الآداب الشرعية
إنّ للآداب في اللغة العربية معانٍ عدّة تدور في معظمها حول الأفعال المستحسنة واللائقة، ومن هذه التعريفات تعريف المِناوي بأنّ الأدب هو: "ما يحصُل للنَّفس من الأخْلاق الحسَنة، والعلوم المكتسَبة"، أمّا صاحب شرح النوابغ فعرّف الأدب بأنّه: "هو ما يؤدِّي بالنَّاس المحامد، وكلّ الآداب متلقَّيات عن رسول الله صلَّى الله عليْه وسلَّم؛ فإنَّه مجمعها ظاهرًا أو باطنًا، ثمَّ قال: والأدب استعمال ما يُحمد قولًا وفعلً"، والآداب أنواع فمنها أدب الإنسان مع الخالق -جلّ وعلا- ومع رسوله الكريم ومع الخَلْق؛ ومنها أيضًا أدب الإنسان مع نفسه؛ بأن يدربّها على الأخلاق والأفعال الحميدة، ويعودّها على الالتزام بالآداب الشرعية، مثل غض البصر، وسيّتم الحديث في هذا المقال عن غض البصر في الإسلام.[١]
غض البصر في الإسلام
إنّ المقصود من غض البصر في الإسلام هو حجب البصر عن النظر إلى الحرام، ولا يعني أن يغض الإنسان بصره مطلقًا، وقد بيّن الطبري رحمه الله- ما هو غض البصر في الإسلام بقوله: "يكفّوا من نظرهم إلى ما يشتهون النظر إليه، ممّا قد نهاهم الله عن النظر إليه"،[٢] فغض البصر هو: "أدب نفسي، ومحاولة للاستعلاء على الرغبة في الاطِّلاع على المحاسن والمفاتن في الوجوه والأجسام، كما أنّ فيه إغلاقٌ للنافذة الأولى من نوافذ الفتنة والغواية، ومحاولة عملية للحيلولة دون وصول السهم المسموم".[٣]
أمر الله -عزّ وجلّ- بغض البصر في قوله: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}،[٤] ويظهر من هذه الآيات الكريمات أنّ الأمر بغض البصر موجّه للرجال والنساء،[٥] أمّا بالنسبة لنظر المرأة للرجل الأجنبي مع عدم وجود شهوة أو خوف وقوع فتنة فقد ذهب بعض أهل العلم لجواز هذا النظر،[٢] وقد أخبر الرسول الكريم أنّ إطلاق النظر هو تعدّي على حقوق المؤمنين وأنّ هذه الحقوق ستُعاد إلى أهلها يوم القيامة، ومن مخاطر إطلاق البصر أنّه سبب لوقوع الزنا والفواحش، التي نهى عنها الله ورسوله، أمّا النظرة الفجائية فلا بأس بالنظرة الأولى مع ضرورة عدم اتباعها بأخرى؛ كي لا يقع المسلم في المحظور وتلحقه الذنوب والخطايا.[٥]
ثمرات غض البصر على الفرد والمجتمع
إنّ غض البصر هو وسيلة لسد باب الفتن والوقوع في المحرمات، كما أنّه يشتمل على فوائد عظيمة، ومن يلتزم بغض البصر ولا يُطلق نظره في الحرام يجد لفعله هذا ثمرات نافعة، بالإضافة إلى أنّه من الآداب التي تحافظ على المجتمع، وتقوّم سلوك أفراده، وفيما يأتي بعضٌ من ثمرات غض البصر على الفرد والمجتمع:[٦]
- غض البصر هو طاعة لله -سبحانه- وامتثال لأوامر رسوله، وهو من أعظم أسباب حفظ الفرج وتجنّب الوقوع في الزنا.
- غض البصر يورث الحكمة والفراسة وينوّر البصيرة والقلب ويقيه من الشهوة المَرَضية، وفيه شكرٌ لله على نعمة البصر العظيمة، وتزكية للنفس وسمّو بها نحو المعالي.
- غض البصر من الخُلُق الحسن المؤدي إلى ازدياد محبة الله في النفس، وهو من صفات ذوي الموءة إذ فيه بُعد عن الفتن والغواية.
- غض البصر هو حماية وحفظ للمجتمعات والأمم من الوقوع في أوحال الرذائل والفواحش وتجنّب الويلات الناجمة عن استشراء هذه المنكرات فيها.
المراجع
- ↑ "وقفة مع مصطلح الآداب الشرعية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-02-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب "معنى غض البصر وحكم نظر المرأة إلى الرجال"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-02-2020. بتصرّف.
- ↑ "لماذا غض البصر؟"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-02-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة النور، آية: 30-31.
- ^ أ ب "سُنَّة غض البصر"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 19-02-2020. بتصرّف.
- ↑ "ثمرات وفوائد غض البصر"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-02-2020. بتصرّف.