، وإنَّ أعلاه لمُثمِرٌ وما يقولُ هذا بشَرٌ).[١١]
والقرآن الكريم يدعو أهل العلم إلى التأمّل في آيات الله المتشابهات، وإمعان التفكّر فيها، وتفسيرها بالرجوع إلى الآيات المحكمات، حتى تزول الصعوبة في تفسيرها وبيانها، فيُقدمونها للناس واضحة بيّنة،[١٠] وفي ذلك يقول تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ).[١٢]
المراجع
- ^ أ ب سورة آل عمران، آية:7
- ^ أ ب محمد أبو عاصي، علوم القرآن عند الشاطبي من خلال كتابه الموافقات، صفحة 108. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية:138
- ↑ سورة النحل، آية:44
- ↑ محمد أبو عاصي، علوم القرآن عند الشاطبي من خلال كتابه الموافقات، صفحة 111. بتصرّف.
- ^ أ ب أبو بكر بن العربي، قانون التأويل، صفحة 369. بتصرّف.
- ↑ أبو بكر بن العربي، قانون التأويل، صفحة 370. بتصرّف.
- ↑ أبو بكر بن العربي، قانون التأويل، صفحة 369. بتصرّف.
- ^ أ ب صلاح الخالدي، التفسير والتأويل في القرآن، صفحة 114-115. بتصرّف.
- ^ أ ب صلاح الخالدي، القرآن ونقض مطاعن الرهبان، صفحة 639. بتصرّف.
- ↑ رواه العراقي، في تخريج الإحياء، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:364، سنده صحيح.
- ↑ سورة آل عمران، آية:7