علم العروض في الشعر

كتابة:
علم العروض في الشعر

مفهوم علم العروض في الشعر

يُردّ أصل مصطلح علم العروض في الشعر إلى معناها اللغويّ فكلمة عَروض مفردُها عُرْض، ويقصد بها لغةً وسط البحر[١]، أي النقطة التي يبلغ بها عمق البحر ذروته، ولعل الخليل بن أحمد الفراهيدي، قد أراد باختيار لفظ العروض كاسم يطلق على علم موسيقى الشعر، تلك الموسيقى الكامنة في كلمات القصيدة وتوحد بين أبياتها، فهي عميقة، كما يكون العمق في عُرض البحر، ولذلك أطلق على كل إيقاع شعري يندرج تحت علم العروض: بحر شعري، ويعرف علم العروض في الشعر العربي بأنه العلم الذي يعنى بدراسة ما استقصاه العرب من إيقاعات موسيقية من خلال الشعر العربي الذي بلغهم حتى القرن الثاني الهجري.

مؤسس علم العروض

يُنسب علم العروض في الشعر العربي إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي، ويذكر أنّه قد اهتدى لفكرة تقسيم الشعر في بحور وفقًا لاختلاف الإيقاع الشعري عندما كان يمرّ بسوق الصفارين، إذ بدت أصوات مطارقهم ذات وحدة متناغمة تشبه ذلك التناغم الذي تنطوي تحته أبيات القصيدة الواحدة، وقد كان في بيتِِه يَلي برأسه في البئر فيصدر أصواتًا ونغماتٍ مختلفة ليتمكن من تحديد نغمة خاصة بكل قصيدة، ثم عكف على دراسة أشعار العرب وقصائدهم وقام بترتيب هذه الأشعار والقصائد وفقًا للوحدة الموسيقية التي تجمعها حتى تمكن من إيجاد خمسة عشر وزنًا موسيقيًا من أوزان علم العروض في الشعر العربي، وهي: الكامل والوافر والبسيط والهزج والرجز والمضارع والمقتضب والرمل والسريع والمنسرح والخفيف والمتقارب والمديد والطويل والمجتث[٢]، وقد نهض تلميذه الأخفش بعلمه من بعده فسار على نهجه وتابع أبحاثه في علم العروض في الشعر العربي حتى استدرك على بحور أستاذه بحرًا آخر وهو البحر المتدارك أو المحدث ليستوفي بذلك علم العروض على ستة عشر بحرًا.

علم العروض في الشعر

يعرف علم العروض في الشعر بأنه العلم الذي يستقصي الإيقاعات الموسيقية القائمة على توالي الحركات والسكنات في أبيات القصيدة، وعلم العروض علم مستقصى أي ان الخليل بن أحمد الفراهيدي قد استكشفه واستقصاه من خلال دراسته للشعر العربي في العصر الجاهلي والإسلامي، ولم يكن الشعراء في ذلك الوقت يدركون ماهية هذا العلم وطبيعته وإنما كان الوزن والإيقاع الموسيقي يندرج تلقائيًا في الوقت الذي يلقي فيه الشاعر بقصيدته، فالشعر موهبة تتطلب حسًا موسيقيًا فطريًا، ومعرفة بمفردات اللغة وأصولها وتراكيبها وصورها، ولعل الغاية الأساسية من استقصاء هذا العلم واستكشافه تؤول إلى بيان الكلام الموزون وزنًا صحيحًا وتمييزه عن الكلام المضطرب الذي يؤدي إلى إحداث نشاز في الإيقاع وغياب في سلامة الموسيقى الشعرية.[٣]

وقد ساعد هذا العلم كثيرًا محققي الكتب القديمة والمخطوطات والدارسين لقضايا الشعر الجاهلي والإسلامي وقضايا السرقات الأدبية والانتحال فيه، إذ يعمد الدارس إلى أبيات الشعر وتحليلها وبيان الخلل في وزنها وإيقاعها من خلال علم العروض في الشعر وبحوره، وتقويم هذه الأخطاء والسقطات ونقد الشعر و تأكيد أمر نسبته إلى قائله، وقد اعتمد الدارسون في ذلك على نظام تقطيع الكلام وتقسيمه في مقاطع تبعًا للمتحرك والساكن منها، حيث اتفق كثير من أهل هذا العلم على اتخاذ كل حرف متحرك مع مايليه من ساكن كمقطع صوتي واحد، بينما يتخذ الحرف المتحرك الذي يليه متحرك آخر منفردًا في مقطع خاص به، وهذا العلم لم يجر تطبيقه في خدمة الشعر العربي القديم وحسب، فقد شمل الشعر الحديث الذي يلتزم بالوزن الواحد ويسمى شعر التفعيلة.

بحور الشعر العربي

اتخذ مؤسس علم العروض في الشعر الفراهيدي وكذلك تلميذه الأخفش من بعده لبحور الشعر، التي قاموا باستقصائها، مفاتيح خاصة على هيئة بيت من الشعر يحمل في شطره الأول اسم البحر وفي شطره الثاني يحمل تفعيلات هذا البحر وهي على النحو الآتي:[٣]

  • مفتاح بحر الهزج:

على الأهزاج تسهيل

مفاعيلن مفاعيلن
  • بحر المتقارب:

عن المتقارب قال الخليل

فعولن فعولن فعولن فعولن

طويل له دون البحور فضائل

فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن

بحور الشعر وافرها جميلٌ

مفاعلتن مفاعلتن فعولن
  • مفتاح البحر المتدارك:

حركات المحدث تنتقل

فعلن فعلن فعلن فعلن

رَمَل الأبحر ترويه الثّقات

فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن

لمديد الشعر عندي صفات

فاعلاتن فاعلن فاعلاتن
  • مفتاح البحر الخفيف:

يا خفيفًا خفت به الحركات

فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن
  • مفتاح البحر المجتث:

إنْ جثّت الحركات

مستفعلن فاعلاتن

ارجز لنا يا صاحبي أرجوزة

مستفعلن مستفعلن مستفعلن

متكاملٌ وجمال وجهك باسمٌ

متفاعلن متفاعلن متفاعلن
  • مفتاح البحر السريع:

بحر سريع ماله ساجل

مستفعلن مستفعلن فاعلن

إن البسيط لديه يبسط الأمل

مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن
  • مفتاح البحر المنسرح:

منسرح فيه يضرب المثل

مستفعلن مفعولات مستفعلن
  • مفتاح البحر المضارع:

تعدّ المضارعات

مفاعيلن فاعلاتن

نماذج على بحور الشعر

تقسم القصيدة العربية من حيث البنية والهيكل إلى نوعين: الشعر العمودي الذي يتكون من شطرين شعريين ويلتزم بوحدة الوزن والروي، والشعر الحر الذي يقوم على نظام الأسطر والتفعيلة الواحدة ويتنوع فيه الروي، وفيما يأتي نماذج شعرية على علم العروض في الشعر:

قرأت اسمي على صخرة
هنا في وحشة الصحراء
على آجرّة حمراء
على قبر فكيف يحس إنسان يرى قبره

سَئِمْتُ الحياة َ، وما في الحياة ِ

وما أن تجاوزتُ فجرَ الشَّبابْ

سَئِمتُ اللَّيالي، وَأَوجَاعَها

وما شَعْشَعتْ مَنْ رَحيقِ بصابْ

فَحَطّمتُ كَأسي، وَأَلقَيتُها

بِوَادي الأَسى وَجَحِيمِ العَذَابْ

فأنَّت، وقد غمرتها الدموعُ

لِمَنْ طَلَلٌ أبْصَرتُهُ فَشَجَاني

كخط زبور في عسيب يمانِ

دِيَارٌ لهِنْدٍ وَالرَّبَابِ وَفَرْتَني

ليالينا بالنعفِ من بدلان

ليالي يدعوني الهوى فأجيبهُ

وأعينُ من أهوى إليّ رواني
  • البحر الوافر ومنه قول ابن عبد ربه:[٧]

غزالٌ زانَهُ الحَوَرُ

وساعَدَ طَرفَهُ القَدَرُ

يُريكَ إذا بَدا وجْهاً

حَكاهُ الشَّمْسُ وَالقَمَرُ

براهُ الـلهُ منْ نورٍ

فَلا جِنٌّ ولا بَشَرُ
  • البحر المتدارك، ومنه قول الحصري القيرواني:[٨]

يا ليلُ الصبُّ متى غدُه

أقيامُ السَّاعةِ مَوْعِدُهُ

رقدَ السُّمَّارُ فأَرَّقه

أسفٌ للبيْنِ يردِّدهُ

فبكاهُ النجمُ ورقَّ له

ممّا يرعاه ويرْصُدهُ
  • البحر الرمل، ومنه قول ابن سهل الأندلسي:[٩]

هل درى ظبيُ الحمى أن قد حمى

قلبَ صبٍّ حلَّه عن مَكنَسِ

فهو في حرٍ وخفقٍ مثلما

لعِبَتْ ريحُ الصَّبا بالقَبَسِ

يا بدوراً أطلعتْ يومَ النوى

غرراً تسلكُ بي نهجَ الغررْ

يا شقيقَ النفْسِ من حَكَمِ

نمْتَ عَن لَيلي، ولمْ أنَمِ

فاسقيني الخمرَ التي اختمَرَتْ

بخمارِ الشّيبِ في الرّحمِ

ثُمّتَ انْصاتَ الشّبابُ لها

بعد ما جازَتْ مدى الهرَمِ
  • البحر الخفيف ومنه قول أبي العلاء المعري:[١١]

غَيْرُ مُجْدٍ في مِلّتي واعْتِقادي

نَوْحُ باكٍ ولا تَرَنّمُ شادِ

وشَبِيهٌ صَوْتُ النّعيّ إذا قِي

سَ بِصَوْتِ البَشيرِ في كلّ نادِ

أَبَكَتْ تِلْكُمُ الحَمَامَةُ أمْ غَنْ

نَت عَلى فَرْعِ غُصْنِها المَيّادِ
  • البحر المجتث، ومنه قول بشارة خوري:[١٢]

يـاعاقد الـحاجبين

على الجبين اللجين

إن كنت تقصد قتلي

قـتلتني مـرتين

مـاذا يـريبك مني

ومـاهممت بـشين
  • البحر الرجز ومنه قول ابن عبد ربه:[١٣]

قلبٌ بلوعاتِ الهوى معمودُ

حَيٌّ كَميْتٍ، حاضِرٌ مَفْقُودٌ

مَا ذُقْتُ طَعْمَ المَوْتِ في كَأسِ الأسَى

حَتَّى سَقَتْنِيْهِ الظِّباءُ الغِيدُ

مَنْ ذا يُداوي القلْبَ مِنْ داءِ الهوى

إذْ لا دواءٌ للهوى موجودُ
  • البحر الكامل ومنه قول أحمد شوقي:[١٤]

وتعطَّلَتْ لغـةُ الكـلامِ وخاطبَـتْ

عَيْنَـيَّ فِي لُغَـة الـهَوى عينـاكِ

ومَحَوْتُ كلَّ لُبانـةٍ من خاطـري

ونَسِيـتُ كلَّ تَعاتُـبٍ وتَشاكـي

لا أَمسِ من عمرِ الزمـان ولا غَـد

جُمِع الزمانُ فكـان يـومَ رِضـاكِ
  • البحر السريع ومنه قول فدوى طوقان:[١٥]
وجدتها في يوم صحو جميل
وجدتها بعد ضياع طويل
جديدة التربة مخضوضرة
  • البحر البسيط ومنه قول كعب بن زهير:[١٦]

بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ

مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُفدَ مَكبولُ

وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا

إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ

هَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً

لا يُشتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طولُ
  • البحر المنسرح ومنه قول إبراهيم ناجي:[١٧]

يا قاسيَ البعدِ كيف تبتعدُ

إني غريبُ الفؤادِ منفردُ

إن خانني اليوم فيك قلت غداً

وأين مني ومن لقاكَ غدُ؟

إن غداً هوَّةٌ لناظرها

تكاد فيها الظنونُ ترتعدُ
  • البحر المضارع ومنه قول الشاعر:[١٨]

وإنا لفي زمان

بأمثاله بخيل

وهل كان من صديق

صدوق سوى قليل

قفوا فاربعوا قليلًا

فلم يربعوا وساروا

المراجع

  1. مجمع اللغة العربية (2004)، المعجم الوسيط (الطبعة الرابعة)، مصر: دار الشروق الدولية، صفحة 594. بتصرّف.
  2. "الخليل بن أحمد الفراهيدي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 03-12-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب إبراهيم خليل (2007)، عروض الشعر العربي (الطبعة الأولى)، الأردن: دار المسيرة، صفحة 39. بتصرّف.
  4. "في المغرب العربي"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019.
  5. "سَئِمْتُ الحياة، وما في الحياة ِ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019.
  6. "لِمَنْ طَلَلٌ أبْصَرتُهُ فَشَجَاني"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019.
  7. "غزالٌ زانَهُ الحَوَرُ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019.
  8. "ياليل الصبّ متى غده"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019.
  9. "هل درى ظبيُ الحمى أن قد حمى"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019.
  10. "يا شقيقَ النفْسِ من حَكَمِ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019.
  11. "غير مجد في ملتي واعتقادي"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019.
  12. "ياعاقد الحاجبين"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019.
  13. "قلبٌ بلوعاتِ الهوى معمودُ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019.
  14. "يا جارة الوادي"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019.
  15. "وجدتها"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019.
  16. "بانت سعادُ فقلبي اليومَ متبولُ ( البردة )"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019.
  17. "أين غد"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019.
  18. إبراهيم خليل (2007)، عروض الشعر العربي (الطبعة الأولى)، الأردن: دار المسيرة ، صفحة 233.
6750 مشاهدة
للأعلى للسفل
×