محتويات
غيرة الرجل في الإسلام
مفهوم الغيرة في الإسلام
الغيرة في اللغة هي مصدر غارَ، وأكثر ما تُضاف إلى الرجل مثل: غار الرجل على امرأته، وفي الاصطلاح: الغيرة هي انفعالاتٌ شديدةٌ تحدث عند الإنسان مع مرافقة الغضب للحفاظ على حمى أهله وبيته وعرضه.[١]
وجاء في معناها أيضاً بأنّها: "سياجٌ معنويٌّ لحماية الحجاب، ودفع التبرج والسفور والاختلاط، والغيرة هي: ما ركبه الله في العبد من قوةٍ روحيَّةٍ تحمي المحارم والشرف والعفاف من كلّ مجرمٍ وغادرٍ، والغيرة في الإسلام خلقٌ محمودٌ، وجهادٌ مشروعٌ".[٢]
صور الغيرة في الإسلام
تتعدّد صور الغيرة في الإسلام، ومنها:[٣]
- غيرة الله على محارمه، ومن ذلك ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَليسَ أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ مِن أَجْلِ ذلكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ).[٤]
- الغيرة لله -سبحانه وتعالى- ولدينه.
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: حيث أوصى الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمّته أن تدفع المنكر قدر ما تستطيع.
- عدم توقير أعداء الله وعدم الاعتماد عليهم.
- السرور بذهاب الظلم والطغيان والفواحش والفتن.
- صورة الغيرة للمخلوق والغيرة عليه: وتكون بحدوث الغضب إذا انتُقص حقّه واعتدي عليه، ثم يقوم بدفع الضرر عن محبوبه ومحاربة من عاداه.
أسباب ضعف الغيرة في الإسلام
إنّ الأسباب التي تؤدي إلى ضعف خلق الغيرة كثيرةٌ، ومنها:[٥]
- ضعف الإيمان: فالمؤمن تشتعل في قلبه جذوة الحرص على محارم الله، فتجده يغضب إذا ما رأى منكراً، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وإنَّ المُؤْمِنَ يَغَارُ).[٦]
- كثرة المعاصي والذنوب.
- جهل العبد بعلوم الدين.
- قلة الحياء وكثرة البذاء.
- التقليد الأعمى للعصاة والكفرة.
- قنوات الإعلام المرئي المنحل.
- انتشار المعاصي والمنكرات في المجتمعات.
عوامل تنمية خلق الغيرة
من العوامل التي يمكن أن تنمّي وتعزز خلق الغيرة ما يأتي:[٧]
- تربية الناشئات من الفتيات والفتيان على أخلاق الإسلام من الحياء والحشمة في اللباس والقول والفعل.
- مراقبة الوسائل الحديثة من التكنولوجيا وقنوات الإعلام والإنترنت وحجب ما هو سيئ ومدمِّرٌ للأخلاق.
- التأكيد على دور التوعية المجتمعيّة بكافة الطرق المتاحة، مثل: المسجد، المدرسة، والإذاعة.
- إظهار مخاطر التعدي على الأعراض وعظمة جرمه.
الغيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية
أشار القرآن الكريم إلى معنى الغيرة هو (الحميّة)، ولكنّه جاء في سياق الغيرة التي لا يحبها الله -تعالى- ولا يرضاها؛ لأنّها غضبٌ من أجل معصيةٍ أو عادةٍ جاهليةٍ، قال تعالى: (إذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ).[٨]
وجاءت لفظة الغيرة في السنة المطهرة في كثيرٍ من المواطن التي تبين أنواع الغيرة، ومنها:[١]
- غيرة خلقية فطرية: غيرة الأزواج على زوجاتهم، حيث يقول سعد بن عبادة -رضي الله عنه-: "لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مع امْرَأَتي لَضَرَبْتُهُ بالسَّيْفِ غيرَ مُصْفَحٍ، فَبَلَغَ ذلكَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: أتَعْجَبُونَ مِن غَيْرَةِ سَعْدٍ، لَأَنَا أغْيَرُ منه، واللَّهُ أغْيَرُ مِنِّي".[٩]
- غيرة دينية وأخلاقية: فالله -تعالى- من صفاته الغيرة وهي حينما تؤتى محارمه، وغيرة المؤمن مرتبطة بانتهاك محارم الله -تعالى-.
نماذج من الغيرة المحمودة
من المواقف المشرفة التي تظهر عزة هذا الدين وأتباعه التي خلدها التاريخ لما فيها من دفاعٍ على الحقّ، ومنها ما يأتي:[١]
- غضب عمرو بن كلثوم عندما صرخت والدته "واعمراه".
- غضب الصحابة -رضوان الله عليهم- دفاعاً عن الإسلام.
- غيرة المعتصم عندما نادت باسمه تلك المرأة المسلمة: "وامعتصماه".
- غضب القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي؛ وذلك لفتح بيت المقدس وتطهير القدس من براثن الصليبين.
إنّ نشأة الأبناء على الأخلاق والقيم الإسلاميّة الحقّة أصلٌ وقاعدةٌ صائبةٌ لإنتاج جيلٍ يحمل خلق الغيرة المحمودة، التي تهبّ للدفاع عن محارم الله -تعالى-، والدفاع عن الفضائل وثوابت الدين، والحفاظ على المقاصد الشرعية، وهي الضرورات الخمس: الدين، والعرض، والعقل، والنسل، والمال، وفق ضوابط الشرع الحنيف؛ حتى لا تكون غيرةً جاهليةً مذمومة.[١]
والرجل الغيور كثير الغيرة ضده الرجل الديوث، الذي يرى المنكر في أهله ثمّ لا يتحرك منه شيءٌ، فيوافق على ما يرى من معاصٍ ومنكراتٍ لا يرضاها الله -جل وعلا-، وكالعادة فالمنهج الإسلاميّ منهجٌ وقائيٌّ يعالج المشكلة قبل وقوعها، فمنع الطرق المؤدية إلى الدياثة كالاختلاط، وخروج المرأة متبرجةً، وغير ذلك من السبل المحرمة في الشريعة الإسلامية.[١٠]
المراجع
- ^ أ ب ت ث مجموعة من المؤلفين، كتاب موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة، صفحة 488. بتصرّف.
- ↑ بكر أبو زيد، حراسة الفضيلة، صفحة 87. بتصرّف.
- ↑ مجموعة مؤلفين، كتاب موسوعة الأخلاق الإسلامية، صفحة 471. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2760 ، صحيح.
- ↑ مجموعة مؤلفين، كتاب موسوعة الأخلاق الإسلامية ـ الدرر السنية، صفحة 466. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2761 ، صحيح.
- ↑ مجموعة مؤلفين ، كتاب موسوعة الأخلاق الإسلامية ـ الدرر السنية، صفحة 470. بتصرّف.
- ↑ سورة الفتح، آية:26
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سعد بن عبادة، الصفحة أو الرقم:6846 ، حديث صحيح.
- ↑ بكر أبو زيد، حراسة الفضيلة، صفحة 87. بتصرّف.