ما هي العزلة الاجتماعية

كتابة:
ما هي العزلة الاجتماعية

العزلة الاجتماعية عند الأطفال

إنّ انخراط الأطفال في المجتمع وتفاعلهم معه يعدّ من السلوكيات الحيوية أثناء نموّهم، لكننا قد نجد العديد من الأطفال غير قادرين على المشاركات الاجتماعية الضرورية لتسليتهم ولنموهم وصحتهم العقلية؛ حيث أثبتت الأبحاث أنّ الأطفال المعزولين اجتماعيًّا يحصّلون درجات دراسيةٍ أقلّ وقد ينمون لمرحلة البلوغ مهمشين اجتماعيًا وأكثر عرضة للاضطرابات النفسية.[١]

فالطفل المعزول اجتماعيًّا يصل لمرحلة البلوغ غير قادرًا على التفاعل مع الآخرين كما يجب، وقد يشعر بالتوتر إزاء تعرضه لأي موقف اجتماعي بسيط يعتبره المعزول موقفًا ضاغطًا، وهذه المستويات العالية من الضغط والتوتر تؤثر على صحة الطفل المعزول في سنوات حياته اللاحقة.[١]

لذلك فإنّ هذه الفئة تحتاج إلى الدعم الاجتماعي والمساعدة لحمايتها من آثار العزلة، حيث إنّ الدعم الاجتماعيّ يرتبط بشكل وثيق بالإتقان والقدرة على الإنجاز والتعامل مع المواقف العصيبة، لتفادي إصابة الطفل المعزول اجتماعيًا بالأمراض وضعف الإدراك والشعور بالوحدة.[١]


العزلة الاجتماعية عند المراهقين

بالنسبة للمراهق المعزول اجتماعيًا والبعيد عن علاقات الأصدقاء والعائلة قد تؤدي هذه الفترة إلى شعوره بالوحدة، مع النظر أنّ الوحدة هو أمر شائع بين المراهقين حتى دون ظروف استثنائية، لكن تأثيرات العزلة والوحدة المزمنة في هذه السنّ تحديدًا تُسبّب زيادة هرمون التوتر، ممّا قد يؤدّي لزيادة الاستجابات الإجهادية كالقتال والهروب.[٢]

تؤثر العزلة الاجتماعية في هذه المرحلة أيضًا على زيادة مستوى القلق والاكتئاب وصعوبات في النّوم، ورفض الاعتناء بالذات مثل: الاستحمام والتغذية، وقد تصل إلى أبعد من هذا في ظرف العزلة المزمنة إلى تعاطي الكحول أو المخدرات والتفكير الانتحاريّ؛ حيث تُشير الأبحاث إلى أنّ الوحدة والعزلة أسوأ على الصحة العقلية والجسدية من السّمنة والتدخين وارتفاع ضغط الدم.[٢]

يعمل المراهقون بالعادة على محاولة الاستقلالية والتفرد الذاتي، فقد يشعر المراهقون بالإحباط أو الغضب عندما يعتقدون أنّ استقلاليتهم تمّ المساس بها أو أنّهم غير قادرين على اتخاذ قرارات بأنفسهم؛ لذلك فقد يجدون من العزلة طريقة لتحقيق ذواتهم من خلالها

وهنا يكمن دور الأبوين في عدم قمع ابنه المراهق، بل دعمه وتوجيهه وإيصاله إلى قناعة بأنّه محطٌّ للثقة، وأنّ أيّة محاولة لتتبع حريته ليست عقابًا بل تدبيرًا للسلامة لأجل حمايته.[٢]


العزلة الاجتماعية عند كبار السن

كبار السن هم الفئة الأكثر تعرّضاً للعزلة الاجتماعية لأسباب كثيرة؛ منها الضعف أو مغادرة العمل بالتقاعد، وعدم كونهم محورًا للعائلة، أو بسبب موت الزوج أو الأصدقاء أو الإعاقة والمرض، قد نجد كبار السن أقلّ الناس طلبًا للمساعدة في حالات الوحدة والعزلة بسبب شعوره بأنّه عار أن يطلبها، لكنّ هذا ينعكس سلبًا على صحتهم النفسية والجسدية.[٣]

لذا يعد كبار السن أكثر الناس عُرضة للعزلة وهم بحاجة إلى التفاعلات الاجتماعية، وهذا ما يدخلهم في الاكتئاب بالدرجة الأولى ويعمل على تدهور حالتهم الصحية والنفسية التي قد تقودهم إلى الاكتئاب أو الانتحار.[٤]

لذا فقد وجب على المؤسسات الاجتماعية العمل على إعداد برامج إرشاد نفسي ودمج اجتماعيّ تحرص على إشراك كبير السّن في المجتمع وفعالياته، ومحاولة إحاطته بأجواء إيجابية، وتعزيز فكرة الإنتاج والانتماء لديه خاصة إذا كان كبير السّن متقاعدًا فإنّه يشعر بأنّ ليس له هدف أو إنجاز يعمل عليه بقية حياته.[٤]


أعراض العزلة الاجتماعية

هناك مجموعة من الأعراض التي قد تظهر على الفرد فتكشف لنا أنّه معزول اجتماعيًّا ويُعاني من الوحدة أو الانطواء ومنها:[٥]

  • الملل الشّديد وعدم الاهتمام بالأحاديث المشتركة داخل التجمعات.
  • الرغبة في الانسحاب دائمًا من أيّ مشاركة أو تفاعل اجتماعي.
  • فقدان الاهتمام بالعناية الشخصية، مثل إهمال النظافة الشخصية.
  • الفوضى والاكتناز داخل المنزل أو غرفة الشخص المعزول اجتماعيًا ناشئة عن عدم اكتراثه بالترتيب أو الأِشياء المحيطة.
  • الصمت وعدم الرغبة في خوض النقاشات أو المشاركة فيها.
  • قد يُلحظ على الفرد المعزول اجتماعيًا تغيرات في السلوك كإدمان الكحول أو تعاطي المخدرات أو الإفراط في التدخين.
  • الشعور بالتوتر والقلق من التجمعات الاجتماعية وعند المخالطة المباشرة للآخرين.
  • البقاء وحيدًا معظم الوقت وعدم الرغبة في مخالطة البشر.
  • فقدان الشهية وانعدام الرغبة في تناول الطعام.


مقياس العزلة الاجتماعية

لقد تعدّدت مقاييس العزلة الاجتماعية وفقًا للفئة والهدف الذي صُنع المقياس له، فهناك مقاييس للعزلة تقيس الوحدة النفسيّة لدى المراهقين، وأخرى لقياس المشاركة الاجتماعية لدى طلاب المدارس، ومقياس الاغتراب والوحدة النفسية، يُحدّد مقياس العزلة الاجتماعية بالعادة كما يأتي:[٦]

  • معدل انخفاض المشاركة الاجتماعية لدى الأفراد.
  • تقييم عزلة الفرد وقياس أثرها السلبي على سلوكه الاجتماعي أو صحته النفسية.
  • تقييم مدى قابلية الفرد للتعرض للعزلة الاجتماعية.

لقياس العزلة الاجتماعية يتم بداية تحديد هدف المقياس وما المرجو من نتيجته، ثم تحديد العيّنة التي سيتم عمل القياس عليها، فقد تكون الدراسة مهتمة في قياس أثر العزلة الاجتماعية على الفروقات الجنسية فيتم تعيين عينة القياس رجلًا كانت أم امرأة، ثم التطرق لأهمية هذه الدراسة، وكيف من الممكن الاستفادة من نتائج هذا المقياس.[٦]

ثم يتم طرح تصميم هذا المقياس كأن يعرض على شكل أسئلة يُجاوبها الشخص الذي يمثّل عينة القياس مباشرة بنعم أو لا، أو أن يختار درجة الموافقة والاعتراض ويتم بالنهاية حساب النتائج وتحليلها للخروج بالنتيجة المرادة.[٦]


الآثار السلبية للعزلة الاجتماعية

تعدّ العزلة الاجتماعية ظاهرة مضرّة تُصيب الإنسان وتعطله عن حياته الطبيعية والحيوية، فهي انعزال الفرد عن الآخرين وأحاديثهم وانجازاتهم بالتالي قد تصل بالفرد المعزول إلى عدم الشعور بالرغبة إلى أيّ انجاز يمكن أن يُحققه وتنمو بداخله رغبة البقاء وحيدًا بعيدًا عن الانتاج العملي والترفيه الشخصيّ، ومن الآثار السلبية للعزلة ما يأتي:[٧]

  • الإصابة بالاكتئاب وصعوبات النّوم.
  • ضعف وظائف القلب والأوعية الدموية.
  •  ضعف المناعة بسبب التأثير على خلايا الدم البيضاء التي تلعب دورًا رئيسيًّا في استجابة الجهاز المناعي للعدوى.
  • التدهور المعرفيّ المتسارع.
  • زيادة خطر الإصابة بالجلطات الدماغية وأمراض القلب التاجية.
  • ارتفاع مستوى التوتر والقلق.
  • زيادة خطر الإصابة بالخرف بنسبة 40%.


علاج العزلة الاجتماعية

إنّ للعزلة الاجتماعية أسبابًا عديدة؛ لذا فليست مهمة سهلة الإتيان بحلّ ولا يمكن اتباع أسلوب موحّد لعلاج هذه المشكلة لدى مختلف الأفراد؛ لذا يتم بالعادة طرح العديد من الحلول المختلفة التي تحاول تغطية جميع أسباب هذه المشكلة ومنها:[٧]

  • تقديم المساعدة والدعم عن طريق المدارس

وذلك من خلال توفير بيئات يحتاجها الأطفال تدفعهم إلى المشاركة الاجتماعية والتفاعل مع الأقران.

  • التدخل السريع من قبل أفراد الأسرة الواحدة لمساعدة المعزولين

وذلك من خلال دفعهم إلى تصحيح ومعالجة أفكارهم السلبية الكامنة وراء عزلتهم، فهذا الأسلوب ينجح عادة أكثر من تعليمهم بعض المهارات الاجتماعية أو دفعه إلى التفاعل.

  • إشراك كبار السن في الفعاليات الاجتماعية
يُمكن أن يساعدهم في تحسين صحتهم، ولا بدّ من المراكز الاجتماعية من مساعدة المتقاعدين في الحفاظ على إحساسهم بالإنتاج والانتماء من خلال المحافظة على تواصلهم مع المجتمعات التي تهمهم. 
  • العيش في وسط العائلة

لابد من جمع الأجيال كبير السن والطفل معًا في منزل واحد، وهنا تكمن قيمة الأحياء السكنية الكبيرة تُحسّن الروابط الاجتماعية وتُقلّل من العزلة والوحدة.

  • مواجهة النفس
لابد على كل فرد مواجهة ذاته لاسيما بالمراحل العمرية المتقدمة، لأنّ إحداث التغيير يبدأ من الداخل فلابد للفرد المعزول من الاعتراف بوجود مشكلة عنده ليتهيأ بعدها للعلاج. 


كتب عن العزلة الاجتماعية

من الكتب التي تطرقت لموضوع العزلة الاجتماعيّة ما يأتي:

  • مقياس العزلة الاجتماعية

للدكتور عادل عبد الله محمد، يقدّم هذا الكتاب أداة قياس العزلة الاجتماعية لدى الأطفال ومعايير هذا القياس وكيفية استخدامه مع الأطفال الأصحاء والفئات الخاصة من الأطفال المصابين بالتوحد والذين يعانون من التخلّف العقلي.[٧]

  • العزلة (العودة إلى الذات)

لأنتوني ستور، يُسلّط هذا الكتاب الضوء على أهمية الاستقلال واكتشاف الذات والنظر بعين فاحصة للعلاقة التي نقيمها مع أنفسنا ومع الآخرين، وكذلك يتضمن تعريفًا للوحدة؛ وذلك من خلال طرح نماذج لعظماء عاشوا فترات طويلة من حياتهم بالعزلة.[٨]

  • كيف يمكن للتجمعات الصحية تغيير العالم

لجيليان ريتشاردسون، يتضمّن هذا الكتاب تصوّرًا عن تجربة العزلة في مدينة كبيرة، فيغوص في جذور الوحدة داعيًا للتغلب عليها من خلال طرح سبع خطوات لإيجاد أفرادٍ ومجتمع من خلال تغيير طريقة تفكيرنا بالمجتمع ونظرتنا له.[٧]

  • توقف عن الشعور بالوحدة: ثلاث خطوات لتطوير صداقات وثيقة وعلاقات عميقة

لكاري أساتريان، تُحاول مؤلفة الكتاب وهي مدربّة علاقات اجتماعية مساعدتنا في تنمية التقارب في جميع مجالات حياتنا مع العائلة والأصدقاء وشركاء العمل وشركاء الحياة، وتُقدّم في هذا الكتاب بعض التقنيات البسيطة والفعّالة، والأدوات اللازمة لتكوين علاقات أقوى وقهر الوحدة في المواقف الاجتماعية المختلفة.[٧]

المراجع

  1. ^ أ ب ت noisolation editor, "How does social isolation affect a child’s mental health and development?", noisolation, Retrieved 5/10/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت "The Effects of Social Isolation on Mental Health", new port academy., Retrieved 5/10/2021. Edited.
  3. "Loneliness in older people", nhs, Retrieved 5/10/2021. Edited.
  4. ^ أ ب Amy Novotney, "The risks of social isolation", apa, Retrieved 5/10/2021. Edited.
  5. "Recognizing the Signs of Isolation", where you live matters, Retrieved 5/10/2021. Edited.
  6. ^ أ ب ت نانسي كمال (12-2012)، "مقياس العزلة الاجتماعية"، دار المنظومة، العدد 33، المجلد 33، صفحة 508-510. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت ث ج عادل محمد، مقياس العزلة الاجتماعية، صفحة 1-5. بتصرّف.
  8. "The 10 Best Books About Loneliness of 2021", very well mind, Retrieved 5/10/2021. Edited.
5612 مشاهدة
للأعلى للسفل
×