نشأة مفهوم التخاطر
إن مفهوم التخاطر يرجع إلى القرن التاسع عشر، في الوقت الذي لم يكن للعلماء اهتمام بعلوم المخ، وبعد التقدمات في مجال العلوم الفيزيائية مهدوا لظهور مفهوم التخاطر، فاعتبروا مفهوم التخاطر قريب جدًا من الأمراض النفسية كمرض الفصام الذي يتخيل المصاب فيه أنه لا يملك السيطرة على أفكاره، فيعتقدون أن هناك بعض الأفكار في مخهم لا تنتمي إليهم بل هناك من أدخلها، ويوجد القسم الثاني ممن يعاني من هذا المرض الذي يعتقد أن هناك بعض الأفكار التي تنتزع منه، هذه الظواهر قادت العلماء للبحث بعلم التخاطر، ومع ظهور هذا العلم الحديث كان للإسلام والفقهاء رأيٌ فيه، فهناك الكثير ممن تحدث عن علم التخاطر والمعتقدات الإسلامية.[١]
علم التخاطر عبر التاريخ
في فترة الاتحاد السوفيتي سخرت الدولة الشيوعية الكثير من الموارد البشرية والمالية من أجل دراسة القوى اللاطبيعية ولكن من دون فائدة، وقد ذكر ابن خلدون في هذا الباب في مقدمته بعض الكرامات التي يجريها الله -سبحانه تعالى- على أيدي عباده الصالحين، فالإنسان الذي يعيش على كوكب الأرض كان يملك الكثير من القدرات الخفية التي طورها ليستطيع العيش على هذه الأرض، ومع ظهور الحضارة اختفت هذه القدرات ولكن بقيت مدفونة، وبقي بعض منها عند البدو كتقصي الأثر في الصحراء.[٢]
وتظهر هذه القدرات الخفية اللاحسية جليةً حينما يتعرض الإنسان للخطر أو بالرياضة النفسية، ومنها التخاطر والذي يضم أنواعًا عديدة كالتخاطر المتأخر وهو التخاطر الذي تتأخر فيه الأفكار بين الاستقبال والإرسال، وتخاطر العواطف وهو انتقال العواطف بين شخص وأخر، وتخاطر الوعي اللاطبيعي، وهذا يتطلب علم اللاوعي ليستطيع الإنسان التوصل لمرحلة الحكمة والتفكير الحكيم، والتخاطر التنبؤي الذي تنتقل فيه الأفكار بين شخص وأخر في أي فترة من الزمن ماضية أو حاضرة.[٢]
وبالرغم من أن علم التخاطر يُدرس الآن في بعض الجامعات الصينية، إلا أنه وُجِد عدة نظرات لهذا العلم فمن جهة دينية ظهرت الكثير من الفتاوى مثل علم التخاطر والمعتقدات الإسلامية، أو نظرة الإسلام لعلم التخاطر والاتصالات الذهنية، وهناك بعض النقاد الذين يرفضون وجود ما يسمى علم التخاطر، وذلك لأن هذا العلم لا يملك نتائج صحيحة ومكررة في الأبحاث العلمية.[٢]
علم التخاطر والمعتقدات الإسلامية
كثير من الناس ما قالوا بوجود علم التخاطر واستندوا في هذا على حادثة عمر بن الخطاب حين نبه سارية على الجبل ليحتمي به، ويستندون إلى الآية القرآنية: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}[٣] ولكن كان للشيوخ والفقهاء رأيٌ مختلف في علم التخاطر وكانوا يسمونه الكشف.[٤]
أما عن طريق رحماني وهو الذي يكون بطريق الوحي والشرع، ومنه ما يكون بطريق شيطاني وهو الإخبار عن طريق الجن. وقد قال ابن القيم بأن هناك الكشف الجزئي وهو يقصد به علم التخاطر في الزمن الحالي، فالكشف الجزئي هذا من النفس أحيانًا ويشترك به الجميع كأن يكشف الشخص ما بيد الأخر أو ما في بيته، والكشف الشيطاني كما كان يفعله مسيلمة الكذاب الذي يخبره به شيطانه عن أحوال البشر ليغويهم، والحارث المتنبي الدمشقي الذي خرج في دولة عبد الملك بن مروان، أما الكشف الرحماني فهو الكشف الذي حدث مع أبي بكر الصديق حين قال للسيدة عائشة أن امرأته حامل بأنثى، ومنه ما حدث مع عمر بن الخطاب في حادثة سارية والجبل.[٥]
وحادثة سارية والجلب تدور أحداثها عندما أرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه جيش إلى الشام بقيادة سارية، وفجأة صرخ عمر وهو على المنبر في المدينة يا سارية الجبل يا سارية الجبل، وبعد عودة سارية والجيش الإسلامي ذكر لعمر أنهم وقعوا في مشكلة مع جيش العدو فسمع صوته وهو يرشده إلى جبل ليحتمي فيه، فكان ذاك الجبل هو الذي نجاهم بعد الله من الهزيمة، وهو معروف تفسيره فقد ورد في حديث رسول الله" إنَّه قدْ كانَ فِيما مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، وإنَّه إنْ كانَ في أُمَّتي هذِه منهمْ فإنَّه عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ"[٦] فعمر بن الخطاب بلفظة محدث أي أنه يجري الصواب على لسانه بلا قصد، فهو من نوع المكاشفة من الملأ الأعلى كما حدث معه في حادثة سارية هذا بعضًا من أراء العلماء في علم التخاطر والمعتقدات الإسلامية في ذاك العلم والله أعلم.[٤]
المراجع
- ↑ "تخاطر"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-08-01. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "تخاطر"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2019-08-01. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 85.
- ^ أ ب "حكم التخاطر الذهني والتخاطب عن طريق الأرواح"، .www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-08-01. بتصرّف.
- ↑ "المكاشفات ثلاثة أنواع"، www.ahlalhdeeth.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-08-01. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 3469، صحيح.