محتويات
نسب عمرو بن العاص
وهو القرشيّ السهميّ، عمرو بن العاص بن وائل، صاحب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وهو ابن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤيّ بن غالب يُكنّى بأبي عبد الله، وقيل كُنيته أبو محمد.[١]
أوصاف عمرو بن العاص الجسدية
وُصف عمرو بن العاص -رضي الله عنه-، بأنّه كان ذو قامةٍ قصيرةٍ، وكان أدعج العينين؛ وهو شدّة سواد بؤبؤ العين وشِدة بياض ما يحيط بالبؤبؤ، وكان بعيد ما بين الحاجبين،[٢] وقيل إنّه كان يصبغ شعره باللون الأسود.[٣]
إسلام عمرو بن العاص
تأخّر إسلام عمرو بن العاص مُقارنةً بغيره من الصحابة -رضوان الله عليهم-؛ لأنّه كان كغيره من سادات قريش وزعمائِها مُتمسكاً بدين آبائه مع أنّه كان موقناً بصدق رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في دعوتِه.
إلَّا إنّ الإصرار على عناد النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان منهجاً قد اتخذه كبار قريش جميعهم وكان عمرو بن العاص من ضمنهم، وكانت إرادة الله -تعالى- تقتضي تأخر إسلامه لحكمةٍ يعلمها الله -سبحانه-.[٤]
وكان الدافع الأوّل وراء إسلام عمرو بن العاص -رضي الله عنه- هو تفكيره وانشغاله في الإسلام؛ فقد فكّر وتأمّل وتروّى كثيراً قبل أن يُعلن إسلامه؛ وهذا ما جعل رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: (أسلم الناسُ وآمن عمرُو بنُ العاص)،[٥] ومن الأشخاص الذين أثروا في إسلامه أيضاً خالد بن الوليد -رضي الله عنه-.[٤]
وفي شهر صفر من السنة الثامنة للهجرة أعلن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- إسلامه، وكان ذلك بعد غزوة الخندق، حيث اجتمع مع سادات قريش في مكة المكرمة، وأشار عليهم بأن يذهبوا للنجاشي ملك الحبشة لمعرفة ما سيحدث في أمر الإسلام وانتشاره.
فذهب عمرو بن العاص إلى النجاشي مُحمّلًا بالهدايا، وكان قد قدِم إليه أيضاً عمرو بن أمية قد وصل إليه بعدما أرسله رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-.[٤]
وطلب عمرو بن العاص من النجاشي أن يسلمه المصري؛ فغضب النجاشي من طلبِ عمر بن العاص وضربه لذلك، فعاد من عنده متوجهاً إلى المدينة المنورة.
فلقي في طريقه عثمان بن طلحة، وخالد بن الوليد -رضي الله عنهما-، فجرى بينهم حوار بخصوص الإسلام، وذهبوا الثلاثة إلى المدينة المنورة وأعلنوا إسلامهم عند رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-.[٤]
دهاء عمرو بن العاص
اشتهر عمرو بن العاص -رضي الله عنه- بالدّهاء، وكان قد لُقب بداهية العرب؛ وذلك لرأيه السديد، وحيله الكثيرة، وكان مُقدّم في قومه؛ لِحسن الرأي والمكر، وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يضرب المثل به وبحسن رأيه ومنطقِه.[٦]
وذكر محمد بن سلام: "أنّه كان عمر بن الخطاب إذا رأى رجلاً يتلجلج في الكلام يقول: "خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد"، فقد كان فصيحاً يُحسن الكلام والنُّصح، وقد قال قبيصة بن جابر: "صحبت عمرو بن العاص فما رأيت رجلاً أبين طرفاً منه، ولا أكرم جليساً منه، ولا أشبه سريرةً بعلانيةً منه".[٧]
وقد كان لحكمته وذكائه دورٌ مُهمًا في حقن دماء المسلمين في معركة صفين، فعندما كثرت أعداد القتلى وهلك النّاس وازداد القتل، حينها بدأ كل طرفٍ يستغيث الآخر لإيقاف القتال.
واقترح عليهم عمرو بن العاص فكرة التحكيم، وأرشدهم بالرجوع للمصحف ليحتكموا إليه، فأوقفوا سفك الدماء، واقتنع الطرفان بهذه الفكرة، وتمّ إيقاف الحرب.[٨]
شجاعة عمرو بن العاص
كان عمرو بن العاص شجاعاً وقائداً محنكاً، وهذا ما كان أدركه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عندما استدعاه إلى المدينة وطلب منه قيادة جيش المسلمين، وعقد له لواءً أبيضاً لذلك، وكانت أول غزوة يخرج بها عمرو بن العاص هي غزوة ذات السلاسل.[٩]
وقد اختاره رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لقيادة المسلمين فيها مع أنّ جيش المسلمين كان يضمّ جمعاً كبيراً من الصحابة منهم الصديق أبا بكر -رضي الله عنه-، وصهيب الرومي، وعامر بن أبي ربيعة، وسعد بن عبادة، وعبادة بن بشر وغيرهم الكثير.[٩]
وحين ولّاه النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قيادة هذه المعركة لم يكن قد مرّ على إسلامه أكثر من أربعة أشهر، إلَّا أنّ حُسن إسلامه وشجاعته وكفؤه في القيادة هي ما دفعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى توليتِه، كما أنّه كان يُعرف بقدراتِه السياسيّة والعسكريّة، وهذا ما أثبته بعد إسلامه في فتوحات المسلمين.[٩]
ولاية عمرو بن العاص على مصر
كانت أول ولاية لعمرو بن العاص على مصر، حين دخلها بدايةً فاتحاً لها، وكان قد ولّاه عليها الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وكان عمرو بن العاص والياً أميناً عادلاً.
وقد قام بالعديد من الإنجازات في فترة ولايته؛ حيث نشر الأمان فيها، وأعطى الأقباط في مصر حُريّة دينية لم ينالوها قبل ذلك، واستطاع كسب قلوب المصريين، وخاصةً بعدما أعاد البطريق بنيامين من منفاه إلى كنيسته في الإسكندرية.[١٠]
كما قام عمرو بن العاص بالعديد من الإصلاحات الإدارية والماليّة في مصر، واعتمد على العمالة الداخلية، وجعل الإصلاح يأتي من أهل مصر أنفسهم، كما أسس فيها مدينة الفسطاط، والمسجد الذي يحمل اسمه؛ وهو أول مسجد يُبنى في القارة الإفريقيّة.[١٠]
وقام بتأسيس قناة بحرية تُسهّل حركة التجارة بين مصر والجزيرة العربية، وقد تولّى عمرو بن العاص -رضي الله عنه- ولاية مصر مرتين الأولى في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، والثانية في سنة ثلاثٌ وثمانون للهجرة.[١٠]
وفاة عمرو بن العاص
وحين حضرت الوفاة عمرو بن العاص أجهش بالبكاء، فسأله ابنه عن سبب بكائه، فأخبره أنّه يبكي خوفاً مما بعد الموت، فبدأ ابنه يُذكّره بصحبته لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- والفتوحات التي خاضها.[١١]
وتوفيّ عمرو بن العاص في ليلة عيد الفطر سنة ثلاثٌ وأربعون للهجرة، وقيل إنّه توفيّ سنة واحدٌ وخمسون هجريّة، وقد توفيّ في مصر وصلّى عليه ابنه عبد الله قبل صلاتهم لعيد الفطر، وكان عمرو بن العاص هو من استخلف ابنه على أداء الصلاة.[١١]
المراجع
- ↑ ابن منظور، مختصر تاريخ دمشق، صفحة 232. بتصرّف.
- ↑ سعيد حوّى، الأساس في السنة وفقهها، صفحة 1958. بتصرّف.
- ↑ أبو عبد الله الحاكم، المستدرك على الصحيحين للحاكم، صفحة 604. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث عبد الرحيم محمد عبد الحليم علي، عمرو بن العاص القائد والسياسي، صفحة 56. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم:3844، حديث حسن.
- ↑ مجموعة من المؤلفين ، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 952. بتصرّف.
- ↑ شمس الدين الذهبي ، تاريخ الإسلام، صفحة 95. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين ، الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي، صفحة 59. بتصرّف.
- ^ أ ب ت محمد بن أحمد باشميل، من معارك الإسلام الفاصلة، صفحة 221. بتصرّف.
- ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين ، موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي، صفحة 338. بتصرّف.
- ^ أ ب زين الدين ابن الموفق، مرشد الزوار الى قبور الابرار، صفحة 138. بتصرّف.