علاج الجن العاشق شرعًا

كتابة:
علاج الجن العاشق شرعًا

الجان في الإسلام

إنَّ حقيقة وجود الجنِّ في الإسلام حقيقة لا يمكن على المرء خدشها أو إحاطتها بإشارات الاستفهام، فعلى الرغم من عدم رؤية الجنِّ بالعين إلَّا أنَّه ينبغي على المسلم التسليم لقول الله تعالى والإيمان بوجود الجنِّ، وهؤلاء الجن يعيشون في عالمهم الخاص، ويُحاسبون كما شاء الله تعالى، فهم كالإنس تمامًا عبادُ لله تعالى، قال تعالى في سورة الذاريات: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}،[١]فالجن أرواح مكلَّفة عاقلة، لهم حياتهم وعالمهم ومعاملاتهم الخاصة التي لا يمكن للإنسان أن يراها، وهم خطرون على البشر أحيانًا وبعيدون أحيانًا أخرى، وفي هذا المقال سيتم التحدُّث عن علاج الجن العاشق شرعًا.

حياة الجن ومساكنهم

الجن -كما وردَ سابقًا- هم أرواح خلقها الله تعالى من مارج من نار، وقد اتَّفق أهل العلم على تكليف الجن بالعبادة كتكليف الإنس تمامًا، واستندوا في حكمهم هذا على قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}،[١]وقد جاء عن ابن تيمية أنَّه قال عن الجنِّ: "فهم مأمورونَ بالأصولِ والفُروع بحسبهم، فإنَّهم ليسوا مماثلين الإنس في الحدِّ والحقيقة، فلا يكون ما أمروا به ونهوا عنه مساويًا لما على الإنس في الحدِّ، لكنَّهم مشاركون الإنس في جنس التكليف، بالأمر والنهي، والتَّحليل والتَّحريم، وهذا ما لم أعلم فيه نزاعًا بين المسلمين"، والجن محاسبون أمام الله تعالى كالإنس، وهم يعيشون في عالمهم الخاص الذي لا يمكن للإنسان أن يراه، فهو يأكلون ويشربون ويتزوجون ويتناكحون، ويشير أهل العلم إلى أنَّ أغلب مساكن الجنِّ تكون في الأماكن الخربة المهجورة، وفي أماكن وجود النجاسة كالحمامات والمزابل وغيرها، روى زيد بن الأرقم -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "إنَّ هذه الحُشوشَ مُحتضَرةٌ؛ فإذا دخَلها أحدُكم فلْيقُلِ: اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بك مِن الخُبُثِ والخبائثِ"،[٢]والله تعالى أعلم.[٣]

الجن العاشق

قبل الحديث عن علاج الجن العاشق شرعًا، جدير بالذكر إنَّ الجن العاشق هو نوع من أنواع الجن، ويمكن استخلاص تعريفه من اسمه، فالعاشق أي أنَّه جنُّ يتعلَّق بالإنسان تعلُّق العاشق، لذلك فإنَّ من البَدَهي أن يتعلَّق الجنِّي الذكر بالمرأة الأنثى من الإنس، وتتعلَّق الجنيَّة الأنثى بالرجل الذكر من الإنس، وقد يتعرَّض الإنسان رجلًا كان أو امرأة لمسِّ الجنِّ العاشق أثناء الاستحمام حيث يُعجب الجنِّي العاشق بجسد الإنسيِّ فيدخلهُ، ودخوله يترافق مع هجران الإنسان لسنة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فالتزام الإنسان بالأذكار والأوراد والأدعية الشرعية يقيْهِ من شرِّ مسِّ الجنِّ العاشق، ويكثر وجود الجنِّ في المناطق النجسة كدورات المياه، وفي الخرائب والأماكن المهجورة، ومسُّه للإنسان خطر جدًا، وإذا حدث فإنَّه يحتاج إلى العلاج الشرعي المناسب، وهذا ما سيتم التطرُّق إليه فيما يأتي، والله تعالى أعلم.[٤]

علاج الجن العاشق شرعًا

يتساءلُ كثير من الناس عن علاج الجن العاشق شرعًا، وهذا الأمر لا خلاف فيه بين أهل العلم، حيث اتفق العلماء على أنَّ علاج الجن العاشق شرعًا يكون بالرقية الشرعية المتَّفق عليها بين أهل العلم، فالرقية الشرعية لا تصحُّ إلَّا بالآيات القرآنية وبما صحَّ عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- من أدعية ذُكرت في الأحاديث الصحيحة، وفيما يأتي أبرز ما وردَ عن أهل العلم من طُرق علاج الجن العاشق شرعًا:[٥]

  • قراءة آية الكرسي: علَّق الإمام البخاري حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي قال فيه: "وَكَّلَنِي رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بحِفْظِ زَكاةِ رَمَضانَ، فأتانِي آتٍ، فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعامِ فأخَذْتُهُ، فَقُلتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إلى رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فَقَصَّ الحَدِيثَ، فقالَ: إذا أوَيْتَ إلى فِراشِكَ فاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزالَ معكَ مِنَ اللَّهِ حافِظٌ، ولا يَقْرَبُكَ شيطانٌ حتَّى تُصْبِحَ، وقالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: صَدَقَكَ وهو كَذُوبٌ، ذاكَ شيطانٌ".[٦]
  • قراءة أواخر سورة البقرة: روى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "الآيَتانِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، مَن قَرَأَهُما في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ".[٧]
  • الالتزام بطاعة الله تعالى: قال الشيخ عبد الله الجبرين: "طريقُ التَّحصُّن من شرِّها: التحفظ والدعاء والذِّكر واستعمال الأوراد المأثورة والمحافظة على الأعمال الصالحة والبعد عن المحرمات، والله أعلم".
  • الدعاء بما وردَ عن رسول الله من دعاء صحيح: روى عثمان بن عفان -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: "ما من عبدٍ يقولُ في صباحِ كلِّ يومٍ ومساءَ كلِّ ليلةٍ: بسمِ اللهِ الذي لا يَضُرُّ مع اسمه شيءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ، وهو السميعُ العليمُ، ثلاثَ مراتٍ، فيضرُّه شيءٌ، وكان أبان قد أصابه طرفُ فالجٍ، فجعل الرجلُ ينظرُ إليه، فقال أبانُ: ما تنظرُ؟ أما أنَّ الحديثَ كما حدَّثتُك، ولكنِّي لم أَقُلْه يومئذٍ ليُمضِيَ اللهُ قدرَه".[٨]

الجن في السنة النبوية

بعد ما جاء من حديث عن علاج الجن العاشق شرعًا، جدير بالذكر إنَّ السُّنَّة النَّبويَّة المباركة تناولتْ الحديث عن الجان في غير موضع واحد، فالسنة النبوية تؤيد وتفصل فيما جاء به القرآن الكريم، ولمَّا وردَ ما وردَ عن الجانّ في القرآن الكريم، كان لا بدَّ أن يرد في السنة النبوية عدد لا بأس به من الأحاديث الشريفة التي تتحدَّث عن الجن في الإسلام، ومن هذه الأحاديث:[٩]

  • عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: " كُنَّا مع رَسولِ اللهِ ذاتَ لَيْلَةٍ فَفقَدْناهُ فالْتَمَسْناهُ في الأوْدِيَةِ والشِّعابِ، فَقُلْنا: اسْتُطِيرَ أوِ اغْتِيلَ، قالَ: فَبِتْنا بشَرِّ لَيْلَةٍ باتَ بها قَوْمٌ، فَلَمَّا أصْبَحْنا إذا هو جاءٍ مِن قِبَلَ حِراءٍ، قالَ: فَقُلْنا يا رَسولَ اللهِ، فقَدْناكَ فَطَلَبْناكَ فَلَمْ نَجِدْكَ فَبِتْنا بشَرِّ لَيْلَةٍ باتَ بها قَوْمٌ.، فقالَ: أتانِي داعِي الجِنِّ فَذَهَبْتُ معهُ فَقَرَأْتُ عليهمُ القُرْآنَ".[١٠]
  • وعن أبي ثعلبة الخشني -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: "الجِنُّ ثلاثةُ أصنافٍ؛ فصنفٌ لهم أجنحةٌ يطيرون بها في الهواءِ، وصِنفٌ حيَّاتٌ وكلابٌ، و صِنفٌ يحِلُّون ويظْعَنون".[١١]
  • وعن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "خُلِقَتِ المَلائِكَةُ مِن نُورٍ، وخُلِقَ الجانُّ مِن مارِجٍ مِن نارٍ، وخُلِقَ آدَمُ ممَّا وُصِفَ لَكُمْ".[١٢]

المراجع

  1. ^ أ ب سورة الذاريات، آية: 56.
  2. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن زيد بن أرقم، الصفحة أو الرقم: 1408، أخرجه في صحيحه.
  3. "حياة الجن ومساكنهم"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 29-06-2019. بتصرّف.
  4. "كيف أتخلص من مس الجني العاشق؟"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-06-2019. بتصرّف.
  5. "هل ثمة ما يسمَّى "مس العشق" أو "سحر العشق" وما هي أعراضه وكيف علاجه؟"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 30-06-2019. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5010، معلق.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 4008، صحيح.
  8. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 655، صحيح.
  9. "جن"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-06-2019. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 450، صحيح.
  11. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي ثعلبة الخشني، الصفحة أو الرقم: 3114، صحيح.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2996، صحيح.
4845 مشاهدة
للأعلى للسفل
×