محتويات
التابعون
يُطلق اسم التابعين على كلِّ إنسان مسلم التَقى أحدًا من صحابة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ومات وهو على الإسلام، ويرى بعض أهل العلم إنَّ مصطلح التابعين يُطلق على من رأى أحدًا من الصحابة وروى عنه شيئًا من حديث رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- فالصُّحبة عند أصحاب هذا القول لا تكفي ليصنَّف الإنسان مع التابعين، ويعتبر عصر التابعين من عصور الإسلام المزدهرة، فقد حكم الناس فيما بينهم في هذا العصر بكتاب الله وسنة نبيه، وكانت بدايات عصر التابعين فترةً تشبه فترة الخلافة الراشدية حيث لم تكن الطوائف الإسلامية قد ظهرت بعد، وفي هذا المقال سيتمُّ تسليطُ الضوء على عهد التابعين في الإسلام.
عهد التابعين في الإسلام
في الحديث عن عهد التابعين في الإسلام يمكن القول إنَّ التابعين هم المسلمون الذين لم يلتقوا رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- بلْ التقوا أحدًا من صحابة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، حيث عاش التابعون في الفترة التي جاءت بعد وفاة رسول الله، ومن التابعين من ولد في عهد رسول الله ولكنَّه لم يره ورأى الصحابة فُصُنِّفَ مع التابعين، وقد عدَّهم الإمام مسلم على عشرين تابعيًا، ومنهم أو مسلم الخولاني وأويس القرني وعمرو بن ميمون وغيرهم، وبناءً على هذا يكون عهد التابعين في الإسلام هو القرن الأول والثاني الهجري تقريبًا، حيث إنَّ آخر الصحابة توفِّي سنة 110 هجرية وهو عامر بن واثلة -رضي الله عنه- ومن التقاه من المسلمين عُدَّ من التابعين، وقد اشتهر من التابعين مجموعة من الفقهاء والعلماء الذين اعتُبروا من أعظم فقهاء المسلمين في تاريخ الإسلام، أخذوا علمهم من صحابة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- مباشرة، أمثال: سعيد بن المسيَّب، الحسن البصري، أويس القرني، سعيد بن جبير وغيرهم.[١]
وقد اختلف الناس في أفضل التابعين، حيث يرى أهل المدينة المنورة إنَّ سعيد بن المسيَّب -رحمه الله- هو أفضل التابعين على الاطلاق، بينَما يرى أهل البصرة إنّ الحسن البصري هو أفضل التابعين، ويرى أهل الكوفة أويس القرني أفضل التابعين، بينَما روى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إنَّه سمع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: "إنَّ خَيْرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقالُ له أُوَيْسٌ، وله والِدَةٌ وكانَ به بَياضٌ فَمُرُوهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ"،[٢]وجدير بالذكر أيضًا إنَّه اشتهر من التابعين الفقهاء السبعة، وهم سبعة رجال من التابعين كانوا من خير علماء المسلمين آنذاك وكلُّهم كانوا من أهل المدينة المنورة، وهم: "سعيد بن المسيَّب، القاسم بن محمد، عروة بن الزبير، خارجة بن زيد، سليمان بن يسار، عُبيد الله بن عبدالله بن عتبة، وقيل إنَّ السابع هو: سالم بن عبد الله أو أبو سلمة بن عبد الرحمن"، وتشير الروايات التاريخية إلى أنَّ آخر التابعين موتًا هو خَلَفُ بن خَلِيفَةَ الكوفي المعمَّر، وصُنِّف من التابعين لأنَّه رأى الصحابي عمرو بن حُريث -رضي الله عنه- وكان عمره سبع سنوات، وقد تُوفِّي خلف سنة 181 للهجرة وكان آخر من مات من التابعين، والله تعالى أعلم.[١]
فضل التابعين في الإسلام
بعد الحديث عن عهد التابعين في الإسلام، جدير بالذكر إنَّه كان للتابعين فضلٌ كبير في حفظ الدين الإسلامي ونشره وتعليمه للناس، فقد تلقَّى التابعون العلم عن صحابة رسول الله مباشرة، وهذا يعني أنَّهم أخذوا العلم الصحيح القويم ثمَّ اجتهدوا به وأفتوا وعلَّموا الناس أمور دينهم، خاصَّة وأنَّ أعدادهم كانت أكثر بكثير من أعداد الصحابة، وانتشارهم في الأمصار كان واسعًا جدًّا، وقد ورد فضل التابعين في القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية المباركة، وفيما يأتي أبرز ما جاء من نصوص دينية تبيِّن فضل التابعين في الإسلام:[٣]
- قال تعالى في سورة التوبة: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}،[٤]وهذه الآية الكريمة تُظهر قيمة التابعين ورضا الله -سبحانه وتعالى- عنهم والنعيم الذي هيأه لهم يوم الحساب.
- روى عمران بن الحصين -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "خيْرُ أُمَّتي قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، -قالَ عِمْرانُ فلا أدْرِي: أذَكَرَ بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أوْ ثَلاثًا - ثُمَّ إنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَشْهَدُونَ ولا يُسْتَشْهَدُونَ، ويَخُونُونَ ولا يُؤْتَمَنُونَ، ويَنْذُرُونَ ولا يَفُونَ، ويَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ".[٥]
- وعن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: "أحسِنوا إلى أصحابي ثمَّ الَّذينَ يلونَهم ثمَّ الَّذينَ يلونَهم..".[٦]
أشهر التابعين
لقد شهد عهد التابعين في الإسلام وجود عددٍ كبيرٍ من الشَّخصيات الإسلامية التي كان لها دور كبير في تاريخ المسلمين، منهم العلماء والقادة والخلفاء، فكما كان عهد الصحابة حافلًا بالأسماء الإسلامية العظيمة التي لم تزل تُذكر حتَّى هذه اللحظة، كان عهد التابعين في الإسلام حافلًا أيضًا بأسماء عظيمة حملتْ على عاتقها أمانة هذا الدين، ومن أبرز التابعين: الحسن البصري وهو إمام التابعين، سعيد بن جبير، الخليفة الراشدي الخامس عمر بن عبد العزيز، محمد بن سيرين، عطاء بن أبي رباح، أويس بن عامر القرني، ذكوان بن كيسان، إياس بن معاوية المزني، رجاء بن حيوة، عروة بن الزبير بن العوام، عامر التميمي، سعيد بن المسيَّب، القاسم بن محمد، خارجة بن زيد، سليمان بن يسار، عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وغيرهم.[٧]
من هو إمام التابعين
في ختام ما جاء من حديث عن عهد التابعين في الإسلام، يمكن القول إنَّ لقبَ إمامِ التابعين يُطلق على التابعي الجليل الحسن البصري، وهو الحسن بن يسار البصري، وُلدَ سنة 21 للهجرة، قبل وفاة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بسنتين فقط، وهو عالم من علماء أهل السنة والجماعة، كان الحسن يُكنَّى بأبي سعيد، وقد دعا له عمر بن الخطاب بالخير، عاش الحسن في المدينة المنورة، وحفظ القرآن الكريم وهو ابن عشر سنين، وما زال يكبر علمًا وعمرًا حتَّى أصبح واحدًا من أعلم الناس في عصره، وفي عام 37 للهجرة ترك الحسن البصري الحجاز وسافر إلى البصرة وعاش فيها يأخذ العلم من علمائها فترة من الزمن، فتتلمذ على يد كبار الصحابة، ثمَّ ارتحل وعمل كاتبًا عند أمير خراسان مدة عشر سنين، ثمَّ عاد إلى البصرة يُعلِّم الناس فيها شؤون دينهم، حتَّى وافته المنية عام 110 للهجرة، والله تعالى أعلم.[٨]
المراجع
- ^ أ ب "معرفة الصحابة والتابعين"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 01-07-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 2542، صحيح.
- ↑ "تابعون"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 01-07-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية: 100.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم: 3650، صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن جابر بن سمرة، الصفحة أو الرقم: 6728، أخرجه في صحيحه.
- ↑ "قائمة التابعين"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 01-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "حسن البصري"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 01-07-2019. بتصرّف.